جريمة أمريكية إسرائيلية أخرى في غزة

دوافع الكيان الإسرائيلي لقتل الفلسطينيين

مرة أخرى تلوّنت غزة بدماء أبناءها! مرة أخرى شاهدت غزة جرائم صهيونية، وصمدت. خلال ثلاثة أسابيع من المقاومة والصمود، أستشهد أكثر من 1800 شخص، وجُرح الآلاف من الأبرياء، وسويت مناطق كثيرة من هذه المدينة بالتراب على مرأى ومسمع من عالم يدعي كذبا وزورا حقوق الإنسان، وعلى مرمى حجر من الأنظمة العميلة في العالم الإسلامي. إن الصهاينة بذلوا كل جهودهم في قتل الأطفال، لأن توراتهم المحرفة تقول:

“هكذا قال السيد الرب: من أجل أن الفلسطينيين قد عملوا بالانتقام، وانتقموا نقمة بالإهانة إلى الموت للخراب من عداوة أبدية، فلذلك هكذا قال السيد الرب: هأنذا أمد يدي على الفلسطينيين وأستأصل الكريتيين وأهلك بقية ساحل البحر. وأجري عليهم نقمات عظيمة بتأديب سخط فيعلمون أني أنا الرب، إذ أجعل نقمتي عليهم”. حزقيال، الأصحاح25.

وبناءً على هذا التعليم المزور تستمر سلسلة قتل الفلسطينيين من قبل إسرائيل كأمر سماوي مقدس. وقد قال بن غورين:

“لا ينبغي أن يرجع الفلسطينيون… سيموت الشيوخ وسينسى الشباب”.

قال موشي دايان: “لا يوجد هناك شيء باسم فلسطين”.

ويقول أوباما معلقا على قتل الأطفال الفلسطينيين: “يحق لإسرائيل أن تدفع عن نفسها!”.

إن الإعلام الغربي يحاول اليوم بكل ما لديه أن يظهر أن المسلمين هم أصوليون وإفراطيون، لا يعرفون رحمة ويهدفون إلى إبادة غير المسلمين وخصوصا اليهود، ولكن هذا الإعلام يغض الطرف عما يجري في فلسطين. إن الأطفال في إسرائيل يتلقون تعاليم التوراة منذ السادسة من أعمارهم، ويتم تفهيمهم أن هذه الأرض “من نهر مصر إلى نهر فرات” لهم. ويحتوي هذا التعليم على نظرية “إسرائيل الكبرى” وعلى مشروعية أخذ أراضي العرب، في الحاضر والمستقبل، وإن قتل الشعب الفلسطيني وتشريدهم من الأرض جزء أساسي من هذه الخطة.

 

خلفية جرائم إسرائيل في غزة

ليست هذه أول مرة تهاجم إسرائيل على غزة، وقد حدث آخر هجوم على غزة قبل فترة قليلة من الزمن. هاجمت إسرائيل على قطاع غزة عام 2008م، ويسمي العرب هذا الهجوم بمجزرة غزة. واستمرت هذه العمليات التي أسمتها إسرائيل “بالرصاص المصبوب” ثلاثة أسابيع من ديسمبر 2008م، إلى يناير2009م، وقتل الصهاينة فيها عددا كبيرا من البشر كان أكبر عدد من القتلى بعد حرب1947في يوم واحد، ودمروا مناطق كثيرة، ومن ثم أعلنوا هدنة، ولكن المعابر أغلقت على وجه غزة، ومنع حتى إدخال المواد العمرانية إلى غزة كي لا يتم بناء المباني من جديد وليرحل من غزة من فقد ملجأه مجبرا على الرحيل.

واستعملت إسرائيل في تلك الحرب، أسلحة محظورة، ومنها التي تحتوي على الفسفور الأبيض، وفي الساعات الأولى من الحرب سقطت مئة طن من القنابل والصواريخ على غزة. مع أن هذه المدينة تُعتبر من الدرجات الأولى على مستوى العالم في الكثافة السكانية، واستغلت إسرائيل نفس الحربة في الحرب الأخيرة.

حينها اتهمت منظمة الأمم المتحدة إسرائيل بهتك حقوق الإنسان. مع أن تقرير الأمم المتحدة والشهير باسم تقرير “غولدستون” وهو تقرير أعده رجل يهودي اعتبر إسرائيل ناقضا لحقوق الإنسان، ولكن هذا الحكم بقي حبرا على الورق ولم ينفع أهل غزة في شيء. وخلال الحصار كانت الأنفاق التي توصل الأراضي المصرية بغزة، هي المنفذ الوحيد لإدخال المواد الغذائيّة، وقد تم تدمير هذه الأنفاق من قبل مصر وإسرائيل بعد أن وصل السيسي إلى سدة الحكم.

ولو تمت محاكمة الصهاينة بسبب جرائمهم في غزة عام 2008م، محاكمة دولية، ولو قامت الأنظمة العميلة في العالم الإسلامي موقفا مناهضا لإسرائيل وأعوانها، ماكانت إسرائيل لتجروء أن تجتاح غزة وأن تسيل الدماء مرة أخرى. يقول أوباما إنه يحق لإسرائيل أن تدفع عن نفسها! وهذا يعني أنه يحق لها أن تقتل الأطفال والمدنيين بحجة الدفاع عن النفس!

 

فرصة لفك الحصار

ومن جانب آخر يمكن لحركة المقاومة الإسلامية حماس أن تستغل الموقف بعد صمودها الباسل أمام الصهاينة، وبعد الضغوط التي وضعتها على إسرائيل. منذ سنوات طويلة وتخضع قطاع غزة لمحاصرة صهيونية كاملة، وتضع إسرائيل رقابة شديدة حتى على المواد العمرانية التي تدخل هذه المنطقة بنطاق ضيق للغاية. لقد عبر الضمير الحر حول العالم حصار غزة “بقتل جماعي بطيّ”، والآن وبعد أن فشلت إسرائيل في الوصول إلى أهدافها في حرب غزة وهي تواجه نقدا دوليا واسعا، لا يمكن لها أن تستعمل قوة أكثر مما استعملت ضد شعب غزة، يمكن لحماس أن تشترط بدائيّا فك الحصار لأي هدنة، وإن حدث هذا فعلا، فيمكن تسجيل هزيمة جلية لإسرائيل في حربها الأخيرة على غزة.

إن يحق لإسرائيل أن تدفع من نفسها، فإن أهل غزة أيضا يحق لهم أن يدافعون من أنفسهم، وأن يخرجوا من سجن صنعت لهم إسرائيل مع مصر. على الدول الإسلامية كلها أن تتجاوب مع طلب غزة الإنساني والمشروع لفك الحصار وأن تساعد شعب غزة للتخلص من هذا الحصار.

 

ردة فعل الأفغان

لقد ارتفعت أصوات الأحرار من جميع أرجاء العالم منددة بالعدوان الصهيوني على غزة، ولكن في أفغانستان لم تكن الاعتراضات المدنية واسعة، بل تمثلت ردة الفعل الأفغاني في أن جنديا أفغانيا قتل جنرالا أمريكيا وجرح عددا من العسكريين الأجانب، كردة فعل دموية على جرائم إسرائيل. ويظهر جليا من هذه الحادثة أن الظلم والعدوان لا يجديان نفعا في مكافحة العنف، وأن الإهمال بشأن دماء مسلمة تراق، يحرض على كثير من العنف حتى في أوساط اولئك الذين تتمنى أمريكا أن تنال صداقتهم. النهاية

الکاتب: وحید مزده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *