طريق اللازورد وأهميته لأفغانستان والمنطقة

 

افتتح الرئيس أشرف غني رسمیا “طريق اللازورد” للتجارة والعبور (الترانزيت) الأسبوع الماضي (۲۰۱۸/۱۲/۱۳) في ولاية هرات الأفغانية. مع التدشين الرسمي لهذا الطريق تحركت تسع شاحنات إلى تركيا لأول مرة بعد فترة طويلة تحمل الأمتعة الأفغانية عن هذا الطريق والذي يعتبر في الأصل فرعا لطريق الحرير القديم.

خطة طريق “لازورد” هي مبادرة أفغانية وتم توقيع اتفاقيته بين أفغانستان وتركيا وتركمنستان وأذربيجان وجورجيا في مؤتمر ريكا (RECCA) عام ۲۰۱۷م بين ممثلي هذه الدول الخمس.

أفغانستان  دولة غير ساحلية وتحتاج في تجارتها العبورية إلى التخلص من كونها محتاجة إلى دولة واحدة أو دولتين في المنطقة، لذلك هناك آمال بشأن افتتاح طريق اللازورد للتجارة العبورية.

خلفية طريق اللازورد، وأهميته لأفغانستان والمنطقة، والتحديات الموجودة أمامه؛ هي موضوعات يدرسها هذا التحليل.

 

طريق اللازورد

وفقا لدراسات المؤسسات المستقلة، يعد طريق اللازورد طريق عبوري بين آسيا وأوروبا يصل تاريخه إلى أكثر من ألفي عام وكان أحد أهم فروع “طريق الحرير”. وكانت الأحجار الكريمة والثمينة الأفغانية تصدر من هذا الطريق إلى أوروبا والبلقان ودول بحر الأبيض المتوسط، ومن ضمنها “اللازورد” من معادن محافظة بدخشان الأفغانية، لذلك سمي “طريق اللازورد”.

خطة طريق اللازورد طرحت عام ۲۰۱٤م بإبداع أفغانستان بين الدول المعنية (أفغانستان وتركمنستان وأذربيجان وجورجيا وتركيا)، التي رحبت بها الدول الإقليمية المذكورة ترحيبا حارا. يبدأ الطريق من ميناء أقينا في محافظة فارياب وميناء تورغوندي في محافظة هرات، ويمر على ميناء “تركمانباشي” في تركمنستان ومدينة باكو في أذربيجان ومنطقة تفليس في جورجيا إلى البحر الأسود ثم يصل إلى تركيا؛ حيث يربط أفغانستان بالمياه الحرة وأوروبا.

يعتبر طريق اللازورد للتجارة والنقل العبوري الذي يوصل أفغانستان ودول آسيا الجنوبية بالدول الأروبية عبر الطريق والسكك الحديدية؛ أقصر طريق للنقل وأكثره أمنا للوصول إلى أوروبا له أهمية كبيرة بالنسبة لبلد غير ساحلي مثل أفغانستان، وتعد هذه الخطوة من الإنجازات المهمة لحكومة الأفغانية فيما يتعلق بتنويع طرق العبور والتجارة الأفغانية مع دول المنطقة المختلفة والعالم.

 

أهمية طريق اللازورد لأفغانستان

أفغانستان دولة حبيسة وتحتاج إلى طرق مناسبة إلى المياه للتجارة والعبور. التحديات السياسية والأمنية ومشكلات العبور الأخرى في طريق بحر الهند أجبرت أفغانستان على البحث عن طرق بديلة للوصول إلى البحر والاتصال مع الدول الصناعية ودول العالم الأخرى، وفي هذا الصدد، يعد طريق “لازورد” بديلا مهما لأفغانستان. ونستطيع تلخيص أهمية هذا الطريق التجاري والعبوري في النقاط التالية:

الأولى: طريق اللازورد هو الطريق الأقصر والأرخص والأكثر أمنا لإيصال أفغانستان إلى أوروبا، لأن هناك طرق السكك الحديدية من أفغانستان إلى ميناء “تركمانباشي” وأيضا من باكو في أذربيجان إلى تركيا.

الثانية: طبقا لاتفاقية طريق اللازورد لاتفرض الدول المعنية أي نوع من التعرفة الجمركية أو أي حدود على البضائع الأفغانية، ويمكن للسيارات الأفغانية الدخول إلى هذه الدول لحمل وتفريغ الأمتعة دون أي مانع جمركي.

الثالثة: طريق اللازورد سيقلل من تبعية أفغانستان في نقل بضائعها عبر باكستان وإيران، ومن ناحية التكلفة أيضا هو طريق اقتصادي بالنسبة لباكستان.

الرابعة: يعد طريق اللازورد أحد المبادرات الإقليمية الهامة، وستنتفع أفغانستان من ميزاته أكثر بدبلوماسيتها الاقتصادية الفعالة في المنطقة، كما يعد إنجازا مهما على طريق السياسات الاقتصادية لحكومة الوحدة الوطنية، وذلك لإيجاد الوحدة والتنسيق الاقتصادي في المنطقة.

 

أهمية طريق اللازورد لدول المنطقة

على الرغم من عدم وجود الأمن والاستقرار في أفغانستان والمنطقة، وعدم الثقة بتعاون بعض الدول مثل إيران وروسيا في تنفيذ هذه الخطة، وعدم جاهزية الأوضاع ونقص التسهيلات لنقل البضائع وغيرها من الخدمات في الدول التي تريد الانتفاع بهذه الخطة هي تحديات تقف في مواجهة طريق اللازورد؛ إلا أن التعهد الصيني لاستثمار حوالي ٤۰ مليار دولار في هذا القطاع هو فرصة جيدة لتنفيذ خطة طريق اللازورد. كما أن طريق اللازورد فرصة مناسبة لدول تركمانستان وأذربيجان وجورجيا للتقليل اعتمادها على روسيا، وجهود هذه الدول الحثيثة لتنفيذ هذه الخطة من أجل إيجاد شراكة مع أوروبا تعد فرصة أخرى كبيرة في هذا الصدد.

تركمنستان التي هي إحدى الدول ذات صلة بطريق اللازورد؛ تعد رابع دولة كبيرة في إنتاج الغاز في العالم، كما أنها تحتاج إلى إيجاد طرق أخرى مختلفة لتنميتها الاقتصادية. على سبيل المثال وجد الغاز التركمنستاني حتى الآن طريقه إلى أسواق الصين وروسيا وإيران فقط، وهذه الأسواق تواجه مشكلات دائما، لذلك طريق لازورد له ميزات كثيرة لدى تركمانستان لإيصال بضائعها إلى أوروبا. ولذلك تريد تركمنستان أن تتحول إلى طريق التجارة العبوري للعالم عن طريق بحري الأسود وقزوين، وتستثمر تركمانستان في صناعة طرق المواصلات منذ سنين.

أذربيجان أيضا هي الأخرى من الدول التي تقع على مسير طريق اللازورد. هذه الدولة التي كانت إحدى مستعمرات روسيا سابقا؛ تتجنب من تقارب العلاقات مع روسيا وتحاول الوصول إلى دول الغرب، لذلك فإن تنفيذ خطة طريق اللازورد لها أهمية خاصة لدى أذربيجان أيضا.

والدولة الأخرى على هذا المسير هي جورجيا. جورجيا لها حدود مع أذربيجان وروسيا، كما أن لها حدود مع تركيا عن طريق البحر الأسود، وتعد جورجيا طريقا جيدا لنقل الغاز الأذربيجاني إلى تركيا. أحدثت جمهورية أذربيجان وجورجيا وتركيا للاتصال فيما بينها مجموعة من خطوط نقل الغاز والنفط والسكك الحديدية، وطريق اللازورد أيضا يعتبر من الطرق المهمة لجورجيا لتنمية هذه العلاقات.

بالإضافة إلى هذه الدول فإن تركيا هي الدولة الخامسة من دول طريق اللازورد. تركيا التي تريد أن تتحول إلى مركز لنقل الطاقة إلى أوروبا؛ فإن طريق اللازورد يعد خطوة مهمة تساعدها في الوصول إلى هذا الهدف. لهذا الهدف فإن تركيا ستبذل قصارى جهدها فيما يتعلق بتنفيذ مشروع طريق اللازورد ونقل البضائع عبره إلى أنروبا. وجهود هذه الدول لتنفيذ خطة طريق اللازورد والاستفادة منه تحمل معها آمالا فيما يتعلق بمستقبل هذا الطريق.

انتهى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *