نظرة على أوضاع الأطفال في أفغانستان



فئة الأطفال هي الفئة الأشد تضررا ومعاناة من الأوضاع المأساوية التي مرت وتمر بها أفغانستان، إلا أن هذه الفئة ليس بمقدورها الاتصاف بالحنكة والموضوعية التي تمكنهم من المطالبة بحقوقهم وتهيئة بيئتهم المعيشية على النحو الذين يحتاجون إليه. لذا على الكبار والشخصيات البارزة والمؤسسات والحكومة الحفاظ على حقوق الأطفال وجعلها ضمن أولويات خطط عملهم. يسكن في أفغانستان نحو 14 مليون طفل (تحت سن 18 سنة)، منهم ستة ملايين يعيشون في أوضاع خطرة، كما أن عدد الأطفال يزداد مليونا كل عام. حقوق الأطفال الأساسية هي عيشهم في بيئة صحية، وحصولهم على إمكانيات التعليم والخدمات الصحية واستمتاعهم بأماكن الترويح. يُحتفل بيوم الطفل العالمي في الثاني والعشرين من مايو في أفغانستان، مما حدانا لتخصيص هذا الجزء من تحليل الأسبوع للحديث أوضاع الأطفال في أفغانستان.

الأوضاع السيئة التي يمر بها أطفال أفغانستان

منظمة اليونيسف التي بدأت نشاطها في أفغانستان منذ عام 1949م في مجالات الرعاية الصحية للأطفال وتعليمهم وحصولهم على مياه الشرب الصحية، نشرت أرقاما حديثة في تقرير لها، تفيد التالي:

  • بين كل 18 مولودا، يموت واحد منهم قبل الولادة.
  • نسبة 46% من الأطفال بعمر (12 إلى 23) شهرا لم يتم تطعيمهم بالتطعيمات الضرورية.
  • بين كل ثلاثة فتيات، تتزوج إحداهن قبل إكمال سن 18 سنة.
  • طفلان من كل خمسة أطفال لا يتمتعون بالنمو النفسي والجسدي الطبيعي.
  • يصاب طفل بين كل أربعة أطفال بقلة الوزن عن الحد الطبيعي.
  • هناك عدد 1.3 مليون طفل تحت سن الخامسة بحاجة إلى علاجهم من سوء التغذية الحادة.
  • 50 في المئة من مياه الشرب ملوثة بآثار البراز.
  • قرابة أربعة ملايين طفل لا تتوفر لديهم حمامات حتى الآن.
  • عدد 3.7 مليون طفل في أفغانستان لا يدرسون في المدارس، وتشكل البنات نسبة 60 في المئة منهم.
  • نسبة 19% من البنات اللاتي يقل عمرهم عن 15 عاما، يقدرن على القراءة والكتابة.
  • أفغانستان مازالت ضمن إحدى ثلاث دول تعاني من البوليو. في عام 2017 تم تسجيل 14 حالة بوليو في أفغانستان، وقد ازدادت عدة حالات مسجلة في السنوات الأخيرة.
  • تعاني نسبة 31% من البنات البالغات من مرض الأنيميا.
  1. الأطفال المحرومون من الذهاب إلى المدرسة

هناك نحو أربعة ملايين طفل لا يذهبون إلى المدرسة بسبب عوامل عديدة منها الأمية المنتشرة، والعادات والتقاليد، والوضع الأمني، والفقر، وعدم توفر المدارس على مقربة من المناطق السكنية، وضعف جودة المدارس والتدريس وضعف كفاءة المدرسين. على جميع أولياء الأمور إلحاق أطفالهم بالمدارس، وفي حال عدم ذلك على فئات المجتمع أن تُقنع الوالدين بإلحاق أطفالهم بالمدارس، وإذا كان الأطفال يُتّما فمن الضروري انتقال حضانة الأطفال إلى من يعولهم ويُلحقهم بالمدارس ويستثمر في تعليمهم على النحو الذي يعامل به أولاده.على التجار الأفغان والشخصيات السياسية والشخصيات المجتمعية البارزة والعلماء والحكومة والمدارس الخاصة أن يعتنقوا المسؤولية بشكل مشترك لأداء هذه المهمة الوطنية، وإن لم يتم ذلك فإن هؤلاء الأطفال سيكونون عبئا مؤلما عليهم وعلى جميع البلد.

  1. الأطفال والحرب

الحرب والتدهور الأمني ظاهرة يخوضها الأطفال لأول مرة في حياتهم، لذا فإنهم يقاسون رعبا أكبر من الخوف الذي يعتري الكبار. وفق التقرير المنشور من منظمة حماية الأطفال، فإن هناك نحو 400 طفل قضوا نحبهم في حوادث مختلفة العام الماضي. في ننجرهار وحدها تم استهداف أكثر من عشرة مراكز تعليمية من قبل الجماعات المسلحة.بالإضافة إلى ضعف الوعي لدى الحكومة والمعارضة، في بعض المحافظات مثل غزنة وهلمند وآروزجان لا يدرس في المدارس طفل واحد ولا يُشارك في امتحان القدرات للقبول الجامعي طالب واحد. وفق تقارير حديثة فإن نحو 3.5 مليون طفل لا يقدرون على الذهاب إلى المدرسة بسبب التدهور الأمني. هذه الأمور مؤشرات على مجتمع يعج بالأمية في المستقبل، الأمر الذي لا يُسعد إلا أعداء أفغانستان ويؤلم ضمير كل أفغاني.

  1. الأطفال العاملون

في الدول الأخرى تُعد فترة الطفولة فترة حنان وحب، يتم تعليمهم فيها مقومات حياتهم وتربيتهم ويتم تقديرهم من قبل الكبار ويُساعدون ويُشجعون على التعلم، ولا يواجهون صعوبات في حياتهم، حيث يسعى الكبار لتحمل المشكلات وحدهم. أما في أفغانستان فإن معظم الأطفال يحملون على عواتقهم مسؤولية إعالة الأسرة قبل بلوغ سن العاشرة. وفق إحصائية نشرتها إذاعة صدى ألمانيا فإن هناك نحو 1.9 مليون طفل يعملون في مختلف محافظات أفغانستان، والسبب هو استمرار الحرب.هؤلاء الأطفال يقعون ضحية للاستغلال الجنسي من قبل المنحرفين، كما ينخرطون في إدمان المخدرات ويتورطون في الأعمال الإجرامية ويقعون فريسة للاختطاف والتهريب. معظم الأطفال الذين يُضطرون للعمل مشغولون في مصانع الطوب، ومستودعات البضائع، ومعادن استخراج الفحم وكذلك بيع الأكياس البلاستيكية في السوق. الخبر الأسوأ هو ما نشرته وزارة الداخلية الأفغانية من أن نحو 100,000 طفل مدمنون لتعاطي المخدرات.

4الزواج الإجباري

رغم أن الصحافة الغربية تنشر الكثير حيال هذا الأمر مما يجعل البعض يرى عدم صحة الأرقام، إلا أننا بالنظر في واقع مجتمعنا نلحظ استمرار هذه الظاهرة. تُجبر الفتيات الصغيرات على الزواج، أما في المناطق النائية التي يقل فيها مستوى الوعي فإن مهر البنت يُعد حقا من حقوق والدها، وحينما لا يجد الأب مصدرا لكسب المال فإنه يبادر بتزويج بناته الصغيرات من رجل غني كبير في السن، أو شاب. كما أن هناك العديد من المظالم التي يواجهها الأطفال في هذا الصدد.

  1. تدهور الحالة الغذائية لدى الأطفال

رغم أن هناك بعض المنجزات في قطاع صحة الأطفال وقد أدت جهود وزارة الصحة إلى تقليل عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية، إلا أن قرابة خُمس عدد الأطفال يواجهون مشاكل في التغذية وفق تقارير يونيسف المنشورة مؤخرا. تُعد سوء التغذية أم جميع الأمراض، والطفل المصاب بسوء التغذية يفقد حياته بسبب أدنى مرض. السبب وراء هذه الآفات ليس فقط هو الفقر، حيث هناك العديد من الأسر الغنية التي ليس لديها الوعي بتغذية أطفالهم، كما يتم إطعام الأطفال بالعديد من الأطعمة غير المغذية. بالإضافة إلى ذلك فإن عدم توفر الحمامات الصحية لقضاء الحاجة لدى الأطفال يتسبب في انتشار الأمراض التي تؤثر سلبا على الجهاز الهضمي لدى الطفل وتسبب إصابته بفقدان الدم.

الأطفال حول العالم

في الدول الأخرى توجد قوانين خاصة لرعاية حقوق الأطفال، منها أن الطفال إذا كان في الشارع العام وأراد ركوب الحافلة فعلى الحافلة أن تتوقف له، وإذا لم يوقف السائق الحافلة فللطفل الحق في كسر زجاج السيارة والاتصال بالشرطة. كما أنه يُمنع إجلاس الأطفال في المقاعد الأمامية حفاظا على سلامتهم. من الإلزامي إلحاق الأطفال بالحضانة ومن ثم المدرسة. ويتم توظيف أفضل وأمهر المدرسين في المدارس الابتدائية، ويتم التعامل مع الأطفال بالتوقير الذي يحظى به الكبار ويتم الحديث معهم عبر شاشات التلفاز، كما يُجري السياسيون لقاءات بالأطفال في برامجهم. يتمتع جميع الأطفال تقريبا بخدمة الإنترنت في المدارس ويتابعون المنصات التعليمية وصفحات الأماكن التاريخية والشخصيات المجتمعية عبر الشبكة. توجد أنظمة نقل خاصة بالأطفال، كما أن هناك في بعض المدارس أماكن خاصة للأطفال لتناول الطعام وأخذهم قسطا من الراحة.

بعض النقاط الإيجابية

بالإضافة إلى جميع الصعاب المذكورة فإن هناك شخصيات ومؤسسات ذات ضمائر حية أنشأت مدارس ومحاضن ودورا للأيتام ودورا لتحفيظ القرآن حتى يتم تنشئة وتعليم الأطفال فيها، مع تحملهم لمصاريف الدور من أموالهم الخاصة. وقد دعت وزارة الصحة العامة، ومنظمة الصحة العالمية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ومنظمة اليونيسف ومنظمة إنقاذ الأطفال إلى إيجاد البرامج التي تهدف إلى حماية الأطفال.

من الخطوات الإيجابية سماح حركة طالبان بتطعيم الأطفال في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم. ومن الخطوات الطيبة كذلك علاج الأطفال المصابين بثقوب في القلب من قبل منظمة الهلال الأحمر الأفغاني. منظمة اليونيسف بدورها تقدم تطعيمات وأدوية وعقاقير لحالات فقدان الدم لدى الأطفال، كما تقدم باقة من الأدوات المدرسية للأطفال في مختلف محافظات أفغانستان. وزارة الصحة العامة كذلك تلعب دورا هاما في تقليل وفيات الأطفال. بالإضافة إلى كم المشاكل المشار إليها أعلاه، فإن قضية الجودة أيضا لديها مشاكلها. لحسن الحظ هناك نحو 10 ملايين طفل يرتادون المدارس في أفغانستان. تقديم خدمات التعليم لهؤلاء الأطفال يُشكل مستقبل هذه البلاد.

النتائج

الأطفال هم صناع مستقبل الأمم، وعلى كل من يكبر في السن أن يقدم للمجتمع أطفالا متعلمين ومثقفين. تعليم الأطفال ودعم المدارس ودور تحفيظ القرآن الكريم ومساعدتهم بالآراء البناءة ودعم دور الأيتام والأطفال الفقراء وتسهيل خدمات التعليم لهم من مسؤوليات كل أحد منا.أيضا على الأطراف المتورطة في الحرب في أفغانستان أن يحترموا حقوق هؤلاء الأطفال الأبرياء، ولا يكلفوهم بالعمل حيث أعفاهم الله منه، كما ينبغي اجتناب ضربهم. أيضا على الحكومة والمعارضة الاستعداد لتوفير خدمات المدارس والمستشفيات والمساجد والمدارس الدينية للأطفال، ومنع استغلالها كمقرات وملاجئ عسكرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *