وفاة زعيم طالبان ومستقبل مفاوضات السلام

قبل بضعة أيام انتشرت شائعة وفاة الملا محمد عمر في وسائل إعلام عالمية نقلا عن الصحافة الباكستانية، وقال بعض المسؤولين الأفغان بأن الملا محمد عمر توفي قبل عامين في مستشفى في مدينة كراتشي الباكستانية.

بعد انتشار هذه الشائعات تحدثت الصحف الباكستانية عن مشاورات تجري لتعيين خلف لزعيم طالبان وأن المولوي يعقوب بن الملا عمر يكون من بين الخيارات.

بعد ذلك أيّدت حركة طالبان رسميا في بيان لها وفاة الملا محمد عمر. هل توفي الملا محمد عمر قبل عامين؟ إن كان كذلك، فإن إعلان الخبر في هذه المرحلة الحسّاسة حيث من المقرر أن تجري محادثات سلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان بوساطة باكستانية، يكون مرتبطا مع المحادثات.

وفاة زعيم طالبان

تسائلت وسائل إعلام مختلفة في الماض أيضا قضية حياة أو حرية الملا عمر. وقيل مرة إن الملا عمر يقبع في السجون الباكستانية، كما وقيل بأنه لقي مصرعه إثر مرض.

وأصدرت الرئاسة الأفغانية يوم الأربعاء 29 من يوليو 2015، بيانا جاء فيه تأكيد وفاة الملا عمر زعيم طالبان شهر إبريل 2013م، بناءً على معلومات  دقيقة. وقال مسؤول في الحكومة الأفغانية بأن خبر وفاة الملا عمر وصله عن مسؤولين في الحكومة الباكستانية.

واعتبر أريك شولترز متحدث البيت الأبيض في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء 29 من يوليو، تقارير وفاة الملا عمر “مؤثقة”.

وأكّدت حركة طالبان مساء يوم الخميس وفاة زعيمها، ومن دون توقيت الوفاة، جاء في البيان أنه لقي مصرعه قبل فترة إثر مرض.

تحديات أمام طالبان

ستواجه حركة طالبان وخاصة مجلس الشورى القيادي بعد وفاة الملا عمر مشاكل عدة، وستجري محاولات كثيرة لإحداث الفرقة في صف طالبان.

ففي حال حدوث وفاة الملا عمر قبل عامين، يتوجب من الناحية الشرعية تعيين الخلف لأي زعيم يتوفى بأي دليل، فإن الكفاح المسلمح بأمر من قد توفي، وقرارات أخذت باسمه، وخاصة ملابسات وفاته، أسئلة تتحدى حركة طالبان بشكل خطر جدا. ومع أن طالبان كتمت الخبر نظرا للمصلحة والحفاظ على وحدة الصف إلا أنها أيّدت وفاة الملا عمر أخيرا.

تزامنا مع المفاوضات في مري-إسلام آباد، أصدرت شورى القيادة في طالبان بيانا رفض بغموض مشاركة أناس نيابة عن طالبان فيها. وكان يبدو من الغموض أن الحركة تواجه خلافات داخلية أو ضغوطا من قبل الحكومة الباكستانية.

ترفض المصادر القريبة من طالبان أي خلاف في صفوف الحركة، لكن تعتبر ضغوط باكستان ذات تأثير في تغيير موقف طالبان. يقال إن باكستان وفي الفترة التي أرادت إجلاس طالبان خلف طاولة الحوار أعملت ضغوطا كثيرة عليهم، مما سبب إصدار بيان من قبل شورى القيادة في الحركة رفضا لمفاوضات السلام في إسلام آباد.

خلف الملا عمر

فور تأيد الحركة وفاة الملا عمر، أصدرت بيانا بشأن تعيين الأمير الجديد. وجاء في بيان طالبان: “اجتمع مجلس الشورى القيادي مع علماء البلد الأفاضل والشيوخ الكرام لتعيين الأمير، وهؤلاء يحظون بالاعتبار الشرعي لأهل الحل والعقد، وفي اثر اجتماع وبعد مشورات طويلة عينوا الرفيق القريب والصاحب الوفي للملا محمد عمر مجاهد، ونائبه السابق (الملا اختر محمد منصور) أميراً جديدا لإمارة أفغانستان الإسلامية“.

وجاء في البيان أيضا: “كما تم تعيين شيخ الحديث المولوي (هيبت الله أخند زاده) الرئيس العام لمحاكم الإمارة الإسلامية السابق، والملا (سراج الدين حقاني) القائد الجهادي المعروف للإمارة الإسلامية ونجل الشخصية الجهادية المشهورة المولوي جلال الدين حقاني –حفظه الله-، نائبين للإمارة الإسلامية”.

مع أن طالبان قالت في البيان: “وفي نهاية الاجتماع بايع العلماء، والمشايخ، ومسؤولو الإمارة الإسلامية أميرَ المؤمنين الملا أختر محمد منصور على السمع والطاعة، وبدوره فقد عاهد أمير المؤمنين أيضا على الالتزام للشريعة الإسلامية”، إلا أن التوقعات الموجودة ذهبت بعدم اتصاف الأمير الجديد بـ”أمير المؤمنين”.

واستطاعت حركة طالبان بانتخاب الملا أختر محمد منصور، الرجل الثقة لدى الملا عمر، زعيما للحركة والملا سراج الدين حقاني نجل المولوي جلال الدين حقاني نائبا له بأن تسد الباب على وجه الانقسام الداخلي.

وتحاول الحركة أيضا بأن يبايع حلفائها من الدول المختلفة مثل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الملا أختر محمد منصور أميرا للمؤمنين، وذلك ليتوفر الدليل لوصف الملا أختر محمد أميرا لجميع المسلمين، وأن يكون ذلك سدا لالتحاق عناصرها بداعش.

مستقبل مفاوضات السلام

بالنظر إلى ضغوط باكستان على طالبان، تمر حركة طالبان من مرحلة حساسة. والآن وبعد تأييد وفاة الملا عمر تم إجراء محادثات السلام إلى أمد غير معلوم. ومن هنا قالت وزارة الخارجية الباكستانية إن المفاوضات التي كانت من المقرر إجرائها يوم الجمعة في إسلام آباد تم تأجيلها بسبب وفاة الملا عمر وحدوث الفوضى في داخل الحركة.

ومع القول بأن الملا أختر محمد منصور يميل إلى محادثات السلام، إلا أن طالبان وتحت قيادة الملا منصور نائبا للملا عمر أكّدت لمرات عدة بأن صلاحية المحادثات أمر مخول إلى مكتب الحركة في قطر، لذلك ستكون رغبة الملا منصور في المحادثات عبر مكتب قطر.

ومن جهة أخرى أظهرت التجربة بأن هذا المكتب هو مرجع ذو صلاحية في أخذ القرار السياسي. فإن إطلاق سراح عدد من أتباع الدول الأجنبية، منهم باو بركدال الجندي الأمريكي إزاء خمسة سجناء لطالبان في غوانتانامو، وإطلاق سراح عدد من الأتراك، وشخص قيرغيزي، وطيّار روسي تم أسره بعد هبوط طواريء في ولاية لوكر، كلها حدث بالتفاوض مع مكتب قطر وبقرار منه، وإن لم تكن لمكتب قطر صلاحية لما تم الاتفاق في قطر ليتم إطلاق السراح في أفغانستان.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *