تصاعد الجرائم الجنائية في أفغانستان.. عوامل وحلول

بناءً على تعريف المؤسسات الحكومية، يدخل جميع الأحداث الإرهابية، والقتل، والسرقات، وعمليات الخطف، والاغتصاب وبقية الجرائم، من دون أحداث ينفذها مخالفو الحكومة المسلحون، في إطار الجرائم الجنائية، والتي ازدادت في السنوات الثلاث الأخيرة.

على حد قول مصدر حكومي، تحدث يوميا قرابة 50 حادثة من الجرائم، وبناءً على قائد شرطة كابول تم إلقاء القبض على 205 شخصا للاتهام بالضلوع في 117 حادثة خلال الأسبوعين الأخرين.

بالنظر إلى خلفية الجرائم الجنائية في بضع سنوات الماضية، لماذا تزداد وتيرتها؟ وما هي العوامل الأساسية وراء ذلك؟

وتيرة الجرائم المسلجة

منذ سبع سنوات وتزداد وتيرة الجرائم الجنائية في البلد. سُجّلت عام 1387 الهجري الشمسي، 6786 حادثة، ازدادت عام 1389الهجري الشمسي، وتقلصت ما بين 1389 إلى 1390 وتيرة هذه الجرائم. وفي عام 1390 الهجري الشمسي، تصاعدت من جديد لتصل أحداثها عام 1391 الهجري الشمسي إلى 15593 حادثة. وازداد الرقم عام 1392 ووصل 27122 حادثة.

بناءً على البيان الفصلي لإدارة الإحصاء المركزي تم عام 1393 الهجري الشمسي تسجيل 15050 حادثة جنائية، وهي حصيلة ثلاثة فصول للعام ولم تُنشر حصيلة الفصل الأخير. (راجع الجدول الأول).

لو ننظر إلى أرقام الفصول الثلاثة الأولى لعام 1393 الهجري الشمسي، نجدها 15050، وهي أكبر من حصيلة الفصول الثلاثة الأولى لعام قبلها (1392 الهجري الشمسي العام المتداول في البلد)، لأن الحصيلة عام 1392 في فصوله الثلاثة الأولى وصلت 14556 حادثة جنائية.

كل الأرقام التي تم درجها في الأعلى، هي أرقام تخص الأحداث المسلجة من دون الأحداث غير المسلجة.

الجدول الأول: أرقام الجرائم الجنائية في سنوات مختلفة. (حسب العام الهجري الشمسي المتداول في أفغانستان).

العام 1387 1388 1389 1390 1391 1392 1393
الجرائم 6786 7164 7010 6929 15593 27122 15050*

المصدر: تقارير إدارة الإحصاء المركزي الأفغاني، للعام 1392 الهجري الشمسي، وتقارير فصلية للعام 1393.

­

الأحداث الجنائية غير المسجلة

إن الأرقام الحقيقة للجرائم الجنائية أكبر بكثير مما مضى، وذلك بالنظر إلى الفساد الإداري في مؤسسات القضاء، وعدم القبض على المجرمين أو إطلاق سراحهم، وسيطرة الحكومة الضعيفة على المناطق البعيدة، وأثر أهل الجرائم على الساسة.

بناءً على تحقيق، في كثير من الحالات ونظرا للعوامل المذكورة لم تخبر ضحايا الجرائم المؤسسات الحكومية، فمن واجه سرقة مسلحة يقول: “لم نخبر الشرطة بسبب عدم قبض المجرمين. حتى ولو نثق بإلقاء الشرطة القبض على المجرمين، فإننا لا نشكل لأنفسنا مشكلة طويلة في مؤسسات القضاء وعمليتها الطويلة”.

يبدو مما مضى، بأن عدم الثقة في الشرطة، وعدم إلقاء القبض على المجرمين الأقوياء، ووقوف المافيا وأيادي سياسية خلف المجرمين، ووجود الفساد في المؤسسات العدلية والقضائية، وعدم حضور الحكومة في المناطق البعيدة عوامل لم يتم معها تسجيل كثير من الجرائم الجنائية.

عوامل ازدياد الجرائم الجنائية

ليست للجرائم الجنائية عوامل محددة قليلة، بل لكل جريمة عامل يختلف عن الأخرى، لكنه وبشكل عام يمكن أن نسرد عوامل اقتصادية واجتماعية وقضائية وسياسية لازدياد الجرائم الجنائية، وهو تاليا:

  • الفساد الإداري

يُعتبر الفساد الإداري عاملا أساسيا في ازدياد الجرائم. بناءً على تقرير منظمة النزاهة الدولية لعام 2014م، جاءت أفغانستان في الدرجة الرابعة من الفساد، وبناءً على تقرير إدارة الإحصاء الأفغاني في عام 2014م، كانت مؤسسة الشرطة والقضاء الأفغانية أكثر المؤسسات فسادا. وبما أن مؤسسة الشرطة هي الأخرى منغمسة في الفساد فإن ذلك يوفر الفرصة للمجرمين بأن يفلتوا من القانون بدفع الرشاوى وأن يستمروا في الفساد، وهو ما يظهر جليا في سوابق جرمية لدى من يتم قبضهم. كلما ظن أهل الجرائم بافلاتهم من القانون بدفع الرشوة، كلما ازدادت الجرائم في البلد. ومن جهة أخرى سبب عدم مهنية القوات الأمنية أن لا تتمكن من وقاية هذ الأحداث بل وأن تشارك فيها أحيانا.

  • الأقوياء والساسة

إن أصحاب القوة والسياسيون يشكلون عاملا آخر لازدياد الجرائم الجنائية، وهم يدعمون المجموعات المجرمة في العاصمة والولايات من أجل أهدافهم السيئة ويدافعون عنهم أمام القانون. وبما أن بعض الساسة يدافعون عن المجرمين وعن عناصر في المافيا يصعب إلقاء القبض عليهم.

وهناك أحداث مسلجة في السنوات الماضية، حدثت في المدن الكبرى وفي المناطق الآمنة أحداث اختطاف في النهار وباستخدام السيارات المعتمة، لم يتم قبض المجرمين ولا عقابهم.

  • الهجوم الثقافي

لو ننظر إلى الأرقام الأخيرة للأحداث الجنائية نجد أن أرقام الزنا[1]، والقمار[2]، والقتل[3]، والضرب[4] نحو تصاعد مستمر. يمكن مثلا أن نذكر حادثة سرقة واغتصاب جماعية في مديرية بغمان ولاية كابول العاصمة عام 1394 الهجري الشمسي، وأحداث أخرى في ولايات مختلفة. تقف وسائل إعلام غير مراقبة، والهجوم الثقافي الأجنبي عاملا كبيرا وراء هذه الأحداث. إن محطات التلفاز التي يتم تمويلها من جهات مختلفة، تنشر مسلسلات وأفلام غير أخلاقية تخالف القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع الأفغاني ومن دون أن تكون لها رسالة إيجابية تشكل فوضى أخلاقية في البلد.

وتهاجم وسائل الإعلام هذه، بشكل مستمر على القيم الدينية وتنشر الفساد الأخلافي والحال أن منع الأفلام الإباحية ونشر مواد إيجابية يكون عاملا كبيرا لتقليص الجرائم الجنائية.

  • أسلحة ومسلحون خارج إطار القانون

وبناءً على بعض المسؤولين الأمنيين يشكل استيراد الأسلحة غير القانوني عاملا أساسيا لأحداث الإجرام في البلد، يتم بيعها هنا بسعر رخيص واستخدامها في العنف.

من جهة أخرى يلعب مسلحون غير مسؤولين وأصحاب القوى المحليون وهم على صلات مع المسؤولين الحكوميين دورا كبيرا في هذه الجرائم الجنائية. وعلى سبيل المثال حدث في بغلان تنازع مسلح بين الاثنين في حفلة زواج أسفر عن مقتل 22 شخصا، وكانت الأسلحة المستخدمة فردية وغير حكومية.

  • الفقر والبطالة

بشكل عام يُعتبر الفقر والبطالة عاملا أساسيا آخر لبعض الجرائم وخاصة السرقة المسلحة. ويرى كثير من المحللين وأصحاب الرأي علاقة وطيدة بين الجرائم والبطالة، فكلما ازدادت البطالة يكون الحصول على الفلوس صعبا قانونيا، فتزداد المحاولات للحصول على المال بطريقة غير قانونية وإجرامية.

فقد ازدادت البطالة في البلد بشكل واسع وكبير، مما أدّى إلى ازدياد السرقة، والاختطاف، والاختلاس وبقية الجرائم الجنائية في أرجاء البلد. إضافة إلى ذلك هناك علاقة قريبة بين العنف العائلي والأزمة الاقتصادية.

طرق الحل

أما عن كيفية وقاية هذه الأحداث الإجرامية، وتقليص الجرائم الجنائية ينبغي الأخذ بالمقترحات الآتية:

  • إحداث وتنفيذ سياسة مؤثرة في مؤسسات العدل والقضاء من أجل سد الفساد الإداري، لأن الفساد قد تفشى بشكل واسع في مؤسسات القضاء والجيش الأفغانية.
  • أن تتم تقوية مؤسسات مكافحة الجرائم، وأن يتم تدريب العاملين فيها، وتُرفع رواتبهم، وذلك تقليصا لمشاركتهم في الفساد.
  • أن تجري محاولات جادة لإحداث فرص عمل، لانشغال الشباب في أعمال نافعة بدلا من الضلوع في الأحداث الإجرامية بسبب البطالة والفقر.
  • أن يصبح موقف المؤسسات الحكومية صارما تجاه المجرمين، كي لا يميل الآخرون نحو الجرائم.
  • أن يتم جمع الأرقام للأحداث الجنائية في البلد، وأن يتم تشخيص العوامل حسب دراسة علمية حصيفة، وأن تجري محاولات جادة لإزالة هذه العوامل، لأن الأحداث الجنائية تؤثر بشكل واسع على المجتمع.

النهاية

* لا تشمل هذه الأرقام، حصيلة الفصل الأخير من عام 1393 الهجري الشمسي.

[1] بناءً على إحصاء أفغانستان عام (۱۳۹۲)، ازدادت جريمة الزنا عام 1392 مقارنة مع عام 1390، من 281 إلى 996 حادثة.

[2] بناءً على إحصاء أفغانستان عام (۱۳۹۲)، ازدادت جريمة القمار عام 1392 مقارنة مع عام 1390، من 20 إلى 291 حادثة.

[3] بناءً على إحصاء أفغانستان عام (۱۳۹۲)، ازدادت جريمة القتل عام 1392 مقارنة مع عام 1390، من 1231 إلى 2941 حادثة.

[4] بناءً على إحصاء أفغانستان عام (۱۳۹۲)، ازدادت الجرائم الجنائية من عام 1390 إلى عام 1392، 4819 جريمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *