أزمة اللجوء وأوضاع اللاجئين الأفغان عبر العالم

بناءً على تحقيق للاتحاد الأوروبّي، وصل خلال شهر يوليو من عام 2015م، ما يقارب 107500 لاجيء إلى حدود أوروبّا.[1] وهي أول مرة يصل مثل هذا العدد من المهاجرين في شهر واحد إلى أوروبّا بطريقة غير قانونية. وبناءً على هذا التحقيق يشكل الأفغان ثلثي هذا العدد. وتصف وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها لعام 2015م، أوضاع هؤلاء اللاجئين “سيئة للغاية”، وترى أن حكومة أفغانستان لا تنفذ أي محاولة لمكافحة مهربّي البشر.[2]

بشكل عام أصبحت موجة اللجوء شديدة في العالم، ويتجه عدد كبير من اللاجئين إلى أوروبّا من آسيا، والشرق الأوسط، وإفريقيا. ما هي عوامل ازدياد اللجوء عالميا؟ وما هي أوضاع اللاجئين الأفغان؟

عوامل اللجوء إلى أوروبّا

مع تعثر الربيع العربي، أصبحت موجة اللجوء شديدة إلى أوربّا عبر طرق مختلفة، منها شرقي البحر المتوسط، الطريق الوسطي والغربي، وطريق بالقان. وتكمن عوامل ازدياد اللجوء في أمرين: الضغط والجذب.

إن عوامل الضغط هي التي تدفع سكان منطقة ما، للمغادرة والذهاب إلى مكان آخر، مثل الحروب الأهلية، والحكومات المستبدة، والمخالفات السياسية، ومخالفة حقوق الإنسان، والأمراض وغيرها.

من جهة أخرى، تكمن عوامل الجذب في الاقتصاد، والأمن، والسياسة وأمور أخرى، ويمكن أن نلخص عوامل اللجوء إلى أوروبّا من الشرق الأوسط، وإفريقيا وآسيا منذ بضعة أعوام في الآتي:

  • الحرب الأهلية في سوريا: أوصلت الحرب الأهلية التي بدأت في سوريا عام 2011م، البلد حتى عام 2014 إلى أكثر دول العالم لجوءا، ولديه أكثر من 4 ملايين مهاجر إلى الآن.[3] ففي عام 2014م، لجأ إلى أوروبّا 66698 لاجيئا عبر المياه. ويشكل اللاجئون السوريون القسم الأكبر من العدد الذي لجأ إلى أوروبّا خلال الشهور الستة الأولى من عام 2014م.
  • الحرب الأهلية في العراق وداعش: بعد الانسحاب الأمريكي من العراق أصبحت الحرب الأهلية شديدة فيها، وهي مستمرة إلى الآن، ومن هنا بدأ الكثيرون باللجوء إلى أوروبّا. وبعد ظهور تنظيم الدولة في العراق توجه الكثير من الأزيديين إلى أوروبّا. مع عدم وجود أي أرقام دقيقة حول لجوء الأزيديين إلى أوروبّا بعد ظهور تنظيم الدولة، إلا أن تركيا فتحت حدودها على وجه الأيزيديين في سبتمبر من عام 2014م، ويسكن فيها الآن حوالي 30 ألف من الأيزيديين، ويمكن أن يكون البعض قد غادر تركيا إلى أوروبّا عبر المهربين.
  • أفغانستان: وفي أفغانستان تحمل البطالة وانعدام الأمن كثير من أبناء الوطن، على اللجوء إلى أوروبّا. (يأتي لاحقا تفصيل ذلك).
  • عوامل مختلفة في دول إفريقية: لجأ العام الماضي 170000 شخص من الدول الإفريقية إلى أوروبّا، ومنذ بداية عام 2015م، حتى شهر إبريل وصل 21 ألف إفريقي إلى أوروبّا، وخلال ذلك لقي أكثر من 900 شخص حتفهم في البحر المتوسط. الفقر والحكومات المستبدة، والحروب الأهلية عوامل تجبر الإفريقيين على اللجوء.[4]

أزمة اللجوء في أوروبّا

تحولت موجة اللجوء الجارية إلى أوروبّأ إلى أزمة واقعية. وتكمن عوامل تحول هذا اللجوء إلى أزمة حقيقية في الآتي:

أولا: حدثت خلافات بين اللاجئين وسكان الدول الأوروبّية، وظهرت حركات ضد اللجوء، منها الحزب القومي الإنجليزي، والجبهة القومية الفرنسية، والحزب الشعبي السويدي، وحزب في ألمانيا وغير ذلك.

ثانيا: بعد الربيع العربي انطلقت حرب أهلية في الشرق الأوسط، إضافة إلى ذلك، تواجد حكومات مستبدة في إفريقيا، والأمراض، والأزمات المالية، وانعدام الأمن في أفغانستان عوامل أجبرت الكثيرين للتوجه نحو أوروبّا، وهي عوامل تزداد يوما بعد يوم لتزداد معها موجة اللجوء إلى أوروبّا. ففي شهر يوليو من عام 2015م، فقط لجأ إلى أوروبّا أكثر من 100 ألف لاجيء، ومن المزعم إن يصل ألمانيا خلال هذا العام 800 ألف لاجيء.[5]

ثالثا: غرق سفن المهاجرين في البحر المتوسط، إذا توفي إثر ذلك عام 2014 فقط، 3072 شخص.[6] وبناءً على تحقيق لمجلة “تلغراف”، فاق العدد هذا العام 2000 شخص. وغرفت الأسبوع الماض سفينة أخرى لقي فيها 49 مصرعهم. وهو أمر بدّل الهجرة إلى أزمة.[7]

رابعا: وضع كثير من الدول خطوات ساقية على المهاجرين، وتسد بها الهجرة غير القانونية إلى حد كبير. وعلى سبيل المثال نصّبت هنغاريا، على حدودها مع  صربستان الأسلاك الشائكة لمنع المهاجرين. وللأزمة المالية في أوروبا دور مهم في الأمر أيضا.

عوامل الهجرة من أفغانستان

تظهر الأرقام خلال عامين ماضيَيْن بأن كثير من الأفغان لجأوا إلى أوروبّا بطريقة غير قانونية. إنه من الصعوبة بمكان تحديد العدد الدقيق من الهجرة الأفغانية إلى أوروبّا، ومع ذلك هناك إحصاءات أجرتها بعض المؤسسات، وبناءً على إحصاء واحد، قدم 26215 شخص طلب اللجوء عام 2013م. وصل العدد عام 2014م، 41370 شخص، وفي العام الجاري إذ ازدادت عوامل الهجرة يزداد عدد المهاجرين يوميا.[8]

وتكمن عوامل توجه الأفغان نحو أوروبّا أكثر من أي وقت آخر في الآتي:

  • انعدام الأمن: بالنظر إلى 15 سنة الماضية ندرك أن الحرب تشتد كل عام، إلا أنها اشتدت أكثر من أي وقت آخر في العام الأخير. بعد شهور من توقيع الاتفاقية الأمنية بدأت سلسلة التفجيرات في العاصمة، كما وحدث ذلك بعد الإعلان بوفاة الملا محمد عمر. وبعد تشكيل “حكومة الوحدة الوطنية”، اتسعت رقعة الحرب من الجنوب إلى الشمال، وأضاف ظهور داعش المشهد أكثر غموضا. وبناءً على تحقيق لـ”يوناما”، لقي 5000 مدني حتفهم منذ بدء عام 2015 وحتى منتصفه، إثر التفجيرات والحروب. وهو وضع يجبر الكثير على اللجوء ومغادرة البلد.[9]
  • البطالة: الباطالة المتفشية في أرجاء البلد عامل أساسي آخر في إجبار الأفغان على اللجوء. ويرغب ملايين من الشباب الأفغاني، الذين لا تتوفر فرص عمل لهم في أفغانستان، في اللجوء إلى أوروبّأ، لرفع مشاكلهم المالية.
  • شروط القبول السهلة في بعض الدول الأوروبّية: هناك البطالة، والحرب، والوضع الأمني المتدهور من جهة، ومن جهة أخرى هناك شروط قبول سهلة في بعض الدول الأوروبّية، تجلب الأفغان نحوها. وفي اللقاءات التي أجريت خلال عشرة أيام الماضية الكل يذكر ألمانيا، وسويدن، ويبحثون طريق الوصول إليها.
  • العامل الاقتصادي: أفغانستان بلد فقير ويعيش كثير من سكانها تحت خط الفقر، ويتجه شبابها لحل مشاكلهم المالية إلى الدول الصناعية المزدهرة.

أوضاع اللاجئين الأفغان

ينقسم اللاجئون الأفغان عموما إلى ثلاثة أقسام تالية: اللاجئون الأفغان في إيران، واللاجئون الأفغان في باكستان، واللاجئون الأفغان في أوروبّا.

نشرت وزارة الخارجية الأمريكية في شهر يوليو من عام 2015م، تقريرا حول تهريب الإنسان، تمت فيها مناقشة أوضاع المهاجرين بشكل عام. جاء فيها بشأن أفغانستان: أفغانستان مصدر لتهريب الرجال والنساء والأطفال من أجل العبودية والجنس. يشكل الأطفال الحجم الأكبر من تهريب الإنسان في أفغانستان، وهم يعملون بعد ذلك في مصانع الفرش واللبنات، يضطرون للتساؤل، ويحمَلون على تهريب المخدرات وتجارة الجنس. [10]

إيران: ليست أوضاع المهاجرين الأفغان في إيران جيدة، إذ يتم حبسهم وإعدامهم. ونشرت تقارير دولية كثيرة حول استغلال إيران اللاجئين الأفغان في الحرب الأهلية في سوريا إزاء مبالغ مالية. ومن هنا رجع 137803 لاجيء أفغاني غير مسجل إلى أفغانستان منذ بدء عام 2015م وحتى 30 من يونيو، وذلك رغم إذعان المسؤولين الإيرانيين الأسبوع الماضي بأنه يتم إرسال اللاجئين الأفغان المسلجين وغير المسجلين إلى بلدهم طواعية فقط.[11]

باكستان: بعد أن حدث هجوم عسكري على مدرسة تابعة للجيش في مدينة بيشاور الباكستانية، وأصبحت الإجراءات مشددة تجاه الإرهاب واللاجئين الأفغان، بدأ اللاجئون الأفغان الرجوع إلى بلدهم. وبناءً على أرقام “منظمة الهجرة العالمية”، رجع 91458 لاجيء أفغاني إلى بلدهم منذ بدء عام 2015م، إلى 30 من شهر يونيو. وكانوا لاجئين غير مسلجين. وتظهر هذه الأرقام ازدياد في معدل الرجوع. مع أن باكستان تعهدت خلال زيارة وزير المهاجرين الأفغان إليها بأن تبدأ تسجيل اللاجئين غير المسجلين، لكن العملية لم تبدأ بعد، وبالنظر إلى الأوضاع السياسية الأخيرة قد تتأخير العملية كثيرا.[12]

ويرجع بعض اللاجئين المسلجين أيضا، لكنهم يسطيعون البقاء في باكستان إلى نهاية عام 2015م، رغم مستقبلهم الغامض بعد عام 2015م، فإما أن يتم تمديد مهلة بطاقاتهم، أو يواجهوا الغموض، أو يرجعوا.

بقية العالم: يواجه اللاجئون الأفغان إلى أوروبّا خطرا عظيما، وفي بعض الأحيان يُقتلون على أيدي شرطة الحدود، أو تغرق سفنهم. وبعد الوصول إلى أوروبّا يمضون فترات طويلة من دون أي عمل، وأحيانا يسكنون الغابات لأمد طويل.

النهاية

[1] See online:

http://www.aljazeera.com/news/2015/08/record-influx-migrants-europe-mediterranean-eu-150819022218296.html

[2] see online:

http://www.state.gov/documents/organization/245365.pdf

[3] see online:

http://1tvnews.af/en/news/afghanistan/17186-syrians-replace-afghans-as-largest-refugee-population

[4] see online:

http://www.bbc.com/news/world-europe-24583286

[5] see online:

http://www.bbc.com/pashto/world/2015/08/150818_gn_germany_to_expect_750000_refugees_in_2015_report

[6] see online:

http://www.unhcr.org/print/552e603f9.html

[7] see online:

http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/europe/italy/11782584/More-than-2000-migrant-deaths-in-Mediterranean-in-2015-says-monitoring-group.html

[8] see online:

http://ec.europa.eu/eurostat/statistics-explained/index.php/File:Countries_of_origin_of_(non-EU)_asylum_seekers_in_the_EU-28_Member_States,_2013_and_2014_YB15_III.png

[9] see online:

http://www.rt.com/news/311650-afghanistan-death-toll-2015/

[10] see online:

http://www.state.gov/documents/organization/243558.pdf

[11] see online:

http://afghanistan.iom.int/sites/default/files/Reports/undocumented_afghan_returns_from_iran_and_pakistan_jan-jun_2015.pdf

[12] see online:

http://afghanistan.iom.int/sites/default/files/Reports/undocumented_afghan_returns_from_iran_and_pakistan_jan-jun_2015.pdf

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *