منظمة شانغهاي للتعاون وأثرها على أفغانستان

تم عقد الجلسة الرابعة عشر لمنظمة شانغهاي للتعاون على مستوى رؤساء الوزراء، بين الدول الأعضاء وذلك في 14 و15 من ديسمبر 2015م، وفي إقليم هينان الصيني. وشارك في هذه الجلسة من أفغانستان عبدالله عبدالله الرئيس التنفيذي على رأس وفد.

وهناك علاقة مباشرة بين خلفية هذه المنظمة والأوضاع الأفغانية، وفي السنوات الأخيرة ازداد اهتمام المنظمة، وقلقها وجاهزيتها أيضا تجاه أفغانستان. بالنظر إلى أهمية المنظمة في المنطقة طلبت أفغانستان العضوية الكاملة في هذه المنظمة.

وقد التقى الرئيس التنفيذي على هامش الجلسة الأخيرة مع رؤساء الوزراء لكل من روسيا، والصين، وكزاخستان، وطاجكستان، كما والتقى مع وزير الخارجية الهندية.

ما هي خلفية الأثر والتأثر بين منظمة شانغهاي وأفغانستان؟ وما هي عوامل جاهزية المنظمة تجاه أفغانستان؟ وكيف كانت عموما دبلوماسية أفغانستان الإقليمية؟

خلفية منظمة شانغهاي-5 وأفغانستان

بعد الغزو السوفيتي على أفغانستان زاد التدخل الإقليمي والدولي في البلد وبقي قويا بل وتعزز رغم الانسحاب السوفيتي أيضا. وكان عامل هذا التدخل أن الدول انقسمت إلى جبهتين. أولا: الدول المؤيدة للروس، بأ: الدول المؤيدة للمجاهدين. وكانت الحرب عموما بين هاتين الجبهتين، ولكنه وبعد الانسحاب السوفيتي أخذت الحرب منحنى آخر، وانطلقت حرب بالوكالة بين مجموعات تابعة لدول مختلفة، فلم تكن حرب بين جبهتين بل كانت بين دول إقليمية متنافسة عدة، مما أسفر اندلاع حرب أهلية في أفغانستان، واشتهر ملف “التطرف، والإرهاب، والمخدرات، والانفصاليين”، على المستوى العالمي.

عام 1996م، أسست خمس دول متأثرة بأوضاع أفغانستان منظمة شانغهاي-5. وكانت هذه الدول الصين، وروسيا، وكزاخستان، وقرغزستان، وطاجكستان، لأنه وفي تلك الفترة تأثرت ثلاث دول من هذه الخمس بأوضاع أفغانستان مباشرة، فقد واجهت روسيا مشكلة انتفاضة مسلمي بوسنيا، وقوقاز، واندلعت حرب أهلية بين إسلاميي طاجكستان والشوعيين السابقين، وفي الصين قامت حركة تركستان الشرقية.

إضافة إلى ذلك كانت من عوامل تاسيس هذه المنظمة “نظرية أوروآسيا”، لبرجنسكي، وإحداث وحدة سياسية إقليمية ضد أمريكا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

في البداية كان الهدف الأساسي من تشكيل المنظمة بناء الثقة بين الدول الأعضاء وجلع الحدود غير عسكرية، ثم دخلت ملفات مكافحة التطرف، والإرهاب والنزعات الانفصالية على قائمة أهداف المنظمة.

منظمة شانغهاي للتعاون

في 2001م، وبعد عضوية أوزبكستان تغير اسم المنظمة إلى منظمة شانغهاي للتعاون. في 2004م، أصبحت منغوليا عضوا مراقبا، ثم في 2005م، تم منح عضوية المراقبة للهند وباكستان، ثم وبدعم من الصين وفي 2012م، أصبحت أفغانستان عضوا مراقبا أيضا.

في 2015م، تم توسيع المنظمة ومنحت العضوية فيها لباكستان والهند ومن المقرر أن تبدأ عملهما كأعضاء المنظمة في 2016م.

تنشط المنظمة حاليا كقمة وذلك لتعزز الثقة بين الأعضاء، وأن تحسن العلاقات الثنائية بين الجيران، وترفع من حجم التعاونات في مجالات السياسة والتجارة والاقتصاد والثقافة والتعليم والطاقة والنقل.

جاهزية المنظمة تجاه أفغانستان

في التسعينيات تم تصريح بشأن الأوضاع الأفغانية في جلسات “منظمة شانغهاي-5”. في 1998م، وفي جلسة لوزراء الخارجية للدول الأعضاء ظهر “قلق” حول الأوضاع الأفغانية. ثم في شهر أغسطس من عام 1999م، وفي جلسة المنظمة تم إظهار “قلق شديد”، بشأن الوضع الأفغاني، وفي شهر مارس من عام 2000م، وفي جلسة لوزراء الدفاع للمنظمة تم التصريح بشأن “قلاقل عميقة”، في أفغانستان.

بعد عام 2001م، وعندما تأسس نظام جديد في أفغانستان بدعم أمريكي، نددت المنظمة بأحداث 11 سبتمبر، بل وأعلنت دعمها لمكافحة أمريكا مع “الإرهاب”. ووفرت أعضاء في المنظمة مثل أوزبكستان وطاجكستان قواعد عسكرية لأمريكا. بعد عام 2004م، وعلى إثر القلق بشأن ارتفاع انتاج المخدرات، وتصاعد “التطرف”، و”الإرهاب”، نظمت المنظمة في 2005م، لجنة علاقة مع أفغانستان. ومع تصاعد الاضطرابات الأمنية طلبت المنظمة مؤتمرا دوليا بشأن أفغانستان، ثم وفي 2012 تم منح عضوية المراقبة لأفغانستان.

وتصاعد اهتمام المنظمة تجاه أفغانستان بسبب مخاوف الدول الأعضاء من تهريب المخدرات، والإرهاب، والتطرف والنزعات الانفصالية.

أفغانستان ودبلوماسية إقليمية

بشكل عام وتتغير السياسة الأفغانية منذ عام 2009م، لكنه وخاصة بعد تولي أشرف غني الرئاسة الأفغانية اتجهت سياسة البلد نحو دبلوماسية إقليمية. ولعب في ذلك التقارب مع دول آسيا الوسطى عبر مشاريع (كاسا-1000، وتابي)، دورا بارزا، كما وحدث تحسين في العلاقات مع باكستان والصين. فشراء الأسلحة من الهند وروسيا، ودعم السعودية في الأزمة اليمنية، كلها قضايا جعلت السياسة الأفغانية إقليمية أكثر من أي وقت آخر.

والاهتمام الأكثر تجاه مؤتمر ريكا وقلب آسيا، وطلب العضوية في بنك الصين الآسيوي، ومنظمة شانغهاي أمثلة على هذه السياسة الإقليمية.

الجلسة الرابعة عشر لمنظمة شانغهاي

على إثر الأوضاع الأفغانية الحالية زاد اهتمام منظمة شانغهاي للتعاون بشأن أفغانستان، ومن هنا اهتمت المنظمة في السنوات الأخيرة بشأن أفغانستان، ولذلك كانت الجلسة الأخيرة ذات أهمية بالنسبة لأفغانستان.

ويمكن لنا أن نلخص أهمية هذه الجلسة بالنسبة لأفغانستان في الآتي:

  • طلب عضوية منظمة شانغهاي للتعاون: في هذه الجلسة قدّمت أفغانستان طلبا بالعضوية التامة في المنظمة وسيؤثر ذلك على مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة في البلد.
  • العلاقات الثنائية مع الصين: أثناء زيارته إلى كابول دعى مساعد الرئيس الصيني، عبدالله عبدالله الرئيس التنفيذي لأفغانستان إلى زيارة الصين والمشاركة في الجلسة. وفي الزيارة إلى الصين التقى عبدالله عبدالله مع “لي كيجانك”، رئيس الوزراء الصيني، وتمت مناقشة ثلاث نقاط هامة. أولا: تحسين العلاقات الأفغانية الصينية، ثانيا: عملية السلام الأفغانية، ثالثا: الاستثمار. وفي الجلسة طلب الجانب الأفغاني من الصين وضع ضغط على باكستان بشأن عملية السلام وذلك ضمن القول، إن: “على الصين أن تستغل من نفوذها إيجابيا وأن تحمل دول المنطقة (باكستان)، إلى التعاون الصادق مع أفغانستان”. وأعلنت الصين مرة أخرى دعمها لعملية السلام الأفغانية، واعتبر استقرار أفغانستان استقرارا للصين. كما وتحدث الجانب الأفغاني عن الفرص المتاحة في مجال الاستثمار، وأكد على أهمية استثمار الصين في المياه، والطاقة وبناء الطرق. تعهد رئيس الوزراء الصيني بذلك وطلب أيضا أن ترفع الحكومة الأفغانية خطوات ضرورية للمحافظة على عمال الصين واسثمارها.
  • العلاقة مع دول المنطقة: إلى جانب ذلك، التقى عبدالله عبدالله على هامش المؤتمر، مع زعماء عدد من الدول، وتحدث عن تحسين العلاقات، ودعى رئيس وزراء كزاخستان إلى زيارة كابول كما وجرت محادثة مع روسيا بشأن التعاون الأمني والاقتصادي، وتحدث مع الجانب الطاجيكي والهندي حول تعزيز العلاقات.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *