كيف ستؤثر عضوية منظمة التجارة العالمية على أفغانستان

حصلت أفغانستان في 17 من ديسمبر 2015م، في العاصمة الكينية نايروبي، على عضوية منظمة التجارة العالمية، وبذلك أصبحت من بين 164 دولة من أعضاء المنظمة وفيها 36 دولة قليلة الرقي.

وقد مرت عملية الحصول على عضوية بمراحل طويلة، وبعد 11 سنة من المحادثات، أصبحت أفغانستان عضوا في المنظمة. رحب الشارع الأفغاني كثيرا بعضوية المنظمة، ولكن بما أفغانستان دولة من العالم الثالث، فقد تؤثر سلبا عضوية المنظمة على المجال الصناعي الناشيء فيه.

ماذا كانت سياسة أفغانستان خلال 11 سنة مضت بشأن منظمة التجارة العالمية؟ لماذا طلبت أفغانستان عضوية المنظمة؟ وماذا أيضا سيكون أُثر عضوية المنظمة على أفغانستان؟

خلفية منظمة التجارة العالمية

بعد الحرب العالمية الثانية جرت محاولات لتأسيس إدارة محايدة، للرقابة على التعاون الاقتصادي العالمي. وقتها كانت إدارتان بريطانيتان تعملان في هذا المجال، أولاهما البنك الدولي والثانية كان صندوق المال الدولي. بعد ذلك بحثت أكثر من 50 دولة تأسيس منظمة خاصة بالتجارة العالمية تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة، لكن تلك المحادثات بائت بالفشل، وبرأي المنظمة نفسها كانت مطالب المناقشات غير واقعية، وبعيدة عن أصول التجارة العالمية[1].

بعد ذلك وفي 15 من ديسمبر 1945م، بدأت الدول محادثات حول تخفيض ضرائب الجمارك، كي تتحسن الأوضاع الاقتصادية للبلدان بعد الحرب العالمية الثانية. وفي نهاية هذه المحادثات اتفقت 23 دولة في 1948م، ووقعت اتفاقية عامة سُميت بـ”جات”، وكانت حول التجارة وضرائب الجمارك.

استمرت اتفاقية “جات”، إلى عام 1994م، ومع ذلك تم عقد جلسات حول تخفيض أكثر لضريبة الجمارك وبأهداف أخرى. ففي الستينيات وكنتيجة لهذه المحادثات تم توقيع اتفاقية تمنع “الاحتكار”[2]، وفي السبعينيات جرت محاولات لخفض أجرة الجمارك، وتحسين أصول اتفاقية جات، وبعد محادثات “يوروغواي”، في الثمانينيات وتحديدا في 1986م، و1994م، تم تمهيد الطريق لتأسيس منظمة التجارة العالمية.

منظمة التجارة العالمية مؤسسة تحاول تسهيل الفرص التجارية وتعقد جلسات تناقش فيها الحكومات الاتفاقيات، وتنهي الخلافات[3].

وهناك فرق أساسي بين اتفاقية “جات”، ومنظمة التجارة العالمية، فإن الأولى كانت بشأن تجارة الأمتعة فقط، لكن الثانية تشمل تجارة الأمتعة والمُلكية العقلية أيضا.

التسلسل التاريخي لعضوية منظمة التجارة العالمية

تأسست منظمة التجارة العالمية عام 1994م، وكانت أفغانستان يومها تمر بحرب أهلية ولم تكن فيها حكومة مركزية. مع أن فترة حكم طالبان تميّزت بأمن نسبي لكن الدول لم تعترف بحكم طالبان وكانت حكومة المجاهدين (ومندوب الأستاذ رباني) يشارك في جلسات الأمم المتحدة نيابة عن أفغانستان. إضافة إلى ذلك تم وضع عقوبات مالية على البلد، ولم تتمكن الحكومة أن تطلب عضوية منظمة التجارة العالمية، وعندما تأسس نظام جديد بزعامة حامد كرزاي، طلبت أفغانستان في 21 من نوفمبر 2004م، رسميا عضوية المنظمة.

بعد طلب أفغانستان الرسمي، شكّلت المنظمة في 13 من ديسمبر 2004م، لجنة عمل من 28 دولة بزعامة هولندا، وكانت لدى أفغانستان علاقات تجارية مع كثير من هذه الدول، مثل (الصين، وباكستان، وطاجكستان)، والهند، واليابان، وروسيا، والسعودية، والمجتمع الأوروبّي، وغيره.

في 31 من مارس 2009م، قدّمت أفغانستان تقرير التجارات السياسية، أجرت منظمة التجارة العالمية مناقشة حول التقرير في 26 من يوليو 2010م.

في 31 من يناير 2011م، عُقدت أول جلسة لجنة عمل المنظمة بشأن أفغانستان، وإلى أن أصبحت أفغانستان عضوا في المنظمة عُقدت خمس جلسات لهذه اللجنة في فترات مختلفة. (الجلسة الثانية كانت في 18 يونيو 2012م، كانت الجلسة الثالثة في 7 من ديسمبر 2012م، وكانت الجلسة الرابعة في 25 من يوليو 2013م، وعُقدت الجلسة الأخيرة في 11 من نوفمبر 2015م).

كما وناقشت أفغانستان الملفات التجارية مع أعضاء آخرين في منظمة التجارة العالمية واتفقت معها. وأخيرا وفي 13 من نوفمبر 2015م، قدمت لجنة عمل المنظمة بشأن أفغانستان تقريرها، وفي 17 من ديسمبر 2015م، حصلت أفغانستان على عضوية المنظمة ووقّع المهندس محمد خان النائب الأول للرئيس التنفيذي الاتفاقية مع المنظمة في نايروبي.

خطة أفغانستان بشأن منظمة التجارة العالمية

بشكل عام جائت عضوية أفغانستان في المنظمة بهدف الرقي الاقتصادي للبلد، وأن تكون فيه حرية تجارية، وتحل مشاكل مجال النقل والتجارة وأن تجذب الاستثمار الأجنبي[4].

ومن أجل الحصول على العضوية في المنظمة أحدثت أفغانستان عدة إصلاحات في مجالات التجارة، والاقتصاد، والاستثمار، ووقّعت إلى حد الآن 9 اتفاقيات ثنائية لتجارة الأمتعة، و7 اتفاقيات ثنائية للخدمات.

كان الهدف الأساسي من وراء تأسيس منظمة التجارة العالمية، فتح المعابر وتخفيض ضريبة الجمارك، وقد وضعت أفغانستان أجرة بمعدل 13.5% على المنتجات التجارية، و33.6% على المنتجات الزراعية، و10.3% على المنتجات غير الزراعية.

مع عضويتها في المنظمة توقع أفغانستان على الفور “اتفاقية معلومات الاتصالات”، وبناءً عليها تنتهي الضرائب على جميع منتجات معلومات الاتصالات. إن أجرة التصدير الأفغاني تنقسم إلى 243 أقسام، على 29.6% منها أجرة بمعدل 10%، وعلى 24.2% منها أجرة بمعدل 2.5%. كما وتعهدت أفغانستان بإجراء إصلاحات في 11 قسما لمجال الخدمات، و104 قسما للمجالات التابعة[5].

الآثار السلبية والإيجابية لعضوية أفغانستان في المنظمة

ستكون هناك آثار كبيرة لعضوية أفغانستان في المنظمة على اقتصاد البلد والتجارة فيه. وبما أن أفغانستان بلد متخلف، لذلك ستكون هناك آثار سلبية وإيجابية كثيرة عليه، ونحاول سردها باختصار في الآتي:

الآثار الإيجابية:

  • حل النزاعات: هدف تأسيس منظمة التجارة العالمية إلى حل النزاعات التجارية في الدول الأعضاء، ولذلك يمكن لأفغانستان أن تحل خلافاتها التجارية مع الدول الأخرى.
  • التعامل المنصف: من أهدف المنظمة عدم تعامل متمايز مع أي بلد. وإذا تعامل أي بلد بامتياز مع بلد آخر عليه أن يتعامل مع الآخرين نفس التعامل. فعلى سبيل المثال إذا تعامل الاتحاد الأوروبّي مع البطاطس مع أمريكا بشكل متمايز عليه أن يتعامل مع البطاطس من أفغانستان بنفس الطريقة[6].
  • التجارة الحرة: من الأهداف الأساسية لتأسيس المنظمة تحرير التجارة على المستوى العالمي، وأن تتقلص موانع الأجرة من أمام التجارة، من هنا إن أفغانستان ستجد طريقا إلى أسواق 164 دولة، كما ولا تكون ضريبة كبيرة على تصديراتها أيضا.
  • حل مشاكل النقل: أفغانستان بلد محاط بالبر، ولديها مشاكل كثيرة في التواصل التجاري مع الدول الأخرى منذ عقود عدة. وبعضويتها في المنظمة يمكن لأفغانستان أن تحل أزمتها ومشاكلها في مجال النقل.
  • مساعدات المنظمة: يرى بعض المراقبين بأن أفغانستان وبعضويتها في المنظمة ستحصل على مساعدات في بعض المجالات.
  • منع سياسة الحكر: بعض الشركات الكبيرة في دول أخرى وبخفص أسعار أمتعتها تشكل خسارة للصناعة الداخلية وتحكر السوق تماما. ومن أهداف تأسيس المنظمة منع ذلك.
  • جذب الاستثمار: مع أن هناك علاقة قريبة بين الاستثمار والوضع الأمني والاستقرار السياسي، لكن أفغانستان وبعضويتها في المنظمة ستكون في وضع أحسن بالنسبة للاستثمار الأجنبي، بأن أفغانستان تحترم القوانين الدولية وبذلك تكون هناك ثقة على أفغانستان.

الآثار السلبية:

  • تهديد للصناعات الناشئة: في دول تمر بمرحلة ناشئة صناعية، ترفع الدول من حجم الضرائب على الاستيراد من أجل تعزيز مجال الصناعة، لكن عضوية منظمة التجارة العالمية تمنع ذلك، كما وتمنع أفغانستان من رفع الضرائب على المستوردات، ولذلك ستخسر الصناعة الداخلية اللعبة لصالح الأمتعة المستوردة، ومن هنا يرى البعض بأن البطالة ستزداد في البلد.
  • إنهاء الإعانات المالية: تصر منظمة التجارة العالمية على إنهاء “الإعانة المالية” في الزراعة والصناعة، مما سيؤثر كثيرا على التصدير الأفغاني من الزراعة والصناعة إلى الخارج.
  • خفض الدخل: بعد العضوية في منظمة التجارة العالمية لا يمكن لأفغانستان أن تضع ضرائب كبيرة على المستوردات، ومن هنا سيقل الدخل الحكومي.

النهاية

[1] See online: https://www.wto.org/english/thewto_e/whatis_e/tif_e/fact4_e.htm

[2]  هو أن يقوم بلد بخفض أسعار الأمتعة لحكر السوق من بلد آخر.

[3] See online: https://www.wto.org/english/thewto_e/whatis_e/tif_e/fact1_e.htm

[4] See online: http://www.bbc.com/pashto/afghanistan/2015/12/151217_wto_afghaan_membership_iy

[5] See online: https://www.wto.org/english/news_e/news15_e/afgancommitmentsmc10_e.pdf

[6] See online: http://moci.gov.af/en/page/8774

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *