حوادث مرور قاتلة في أفغانستان

إلى جانب الأحداث الأمنية والطبيعية، شكّلت حوادث المرور خلال بضعة أعوام الماضية رقما كبيرا من الأحداث القاتلة في البلد، وكان سببا وراء ارتفاع مستوى الوفيات.

وفي الأسبوع الماضي، وقعت حادثة مرور في طريق كابل-كندهار، أودت بحياة 73 شخص، وقد جُرح فيها أكثر من 70 آخرين[1]. وفي هذه الحادثة تصادمت حافلتان من نوع (303)، مليئتان بالمسافرين، في المناطق التابعة لولاية غزني.

أثار الحدث ردود أفعال واسعة في الشارع الأفغاني انتصب معظم هذه الردود على نقد إهمال الحكومة طرق وقاية مثل هذه الأحداث. من هنا، عقد الرئيس الأفغاني جلسة خاصة لمتابعة وضع الضحايا، وأصدر قرارا بتشكيل لجنة متشكلة من خمس وزارات، وذلك بهدف وضع خطة وقاية لمثل هذه الحوادث[2]. ومن جهة أخرى، تم تشكيل لجنة خاصة لوقاية أحداث المرور يرأسها المهندس محمد خان النائب الأول للرئيس التنفيذي الأفغاني.

في 10 من مايو أعلن مسؤولو وزارة النقل الأفغانية خلال جلسة استشارية مع النائب الأول للرئاسة التنفيذية، بأن الوزارة ألغت تصريحات العمل لما يقارب 230 شركة نقل من بين 943 شركة، بسبب عدم مراعاة قوانين المرور[3]. ومن جانبها، قالت حركة طالبان إنه وفي حال تكرار الحادث سوف تتعامل الحركة بجدية مع شركات النقل.[4]

هذا، وتبدو الساحة الأفغانية قلقة بسبب تصاعد وتيرة أحداث المرور. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لم يرتفع مستوى أحداث المرور سنويا؟ ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها للوقاية من هذه الأحداث؟

 

أرقام متزايدة في حوادث المرور

لقد كانت لمستوى أحداث المرور في أفغانستان وتيرة تصاعدية منذ 2008م. ففي عام 2008م  شهد البلد 2423 حادثة مرور. وصل الرقم إلى عام 2013م، إلى 4393 حادثة. (راجع الجدول الأول).

مع عدم وجود إحصاءات بشأن أحداث المرور لـ 2014م، و2015م، لكن وعلى أساس معلومات توفرها بعض المؤسسات المعنية لقد ارتفع مستوى الأحداث خلالهما مقارنة مع السنوات الماضية، وأن إجمالي حوادث المرور بلغ 6729 حادثة في عام 2015م[5]. (راجع الجدول الأول).

وفي السنوات الماضية كانت سرعة السيارات من أهم أسباب وقوع حوادث المرور، ففي 2013م، حدثت 1995 حادثة من مجموع 4393 بسبب سرعة السيارات.

الجدول الأول: مستوى أحداث المرور في أفغانستان. (2008م2015م)[6]

الجدول احداث المرور

ضحايا حوادث المرور في أفغانستان

على أساس معلومات منظمة الصحة الدولية، تعاني أفغانستان من ارتفاع في مستوى الضحايا بسبب حوادث المرور. تشير تقرير المنظمة في 2015م، ويحتوي على معلومات عن 2013م، بأن 4734 شخص لقى حتفه نتيجة أحداث المرور في أفغانستان. ومن كل مئة ألف شخص لقي 15.5 منهم مصرعهم في هذه الأحداث[7].

من جهة أخرى، تظهر أرقام المسؤولين أقل مما تظهره أرقام المنظمات الدولية. على سبيل المثال يقول المسؤولين في قسم الحوادث المرورية إنه وفي عام 2014م، وقعت 3277 حادثة مرور، راح ضحيتها 1297 شخص، وجُرح 3946 آخرون[8]. وتشير أرقام المسؤولين الأفغان بأن معدل الضحية اليومي يكون 10 أفراد يوميا.

أرقام أخرى تشير إلى أن 70% من أحداث المرور على أرجاء البلد تحدث في الطرقات السريعة، و30% منها في شوارع المدن. كما تفيد الإحصاءات بأن الرجال يشكون 63% من الضحايا، فيما تشكل النساء 13%، والأطفال 24% من ضحايا هذه الحوادث[9].

خلال الأعوام الماضية، سببت حوادث المرور أكبر جزء من الضحايا في البلد، بعد الأحداث الأمنية. وتشير إحصاءات ما بين 2005م، إلى 2012م، بأن 35 ألف لقوا حتفهم إثر حوادث المرور[10].

عوامل ازدياد حوادث المرور

لقد تم عرض مشاكل الطرقات والشواريع دوما من قبل الإعلام، وخاصة بعد كل حادثة مرور كبيرة، لكن الحكومة الأفغانية لم تهتم بالموضوع كثيرا حتى الآن، ولم ترفع خطوات لازمة كي لا تقع مثل هذه الأحداث. هناك عوامل كثيرة لعبت دورا في وقوع هذه الأحداث القاتلة، لكننا نشير إلى أهم تلك العوامل في التالي:

  • الفساد الإداري في مؤسسات شرطة المرور: نتيجة للفساد الإداري في هذه المؤسسات يمكن الحصول على تصريحات قيادة السيارة بسهولة. كما أشار تقرير استطلع آراء 100 سائق في مدينة كابول، صرّحوا بأن 40 منهم فقط حصلوا على تصريحات السياقة بطريقة قانونية. ويقول نفس التقرير بأن المبلغ القانوني للحصول على التصريح يكون 720 أفغاني، والحال أنه يمكن الحصول عليه بطرق أخرى وبدفع مبلغ يصل 8 ألف أفغاني[11]. ومن الفساد الإداري إهمال المسؤولين عدم مراعاة السائقين مقررات المرور ما يسبب ارتفاعا في مستوى حوادث المرور.
  • طرق غير معيارية وغير معبدة: بسبب الفساد الإداري المتفشي أيضا في عقود بناء الشوارع، والعجلة في العمل، تم بناء كثير من طرقات البلد عبر شركات غير مجربة، وليست على مستوى المعيار الدولي. وفي ظل عدم المراقبة على أوزان وسائل النقل، والتفجيرات المتتالية، تم تخريب جزء كبير من هذه الطرقات. ولذلك يُعتبر ضيق الطرقات إضافة إلى كونها غير معيارية سببا لازدياد حوادث المرور.
  • عدم الحذر لدى السائقين ونقض قوانين المرور: نتيجة لإهمال مسؤولي شرطة العبور، وعدم وجود مراقبة على وسائل النقل في الطرقات السريعة وعدم وجود قانون مرور منظم يقوم السائقون بنقض قانونين المرور بشكل دائم، وذلك لأن شركات النقل لم تتم غرامتها بسبب مخالفات قانونية.
  • سرعة فائقة وانعدام إشارات المرور: تُعتبر سرعة السيارات من أهم عوامل حوادث المرور في البلد. كثير من السائقين تعودوا على ذلك في الطرقات الرئيسية. ففي 2013م، شكلت السيارات السريعية 45.5% من إجمالي الحوادث، فيما شكّلت الدراجات النارية 25.4% من الحوادث. من جهة أخرى، هناك انعدام كبير في الشوارع الأفغانية لإشارات العبور، ولا رقابة على مستوى سرعة السيارات.
  • إدمان السائقين بالمخدرات: كثير من سائقي الشاحنات الكبيرة التي تنقل الأمتعة إلى أماكن بعيدة وفي الليالي يستخدمون المخدرات. وقد أكد المهندس محمد خان النائب الأول للرئاسة التنفيذية في الجلسة الاستشارية في وزير النقل، ورئيس شرطة المرور، ومسؤول اتحاد شركات النقل على ضرورة تنفيذ قوانين العبور. وأضاف بأن كثيرا من السائقين يستعملون الحشيش ويقودون السيارة في تلك الحالة. من جهة أخرى إن وجود سائق واحد في السيارة لفترات طويلة يسبب له النعاس مما يؤدي إلى حوادث المرور.
  • المنافسة بين شركات النقل: يقول سائقي شركات النقل إن الشركات تمنح مكافأت لمن يوصلون المسافرين سريعا إلى مكان الهدف، مما يؤدي إلى قيام السائقين بقيادة سريعة وأثناء التسابق يقع الحادث.
  • عدم مراعاة إجراءات السلامة: من الممكن أن يلعب ربط السائق حزام المحافظة، أو لبس الخوذة أثناء قيادة الدراجة النارية دورا في سلامة الأفراد. لكن عدم مراعاة هذه الأمور، سببت عاملا لازدياد مستوى أحداث المرور في البلد.

 

مقترحات للحد من مستوى ضحايا حوادث المرور

بما أن المحافظة على أرواح المواطنين يكون من أهم مسؤوليات الحكومة، على الحكومة أن تتخذ إجراءات للحد من مستوى هذه الضحايا. وضمن هذه الخطوة يتم إقتراح النقاط الآتية:

  • تنفيذ قوانين المرور. فعلى سبيل المثال لابد على السائق والمسافرين ربط أحزمة المحافظة، ولبس الخوذات أثناء ركوب الدراجة النارية.
  • المكافحة مع الفساد الإداري في عقود بناء الشوارع، ومؤسسات النقل وخاصة بشأن أخذ تصريحات قيادة السيارة.
  • نصب ماكينات في الشوارع والطرقات العامة، من أجل الإطلاع على سرعة السيارات، وضع إشارات المرور وتفعيل شرطة المرور في الطرقات السريعة.
  • وضع المراقبة على أوزان وسائل النقل، وخاصة الشاحنات، وذلك لتجنب تخريب الشوراع.
  • تعليم مفاهيم إشارات المرور لطلاب المدارس.

النهاية

[1] «وصل عدد قتلى حادث غزني إلى 73 شخص» مزيد من التفاصيل في تقرير لـ”بي بي سي”، في الرابط التالي:

http://www.bbc.com/persian/afghanistan/2016/05/160508_k02-ghazni-accident

[2] «أصدر الرئيس الأفغاني أشرف غني فرامين إلى المسؤولين لبحث أوضاع الضحايا، لحادثة غزني» مزيد من التفاصيل في الرابط التالي:

http://president.gov.af/fa/news/87000

[3] «إلغاء وزارة النقل الأفغانية تصريحات عمل 230 شركات النقل»:

http://www.bbc.com/persian/afghanistan/2016/05/160510_k04_review_road_safety_meeting

[4] لمزيد من التفاصل، راجع التالي:

http://shahamat-farsi.com/?p=28232

[5] «وزارة الصحة الأفغانية تتحدث عن ارتفاع بالنسبة لـ60% من أحداث المرور»: http://www.tolonews.com/fa/afghanistan/20716-sharp-spike-recorded-in-traffic-accidents-moph?tmpl=component&layout=default

[6] مصدر هذه الأرقام الإدارة المركزية للإحصاء ووزارة الصحة الأفغانية.

[7] لمزيد من التفاصيل، راجع التالي: http://www.who.int/violence_injury_prevention/road_safety_status/2015/country_profiles/Afghanistan.pdf

[8] لمزيد من التفاصيل، راجع التالي:

 http://www.bbc.com/persian/afghanistan/2015/05/150510_k02-afghanistan-accidents-casualties

[9] تمت المحاسبة على أرقام الضحايا عام 2013م، ونقلها الإعلام عن رئاسة شرطة المرور.

[10] مزيد من التفاصيل، هنا:

http://www.etilaatroz.com/20185

[11] راجع موقع الجزيرة نت لمزيد من التفاصيل:

http://www.aljazeera.com/indepth/features/2014/06/corruption-rife-afghan-traffic-departments-2014627228805766.html

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *