تغيير الزعامة في حركة طالبان وتأثيره على الوضع الراهن

 

إثر هجوم نفّذته طائرة أمريكية بلا طيّار، لقي الملا أختر منصور زعيم طالبان أفغانستان مصرعه في 21 من مايو في المناطق الحدودية الباكستانية الأفغانية.

نشرت وزارة الدفاع الأمريكي خبر استهداف أول مرة، وصرّحت أن الهجوم تم تنفيذه بقرار من الرئيس أوباما، ولأن الرجل كان يمقل عائقا في عملية السلام الأفغانية. بعد ذلك أيّدت الرئاسة الأفغانية، والرئاسة التنفيذية وإدارة الأمن الأفغاني ووزارة الداخلية الأفغانية هذا الخبر.

بعد خمسة أيام أصدرت حركة طالبان بيانا أيّدت فيه مقتل زعيما، إلى جانب الإعلان عن زعيم جديد لها. وجاء في بيان طالبان أن الاختيار وقع على المولوي هبة الله أخندزاده أحد مساعدي الملا أختر ليكون خلفا له، فيما تم اختيار سراج الدين حقاني ومحمد يعقوب بن الملا عمر مساعدين للزعيم الجديد.

سؤال يُطرح الآن: ماذا سيكون أثر مقتل الملا أختر على حركة طالبان؟ ماذا ستكون نتيجة تغيير الزعامة على الحركة؟ وكيف سيكون موقف الزعيم الجديد تجاه الحكومة الأفغانية وحركة طالبان؟

 

رحلة الملا منصور من المساعدة إلى الزعامة

بعد 2001م، وبعد استئناف حركة طالبان نشاطها مرت زعامة الحركة بين دهاليز الحبس والسجن والقتل. ففي 2007م، ألقت السلطات الباكستانية القبض على الملا عبيد الله أخند مساعد الملا محمد عمر وقد لقي حتفه في السجن عام 2010م. وإلى الآن يبقى من غير المعلوم إن كان وفاته طبيعية أم أن السلطات الباكستانية هي التي قامت بتصفيته الجسدية.

بعد القبض على الملا عبيد الله أخند تم اختيار الملا عبدالغني برادر مساعدا للملا محمد عمر، كما اختير الملا أختر منصور مساعدا للملا برادر. بعد القبض على الملا عبدالغني برادر أصبح الملا أختر منصور مساعد الملا محمد عمر والشخص الثاني في حركة طالبان، وكان يملك الصلاحيات التنفيذية في الحركة. بعد وفاة الملا محمد عمر وفي 2013م، وصل إلى السلطة العليا في الحركة. (مع أن الملا محمد عمر كان قد خوّل إليه الأمور التنظيمية في 2009م، حسب مصدر في الحركة). لكن خبر وفاة الملا محمد عمر تم إخفائه إلى يوليو 2015م، وبعد المحادثات المباشرة في “مري” الباكستانية تم الإعلان بوفاة الملا محمد عمر. أيّدت طالبان الخبر وأعلنت عن زعامة الملا أختر منصور للحركة. ومعه سادت حالة من الانقسام الداخلي في حركة طالبان لكنها تقلصت إلى حد كبير قبيل مقتل الملا أختر بأشهر، وكان الملا أختر قد حصل على دعم الملا ذاكر، وعائلة الملا محمد عمر (الملا يعقوب، والملا عبدالحنان)، والملا حسن رحماني.

 

خطة سلام زعيم طالبان الراحيل

جرّبت حركة طالبان من فترة مساعدة الملا أختر منصور لزعيم طالبان إلى فترة زعامته هو منحنيات كثيرة. وحدث تطور في فترته في مجال السلام، كان دور الملا أختر بارزا في ذلك.

ففي هذه الفترة تم افتتاح المكتب السياسي لحركة طالبان في قطر، وعبره بدأت حركة طالبان إجراء محادثات مع دول مختلفة. لعب المكتب دورا في إطلاق سراح بعض السجناء وتبادل بعض آخرين. شارك في دول أخرى في مؤتمرات بشأن السلام، وأوضح خطته للعالم. إضافة إلى ذلك وفي فترة الملا أختر منصور جرت المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في “مري”، الباكستانية. لكن العملية تمت عرقلتها بشكل كبير بعد الإعلان بوفاة الملا محمد عمر.

وفي فترة الملا أختر منصور سقطت عدة مديريات في المناطق الشمالية، وعلى رأس كلها سيطرت حركة طالبان في 28 من سبتمبر 2015م، على مدينة قندوز سادس كبرى مدن الأفغانية، واستمرت السيطرة لمدة أسبوعين.

مع أن الملا أختر لم يتواجب مع عملية السلام الأفغانية خلال فترة زعامته التي استمرت لعشرة أشهر، لكن على حد مصادر مقربة من طالبان كان يميل إلى السلام، لكنه لم يرض بالسلام بتلك الشروط التي وضعتها الحكومة الأفغانية.

بعد مقتل الملا أختر منصور تم اعتباره في البيانات الرسمية عائقا في طريق السلام، لكن هناك من يرى بأن تصفيته جائت بسبب مخاوف لدى البعض من تقارب محتمل بين طالبان وروسيا وإمكانية محادثات مباشرة بين مكتب طالبان في قطر والحكومة الأفغانية بعد زيارة الرئيس الأفغاني إلى قطر.

وقد أشارت حركة طالبان في بيانها بأن الملا أختر تم استهدافه بسبب عدم قبوله “عمليات مزوّرة إجبارية”، وهي إشارة إلى المحاثات الرباعية.

 

الزعامة الجديدة في طالبان

مع أن مقتل الملا أختر منصور شكّل ضربة قوية على طالبان، لأنه كان يدير الشؤون التنظيمية والعسكرية للحركة منذ 2009م، وكان له الدور الأبرز في استراتيجية طالبان بالحرب والسلم، لكنه وفي تاريخ طالبان وخاصة بعد 2001م، حدث وأن تمت تصفية مسؤولين كبار في الحركة أو تم عزلهم لكن ذلك لم يؤثر كثيرا على في المجال العسكري في طالبان.

المولوي هبة الله زعيم طالبان الجديد كان رئيس المحكمة العسكرية أيام حكم طالبان، وظل قاضي القضاة للحركة بعد سقوط حكم طالبان أيضا. ومنذ سنة شغل منصب مساعد الملا أختر منصور.

بشكل عام لا يبدو أي تغيير جذري في زعامة طالبان، لأن الزعيم الجديد وسراج الدين حقاني كانا من مساعدي الملا أختر منصور، تم تنصيب الملا يعقوب عضوا في الشورى القيادي أخيرا أيضا.

 

عملية السلام

يتزعم مقربون من الملا أختر منصور حركة طالبان حاليا، وهناك عوامل تقف خلف زعامتهم من هذه العوامل:

  • الملا هبة الله له تأثير ونفوذ بين العلماء،
  • لدى سراج الدين حقاني تأثير حربي ميداني كبير،
  • جاء تعيين الملا يعقوب كمحاولة لجمع طالبان على الزعامة الجديدة.

مع أن الزعيم الجديد لطالبان لم يصدر أي بيان أو رسالة صوتية، يوضح خطته تجاه الحرب والسلام، إلا أن كون الزعيم الجديد ومساعده سراج الدين من مساعدي الملا أختر منصور يبدو أن استراتيجية “الحرب والسلم”، سوف تستمر، قد لا يكون تأثير على المعركة الميدانية ويُستبعد حدوث انشقاقات جديدة.

لقد أدركت الأطراف المتقاتلة بأن الحرب ليست حلا للقضية الأفغانية، وسيكون الحل عبر محادثات جادة، وبما كثيرا من القوات الأجنبية غادر أفغانستان فلوا عولت الحكومة الأفغانية على جهة أفغانية محايدة بدلا من التعويل على الحكومات الأجنبية من أجل وضعط ضغوط على طالبان، فإن ذلك قد يجدي نفعا في عملية السلام.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *