ميناء شابهار والعلاقات بين كابول وطهران ودلهي الجديدة

تم توقيع اتفاقية توسيع مينار شابهار بحضور الرئيس الأفغاني أشرف غني، ورئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي، والرئيس الإيراني روحاني، من قبل وزراء النقل للدول الثلاث، وذلك في 23 من مايو في طهران. اعتبر زعماء الدول الثلاث توقيع الاتفاقية خطوة مهمة للتنمية الاقتصادية في المنطقة.

تم الترحيب بذلك في كل من الدول الثلاث، وقد رحبت به الولايات المتحدة أيضا، لكن بلدين في المنطقة من المنافسين لهذا المشروع لم يصدرا بعد أي ردة فعل.

بالنظر إلى مراحل إنشاء هذا المشروع، كيف أثرت عليها السياسات الإقليمية والدولية؟ وماذا سيكون أثر هذا المشروع على اقتصاد أفغانستان والمنطقة؟

العلاقات بين إيران وأفغانستان والهند

رغم أن لدى أفغانستان علاقات تاريخية عميقة مع إيران والهند، لكن تعاون إيران والهند مع أفغانستان بدأ بعد الانسحاب السوفيتي من البلد. قبل ذلك كانت مصالح الهند وإيران متصادمة. ومن عام 1947م، إلى 1991م، كانت مصالح إيران وباكستان متقاربة أكثر بالنسبة لمصالح إيران والهند.

بعد 2001م، أصبحت علاقات إيران والهند متقاربة في أفغانستان، وتحول ميناء شابهار إلى عنوان لهذه العلاقات الثنائية وتم اعتبار هذا الميناء علامة على تلاقي مصالح كابول، وطهران ودلهي الجديدة. ومن المحتمل أن تلعب هذه الاتفاقية دورا في تغيير جذري في العلاقات بين الهند وإيران وأفغانستان.

خلفية الميناء

يقع ميناء شابهار في سيستان جنوب شرق إيران، على سواحل بحر عمان والهند وبالقرب من مضيق هرمز، وله قابليات إرساء سفن كبيرة. بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي لهذا الميناء أهمية طبيعية أيضا. الطقس معتدل، ولذلك أصلا يسمى شار بهار أو أو إربع ربيعات.

لهذا الميناء أهمية استراتيجية بالنسبة للهند، لأنها تقع على طريق تجارتها إلى أفغانستان وآسيا الوسطى. في عام 2003م، أيام حكم حزب “بي جي بي”، وقع رئيس وزراء الهند واجبائي اتفاقية إنشاء هذا الميناء مع إيران، وكانت الحكومة الأفغانية طرفا لهذه الاتفاقية. لكن بالنظر إلى العقوبات الدولية على إيران تأخر العمل عليه. رغم ذلك استثمرت إلى الآن 135 مليون دولار وذلك بناء طريق “زرنج-دلآرام”، في أفغانستان، وهو طريق يوصل ولاية نيمروز الأفغانية إلى هذا الميناء. وتم العمل عليه في 2009م. الآن وبعد التوقيع سوف تستثمر الهند 500 مليون دولار عليه.

ومنذ عام 2003م، استثمرت إيران على هذا المشروع 340 مليون دولار. يمكن لهذ الميناء حاليا أن تتحمل 2.5 ملون طن من النقل سنويا، وتحاول الحكومة الإيرانية أن توصل هذا إلى 12.5 مليون طن. كما استثمرت إيران في طريق الميناء إلى أفغانستان على طرقات وسكك الحديد.

تم وضع الاتفاقية النهائية الثلاثية في 2015م، و2016م، من قبل فريق عمل من أفغانستان والهند وإيران.

شابهار في ظل السياسات الإقليمية والدولية

لقد تأثر هذا الميناء كثيرا منذ 2003م، بالسياسات الإقليمية والدولية، ونشير إلى أهمها في التالي:

  • إشكالية نقل أفغانستان: فمن أهم عوامل بناء هذا الميناء المنافسة الباكستانية الهندية والمشاكل السياسية بين الطرفين. تخالف باكستان مشاركة الهند في اتفاقية نقل “أبتا”. يواجه التجار الأفغان دوما مشاكل في علاقاتهم التجارية مع الهند ودول أخرى من قبل باكستان. لذلك يُعتبر هذا الميناء منافسا قويا لميناء كراتشي.
  • اتفاقية نووية-مدنية بين أمريكا والهند: في عام 2005م، تم توقيع اتفاقية تعاون نووي بين أمريكا والهند، ولذلك قلصت الهند علاقاتها مع إيران، وأصاب سير عمل الميناء بطء.
  • العقوبات الدولية على إيران: منذ 2006م، تم وضع عقوبات اقتصادية على إيران من قبل أمريكا والأمم المتحدة، مما أدى إلى تقلص في التعاملا التجارية مع إيران.
  • رفع العقوبات عن إيران: بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب في 2015م، تم رفع العقوبات والضغوط الدولية عن إيران، مما رغّب دولا أخرى للتوجه نحو إيران. كما أدى ذلك إلى تسريع العمل في ميناء شابهار.
  • حوزة الصين وباكستان الاقتصادية والمنافسة الهندية الصينية: حوزة الصين وباكستان الاقتصادية والمنافسة الموجودة بين الهند الصين دفاع للهند إلى تسريع العمل على ميناء شابهار.

 

أثر اتفاقية شابهار على المنطقة وأفغانستان

يحمل تنفيذ اتفاقية شابهار أثرا وأهمية كبيرة في المجال التجاري بين أفغانستان والهند وآسيا الوسطى. ويساعد هذا الطريق التجاري الأمتعة الأفغانية والهندية للوصول إلى أسواق آسيا الوسطى.

ويوفر الميناء فرصة لدول آسيا الوسطى المحاطة بالبر، كي لا تعول على دول واحدة في مجال النقل. ومن هنا، يُعتبر هذا الميناء طريق بديلا لدول آسيا الوسطى وأفغانستان أمام طريق النقل الباكستاني. من جهة أخرى، يقع شابهار أقرب إلى مركز أفغانستان مقارنة مع ميناء كراتشي، ويمكن للتجار الأفغاني توصيل الأمتعة إلى دول وأسواق أخرى في وقت أقرب.

وترى الهند إلى هذا الميناء بأهمية كبيرة لأن منافستها الصين تحاول تعزيز موقعها في آسيا الوسطى عبر مشروع “طريق واحد، حلقة واحدة”. ومن جهة أخرى يشكل شابهار بوابة أمام الهند للوصول إلى أسواق آسيا الوسطى، ولأن العلاقات بين الهند وباكستان متدهورة دوما وسوف تسمح الفرصة الجديدة بنقل سلس للأمتعة الهندية دون أن تمر من باكستان.

اعتبر رئيس وزراء الهند سابقا منموهنك سينك أهمية الطاقة أولوية بعد الأهمية الغذائية لبلده. فيما تحتاج الهند إلى النفط والغاز، تحاول تعزيز تجارة النفط والغاز مع إيران عبر هذا الميناء. وفي مجال التصدير أيضا سوف تربح الهند كثيرا، لأن تجارتها مع أفغانستان وآسيا الوسطى سوف تزداد عبر هذا الطريق.

لدى إيران احتياطيات كبيرة من النفط والغاز وتريد تصدريها إلى الأسواق العالمية، وتحاول أيضا الاقتراب من البوابة التجارية لآسيا الوسطى، لتتحول إلى دلهيز نقل دولي. لذلك ترى إيران إلى الميناء بأهمية بالغة، ولو كانت العلاقات بين أفغانستان وباكستان، وبين الهند وباكستان جيدة لما حصلت إيران على هذه الفرصة، لكن تدهور العلاقات بين هذه الدول زاد من أهمية ميناء شابهار.

رغم أن اتفاقية شابهار عقد تجاري نقلي، لكن إلى جانب المصالح التجارية للدل الثلاث، لها مصالح سياسية وأمنية. ومن الناحية السياسية سوف تعزز الاتفاقية التنسيق بين كابول وطهران ودلهي الجديدة.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *