محدودية الحصول على المعلومات في أفغانستان

في تاريخ 4/فبراير/2020م قدمت نحو 30 منصة إعلامية بيانا اعتراضيا موقعا حيال ما سمّته بالمحدودية الشديدة في الحصول على البيانات والمعلومات. ورد في البيان: “كان لأفغانستان سير نزولي في السنوات الأخيرة في مجال نشر المعلومات والبيانات والحصول عليها”(1) كما ورد: “إن لدى الحكومة تعاملا مزدوجا تجاه قانون حق الوصول إلى البيانات والمعلومات وحماية شبكات الإعلام الحرة، وآخر مثال على ذلك تعتيم البث المرئي لحفل انضمام الحكومة الأفغانية إلى الائتلاف الدولي لحماية حرية الإعلام.”(2)

وورد كذلك: “مشكلة الحصول على المعلومات فاشية في جميع قطاعات الحكومة. إلا أن بعض المراكز هي الأشد تعتيما وتكتما على البيانات منها المحكمة العليا، والنيابة العامة، والأمن الوطني، وإدارة التأمين الوطنية، ومكتب رئيس الجمهورية، ووزارة الخارجية، ووزارة المالية، والبنك المركزي، ووزارة الدفاع الوطني، ووزارة الداخلية، ووزارة الصحة العامة.”(3)

في رد على البيان المذكور، قال مستشار رئيس الجمهورية في شؤون العلاقات العامة والإستراتيجية إن الحكومة مستعدة لدراسة معالجة هذا الاعتراض. كما طالبَ المنصاتِ الإعلامية بأن تحدد الجهة والموقف الواقعين في الخطأ. وأضاف إن المتحدثين باسم القصر الرئاسي وحدهم قدموا معلومات لنحو 10387 قضية للمنصات الإعلامية.(4)

ارتفعت الأصوات المعترضة على محدودية نشر المعلومات في حين أن قادة الحكومة الأفغانية السابقة والحكومة الحالية تعدّ حرية التعبير إحدى منجزاتهم وأبدوا حمايتهم لحرية التعبير دائما. في هذا التحليل سنسلط الضوء على مشكلة الحصول على المعلومات، والحلول المقترحة في ظل الدستور وقانون الإعلام العام.

حق الحصول على المعلومات في إطار قوانين البلد

وفق بنود الدستور وقانون الإعلام العام بأفغانستان فإن جميع المواطنين يحق لهم الحصول على المعلومات والبيانات، إلا في حال كون مشاركة البيانات المطلوبة سيهدد المصالح الوطنية، أو الاستقلال أو حقوق الأفراد. تفيد المادة رقم خمسة من الدستور: “يحق لمواطني أفغانستان أن يحصلوا على المعلومات والبيانات، وفق أحكام القانون.”(5) كما نرى ضمان حق الوصول إلى المعلومات وعدم وضع القيود والحدود أمام هذا الحق في المادتين رقم 1 و 2 من قانون منصات الإعلام، على النحو التالي:

“لكل شخص حقه في حرية الفكر والتعبير. ويشمل هذا الحق طلب المعلومات والبيانات والحصول عليها ونقلها في حدود أحكام القانون دون تدخل أي جهة ودون وضع حدود أو تهديدات من قبل المسؤولين الحكوميين. كما أن هذا الحق يشمل النشاط الحر ونشر المعلومات وتوزيعها والحصول عليها.”

” تحمي الحكومة منصات الإعلام وتقويها وتضمن لها عملها. لا يحق لأي شخصية حقيقية أو حكمية بما في ذلك الحكومة والإدارات الحكومية أن تمنع أو تحجب أو تعتّم أو تحد من الأنشطة الحرة للمنصات الإعلامية الإخبارية أو التوعوية، كما لا يحق للحكومة أن تتدخل في شؤون النشر الخصة بمنصات الإعلام العامة والتوعوية…”(6)

كما بُيّن حق طلب المعلومات من الإدارات الحكومية وإجابة الدوائر الحكومية على هذا الطلب، في المادة الخامسة من قانون الإعلام العام: “يحق لكل شخص أن يطلب المعلومات وأن يحصل عليها. تقدم الحكومة المعلومات للشعب عند طلبهم لها….”(7) إلا أنه قد وُضع لذلك شرط في تكملة المادة الخاصمة من قانون الإعلام العام للبلد: “إلا في حال كون المعلومة المطلوبة سرية ويضر كشفها بالأمن والمصالح الوطنية واستقلال أرض البلد أو بحقوق الآخرين.”(8) كما ورد في المادة الخمسين من الدستور ما نصه: “لا حدود لهذا الحق إلا ما كان فيه ضرر على حقوق الآخرين أو على الأمن.”(9)

ثقافة التكتم

للأسف انتشرت ثقافة التكتكم على المعلومات المخزنة في الإدارات المختلفة منذ أزمنة طويلة، ويرى الرؤساء والمرؤوسون أنهم مكلفون بالحفاظ على سرية المعلومات.

بعد استلام حامد كرزاي لزمام رئاسة البلد عام 1382هـ شـ تطور قطاع الإعلام في أفغانستان تطورا كبيرا. حيث تنشط اليوم مئات المنصات الإعلامية المرئية والإذاعية والتحريرية في كل أنحاء أفغانستان. مع التطور الكمي للمنصات الإعلامية في أفغانستان إلا أن جانب الجودة ما زال في مستوى متدنٍ، ومن جملة المشكلات المتعلقة بالجانب النوعي مشكلة الحصول على المعلومات.

مع ما ما يُقال من وجود أفضل القوانين المتعلقة بالإعلام في أفغانستان، إلا أننا نسمع بعد كل فترة شكوى من منصات الإعلام تتهم الإدارات الحكومية بالحد من نشر المعلومات والحصول عليها، وكان من آخر هذه الشكاوي البيان الاعتراضي الموقع من 30 وكالة إعلامية خاصة، مرئية وإذاعية ودور نشر

الإعلام يلعب دور الجسر الوسيط بين الحكومة والشعب، بعبارة أخرى: توصل وسائل الإعلام متطلبات الشعب إلى الحكومة، وتُنبئ الشعب عن أحوال الحكومة. إذا تم تقييد عملية الحصول على المعلومات التي يسمح القانون بالحصول عليها، فستغدوا وسائل الإعلام عاجزة ان أداء مهمتها في توعية الشعب بما يحتاجون إليه من معلومات وبيانات.

مع الأسف لا تقتصر مشكلات الوكالات الإعلامية في عدم الحصول على المعلومات وحسب، وإنما تواجه الوكالات الإعلامية صعوبات أمنية كذلك.

اللوائح المصوّبة حديثا في مجلس الوزراء تهدف إلى الحفاظ على أمن الإعلاميين، وحقوقهم الحرفية والوظيفية. وسيظهر الزمان مدى تنفيذ ما في اللوائح من قوانين تساعد المراسلين في عملهم. بوده و استفاده ا مطالب آن با ذکر منبع مجا

حلول مقترحة

هناك دول كثيرة في العالم يُعد فيها الحصول على المعلومات ممنوعا أو مقيدا. في تاريخ أفغانستان، مرت فترات مُنع فيها الحصول على المعلومات، ومرت فترات قُيّدت فيها عملية الحصول على المعلومات. إلا أنه لحسن الحظ مر عقدان من الزمن على السماح بحرية التعبير في البلد، وصار الحصول على المعلومات متاحا للإعلام إلى حدٍ ما. إلا أن هذه الفترة كذلك تشهد بين الفترة والأخرى بروز اعتراضات من الوكالات الإعلامية تتهم فيها الحكومةَ بتقييد عملية الحصول على المعلومات.

1- أول حلٍّ يكمن في التنفيذ الكامل للدستور وقانون المنصات الإعلامية العامة في أفغانستان، من قِبل الحكومة ومن ثم من قبل الوكالات الإعلامية. وذلك لأن انتهاكات الحكومة في هذا الصدد إنما أتت من عدم التقيد بالقانون، ووفق الدستور وقانون المنصات الإعلامية العامة في أفغانستان فإن الحكومة لا تُطالب باجتناب تقييد الحصول على المعلومات فحسب وإنما تُطالب كذلك بتسهيل عملية الحصول على المعلومات بالقدر اللازم.

 2- الحل الثاني يكمن في استمرار الوكالات الإعلامية في كفاحها ومطالبتها السلمية بحقوقها، ما لم يُفعّل حقها في الوصول إلى المعلومات والبيانات وفق ما ينص عليه الدستور الأفغاني وقانون المنصات الإعلامية العامة.

3- والأهم من ذلك كله تخلي الإدارات الحكومية والقطاع الخاص عن ثقافة التكتم والتعتيم والعمل على نشر ثقافة الحصول على المعلومات كحق ومبدأ أساسي. لقد أثبت الواقع المعاصر أن الحصول على المعلومات يُؤثر تأثيرا إيجابيا على المنصات الإعلامية والتنمية الشاملة في البلد. لا شك أن نشر هذه الثقافة سيتطلب وقتا. أولا يتوجب على الحكومة أن تنشر هذه الثقافة في إداراتها الداخلية وتعين المسؤولين والموظفين في مجال مشاركة المعلومات مع الوكالات الإعلامية. ثانيا ينبغي على المنصات الإعلامية أن تستغل المعلومات والبيانات على أحسن وجه وأن تلعب دورها الإيجابي في هذا الصدد.

====================================================================================

المصادر

https://ariananews.co

https://www.gmic.gov.af/dari/index.php

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *