المواقف الأخيرة للرئيس تجاه أمريكا

المقدمة

قال الرئيس حامد کرزاي في حواره مع صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية؛ أن سبب الحرب في أفغانستان هو المصالح الأمريكية والغربية.

ادعى الرئيس کرزاي في هذا الحوار أن القاعدة هي اسطورة ليست لها وجود حقيقي، وأضاف أن أمريكا هي التي اوجدت القاعدة والإرهاب للوصول إلى مصالحها وأن الحرب الدائرة بهذا العنوان لم تأت للأفغان إلا بالقتل والدمار.

وأضاف أن أمريكا خانت أفغانستان طوال السنوات الاثناعشر الماضية وأن الأفغان هم من يقتلون لوحدهم في حرب أمريكية، كما أن معظم المعتلقين عند القوات الأمريكية هم أبرياء.

وقال: أن الحرب الدائرة في أفغانستان حرب مفروضة على الشعب الأفغاني ولا توجد لها عامل ولا دليل.

ناقش الأستاد محمد زبير شفيقي مدير صحيفة “ويسا” هذا الموضوع في حواره مع مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية:

 

حقيقة أم لعبة سياسية:

تدخل أمريكا والمجتمع الدولي إلى أفغانستان تحت شعار الاستقرار و انهاء الحرب ولكن أنتج هذا التدخل إلى ويلات ومصائب في كل بيت أفغاني وامتد بصورة حرب لا تعريف لها ولا أحد يعرف أطرافها ولا نتائجها. ولذلك كما يقول الرئيس كرزاي، أن مواقفه الأخيرة تجاه أمريكا هي ما أنتجته تجاربه خلال السنوات الأخيرة وتعبر هذه المواقف أنه في الحقيقة غير راض عن أمريكا والمجتمع الدولي.

كان الرئيس کرزاي يعبر عن مثل هذه المواقف في مجالسه الخاصة ولكن لم تحظ باهتمام الأجانب في حينه، فبدأ يعبر عنها علنا. هناك من يدعون أن هذه المواقف هي مجرد مسرحية ولعبة سياسية ولكن هذا القول ليس صحيح ولهم أهداف أخرى، لأن مثل هذه المسرحيات لايوجد لها مجال في السياسة.

البعض يتسائل: لماذا لم یکشف الرئيس عن هذه الحقائق في السنوات الماضية؟ نود أن نشير إلى النقاط التالية في هذا الموضوع:

أولاً: كان هناك جوا من التفاؤل في السنوات الأولى ولم يكن أحدا ليتصور أن المجتمع الدولي يتعامل مع أفغانستان بهذا النفاق. وكان الرئيس کرزاي يظن أن تصرفات أمريكا هي أخطاء ترتكبها وليس لديهم مخطط لاحتلال وتدمير أفغانستان والمنطقة.

ثانياً: لما تيقن الرئيس کرزاي عن خيانة الأمريكان والمجتمع الدولي، أبدا اعتراضه باللغة الديبلوماسية بعد سنوات 2004 و2005 مـ وبدأ بجهوده للإصلاح بشكل خفي.

ثالثاً: ولكن لما رأى أنه لا فائدة لجهوده، بدأت انتقاداته الصريحة بعد سنوات 2006 و2007 مـ. وإذا بدا له أنه لا فائدة لانتقاداته، زادت و اشتدت هذه الانتقادات على الأمريكان. لذلك نستطيع أن نقول أن هذه المواقف ليست جديدة بل هي نفس الانتقادات التي زادت بالنسبة للماضي.

ما هي الرسالة اللتي يريد أن يوصلها الرئيس؟

لما يصرح الرئيس کرزاي بأن القاعدة والإرهاب اسطورة لا حقيقة لها وأن أمريكا تريد أن تستخدم هذه الاسطورة لصالحها ولأجل حرب مجهولة بدأتها بهذا العنوان، يريد الرئيس أن يوصل رسالة إلى الشعب الأفغاني بهذه الطريقة.

أمريكا تستخدم اسم القاعدة لشن عملياته العسكرية، فيسمى أحدا بالقاعدة للهجوم عليه، ويدمر المناطق باسم مخبأ القاعدة والإرهابيين. لا يوجد تعريف محدد للصديق والعدو. ويراد من هذه الحالة الغامضة أن تكون أهداف حرب أمريكا غامضة وتستمر بقائها في المنطقة لمدة غير محددة.

تيقن الرئيس کرزاي عن وجود هذه الأهداف الغامضة للأمريكان بعدما كان يشك فيها، وأدرك أن الأمريكان خانوا أفغانستان، لذلك يحاول أن يؤدي واجبه في هذه القضية بقدر المستطاع.

تبقى للرئيس کرزاي الوسيلة الأخيرة، وهي أن یترفع صوته في وسائل الإعلام، كما يقول هو في حواره مع صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية. لا يمكن أن ننكر أن حامد کرزاي فشكل كرئيس للدولة أن يبني فريق قويا ووفيا لحكومته، بأن يجمع أناس وطنيين في الحكومة، بل كثير ممن اجتمعوا حوله هم من يخالفون موقفه الحالي، ولكن أدي الرئيس مسؤوليته إلى حد ما.

رئيس دولة كأفغانستان التي بني فيها النظام باشراف دولي، ينتقد اليوم أمريكا والمجتمع الدولي بهذه الصراحة على سياساتها الخاطئة والعدائية تجاه أفغانستان ويقول بصراحة أن أمريكا تدير لعبة قتل الشعب الأفغاني للحصول على أهدافها ومصالحها. إيصال هذه الرسالة للشعب عمل عظيم، وعلى الشعب أن يلتفت لهذه الرسالة وأن يطلب من أمريكا ما يقوله الرئيس كرزاي، بأن تحدد أمريكا تعريف العدو والصديق وأن تراعي المصالح الوطنية الأفغانية وأن تأخذ خطواط صادقة لتحكيم السلام واستقرار.

بجانب الشعب، لا يليق للرئيس القادم أن يهمل هذه الجهود التي بدأت لتحكيم السلام والاستقرار. يبدوا أن مرشحي الرئاسة سوى مرشحا واحدا منهم، يريدون توقيع بلا قيد وشرط للاتفاقية الأمنية مع أمريكا، ولكن لو أدرك الرئيس القادم مسئوليته تجاه مصير الشعب، يكون من الصعب أن يهمل الجهود التي بدأت لتحكيم السلام وإيقاف العمليات الليلية على بيوت الأفغان، وأن يهمل الصوت التي يقول للأمريكا بأن يوقفوا قتل الأفغان وأن يضحي مصالح الأفغان من أجل مصالح أمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *