أزمة اللاجئين الأفغان في أوروبّا والدول الجارة
اتخذت الدول الأوروبّية إجراءات شديدة على حدودها، من أجل منع ورود اللاجئين غير الشرعيين، إلى أراضيها. واللاجئون الأفغان الضحية الأساسية لهذه الخطوات. سببت أزمة اللاجئين إلى أوروبّا أن تكون بعض الدول تحت الضغط، ومن هنا بدأت تتعامل بالتمييز بين اللاجئين. ولذلك تُعطى الأولوية للاجئين من سوريا والعراق.
في 24 من فبراير 2016م، رجع 135 لاجئ أفغاني إلى أفغانستان من ألمانيا، في رحلة خاصة من الطيران، وعلى أساس أرقام السفارة الأفغانية في ألمانيا، سجّل ألف لاجئ أفغاني آخرون طواعية للعودة إلى أفغانستان. وهؤلاء ممن لم يُقبل طلب لجوئهم في ألمانيا.
نشرت صحيفة “لوس أون جلوس تايمز” الأمريكية أن الأفغان يشكلون ثلث اللاجئين إلى أوروبّأ، وعلى أقل التقدير يبقى 5 آلاف لاجئين عالقين في الحدود اليونانية والمقدونية.
من جهة أخرى، كان على باكستان أن توزع بطاقات اللجوء الرسمية إلى عدد من اللاجئين الأفغان غير المسجلين، وأن تمدد ميعاد البطاقات المسجلة سابقا، لكن ذلك لم يتحقق بعد. من هنا، قبضت شرطة إقليم خيبربختونخواه على 600 لاجئ أفغاني لعدم امتلاكهم الوثائق الشرعية.
كيفية عملية لجوء الأفغان إلى أوروبّا، موقف الحكومة الحالية حيال اللاجئين، كيفية أوضاع اللاجئين في أوروبّا والدول الجارة، مع مستقبل هذه الشريحة، أمور تمت مناقشتها في هذه الورقة.
اللجوء إلى الدول الصناعية
لدى الأفغان تاريخ طويل من الهجرة، والهجرة الآريائية دليل على ذلك. لكن وفي العصر الحديث، بدأت موجة لجوء الأفغان إلى الدول الصناعية[1]، والدول الجارة بعد الانقلاب الشيوعي، في 7 من شهر ثور 1357 الهجري الشمسي، والغزو السوفيتي على أفغانستان.
عام 1982م، بلغ عدد اللاجئين الأفغان إلى الدول الصناعية 2022 لاجئ، وفي وتيرة تصاعدية سنوية، وصل العدد عام 1989م، 6553 لاجئ.
بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، بدأت الحرب الأهلية في البلد، حيث شكّلت ضربة اقتصادية كبيرة، وبذلك تصاعدت وتيرة اللجوء نحو الدول الصناعية. منذ انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان إلى 2001م، وصل عدد اللاجئين الأفغان إلى الدول الصناعية 54620 لاجئ. جدير بالذكر إن هؤلاء هم اللاجئون، إلى جانبهم، ذهب الكثيرون وأخذوا جنسيات هذه الدول.
مع الغزو الأمريكي على أفغانستان، أصبحت موجة اللجوء نحو الدول الأوروبية تصاعدية مرة أخرى، وفي عام 2002م، وصل عدد اللاجئين الأفغان في هذه الدول 152466 لاجئ. لكن وبعد 2002م، إلى 2007م، تقلّص عدد اللاجئين الأفغان في الدول الصناعية، وفي عام 2007م، وصل العدد 104559 لاجئ. منذ 2008م، إلى الآن بسبب تدهور الأمن والمشاكل الاقتصادية في البلد، ارتفع عدد اللاجئين الأفغان في الدول الصناعية سنويا، وفي عام 2015م، فقط قدم أكثر من 250 ألف أفغان طلبات اللجوء إلى الدول الأوروبّية.
اللاجئون الأفغان في الدول الجارة
بدأت موجة لجوء الأفغان إلى الدول الجارة بعد الانقلاب الشيوعي، وبالاحتلال السوفيتي وصلت ذروتها. وبعد اتفاقية جنيف عام 1988م، بدأت عملية رجوع الأفغان إلى البلد.
أيام الحرب الأهلية هاجر كثير من الأفغان إلى باكستان، لكن وبعد عام 2001م، بدأت موجة الرجوع إلى البلد، وإلى الآن رجع قرابة 5.8 مليون مهاجر من الدول الجارة إلى البلد، وأكثر من خمسة ملايين مهاجر يعيشون في الدول الجارة.
عام 2015م، اتفقت باكستان وإيران على عدم إجبار اللاجئين الأفغان على العودة. واتفق البلدان أيضا على تسجيل اللاجئين غير المسجلين. لكن اللاجئين الأفغان لم يتم تسجيلهم بعد، ولم يتم تمديد مهلة اعتبار البطاقات في باكستان أيضا.
أهمية قضية اللاجئين الأفغان
على أساس أرقام غير رسمية بلغ عدد اللاجئين الأفغان في الدول الجارة 5.5 مليون لاجئ، منهم 1.4 مليون مسجل، وقرابة مليونان غير مسجلين في باكستان فقط. وفي إيران يعيش مليون مهاجر مسجلون ومليونان غير مسجلين. وفي الدول الصناعية، تعيش عشرات آلاف اللاجئين الأفغان ووصل أكثر من 250 ألف منهم إلى أوروبّا عام 2015م.
إلى جانب ذلك، هناك قرابة مليون نازح في الداخل، وآلاف مهاجرين من وزيرستان جاءوا إلى أفغانستان. مجموع هذه الأرقام يشكل خمس نفوس أفغانستان. بناءً على ذلك، تُعتبر قضية اللاجئين، بالنظر إلى بعده الإنساني والحقوقي والسياسي والأمني والاقتصادي، قضية مهمة للحكومة الأفغانية إلى جانب السلام والأمن.
عام 2015م، ولجوء الأفغان إلى أوروبّا
على أساس أرقام منظمة اللاجئين الدولية من شهر يناير 2015م، إلى 27 من يناير 2016م، وصل قرابة مليون لاجئ إلى أوروبّا، يشكّل الأفغان بعد السوريين غالبيتهم[2].
على أساس أرقام الاتحاد الأوروبّي، إلى الآن قدّم 942400 شخص طلب اللجوء إلى الدول الأروبّية[3]. تقول وزارة المهاجرين والعائدين الأفغانية حول عدد اللاجئين الأفغان الذين ذهبوا إلى أوروبّا عام 2015م: “في عام 2015م، قدّم أكثر من 250 شخص طلب اللجوء في 44 دولة، وذهب 150 منهم إلى ألمانيا”.
لو ندرس أرقام اللاجئين الأفغان الذين ذهبوا إلى أوروبا عبر طرق غير شرعية خلال ثلاثة أعوام ماضية، ندرك أن العدد غير مسبوق. على أساس تحقيق للاتحاد الأوروبّي في عام 2013م، قدّم 26215 شخص طلب اللجوء في الدول الأوروبّية، وصل العدد عام 2014م، إلى 41370 شخص، وفي عام 2015م، إلى 250 ألف[4].
وصول هذه الأعداد إلى أوروبّا لم يكن سهلا، بل مروا بمخاطر كبيرة، أودت بحياة الكثيرين منهم. خلال السفر إلى أوروبّا، غرق قرابة 4 آلاف في المحيط. تشير معلومات متحدث وزارة المهاجرين الأفغانية أن 20% من الغارقين في المحيط كانوا أفغانا، وبلغ عددهم 800.
عام 2015م، لجأت مئات الآلاف من سوريا، وأفغانستان، والعراق، ودول أفريقية شمالية ومركزية إلى أوروبّا، وبذلك حدثت أزمة اللجوء. من هنا، تحاول الدول الأوروبّية أن يعود اللاجئون الذين وصلوا إليها بأهداف اقتصادية إلى بلدانهم.
عدد من الدول الأوروبّية مثل ألمانيا، تعتبر اللاجئين الأفغان لاجئين اقتصاديين. وقالت ميركل المستشارة الآلمانية أنها بدأت محادثات مع الحكومة الأفغانية حول عودة اللاجئين الأفغان الذين تم رفض طلب لجوئهم[5].
وزير الخارجية الآلماني تامس وأثناء زيارة له إلى كابول، قال إن الطرفان اتفقا على عودة اللاجئين الأفغان الذين تم رفض طلب لجوئهم. وقال إن اللاجئين الأفغان لا يُعتبرون “لاجئون”، لأن الوضع في أفغانستان أحسن نسبيا، وهناك أماكن مصؤونة في البلد.
موقف الحكومة الأفغانية
بشكل عام يتمثل موقف الحكومة الأفغانية حيال اللاجئين في الدول الجارة أن يتم تسجيل غير المسجلين منهم، وأن يتم تمديد مهلة بطاقات اللاجئين المسلجين، تجنبا من أذى الشرطة.
مع أن الدول الجارة اتفقت مع هذا الموقف من قبل الحكومة الأفغانية، لكنها لم ترفع خطوة عملية، ويواجه اللاجئون الأفغان مشاكل كثيرة. على سبيل المثال قبضت الشرطة الباكستانية الأسبوع الماضي 100 شخص بتهمة “الإرهاب” منهم 600 أفغان.
اللاجئون غير المسجلين يواجهون مشاكل كثيرة لفقدانهم وثائق رسمية. عملية التسجيل تنهي كثيرا من مشاكل اللاجئين وتوفر لهم فرص التعليم والتربية، والعمل والخدمات الصحية.
لكن موقف الحكومة الأفغانية حيال اللاجئين في أوروبا غير حاسم، وليست هناك رؤية واحدة لدى الرئاسة ووزارة المهاجرين.
قال وزير المهاجرين والعائدين الأفغاني: “طلبنا دوما من الدول المستضيفة من اللاجئين في أوروبّا، أن تقرر بشأن اللاجئين الأفغان على أساس أمور ذاتية، بالنظر إلى الوضع الأفغاني. لم نوقع أي اتفاقية مع أي دولة بشأن إجبار اللاجئين للعودة. فقط، نرعى الذين يريدون العودة طواعية”[6].
وبأن أي لاجئ إلى أوروبّا يعتمد على التهريب، ويدفع في ذلك من 5 إلى 8 آلاف دولار، (عام 2015م، فقط بلغ 1.25 مليار إلى ملياري دولار)، فإن إي اتفاقية لإجبار اللاجئين للعودة يزيد من مشاكل الحكومة الأفغانية.
تؤكد وزارة اللاجئين والعائدين الأفغانية بشأن اللاجئين في أوروبّا، أن الوزارة لن توقع أي اتفاقية لإجبار اللاجئين إلى العودة رغم اتخاذ هذه الدول إجراءات شديدة، وفي خمس حالات لا تقبل أفغانستان أن تقوم أي دولة بطرد اللاجئين:
أولا: أطفال تحت 18 سنين،
ثانيا: ذوي الإحتياجات الخاصة،
ثالثا: أسر حصل كبارها على اللجوء الرسمي،
رابعا: أسر تعولها النساء،
خامسا: أسر بلا رعاية.
النهاية
[1] الاتحاد الأوروبي، وأستراليا، واليابان، وبريطانيا، وأمريكا من الدول الصناعية.
[2] لمزيد من التفاصيل راجع تقرير “آي أو أيم”، في الرابط التالي:
[3] راجع تقرير بي بي سي هنا:
http://www.bbc.com/news/world-europe-34131911
[4] تفاصيل تقرير الاتحاد الأوروبي في الرابط التالي:
[5] مزيد من التفاصيل في الرابط التالي:
[6] see online: http://www.dw.com/en/afghanistans-minister-of-refugees-no-agreement-on-taking-back-deportees-from-germany/a-19020715
الافغان راحو بشان البنات و خلص شبعو بشان هيك رجعو .