هل الملا معتصم من ضحايا السلام؟
مقدمة
بعد إختفاء الملا آغاجان معتصم في الإمارات المتحدة العربية وهو من كوادر حركة طالبان، طلبت الحكومة الأفغانية مرارا من الإمارات المتحدة العربية أن توفر المعلومات حول مصير هذا القيادي في حركة طالبان، ولكنها لم تحصل على أي رد من قبل الامارت بشأن معتصم.
مع أن هناك تقارير تفيد إطلاق سراح الملا معتصم ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا ذهب الملا معتصم من تركيا إلى دوبي؟ ولماذا ألقي عليه القبض هناك؟ وما المقصود من صياغة هذا الوضع؟ ناقش السيد وحيد مزده محلل سياسي أفغاني هذا الموضوع وإليكم التفاصيل:
محادثات السلام وطلب کرزاي من طالبان
إن محاولات إحلال السلام في أفغانستان ليست صعبة فحسب، بل هي خطيرة للغاية أيضا. قبل مدة قليلة نجى محلل سياسي أفغاني الجنرال غلام حسين هزاره من محاولة اغتيال أظهرت لمرة أخرى أن الحديث عن السلام قد يؤدي بحياة صاحبه. لأن السيد هزاره كان يؤكد دوما على المفاوضات مع حركة طالبان لحل الأزمة الموجودة ولتحقيق السلام، وربما لم يعرف أنه لا توجد في البلاد إستراتيجية دقيقة لإحلال السلام حتى أمد بعيد وأن الحديث عن السلام هو سباحة ضد التيار.
إن الخلاف الذي ندب بين كرزاي والإدارة الأمريكية حول الاتفاقية الأمنية أظهر جليا أن أفغانستان لا تزال تحكمها قبضة القوة وأن التفكير السائد فيها هو الفتك بالعدو وتصفيته.
إن الرئيس الأفغاني اشترط لتوقيع الاتفاقية بدء محادثات السلام مع حركة طالبان فتحركت أمريكا بوساطة قطرية وأخرى آلمانية نحو الاتصال بحركة طالبان وقبلت الولايات المتحدة أن تطلق سراح خمسة من سجناء الحركة في سجن غوانتانامو، ومن جانبها أبدت حركة طالبان جاهزية لإطلاق سراح جندي أمريكي لديها.
بعد هذا فاجأت الحركة الجميع بإعلانه إيقاف مفاوضات السلام مع الولايات المتحدة نظرا “لتعقيدات الوضع السياسي الأفغاني”. وترى حركة طالبان أن أمريكا تتخذ من المفاوضات ذريعة لأهداف قتالية.
إن هناك شائعات تقول إن الرئيس الأفغاني طلب من حركة طالبان في اتصال معهم أن لا يوفروا تحقيق شرطه على الأمريكيين بالمفاوضات معهم وأن لا يسببوا بذلك ضغوطا أجنبية أخرى عليه لتوقيع الاتفاقية. ومن جانبها أدركت حركة طالبان الموقف ووصفتها “بتعقيدات الوضع السياسي الأفغاني” وعلقت المفاوضات مع أمريكا.
طرد معتصم من تركيا
وعلى صعيد آخر بدأت الحكومة الأفغانية محادثات مع حركة طالبان في دوبي وبقيادة الملا آغاجان معتصم وقيل إن بعضا من وزراء حكومة طالبان ومنهم مولوي عبدالرقيب كان ضمن وفد الحركة. بعيد هذا وتزامنا مع بدء المفاوضات بين حركة طالبان والمجلس الأفغاني الأعلى للسلام اغتيل مولوي عبدالرقيب في مدينة بيشاور الباكستانية، ونقلت الحكومة الأفغانية جثمان عبدالرقيب إلى محافظة تخار مسقط رأسه لتظهر أنه كان من مؤيدي المفاوضات مع الحكومة، ولكن الحقيقة أن مولوي عبدالرقيب كان قد انفصل عن الملا معتصم ولم يكن من مشاركي مؤتمر دوبي.
مع أن حركة طالبان اعتبرت اغتيال عبدالرقيب من فعل الأعداء ولكن البعض يرون أنه تتواجد في داخل حركة طالبان مجموعة متطرفة تعتبر أي اتصال بالحكومة الأفغانية خيانة وتتولى تصفية الذي يتصل بالحكومة وإن كان من قياديي الحركة.
يقال إن باكستان هي وراء الاغتيالات ولكن، إن كانت لدى باكستان مشكلة مع عناصر مائلة للمفاوضات في حركة طالبان أفغانستان لماذا قامت بمعالجة الملا معتصم عندما جرح وكانت حالته سيئة ولماذا أرسله إلى أفغانستان بعد معالجته ليحمل رسالة سلام؟
بعد ذلك ذهب الملا معتصم من كابول إلى تركيا وقيل حينها أن مكتبا للحركة يُفتتح في تركيا ولكن الحكومة التركية لم ترغب في هذا الأمر. وأما بالنسبة لمعتصم فأصبحت الأوضاع حرجة عندما ألقت حركة طالبان القبض على ركاب طائرة مروحية هبطت في ولاية لوجر هبوطا اضطراريا وكان معظم ركابها من أتباع تركيا.
أفرجت الحركة عن الأسرى الأتراك بعد فترة قليلة وهذا لم يحدث دون شروط، بل طلبت الحركة إزاء إطلاق سراحهم طرد الملا معتصم من تركيا. ثم واجه معتصم مشكلة في تركيا حيث لم يجددوا تأشيرة أسرته في تركيا.
من جانب آخر كان لأصدقاء معتصم صعبا أن يسافروا إلى تركيا وكان هو يسافر إلى دوبي للقائهم وطالت رحلاته إلى دوبي. وعندما كانت الحكومة الأفغانية تدعي أنها تجري محادثات مع حركة طالبان أحدث إختفاء الملا معتصم ضجة كبيرة في الأوساط السياسية. هناك أخبار تفيد أنه تحت مراقبة في منزله في الامارات. ولأن معتصم لم يكن له منزل في دوبي وكان يسكن في فنادق فخمة لا يبدو هذا الخبر صحيحا ولكن من الممكن أن يكون تحت المراقبة في مكان آخر.
ما حدث لمعتصم رد لکرزاي
لم يفصح المسؤولون الأمنيون في الإمارات عن الاتهام الذي بسببه ألقي عليه القبض. إذا كان الاتهام الإقامة غير الشرعية فإن قوانين الإمارات تضع غرامة مالية على المقيم بحساب مدة إقامته أثناء مغادرته للبلاد. وفي الحالات الخاصة يتم ترحيل المخالف إلى بلده. وإذا كانت المخالفة شديدة فلا يمكن للشخص السفر إلى الإمارات مرة أخرى.
يبدو أن قضية معتصم ليست مخالفة بسيطة من هذا النوع، ونظرا للنفوذ الذي تحظى به أمريكا في الامارات، ألا يكون هذا الأمر ردة فعل أمريكية لكرزاي حينما طلب على حد قول البعض من حركة طالبان إيقاف المفاوضات مع أمريكا؟ هل التقى معتصم أثناء تواجده في الإمارات بشخص من القائمة السوداء لدى الإدارة الأمريكية ووفّر بذلك ذريعة للأمريكيين أن يطلبوا من الإمارات إلقاء القبض عليه؟
إن هذه القضية تظهر للعلن مرة أخرى أنه وإلى مستقبل يمكن التنبؤ به، ليس السلام على الأجندة في البلد، وكل من يخطو خطوة في هذا الطريق فهو ينطلق في طريق تكثر تحدياتها وعليه المخاطرة بحیاته.