أزمة اللاجئين الأفغان في باكستان
منذ 2002م، عاد ما يقارب 5,7 مليون لاجيء أفغاني إلى بلدهم[1]. ومع ذلك يعيش حتى الآن عدد كبير من الآفغان حياة اللجوء في بلدان مختلفة وخاصة في الدول الجارة. ويفوق عدد اللاجئين الأفغان في باكستان 3 ملايين، تم تسجيل 1,6 منهم قانونيا والباقي يعيشون بطريقة غير قانونية[2].
في العام الماضي (2014م)، وتحديدا في 16 من شهر ديسمبر، حدث هجوم عسكري على مدرسة تابعة للجيش الباكستاني في مدينة بيشاور، حادث أثار جدلا كبيرا حول تواجد اللاجئين الأفغان في باكستان، وغيّرت الحكومة الباكستانية موقفها تجاه هذا الملف. إن الحكومة الأفغانية بدورها تعير اهتماما كبيرا لهذه القضية بعد ملف المصالحة مع المعارضة، لأن الشرطة الباكستانية تقوم يوميا بإجراء مضايقات كثيرة على اللاجئين الأفغان في باكستان، وهو أمر أجبر الكثيرين منهم للعودة إلى بلدهم. ومن أجل ذلك قام وزير المهاجرين الأفغاني بزيارة طويلة إلى باكستان، وبعد هذه الزيارة ينوي الرئيس التنفيذي للبلد عبد الله عبدالله أن يقوم بزيارة أخرى إلى باكستان ليتباحث مع الجانب الباكستاني ملف اللاجئين.
موجة عودة اللاجئين الأفغان (يناير-مارس)
بعد تدهور الأوضاع في باكستان، عاد الكثير من اللاجئين الأفغان إلى بلدهم، كان معظمهم ممن لم يتم تسجيلهم في باكستان. بناء على إحصاء لـ”منظمة اللاجئين الدولية”، حتى 7 من مارس عاد (47696) لاجيئا إلى أفغانستان وهم ممن لم يتم تسجيلهم لدى الحكومة الباكستانية، استقر الجزء الأكبر منهم (53%)، في ننكرهار، ثم في كونر، ولغمان، وكندوز، و كابول[3]. (الأرقام في الجدول الأول والثاني).
ويؤكد إحصاء لـ”مفوضية اللأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، بأنه وفي الشهرين الأولَيْن لعام 2015م، عاد 7721 لاجيئا قانونيا إلى أفغانستان. (3879 منهم في شهر يناير، و3842 منهم في شهر فبراير). ولو نقارن هذه الأرقام مع أرقام العام الماضي (2014م)، ففي ذلك العام عاد 612 لاجئيا فقط من المسجلين لدى الحكومة الباكستانية إلى أفغانستان[4].
الجدول الأول: عودة اللاجئين غير المسجلين عبر طوخم.
التاريخ | طوعا | طردا | المجموع |
يناير (۲۰۱۵) | ۲۲۲۷۴ فردا | ۱۴۷۲ فردا | ۲۳۷۴۶ فردا |
فبراير (۲۰۱۵) | ۱۸۹۳۵ فردا | ۱۵۷۵ فردا | ۲۰۵۱۰ أفراد |
مارس (۱-۷) | ۳۰۸۸ فردا | ۳۵۲ فردا | ۳۴۴۰ فردا |
المجموع | ۴۴۲۹۷ فردا | ۳۳۹۹ فردا | ۴۷۶۹۶ فردا |
الجدول الثاني: مقارنة بين الحالتين. (2014م-2015م)
نوعية | ۲۰۱۴ | ۲۰۱۵ | مقارنة الازدياد |
طوعا | ۵۹ فردا يوميا | ۶۷۱ فردا يوميا | ۱۱ ضعفا |
طردا | ۱۰ أفراد يوميا | ۵۲ فردا يوميا | ۵ أضعاف |
المصدر: IOM (International Organisation of Migration)
موقف إسلام آباد
بعد حادث بيشاور أصبحت ظروف العيش صعبة للأفغان في باكستان. اعتبرت باكستان هذا الحادث من نوع أحداث 11 سبتمبر، وغيّرت موقفها خلال 21 نقطة جائت على لسان رئيس وزراء بلد، نواز شريف. وشملت هذه النقاط إخراج اللاجئين الأفغان من باكستان.
وسكت نواز شريف عن سبب إدراج اللاجئين الأفغان ضمن خطة مكافحة البلد للإرهاب، ولكن شائعات تقول إن الحكومة الباكستان ترى بأن أيادي أفغانية شاركت في هجوم بيشاور. ونشرت بعض الصحف الباكستانية بأن مهاجمَيْن من الستة كانا أفغانيَيْن[5]. ولكن رغم كل تلك الإدعاءات لم يتفوه المسؤولون الباكستانيون بشيء من ذلك.
ويقطع الآن الموقف الباكستاني تجاه اللاجئين الأفغان بضرورة عودتهم إلى أفغانستان. وفي هذا الصعيد صرّح المسؤولون الباكستانيون مرات عديدة بأن اللاجئين غير المسجلين لدى الحكومة يعيشون بطريقة غير قانونية وصوف تتعامل معهم السلطات الباكستانية حسب القانون، وأما بالنسبة للّاجئين المسجلين فتظهر الحكومة الباكستانية أن عام 2015م، يكون آخير عام لهم في باكستان.
وبعد مؤتمر ثلاثي[6] بشأن اللاجئين في باكستان، تم أخذ القرار بتسجيل اللاجئين غير المسجلين خلال أربعة أشهر، ولكن لم يكن هناك تصريح بمتديد بطاقات المسجلين حاليا. يبدو أن عودة اللاجئين (المسجلين وغير المسجلين)، إلى نهاية عام 2015م، ستكون صعبة للغاية، وأنهم سيصبحون في حالة من الفوضى مثل عام 2012م[7]، وأن بطاقاتهم سيتم تمديدها بعدة مدة إلى أمد قصير آخر.
موقف كابول
لقد صرّح الرئيس الأفغاني أشرف غني، في أول كلمة له أمام مجلس الشيوخ، بأن اللاجئين الأفغان يشكلون جزءا مهما من الشعب الأفغاني، وأن عدم عودتهم يُبقي الشعب ناقصا[8]. ويرى عبدالله عبدالله الرئيس التنفيذي للبلد نفس الرأي، ومن المقرر أن يزور باكستان بشأن هذا الملف قريبا.
وفي هذا الصعيد قام وزير المهاجرين الأفغاني عالمي بخلي بزيارة إلى باكستان، في أوضاع أجبرت مضايقات الشرطة الباكستانية 50 ألف من اللاجئين الأفغان على العودة إلى بلدهم.
وفي هذه الزيارة التقى الوفد الأفغاني مع رئيس وزراء البلد، ومع مستشار الوزير في الأمور الخارجية، ومع زعيم إقليم خيبربختونخواه، وشارك في مؤتمر ثلاثي أيضا. يقال إن جلسة أخرى لهذا المؤتمر سوف تُعقد في جنيف بين أفغانستان وباكستان ومفوضية اللأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
مع أن الحكومة الأفغانية حاليا ترى إلى ملف السلام كأولوية أكثر إلحاحا من عودة اللاجئين، إلا أنها تحاول أن تفتح مجالا لعودة تدريجية لهم إلى بلدهم، وأن يتم إجبارهم للعودة.
وفي حال استمرار العودة بالطريقة الحالية مثل شهرين ماضيَيْن، فإن ذلك يسبب أزمة للحكومة الأفغانية، ومن هنا رفعت الحكومة الأفغانية خطوات واختارت الموقف التالي:
- عودة اللاجئين عواطية وبكرامة،
- عودة تدريجية[9].
ومن أجل إيقاف عودة اللاجئين غير المسجلين وعدم إيذاءهم من قبل الشرطة الباكستانية، استعدت الحكومة الباكستانية بطلب من الحكومة الأفغانية أن تسجلهم، وأن تتم عملية تسجليهم خلال أربعة أشهر.
تأثير ملف اللاجئين على العلاقات الثنائية
إن ملف اللاجئين الأفغان له جانب سياسي اقتصادي وأمني، كما له جانب عاطفي انساني. فليس من مصلحة باكستان أن تجبرهم على العودة إلى أفغانستان، كما ليس من مصلحة أفغانستان أن تطلب من بضعة ملايين لاجيء أن يعودوا في وقت واحد.
إن ما يضمن مصلحة البلدين في آن واحد، هو أن يقوما بحل الأزمة بالتعاون المشترك، لأن باكستان بذلك يوفر لنفسها قوة مرنة في أفغانستان، وتنجو الحكومة الأفغانية من أزمة اقتصادية كما وتنجو باكستان من نفس المشكلة.
إضافة إلى ذلك، فإن التعامل السيء للجانب الباكستاني مع اللاجئين الأفغن يؤثر سلبا على العلاقات الثنائية بين البلدين، ويحط من قيمة المشتركات الموجودة بين شعبين.
النهاية
[1] See online:
http://www.unhcr.org/afghanistan/solutions-strategy.pdf
[2] See online:
http://www.bbc.co.uk/persian/afghanistan/2015/03/150311_zs_afghan_refugees_pakistan
[3] International Organisation of Migrations, return of undocumented Afghans from Pakistan, update as of 7th March 2015.
[4]Christine Roehrs, The refugee dilemma: Afghans in Pakistan between expulsion and failing aid schemes, Afghanistan Analysts Network, 9th March 2015
[5] Express Tribune, 11 militants carried out Peshawar school attack: Police report, dec 23, 2014. See it online at: http://tribune.com.pk/story/811044/11-militants-carried-out-peshawar-school-attack-police-report/
[6] تم أخذ هذا القرار في مؤتمر ثلاثي بين أفغانستان، وباكستان ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أثناء زيارة عالمي بخلي وزير المهاجرين الأفغاني إلى باكستان.
[7] وفي عام 2012م، انتهت مهلة بطاقات اللاجئين، بقيت على ذلك حتى عام 2014م، قامت الشرطة الباكستانية خلال تلك الفترة بإجراءات شديدة مع اللاجئين الأفغان.
[8] See online:
http://morr.gov.af/fa/news/41816
[9] تصريحات عالمي بلخي وزير المهاجرين الأفغاني في زيارته إلى إسلام آباد، وفي المؤتمر الثلاثي. لمزيد من التفاصيل راجع تقريرا للإذاعة الحرة:
http://pa.azadiradio.org/content/article/26895906.html