تنظيم الدولة الإسلامية في حرب خراسان

۱۸ دلو ۱۳۹۳ هـ ش

کتگوری، افغانستان، امنیت

بعد أن غيّر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، اسمه إلى “الدولة الإسلامية”، ظهر التخوف من الآمال الكبيرة لدى هذا التنظيم، والتي اجتازت حدود العراق والشام، لأن أنشطة داعش باسم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) كانت توحي بحصرها في هاتين الدولتين، ولكن هذا التنظيم أعلن عن خطة جديدة شملت مساحة أوسع على مستوى العالم الإسلامي كله، واعتبرتها ساحة حكمها المستقبلي.

وفي خطوة جديدة أعلن أبوبكر البغدادي زعيم الدولة نفسها خليفة للمسلمين، وطلب البيعة من جميع المسلمين. وكان طلب البيعة بمعنى اتساع رقعة العمل لدى التنظيم إلى العالم الإسلامي كله من مشرقه إلى مغربه ومن شماله إلى جنوبه.

الخلافة الإسلامية

وكان أكثر المناطق أهمية لدى زعيم التنظيم بعد العالم العربي هو خراسان. ويمكن أن نبحث عن سبب ذلك في الميلان الإسلامي العريق لإحياء الخلافة عند مسلمي شبه القاره الهندية الذين أطلقوا حركة إحياء الخلافة بعد سقوط الخلافة العثمانية. ولذلك بعد طلب البغدادي البيعة من المسلمين ووفودهم إلى “أرض الخلافة”، جائته أولى الاستجابات من باكستان وأفغانستان. ذهب الكثير منهم إلى سوريا وأسسوا فيها جبهة خراسان.

وبعد ذلك لحق بهم مقاتلون من آسيا الوسطى، ويقال إن جبهة خراسان هي من أقوى المجموعات المقاتلة لدى التنظيم، وحتى المسؤولين الأمريكيين يعتبرونها مجموعة خطرة.

خراسان

وكانت منطقة خراسان في بداية العهد الإسلامي تشمل كل أرض أفغانستان وطاجكستان، ومناطق من إيران وأزبكستان، وتركمنستان وعلى بعض مناطق خلف خط “ديوراند”. والآن اختار التنظيم لهذه المنطقة التي تشمل عدة دول حاكما ونائبا، إلا أنه لم يدشن بعد فعاليات عسكرية.

واللافت للنظر أن خراسان في خطة تنظيم الدولة الإسلامية تصل إلى مناطق في نهر “أتك”، الذي فصلت اتفاقية ديوراند من أفغانستان. بناءً على ذلك لا تعتبر الدولة الإسلامية ثلاثة من مجموع أربع أقاليم باكستان جزءا من خراسان، وتدخل خيبر بختونخواه الإقليم المضطرب أمنيا في خراسان. وفي خطة خراسان عُيّن حافظ سعيد خان من “أوروكزاي إيجنسي”، واليا على خراسان لينوبه عبدالرؤف خادم من ولاية هلمند على ولاية خراسان.

وكان حافظ سعيد خان من كوادر حركة طالبان باكستان الذي استقال منها مع عدد آخر، منهم شاهد الله شاهد. وكان عبدالرؤف نائب الوالي عضوا في اللجنة العسكرية لحركة طالبان. وقد أكّد أبو محمد العدناني متحدث تنظيم الدولة الإسلامية هذه التولية.

هل تنشعب حركة طالبان؟

وفيما يتعلق بطالبان باكستان، فقد انشعبت فعلا إلى مجموعات صغيرة، والآن تعني الإشارة إلى طالبان باكستان إلى المجموعة التابعة للملا فضل الله. لذلك لا يُتوقع أي انشعاب في حركة طالبان باكستان.

وأما بخصوص طالبان أفغانستان، فإن ظهور داعش في المنطقة الخاضة لها تحدي كبير. إلا أن عبدالرؤف الذي عُين نائبا على والي خراسان يحظى بشعبية قليلة في الحركة، ولم يكن مرحبا به كثيرا كسلفي بين طالبان، إلا أن قيادة طالبان عيّنته في اللجنة العسكرية إبرازا لوسعة الرأي لدى الحركة وللحصول على رضى العرب الذين كانوا يساعدون طالبان. وبسبب علاقته مع المقاتلين العرب “في تنظيم القاعدة وغير القاعدة”، استطاع أن يبني صلة مع تنظيم الدولة الإسلامية، وكرجل سلفي عمل مع طالبان أفغان حصل على اهتمام قادة الدولة الإسلامية.

محاولات الدولة الإسلامية للاستقطاب في أفغانستان

هناك شائعات تتحدث عن وجود عناصر للدولة الإسلامية في بعض مناطق أفغانستان. وهناك تقارير تتحدث عن حضور كبير للدولة الإسلامية في ولاية هلمند، وفراه، وغزني، وزابل، وحتى ولاية كندز شمالي أفغانستان، على حد قول المسؤولين الأفغان.

ويتحدث الناس عن حضور مفاجيء للدولة الإسلامية بدليل فرق مقاتليهم من مقاتلي طالبان وبحملهم الرأية السوداء. وقد تكون بعض التقارير صحيحة بهذا الشأن، ولكن بعض التقارير التي تأتي بشكل مبالغ فيها، على حد قول المسؤولين تطلب إمعانا للنظر. هل يكون الهدف من نشر هذه التقارير خلق  القلق لبعض الدول وخاصة أمريكا من مستقبل أفغانستان، وبأن تعيد النظر في جدول انسحابها؟

في بعض الحالات لا يتعلق تواجد المجموعات المسلحة في بعض المناطق بتواجد الدولة الإسلامية. على سبيل المثال مديرية “شوبان” في ولاية غزني الأفغانية منطقة يعيش فيها مقاتلون أوزبيكيون تابعون لمجموعة طاهر يولداش منذ 2006م، وهؤلاء استقروا في المنطقة قبل عدة سنوات من ظهور داعش وبعد قتالها مع مجموعة من حركة طالبان باكستان عقدت مع الحكومة الباكستانية اتفاقية.

وفيما أرادت الدولة الإسلامية استقطاب مثل هذه المجموعات ربما لا تجد في ذلك صعوبة كثيرة، ولكن خرق صفوف طالبان ليس أمرا سهلا، وهناك إمكانية للمواجهة العسكرية، لأن الحركة لا تسمح لأي أحد بالنشاط العسكري المستقل في المناطق الخاضعة لها.

الفرق بين طالبان والدولة الإسلامية

إن الفرق بين طالبان والدولة الإسلامية يكمن في البرنامج السياسي. فقد أعلنت طالبان بأنها لا تتبنى خطة لخارج أفغانستان، وأن هدفها هو تحرير أفغانستان من سيطرة أمريكا وحلفائها. وعندما تنسحب القوات الأجنبية من أفغانستان فلا يكون هناك سبب لاستمرار الحرب في البلد.

ولكن الدولة الإسلامية تهدف إلى بسط سيطرتها إلى العالم الإسلامي كله وتتعهد بذلك. وهذا يوفر للدولة الإسلامية أرضية قبول لدى المجموعات الأجنبية الموالية لطالبان والتي ترغب القتال في بلدانها.

النتيجة

ونخلّص البحث حول هذه القضايا بأن ضعف حركة طالبان في أفغانستان لا يعني ازدياد قوة للحكومة الأفغانية، فهناك مجموعات أخرى أكثر تطرفا تنوي القتال في الدول الجارة لأفغانستان وخاصة في آسيا الوسطى فيما ضعفت حركة طالبان في أفغانستان. وهذا جعل كريم خُرَّم مسؤول مكتب حامد كرزاي الرئيس الأفغاني السابق، بأن يعتبر الأمر مؤامرة أمريكية، ويتنبأ في مقال له بأن “الحرب سوف تصل إلى الدول الجارة لأفغانستان، وإلى الحدود الصينية، وأن إجراء هذه الخطة يتطلب من أفغانستان أن تتحول إلى “وزيرستان الكبرى”،”.

Untitled

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *