تقرير عن المؤتمر الصحفي: “أفغانستان في العقد والنصف الماضي”
في مؤتمر صحفي عُقد بفندق إنتركانتيننتل بمدينة كابل يوم الثلاثاء 17/يناير/2017م أُعلنت نتائج وخلاصة التقرير الاستقصائي-التحليلي (أفغانستان في العقد والنصف الماضي) والذي تم إعداده من قِبل مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية (CSRS).
أُعدّ هذا التقرير في 400 صفحة ويتضمن دراسة وافية لقطاعات البلد المهمة خلال السنين الخمس عشرة الماضية. تضمن التقرير دراسة للقطاعات التالية: السلام، السياسة الخارجية، الفساد، المهاجرين والنازحين الداخليين، الاقتصاد (الاقتصاد الوطني، التجارة، الطاقة، الصناعة والزراعة)، الأمن والجريمة، والتعليم والدراسات العليا. تم إعداد التقرير من قِبل الباحثين بالمركز باستخدام المنهجين الكمّي والكيفي، وقد أُدرجت فيه نتائج الاستطلاعات التي رُصدت في ست مدن كبيرة في البلد.
شارك في المؤتمر شخصيات ومندوبي وكالات إعلامية محلية وعالمية. في كلمته الافتتاحية تحدث رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية الدكتور عبدالباقي أمين عن أهمية عمل المركز وسلّط الضوء على بعض نتائج الدراسة، ثم قدم كل من حكمة الله زلاند وأحمد بلال خليل عرضا عرّفا فيه بنتائج الدراسة.
ذكر د. عبدالباقي أمين أن البلد بحاجة إلى دراسة تحلل وتقيّم الإمكانيات والفرص المتاحة وتعرض حقائق البلد للمواطنين، مما سيكون له دور مؤثر في إصلاح أنظمة الحكم وتطوير سياسات الدولة.
حسب تصريحات د. أمين، فإن من جملة التحديات في بلادنا صعوبة الوصول إلى المعلومات، وقد واجه مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية صعوباتٍ خلال إعداد هذا التقرير. لذا على الحكومة أن تُسهل من عملية الوصول إلى المعلومات.
مندوبو وسائل الإعلام والمشاركون الآخرون
أضاف الدكتور أمين: «تهيئة الأجواء لتطور وتقدّم مراكز البحث والتحقيق أيضا ضرورة ملحّة، إلا أنه للأسف لا يوجد برنامج وطني تستطيع المراكز البحثية على أساسه توضيح أوضاع البلد للشعب، وفي الغالب المستفيد من خطط هذه المراكز هي الجهات الممولة لها والتي لا تعمل على تحقيق مصالح البلد؛ لذا على الحكومة دعم وتقوية المراكز البحثية حتى يتسنى لهذه المراكز أداء واجبها الوطني بشكل جيد من خلال تقييم أنشطة الحكومة وإصلاح الأنظمة».
وفق حديث د. أمين، لم يتم تمويل هذا التقرير من أي مؤسسة محلية أو دولية، وتم إعداده من خلال إمكانيات المركز، ومن ثم بُذل جهد بالغ ليتم عرض وضع البلد بشكل واقعي وحيادي للمواطنين.
أضاف الدكتور أن هذا التقرير ليس محض استطلاع آراء، وإنما تضمن أيضا معلومات من الدرجة الأولى والثانية من مختلف المصادر وتم تحليل هذه المعطيات ودراستها على أساس الاستطلاع.
أضاف الدكتور أمين قائلاً: «تضمن التقرير دراسة لسبع قطاعات مهمة، وفيما يتعلق بالسلام توصل التقرير إلى نتيجة أن الحرب ليست هي الحل، والأفغان لا يستطيعون حل مشكلة بلدهم عن طريق الحرب، لذا فالسلام والتفاوض هو الطريق الوحيد الذي يستطيع الأفغان من خلاله الخروج من المأزق الحالي».
أشار د.أمين إلى نتائج الاستطلاع الذي هو جزء من التقرير، وقال: 62% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن حكومة الوحدة الوطنية لم تبذل جهود صادقة حيال السلام، و 68% منهم يرون تواجد القوات الأجنبية وتصرفاتهم وتدخل الجهات الأجنبية هي العوائق الأساسية في سبيل السلام. أيضاً صرح 66% منهم أن المجلس الأعلى لشورى السلام لم يلعب دورا إيجابيا في هذا الصدد، و 65% من المشاركين يعتقدون أن وجود مجموعة وسيطة محايدة في عملية السلام هو السبيل الوحيد لإيجاد مناخ صالح للمفاوضات.
حسب تصريحه، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، قال 87% من المشاركين أن سياسة أفغانستان الخارجية تجاه الدول المنافسة وخصوصا الدول المجاورة لم تكن متوازنة. وتوصل التقرير إلى أن الحكومة افتقدت إلى خطوط أساسية مصوّبة من البرلمان لسياستها الخارجية مما تسبب في صعوبات في هذا الصدد، وقد قدم المركز مقترحا بأن تتخذ الحكومة خطوات جادة لتصل إلى الخطوط الأساسية الموضحة لسياستها الخارجية. أيضا أخطأت الحكومة بعض حساباتها في سياستها الخارجية، من ذلك توقيعها الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية لترسيخ الأمن، ومع توقيع الاتفاقية ازداد التدهور الأمني في البلد. أخطأت الحكومة تقديراتها أيضا في علاقاتها بباكستان وقضية اليمن والسعودية، ولم تصل إلى أهدافها حيال هذه العلاقات.
د. عبدالباقي أمين، مدیر مرکز الدراسات الاستراتیجیة و الإقليمية
في مجال الفساد، ذكر 76% من المشاركين في الاستطلاع أن الحكومة لم تكن صادقة في مكافحتها للفساد، لذا لم تستطع الحكومة رغم بعض الخطوات المتخذة تخفيض معدّل الفساد بأفغانستان. في مجال الاقتصاد، ذكر 71% من المشاركين أنهم فقدوا ثقتهم بمستقبل الدولة الاقتصادي وبكفاءة الحكومة في إدارتها لاقتصاد البلد. 90% من المشاركين يرون سياسة البلد في الحكم مليئة بالنقائص، و 89% منهم ذكروا أن الحكومة لم توفر فرص عمل مناسبة للمواطنين، و 80% قالوا أن الحالة الاقتصادية في الفترة الرئاسية الحالية زادت سوءا عن فترة حكم الرئيس السابق حامد كرزاي.
في مجال الأمن تدل نتائج التقرير وآراء المشاركين أن الحالة الأمنية تزداد سوءا ولا يشعر المواطنون بالأمان في بلدهم. 58% من المشاركين أظهروا شعورهم بعدم الأمان. في مجال التعليم رغم أنه يوجد تقدم إلا أن هناك تحديات مثل دناءة مستوى التعليم في المراكز التعليمية، وقلة الكوادر الأكاديمية والمتخصصة، وبعد برامج التقييم العلمي عن المعايير، وعدم الشفافية في الإمتحانات. وفق تصريح د.أمين فإن معظم برامج محو الأمية والتأهيل العلمي شكلية ظاهرية. يواجه التعليم العالي مشكلة تطوير المناهج الدراسية، ومازالت الدراسات العلمية والتحقيقات تتم في المؤسسات التعليمية العليا بطرق خاطئة.
في الجزء الأول من العرض، تحدث أحمد بلال خليل الباحث المُعد للتقرير ومسؤول المنشورات الاستراتيجية للمركز عن أهمية التقرير والمنهجية المُعتمدة في إعداده. بيّن في ثنايا حديثه أنه في السنوات الخمس عشرة الماضية لم يتم إعداد تقرير تحقيقي يغطي العقد والنصف الماضي والقطاعات المهمة بشكل يتضمن تحليلا للمعلومات والمُعطيات. حسب تصريحه، تم إعداد هذا التقرير بالمنهجين الكمي والكيفي، حيث أنه بالأسلوب الأول تم عقد ندوات وجلسات ولقاءات بالمتخصصين، وبالأسلوب الكيفي تم أخذ استطلاع في ست مدن كبيرة في البلد شارك به 701 شخص من الفئة المتعلمة والتي يشكل مدرسوا الجامعات أغلبها باستطلاع يشمل 50 سؤالاً. ذكر الأخ خليل أن جميع أجزاء التقرير مبنية على مصادر مُعتمدة.
أحمد بلال خليل الباحث المُعد للتقرير ومسؤول المنشورات الاستراتيجية للمركز
في الجزء الثاني من العرض تم شرح الأقسام السبعة للتقرير من قِبل “حكمت الله زلاند” مسؤول قسم التحقيق بالمركز والباحث المُعد للتقرير. ذكر زلاند أن التقرير توصل إلى نتائج مهمة في جميع المجالات، وعلى سبيل المثال في مجال السلام تمت الإشارة إلى العوائق التي تعترض طريق المجلس الأعلى للسلام، منها: افتقار المجلس للصلاحيات والاستقلالية اللازمة، عدم التنسيق بين أعضاء المجلس، عدم وجود آلية محددة، استغلال مناصب المجلس كرشاوى سياسية وإشكالية مفهوم السلام بالمجلس. في الوقت ذاته، أيّد عضو المجلس الأعلى للسلام الملا شهزاده شاهد الذي حضر المؤتمر نتائج التقرير في حديث له مع الصحافة بعد المؤتمر، وذكر أن المجلس لم يحقق الإنجازات المُتوقعة منه.
أضاف حكمة الله زلاند أنه على الرغم من أهمية الجانب الإقليمي لقضية السلام بأفغانستان؛ إلا أن السلام في البلد لا يمكن أن يحصل فقط عبر السياسة الخارجية. لهذا السبب أخفقت محاولات مجموعة التنسيق الرباعية ولم تحقق النتائج المطلوبة.
حسب تصريحه، أشار التقرير في صدد السياسة الخارجية أن الحكومة الأفغانية في العقد والنصف الماضي افتقدت منهجية مدونة للسياسة الخارجية وخطوط أساسية مصوّبة من البرلمان، الأمر الذي تضمنه مقترحات التقرير. بالإضافة إلى ذلك، تم تسليط الضوء على السياسة الخارجية وتحديدا الآلية المفتقرة للتنسيق والمتبعة من قِبل حكومة الوحدة الوطنية حيال السياسة الخارجية.
حكمت الله زلاند، الباحث المُعد للتقرير ومسؤول قسم التحقيق بالمركز
ذكر حكمة الله زلاند أنه بناء على نتائج التقرير، يشكل الفساد مشكلة كبيرة بأفغانستان في العقد والنصف الماضي، مما أدى إلى انتهاك حقوق المواطنين الإنسانية، وفي هذا الصدد لم يكن المقصر الوحيد هم الأفغان، بل إن الأجانب أيضا كان لهم دور مهم في توسيع رقعة الفساد بأفغانستان. ذكر زلاند أنه حسب استطلاع المركز أبدى أكثر أصحاب الرأي عدم ثقتهم في برامج الحكومة حيال مكافحة الفساد و يعتقد 44.58% منهم أن الفساد في الحكومة الحالية زاد عن الفساد الحاصل في الفترة الرئاسية المنصرمة.
اعتبر المحلل السياسي ومدير جريدة ويسا محمد زبير شفيقي التقرير عملا ضخما وذكر أن الجهات الحكومية والجهات الأهلية لم تنجح في إعداد تقرير كهذا، وأن هذا التقرير هو الأول من نوعه في البلد.
حسب قوله، ليس هذا التقرير دراسة تحقيقية فحسب وإنما هو دراسة بتسلسل زمني مُوثق رُوعي فيه ترتيب الأحداث في السنين الخمس عشرة الماضية بدقة فائقة.
المحلل السياسي ومدير جريدة ويسا
ذكر شفيقي أن هذا التقرير مصدر مهم وأساسي للباحثين والكُتّاب ومحررو الكتب أو المقالات، وأن ما ذُكر في التقرير متزن وحيادي إلى حد كبير.
أضاف أيضا أن الاستطلاع الذي قام به باحثو المركز والمُدرج في التقرير يطابق آراء عامة المواطنين، ولا يُلاحظ فيه شيء يخالف الفكر السائد بين عامة الشعب.
مع أن مؤسسات عديدة محلية ودولية تصدر سنويا تقارير واستطلاعات حول أوضاع أفغانستان، إلا أن خاصية هذا التقرير هي اشتماله على القطاعات المتعددة وتغطيته لعقد ونصف من الزمن متضمنا خلفية القطاعات المذكورة، ووضع هذه القطاعات بعد عام 1380هـ ش (2001-2002م)، مع تركيز على عام 1394هـ ش (2015-2016م). بالإضافة إلى التطورات والإخفاقات والتحديات في المجالات المذكورة، احتوى التقرير كذلك على مقترحات مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية حيال تلك المجالات.
النهاية