مصير المجلس الأعلى للسلام

 

توفي الأسبوع الماضي سيد أحمد جيلاني رئيس حزب محاذ أفغانستان الوطني ورئيس المجلس الأعلى للسلام بمرضٍ قلبي في مستشفى غازي أمان الله خان عن عمر يعادل 84 عاماً.

بير سيد أحمد جيلاني كان ثالث رئيس للمجلس الأعلى للسلام. لم يحرز المجلس أي إنجاز في السنوات الماضية ماعدا اتفاقية السلام المُوقّعة بين الحكومة الأفغانية والحزب الإسلامي.

في هذا المقال نُسلط الضوء على دور المجلس الأعلى للسلام على عملية السلام في فترة رئاسة جيلاني للمجلس، مع تقييمٍ للجهود المبذولة حيال السلام، كما تجدون في المقال قراءةً في مصير اتفاقية السلام الموقعة بين الحزب الإسلامي والحكومة الأفغانية والمستقبل الذي ينتظر المجلس الأعلى للسلام.

 

تقييم للمجلس الأعلى للسلام

مضت سبعة أعوام على تأسيس المجلس الأعلى للسلام، وإذا أردنا تقييم دورها في عملية السلام فسنجد أن جهودها حيال السلام على ثلاثة أصناف:

  1. ضم المجلس عددا من أفراد وقادة المعارضة المسلحة للحكومة إلى عملية السلام؛
  2. حقق المجلس إنجازات يسيرة في المفاوضات مع المعارضة المسلحة للحكومة؛
  3. لعب المجلس دورا في توقيع اتفاقية السلام مع الحزب الإسلامي.

أولاً؛ وفق الإحصائيات الرسمية، بين عام 2010 وحتى الربع الثالث من عام 2015 ضم المجلس الأعلى للسلام نحو 10578 مسلحاً لعملية السلام، عدد القادة منهم يبلغ 988 شخصا. سلّمت هذه المجموعة 8101 سلاحا من العيار الثقيل والخفيف للحكومة الأفغانية. هذه الإحصائيات إحصائيات رسمية ولم تصادق عليها أي مؤسسة مستقلة. ينتقد البعضُ المجلسَ الأعلى للسلام متسائلين هل انضم هذا العدد لعملية السلام حقيقةً، أم أنه تم التعامل مع هذه القضية بشكل سياسي، أم أن المسؤولين وزعوا مبالغ على مؤيديهم تحت اسم المصالحة مع المعارضة المسلحة للحكومة؟

ثانياً؛ رغم أن المجلس الأعلى للسلام لم يستطع إحضار قادة طالبان لطاولة المفاوضات، إلا أن الحكومة الأفغانية أجرت محادثات مباشرة مع طالبان في آرومجي و مَري بباكستان. رغم ذلك لم تحصل هذه المحادثات نتيجة مبادرةٍ من المجلس الأعلى للسلام، ولم تُحقق المحادثاتُ نتائج إيجابية على عملية السلام.

 

المجلس الأعلى للسلام فترةَ رئاسة سيد أحمد جيلاني

أول رئيس للمجلس الأعلى للسلام كان الأستاذ برهان الدين رباني، وبعد وفاته عُين ابنُه صلاح الدين رباني رئيسا للمجلس. بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وعندما عُين صلاح الدين رباني وزيرا للخارجية بقي المجلس الأعلى للسلام دون تولية رئيسٍ عليه. بتاريخ 21/فبراير/2016 وبتزامنٍ مع بدء المحادثات الرباعية حيال السلام بأفغانستان عُين سيد أحمد جيلاني كرئيس للمجلس الأعلى للسلام.

لعب جيلاني دورا في الجهاد الأفغاني، وكان معتدلا ولم يتورط في الحرب الأهلية ولم تكن هناك عداوة بينه وبين طالبان، بل كان له تأثيره على طالبان بحكم مكانته في الطريقة الصوفية، وقد أبدى عزاءَه بعد وفاة الملا محمد عمر، لذا كان جيلاني اختيارا مناسباً لرئاسة المجلس الأعلى للسلام. كانت هذه خصائص يجب أن يتحلى بها رئيس المجلس الأعلى للسلام، إلا أن كبر سنه ومرضه شكّلا عائقا في طريق عمله؛ لذا في بعض الأحيان تولى شؤونَه اليومية ابنُه سيد حامد جيلاني.

بعد تعيين سيد أحمد جيلاني رئيسا للمجلس الأعلى للسلام بدأت المفاوضات مع الحزب الإسلامي. بما أن مستشار الأمن الوطني الأفغاني حنيف أتمر وجيلاني لعبا دوراً أساسيا في هذه المفاوضات، شكر وفدُ الحزب الإسلامي حين توقيع اتفاقية السلام في القصر الرئاسي كلّا من حنيف أتمر وسيد أحمد جيلاني والرئيس الأفغاني.

 

مصير اتفاقية السلام بين الحزب الإسلامي والحكومة الأفغانية

كان سيد أحمد جيلاني مؤيدا لاتفاقية السلام بين الحكومة الأفغانية والحزب الإسلامي. والآن بعد وفاته زادت الشكوك حول الاتفاقية، ويأتي ذلك في وقت لم تُنفذ أي مادةٍ من مواد الاتفاقية مع مُضيّ أشهر عديدة على توقيعها.

مع أنه انتشرت تصريحات من جانب الحكومة مؤخرا وتحديدا بعد وفاة سيد أحمد جيلاني تفيد بأن بنود اتفاقية السلام ستُنفّذً قريبا وأن الحكومة ملتزمة بها ولن يُغير أي بندٌ من بنودها، إلا أن البنود الثلاث الرئيسة بالاتفاقية لم تُنفذ حتى الآن وهي حذف اسم حكمتيار من القائمة السوداء لدى الأمم المتحدة وإطلاق سراح سجناء الحزب الإسلامي وبناء مخيمات للاجئي الحزب الإسلامي. هناك جهات داخلية وأجنبية اختلقت عوائق في طريق هذه المحادثات. مع أنه تم إنهاء إجراءات قضايا 100 سجين من سجناء الحزب الإسلامي من قِبل المدعي العام إلا أنه لم يتم إطلاق سراحهم من المُعتقل حتى الآن.

 

مستقبل المجلس الأعلى للسلام

بعد وفاة سيد أحمد جيلاني أصبح مستقبل المجلس الأعلى للسلام محل تساؤل، واضعين في النظر النقاط الثلاث التالية:

  • المصاريف الباهظة للمجلس الأعلى للسلام؛
  • دورها الضعيف في عملية السلام؛
  • إيجاد بديل مناسب لرئاسة المجلس الأعلى للسلام.

أولاً؛ لا توجد إحصائيات دقيقة حول مصاريف المجلس الأعلى للسلام، إلا أنه حسب بعض المؤسسات أنفق المجلس أكثر من 872 مليون دولار على برنامج السلام وإعادة الاندماج بأفغانستان.

ثانياً؛ من جانبٍ يلعب المجلس الأعلى للسلام دوراً ضعيفا في عملية السلام، ومن جانبٍ آخر ثمّنت الحكومة جهود مجلس الأمن الوطني وجهود بعض كبار المسؤولين الأفغان حيال عملية السلام في الماضي، لذا يُطرح تساؤلٌ حول مدى حاجة الحكومة للمجلس الأعلى للسلام مع ما يستنزفه المجلس من مصاريف باهظة. يبدو أن على الحكومة تجديد النظر في أجندة السلام، وبالنظر في الدور الضعيف الذي لعبه المجلس في عملية المصالحة في الماضي يتضح أن المجلس لا يستطيع لعب دور الوسيط في عملية السلام ولن يُحقق الأهداف المطلوبة، مهما كان الشخص المُعين لرئاسة المجلس مؤثراً.

ثالثاً؛ إذا كانت الحكومة تصر على دور المجلس الأعلى للسلام في عملية المصالحة، فمع ذلك يصعب تنصيب رئيس للمجلس يتحلى بمثل مواصفات جيلاني. هناك شائعات تفيد بأن الرئيس الأفغاني يعتزم تعيين سيد حامد جيلاني ابن الراحل سيد أحمد جيلاني كرئيس جديد للمجلس الأعلى للسلام مثلما عُين صلاح الدين رباني رئيسا للمجلس بعد وفاة أبيه برهان الدين رباني الذي كان متوليا لرئاسة المجلس. من جانبٍ آخر كتب سيد عبدالبارئ جهاني في مقاله أن الحكومة الأفغانية أرادت أولا تعيين يونس قانوني كرئيس للمجلس الأعلى للسلام إلا أنه لم يرض بالامتيازات القليلة التي كان سيحصل عليها من المجلس. لذا هناك مخاوف من أن يتم استخدام هذا المنصب كرشوة سياسية من قِبل الحكومة.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *