وضع القطاع الصحي والحصول علی الخدمات الطبیة في أفغانستان
ضياءالإسلام شيراني / مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية
بعد تأسیس منظمة الصحة العالمیة في 6 من أبریل عام 1948م، یتم الاحتفال بالیوم السادس من أبریل کیوم عالمي للصحة في کثیر من بلدان العالم کونه فرصة لشد انتباه العالمي إلی هذا الموضوع المهم، وهذا الیوم یحتفل به في أفغانستان کذلك منذ سنوات.
يحتفل باليوم العالمي للصحة في أفغانستان هذا العام تحت شعار «التغطية الصحية الواسعة النطاق: الجميع و في كل مكان» في حين حوالي أربعين في المائة من الأفغان لایحصلون علی الخدمات الطبیة الأولیة بسبب المشکلات المختلفة وفقا لإحصائیات منظمة الصحة العالمیة (WHO).
منذ عام 2001م؛ قُدمت ملیارات الدولارات من المساعدات العالمیة إلی أفغانستان، ومن ثم تم إنشاء المستشفیات و المراکز الصحیة الحکومیة و الأهلیة في العاصمة والمحافظات، ومع ذلك يواجه الشعب الأفغاني تحديات خطيرة في المجال الصحي ويضطر أكثرهم للسفر إلی خارج البلد لعلاج مرضاهم لاسیما إلی الهند وباکستان.
وضع القطاع الصحي، وازدیاد الأمراض المختلفة والمشکلات والتحدیات الموجودة في القطاع الصحي في أفغانستان؛ هي الموضوعات التي یتم البحث حولها في هذا التحلیل.
الخدمات الطبیة في أفغانستان
تم إنشاء أول مرکز في مجال القطاع الصحی في أفغانستان قبل حوالي 95 عاما، ولکن وبعد قرابة قرن من الزمان؛ أفغانستان من الدول التي یتوفی فیه من کل 1000 مولود 91 منهم. الأسباب الأهم في ذلك تأخر البلد والاحتلال الأجنبي واستمرار الحرب.
بعد سقوط حکم طالبان؛ حصلت دولة أفغانستان علی ملیارات الدولارات من المساعدات العالمیة، فبذلت شیئا من اهتمامها علی القطاع الصحي بجانب القطاعات الأخری. في عام 1369 ش کانت في أفغانستان 143 مرکزا طبیا، و 2504 طبیبا، و 557 صیدلیا، أما الآن ومنذ عام 1381 هـ ش في عقد ونصف العقد من الزمان ارتفع هذا الرقم إلی أضعاف ما کانت علیه من قبل.
وفقا لإدارة الإحصاء المرکزیة عام 1395هـ ش کانت توجد في أفغانستان 170 مستشفی حکوميا و 388 مستشفی أهلیا. کما کانت تعمل هناك حوالي 417 مرکزا صحیا کبیرا و923 مرکزا صحیا أساسیا و 833 مرکزا صحیا فرعیا في هذا العام.
وفقا لما قاله الدکتور فیروزالدین فیروز یوم الاحتفال بالیوم العالمي للصحة (18 حمل 1397 هـ ش) مع وجود الکثیر من المشکلات؛ إلا أن هناك تقدما ملحوظا حصل في مجال تقدیم الخدمات الطبیة، و وفقا لإحصائیات وزارة الصحة عام 2015 م حصل بالنسبة 60 في المائة من الشعب الأفغاني علی الخدمات الطبیة بقطع مسافة ساعة واحدة مشیا علی الأقدام، وبالنسبة 90 في المائة بقطع مسافة ساعتین مشیا علی الأقدام، في حین کان هذا الرقم عام 2002 م 9 في المائة فقط. وأضاف أیضا: عام 2002 م کان عدد وفیات الأمهات من کل 100 ألف أم؛ 1600 حالة، أما الآن في عام 2015م نزل هذا الرقم إلی 396 حالة، وانخفضت وفیات الأطفال تحت السن الخامس من 257 حالة وفاة في کل 1000 مولود إلی 55 حالة وفاة.
نظرا لهذه الأرقام؛ منذ عام 2001م کان الوضع الصحي في أفغانستان في تحسن مستمر من حالة غیر مقبولة، ولکن وبعد مضي عقد ونصف العقد من الزمن مستوی الوضع الصحي متدنٍ حسب المعاییر العالمیة، المستشفیات و المختبرات في أفغانستان لیست کافیة للمتطلبات الصحیة للشعب، و لهذا السبب یسافر عشرات الآلاف من الناس إلی خارج البلد سنویا لعلاج مرضاهم.
ازدیاد حالات الأمراض المختلفة
یعاني الأفغان الآن من أمراض هي سهلة العلاج في بلدان أخری تحولت بالنسبة للشعب الأفغاني إلی أمراض مهلکة، و من جهة أخری الأمراض الخطیرة و المهلکة مثل الإیدز و سرطان تزداد یوما بعد یوم. یموت آلاف من هؤلاء المرضی لعدم قدرتهم علی السفر إلی الخارج للعلاج.
مرض السل: مرض السل من الأمراض المعدیة القابلة للعلاج، وفقا لإحصائیات وزارة الصحة الأفغانیة هناك حوالي 2355 مرکزا صحیا تقدم الخدمات الطبیة لعلاج مرض السل في 34 محافظة، و مع ذلك یموت الآلاف سنویا بسبب هذا المرض.
وفقا لإحصائیات منظمة الصحة العالمیة، یصاب سنویا 61 ألف شخص بهذا المرض في أفغانستان، یموت 12 ألف منهم لفقد الخدمات الطبیة اللازمة حسب المعاییر الصحیة الدولیة.
الإیدز (HIV): الإیدز أو فیروس (HIV) من الأمراض الخطیرة التي یزداد عدد المصابین به في أفغانستان. وفقا للمعلومات المقدمة من وزارة الصحة الأفغانية؛ عدد المصابین بهذا المرض في أفغانستان حالیا یقدر بحوالي 7500 شخص یصعب علاجهم علی وزارة الصحة لقلة الخدمات والمواد الطبیة، ولهذا السبب یزداد عدد المصابین بهذا المرض کل سنة.
سرطان: سرطان من الأمراض غير معدية التي یزداد عدد حالات الإصابة به في أفغانستان وفقا لما قالته وزارة الصحة الأفغانیة. في الاجتماع العام الثاني لمؤسسة مکافحة السرطان (12 حمل 1397 هـ ش)، قال فیروزالدین فیروز، وزیر الصحة: یعالج في مرکز السیطرة علی السرطان 60 شخصا یومیا، وقد عولج 1300 مصابا بالسرطان في العام الماضي.
هذا؛ ویتم تحدید قرابة 20 ألف حالة من السرطان سنویا في أفغانستان وفقا لإحصائیات منظمة الصحة العالمیة، 15 ألف منهم یموتون نظرا لفقد الإمکانیات و الخدمات الطبیة. مع أن المسؤولین في وزارة الصحة الأفغانیة لایتحدثون عن إحصائیات دقیقة لعدد المصابین بالسرطان؛ إلا أنهم یؤکدون توقعاتهم بارتفاع عدد المصابین بمرض السرطان بالنسبة 50 في المائة خلال عشر سنوات القادمة.
المشکلات في مجال القطاع الصحي
- قلة المیزانیة: عدم المیزانیة الکافیة أحد أهم التحدیات أمام القطاع الصحي في أفغانستان. في الأسبوع الماضي (18 حمل 1397هـ ش) فیروزالدین فیروز وزیر الصحة الأفغانیة وفي احتفالیة بمناسبة الیوم العالمي للصحة ذکر نقص المیزانیة کأحد أهم التحدیات أمام القطاع الصحي في أفغانستان، وقال: خصص لکل فرد في أفغانستان حالیا لقاء الحصول علی الخدمات الطبیة مبلغ قدره خمسة دولارات في عام، وهذا المبلغ قلیل جدا بالنسبة للدول الأخری في العالم، ولحل المشکلات الموجودة في القطاع الصحي في أفغانستان نحتاج إلی میزانیة أکبر.
- الخدمات الطبیة ذات الجودة المنخفضة: مع أن مجال الخدمات الصحیة في أفغانستان تقدم من ناحیة الکمیة بشکل ملحوظ منذ عام 2001م بالنسبة للسنوات الماضیة؛ إلا أن الجودة المنخفضة في هذا المجال یشکل تحدیا کبیرا أمام الشعب الأفغاني. النقص في عدد الأطباء المتخصصین، وعدم وجود الوسائل الطبیة، واستخدام الأدویة ذات الجودة المنخفضة تعد مشکلات أساسیة تواجهها المراکز الطبیة في أفغانستان.
- الفساد الإداري: الفساد الإداري يستشري في القطاع الصحي كما يستشري في بقیة القطاعات. نظرا للفساد الإداري الموجود؛ تستورد الأدویة فاقدة الجودة من جهة، ومن جهة أخری تقدم هذه الأدویة للناس بواسطة أشخاص غیر متخصصین والذین لایملکون رخصا قانونیة، أو یستخدمون رخصا مزورة، وهذا هو الوضع في القری والمناطق البعیدة. والفساد الإداري له أثر سلبي علی عمل الصیدلیات والمستشفیات الأهلیة، کما أن له تأثیر سلبی علی عملیة المراقبة علی هذا القطاع بشکل مباشر.
- النقص في عدد الطبیبات: قضیة الطبیبات، هي الأخری من المشکلات المهمة في القطاع الصحي في أفغانستان. في المحافظات الأربع والثلاثين حالیا؛ هناك محافظات لاتوجد فیها طبیبة واحدة. فیروزالدین فیروز، وزیر الصحة الأفغانیة في مؤتمر المجلس الصحي قال: حالیا لاتوجد أي طبیبة في محافظات نورستان، وباکتیا، وزابل، وارزجان. ولذلک؛ یؤدي هذا إلی وفاة الأم أو الطفل في کثیر من المناطق البعیدة.
النهاية