التحدیات الموجودة أمام الانتخابات البرلمانیة القادمة

 

ضياءالإسلام شيراني / مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية

بعد حوالي ثلاث سنوات من تأخیر إجراء الانتخابات البرلمانة، أعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات أخیرا عن التأریخ النهائي لإجرائها، ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانیة ومجالس المدیریات في ۲۸ من شهر میزان من العالم الحالي.

ومع إعلان التأریخ النهائي لإجراء الانتخابات؛ بدأت عملیة تسجیل أسماء الناخبین في مراکز المحافظات بتأریخ ۲۵ حمل، ویستمر حتی ۲۳ من شهر ثور، وتنتقل بعد ذلك إلی المدیریات والقری. ولکن وبعد مضي أسبوعین؛ مستوی مشارکة الشعب في عملیة التسجیل ضعیف جدا وهذا أقلق المسؤولین في حکومة الوحدة الوطنیة.

رئیس اللجنة المستقلة للانتخابات تعهد یوم إعلان تاريخ الانتخابات علی عدم السماح للتزویر، وطلب من الشعب تعاونهم مع اللجنة للحد من التزویر. اما تأخیر ثلاث سنوات في إجراء الانتخابات البرلمانیة وعملیة تزویر واسعة في الانتخابات الماضیة؛ هي الأسباب التي جعل الناس لایثقون في نزاهة هذه العملیة.

نتحدث في هذا التحلیل حول کیفیة العملیة الانتخابیة الحالیة، والتحدیات التي تواجهها هذه الانتخابات، وأیضا نزاهتها وشمولها.

 

التأخیر في إجراء الانتخابات البرلمانیة

وفقا للبند الثاني من المادة الثالثة والثمانین من الدستور الأساسي لأفغانستان؛ تنتهي فترة عمل مجلس الشعب في الیوم الأول من شهر سرطان من السنة الخامسة له (مجلس الشعب) بعد إعلان نتائج الانتخابات، ویجب أن یبدأ المجلس الجدید عمله. لکن دولة أفغانستان لم تستطع إجراء الانتخابات في وقته القانوني والمحدد، وحسب الإعلان الصادر في ۲۹ من شهر جوزاء عام ۱۳۹٤ من رئاسة الجمهوریة؛ تم تمدید فترة عمل مجلس الشعب الحالي إلی إعلان نتائج انتخابات الدورة القادمة.

بعد مضي ثلاث سنوات، نتیجة للخلافات السیاسیة في البلد ومع إعلان زمن الانتخابات عدة مرات؛ لکن في کل مرة بسبب المشکلات والخلافات السیاسیة لم تنجح الحکومة في إجراء الانتخابات. وأعلن رئیس لجنة الانتخابات الأسبق في ۲۸ من شهر جدي عام ۱۳۹٤ أن الانتخابات البرلمانیة ستجری في ۲٤ میزان ۱۳۹٥ هـ ش، إلا أن هذا الإعلان لم یحصل علی الموافقة. أکد الرئیس التنفیذي للحکومة أن یجب إتمام جمیع الأمور بواسطة اللجنة الجدیدة، ویجب إصلاح النظام الانتخابي قبل إجراء الانتخابات البرلمانیة.

بعد حل قضیة الإصلاح الانتخابي في العام الثاني من تشکیل حکومة الوحدة الوطنیة، شکلت اللجان الانتخابیة بدأت بالعمل. مع أن حکومة الوحدة الوطنیة کانت تتحدث عن إجراء الانتخابات البرلمانیة عام ۱۳۹٦؛ إلا أن اللجنة الجدیدة للانتخابات أعلنت في الأول من سرطان عام ۱۳۹٦ أن الانتخابات البرلمانیة وانتخابات مجالس المحافظات ستجری في ۱٦ من شهر سرطان عام ۱۳۹۷.

ثم تغیير هذا التأریخ أیضا، وبسبب المشکلات التقنیة والمالیة والأمنیة أعلن ۲۸ میزان ۱۳۹۷ هـ ش تأریخا لإجراء الانتخابات البرلمانیة، وبهذا بدأ العمل لتنفیذ هذه العملیة، ومع ذلك یزداد عدم الثقة في کفایة اللجان الانتخابیة ونزاهة الانتخابات من قبل الشعب بسبب عدم وفاء الحکومة بتعهداتها.

 

کیفیة عملیة الانتخابات

بالنظر إلی قانون الانتخابات، یجب إعلان تاریخ الانتخابات قبل إجرائها بـ ۱۲۰ یوما، وعلی هذا؛ أعلن الأعضاء القیادیین في اللجنة المستقلة للانتخابات الأسبوع الماضي (۲ ثور ۱۳۹۷هـ ش﴾ في جلسة علنیة وبحضور الإعلامیین ومندوبي الأحزاب السیاسیة ومؤسسات المجتمع المدني عن تاریخ الانتخابات البرلمانیة ومجالس المدیریات.

وفقا للتاریخ المعلن عنه؛ سوف تتم عملیة التسجیل وإعداد الفهرس للناخبین من تاریخ ۲٥ حمل إلی ۲۳ ثور من مراکز المحافظات، ومن ۲٥ ثور إلی ۷ جوزاء في المدیریات، ومن ۹ إلی ۲۲ جوزاء في القری، وسیتم الإعلان عن الفهرس الکامل لجمیع الناخبین بتاریخ ۲۳ من شهر أسد.

ویکون تسجیل أسماء المرشحین في ٥ جوزاء إلی ۲۲ منه، والدعایات الانتخابیة في ٦ میزان إلی ۲٥ منه، ویتم  إعلان النتائج الابتدائیة للانتخابات البرلمانیة في ۱۹ عقرب والنتائج النهائیة في ۲۹ من شهر قوس، وإعلان النتائج الابتدائیة لانتخابات مجالس المدیریات سیکون في ۱۸ من شهر جدي، والنتائج النهائیة في ٤ من شهر دلو.

في هذه الانتخابات، تتم عملیة تسجیل الأسماء وأعداد الفهرس للناخبین الذین أتموا السن القانوني (۱۸ سنة) من بطاقة الهویة کإسناد وطني معتبر وجمیع أنواعها قابل للاعتبار. أما الذین لیس لدیهم بطابقة الهویة؛ بدأت إدارة الأحوال المدنیة توزیع بطاقات الهویة علی حوالي ۱۰ ملایین شخص قبل بدء عملیة تسجیل الأسماء في شهر حوت من العالم الماضي ۱۳۹٦، وتستمر العملیة حتی الآن، ولا یمکن الاستفادة من البطاقات الانتخابیة القدیمة في هذه الانتخابات.

الأشخاص الذین أتموا الشروط الانتخابیة، یتم تسجیلهم علی أساس البیانات الموجودة في بطاقة الهویة وبمراجعتهم إلی مراکز تسجیل الأسماء تاكيد ذلك خلف البطاقة باللاصق الأمني. وفي تأیید تسجیل الاسم خلف البطاقة؛ یکون الرقم المسجل الذي یخص الشخص، والمحل الانتخابي، ورقم المرکز الانتخابي. ولذلك لایستطیع الشخص أن یصوت في مرکز أو محل انتخابي آخر.

 

التحدي الذي یواجه الانتخابات

  • الوضع الأمني: یعد الوضع الأمني المتردي في البلد أحد أهم التحدیات أمام الانتخابات، لأن إجرائها الناجح والشامل یتعلق باستقرار الأمن في ربوع البلاد.

وفقا لتقریر (سیجار)؛ أکثر من أربعین في المائة من المدیریات إما تحت سیطرة طالبان أو تجري الحروب للسیطرة علیها. وازدیاد العملیات والتفجیرات لمعارضي الدولة في کابل العاصمة والمدن الکبیرة هو تحد آخر یواجهه الشعب الأفغاني والعملیة الانتخابیة في أفغانستان.

منذ بدء عملیة تسجیل الأسماء وحتی الآن حصلت عدة تفجیرات علی مراکز التسجیل وتوزیع بطاقات الهویة، وأکثرها دمویة هو الذي وقع الأسبوع الماضي في منطقة رقم ٦ علی مرکز للتسجیل في مدینة کابل وراح ضحیته حوالي ۷۰ قتیلا بینهم نساء وأطفال و أکثر من ۱۲۰ جریحا.

  • الآلیات الانتخابیة: حسب الآلیة الانتخابیة من اللجنة المستقلة للانتخابات، بطاقة الهویة هي الوسیلة الوحیدة للتصویت، لکن عند تسجیل شخص ما للتصویت؛ تلصق ببطاقته ورقة، وهذا الأمر تحول إلی مشکلة تقلق کثیرا من الشعب بسبب التهدیدات الأمنیة من المشارکة في عملیة التسجیل للتصویت، ولهذا لا یشارکون في عملیة التسجیل.

عبدالکریم متین والي ولایة غزني، قال بهذه المناسبة في جلسة إعلامیة الأسبوع الماضي: ثمانون في المائة من سکان غزني لا یقبلون إلصاق الورقة خلف بطاقاتهم عند التسجیل بسبب التهدیدات الأمنیة.

  • النزاهة: عدم ثقة الشعب بنزاهة العملیة الانتخابیة، هو تحد آخر أمام الانتخابات البرلمانیة. نظرا للتزویر والفساد الموجودین في العملیة الانتخابیة في سبعة عشر عاما الماضیة، وحتی انتخابات عام ۲۰۰۹ و ۲۰۱٤م تحولت العملیة الانتخابیة إلی أزمة في البلاد، وحصلت المواجهة بین الفرق الانتخابیة، وانخفضت درجة ثقة الشعب بعملیة التصویت وبالعملیة الانتخابیة في أفغانستان بشکل عام.

نظرا للتجارب الماضیة، یعتقد معظم الشعب أن الأشخاص یصلون إلی کراسي البرلمان عن طریق التزویر، ولا معنی لمشارکتهم في الانتخابات!

مع أن اللجنة المستقلة للانتخابات تتحدث عن النزاهة في العملیة الانتخابیة؛ إلا أن أعضاء مجلس الشيوخ الأفغاني ینتقدون عملیة توزیع بطاقات الهویة قائلین أن شخصا واحدا یستلم أکثر من بطاقة وبأسماء متعددة. علی سبیل المثال، جلالَي أکبري إحدی العضوات في المجلس قالت في الجلسة العامة أن أحد حراسها استلمت بطاقة الهویة ثلاث مرات.

 

هل هذه الانتخابات نزیهة وشاملة لجمیع المناطق؟

الانتخابات النزیهة والشاملة في بلد ما تتعلق بشکل مباشر بسیطرة الحکومة الکاملة علی کامل جغرافیا ذلك البلد وشعبه، وهذا یکون ممکنا إذا کان هناك نظام قوي وحکومة قویة تحکم ذلك البلد.

في أفغانستان أیضا؛ عدم سیطرة الحکومة علی کامل جغرافیا البلد، والوضع الأمني، وآلیة وکیفیة عملیة تسجیل أسماء الناخبین، القلق من الفساد والتزویر الموجودین في عملیة الانتخابات، هي الأمور التی ألقت بظلالها علی عملیة الانتخابات البرلمانیة وانتخابات مجالس المدیریات.

نظرا للتحدیات المذکورة؛ تقل رغبة الشعب أیضا لتسجیل أسمائهم. و وفقا للمعلومات المقدمة من اللجنة المستقلة للانتخابات؛ عدد المسجلین في جمیع أنحاء البلاد وصل إلی ۲۳۰ ألف فقط. حالیا حدد شهران من قبل لجنة الانتخابات لعملیة التسجیل، نظرا للأسبوع الأول من هذه العملیة سیتم تسجیل حوالي ملیوني شخص فقط إلی نهایة هذه الفترة، في حین وفقا لمعلومات لجنة الانتخابات؛ فإن حوالي ۱۳ ملیون إلی ۱٤ ملیون یستوفون شروط التصویت في الانتخابات. لذلك؛ ربما تفقد هذه العملیة مشروعیتها لو استمرت بهذا البطء.

الوضع الأمني المتردي للبلد بشکل عام، ومطالبة الشعب بمقاطعة الانتخابات من قبل طالبان، ضعف توعیة الشعب حول الانتخابات، والفساد والتزویر الموجودین، والآلیة الموجودة في طریقة إجراء الانتخابات، تلك هي التحدیات أمام نزاهة وشمول الانتخابات البرلمانیة وانتخابات مجالس المدیریات.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *