الانتخابات الرئاسية الأفغانية 2019 وتحدياتها

 

أعلنت اللجنة الانتخابية المستقلة الأفغانية الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 20 أبريل 2019. صرح الدكتور عبد البدیع صياد، رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات في مؤتمر صحفي، إن اللجنة الانتخابية المستقلة الأفغانية عينت التاريخ المذكور حسب الدستور وقانون الانتخابات، والبحث حول مختلف جوانب الظروف التشغيلية والمالية والإدارية والأمنية والمناخية في البلاد، بالتشاور مع ممثلي الأحزاب السياسية، ونشطاء في المجتمع المدني ومؤسسات لمراقبة الانتخابات.

يتم تحديد موعد الانتخابات الرئاسية من قبل اللجنة الانتخابية المستقلة الأفغانية، في حين أنها تستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية بعد تأخير ثلاث سنوات عن موعدها القانوني. على الرغم من أن 20 أكتوبر 2018 هو موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، إلا أن مصيرها لا يزال غير واضح بسبب وجود تحديات أمنية ومعارضة من الأحزاب السياسية ومزاعم بالاحتيال والتزوير.

يتناول هذا التحليل الانتخابات الرئاسية لعام 2019م، والتحديات التي تواجهها، والمصير الذي ستواجهه حكومة الوحدة الوطنية؟

 

الانتخابات الرئاسية

بموجب المادة 61 من الدستور الأفغاني، يتم انتخاب الرئيس، بأغلبية تزيد عن خمسين بالمائة من الأصوات، عن طريق الاقتراع الحر والعام والسري والمباشر. تنتهي ولاية الرئيس في  أول الشهر الثالث من العام الهجري الشمسي للسنة الخامسة بعد الانتخابات، وتجري الانتخابات لتحديد الرئيس الجديد في غضون ثلاثين إلى ستين يومًا قبل نهاية عمل الرئيس.

إن حكومة الوحدة الوطنية، التي أُنشئت في أعقاب أصعب انتخابات رئاسية عام 2014، قد دخلت في العام الأخير من عملها بجميع مشاكلها وعيوبها، ووفقًا للدستور الأفغاني، في اليوم 22 من مايو 2019م ستنتهي ولاية الرئيس رسميًا، وينبغي أن تجرى الانتخابات ليتولى الرئيس الجديد زمام الأمور.

وقد صرح الرئيس غني مرارًا وتكرارًا في ولايته الحالية بأن الانتخابات الرئاسية ستعقد في موعدها وفقًا للدستور الأفغاني. وفي المرة الأخيرة، أكد الرئيس غني، في الندوة الوطنية الخامسة للمرأة، مرة أخرى أن وظيفته ستكتمل في 22 من مايو 2019 وأنه وفقا للدستور الأفغاني فإن إجراء الانتخابات الرئاسية أمر لا بد منه.

ومع ذلك، وكما أكد الرئيس غني مرارا على إجراء الانتخابات البرلمانية، شهد الشعب الأفغاني تأخيرا لمدة ثلاث سنوات. ومع أن الحكومة الأفغانية تمكنت بعد ثلاث سنوات من التأخير في إجراء الانتخابات البرلمانية من الإعلان عن 28 ميزان هذا العام (20 أكتوبر 2018) باعتباره الموعد النهائي لإجراء الانتخابات البرلمانية. وعلى الرغم من أن اجراءات عملية لتنفيذ هذه العملية مستمرة، ولكن الآن بالنظر إلى الوضع الأمني ​​للبلاد، والخلافات بين الأحزاب السياسية والحكومة، ووجود انتقادات للآلية الانتخابية، والفساد والتزوير في هذه العملية، فإن مصير الانتخابات البرلمانية لا يزال مجهولاً.

 

هل ستجرى الانتخابات الرئاسية؟

حددت اللجنة الانتخابية المستقلة الأفغانية موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ رحبت بها الحكومة في حالة تعاني من أزمات أمنية وسياسية واقتصادية صعبة. ولكن السؤال هو أنه في وقت أقل من عام – في حين أن مصير الانتخابات البرلمانية لا يزال غير واضح – هل من الممكن أن تقوم الحكومة الأفغانية بإجراء الانتخابات الرئاسية وفقا لدستور البلاد في الوقت المحدد؟

مع أخذ بعض النقاط التالية بعين الاعتبار، يبدو أن إجراء الانتخابات الرئاسية لعام 1398هـ.ش (2019) قد لا يكون ممكنا في موعدها المقرر 31 حمل 1398 (20 أبريل 2019):

الوضع الأمني: يعتبر انعدام الأمن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الانتخابات الرئاسية الأفغانية المقبلة. وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن مكتب SIGAR، يخضع أكثر من 42٪ من أراضي أفغانستان إلى سيطرة أو تأثير المعارضة المسلحة للحكومة الأفغانية. من ناحية أخرى ومع حكومة الوحدة الوطنية، ولا سيما في العامين الماضيين، ازدادت التهديدات الأمنية لداعش. استهدفت داعش في الأشهر الأخيرة، بالإضافة إلى المنظمات العسكرية، الإدارات العامة والمدنية والمدارس والمساجد عدة مرات لهجماتهم الدامية. وقتل وجرح أكثر من 120 شخصا في الهجوم الأخير على المصلين داخل مسجد بولاية بكتيا.

الميزانية: على الرغم من أن لجنة الانتخابات قالت إنه لما تتعين ميزانية للانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن عبد البديع صياد، رئيس لجنة الانتخابات، في يوم الإعلان الرسمي عن موعد الانتخابات الرئاسية لعام 1398، قال إنه يطلب من المجتمع الدولي والحكومة تمويل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

قالت الحكومة الأفغانية إنها ستوفر جميع التسهيلات المتاحة للجنة الانتخابات المستقلة. وإن كان الممالك الممولة تعهدت لدفع تكاليف الانتخابات الرئاسية، لكنهم يصرون على ضرورة ضمان تبديد الأموال. وفي الوضع الحالي، تعتبر هذه إحدى المشاكل الخطيرة، حيث إن الفساد الإداري لا يزال من أهم التحديات أمام الحكومة الأفغانية.

مصير الانتخابات النيابية: كيفية الانتخابات البرلمانية لها تأثيرات مباشرة على الانتخابات الرئاسية. في حين تتهم الأحزاب السياسية الحكومة بالتدخل في عمل اللجان ولا تقبل الآلية الحالية لإجراء الانتخابات، وإن لم تقدر اللجنة الانتخابية المستقلة إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في الوقت المحدد دون نزاع، فمن المرجح أيضا عدم قدرة اللجنة على إجراء الانتخابات الرئاسية.

 

الخلاصة

فيما يتعلق بكيفية إجراء انتخابات عام 2014م، والتي أجريت بعد نقاش طويل وتأجيل لمدة أربعة أشهر، فإن المشاكل المذكورة أعلاه، والتأخير السنوات الثلاثة للانتخابات البرلمانية الحالية، تنبئ بأن عقد الانتخابات الرئاسية لن يكون ممكنا  في موعدها المقرر.

إن المواجهات الأخيرة لبعض الأحزاب السياسية والحكومة الأفغانية أثرت في وخامة الوضع السياسي في البلاد. تريد الأحزاب السياسية تغيير النظام الانتخابي، وإلغاء عملية تسجيل الناخبين، وتوظيف القياسات الحيوية لتسجيل الناخبين. وإذا استمر الوضع الحالي واضطرت الحكومة لقبول رغبات الأحزاب، لا يمكن أن يتم الانتخابات في موعدها المقرر، لأن الأمر يتطلب من الحكومة الوقت والميزانية، وهذا ما لا تقدر عليه الحكومة الأفغانية وسيتأخر موعد الانتخابات لا محالة.

من ناحية أخرى، تعتبر قضية مفاوضات السلام مع طالبان، والتي أصبحت أكثر حرارة من أي وقت مضى، قضية مهمة في عقد الانتخابات الرئاسية المقبلة وعدم عقدها. لأنه إذا كانت محادثات السلام مستمرة مع طالبان، فمن المرجح أن تتأخر الانتخابات الرئاسية المقبلة عن الموعد الذي قرر اللجنة الانتخابية المستقلة، ويتم تمديد وقت حكومة الوحدة الوطنية بغية الوصول إلى نتيجة المحادثات مع حركة طالبان، وأما إذا اتفق الحكومة وطالبان على السلام، فمن المرجح أن يتم الإعلان عن حكومة مؤقتة، وإجراء انتخابات رئاسية وبناء نظام جديد في البلاد.

فضلا عن هذا، إذا أرادت الحكومة الأفغانية إجراء الانتخابات الرئاسية بشكل رمزية في ظل دعم الدول الأجنبية، دون تأمين الأمن ومراعاة المصالح السياسية للبلد، فلربما تكررت تجربة انتخابات 2014م، وستواجه البلاد أزمة مرة أخرى.   انتهى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *