مخاوف بشأن الشفافية في نتائج الانتخابات البرلمانية
عقدت انتخابات المجلس التشريعي السابع عشر لمجلس النواب الأفغاني في 20-21 من شهر أكتوبر باستثناء محافظتي غزنة وقندهار. وعلى الرغم من إجراء الانتخابات في محافظة قندهار بعد أسبوع من التاريخ المذكور، إلا أنه من المقرر إجراء هذه الانتخابات في محافظة غزنة مع الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
مع أن اللجنة الانتخابية المستقلة قالت في وقت سابق أن النتائج الأولية ستعلن في 10 من شهر نوفمبر وسيتم الإعلان عن النتائج النهائية في 20 من شهر ديسمبر، ولكن أرجأت اللجنة إعلان النتائج الأولية لمدة أسبوعين الأسبوع الماضي. وقد أثار هذا التأخير في الإعلان عن النتائج الأولية شكوك ومخاوف بشأن الاحتيال والصفقات الخفية في اللجان الانتخابية.
ما هي المشاكل الفنية والتنظيمية في عملية الانتخابات؟ وما هي الشكوك والمخاوف بشأن التزوير والصفقات المخفية في نتائج الانتخابات؟ من سيشغل مقاعد المجلس التشريعي السابع عشر؟ وما هو أثر الانتخابات البرلمانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ هي أسألة نحاول الإجابة عنها في هذا الجزء من التحليل الأسبوعي.
المشاكل الفنية والتنظيمية في الانتخابات
أُجريت انتخابات مجلس النواب بعد ثلاث سنوات من موعدها المقرر، في حين لم يتمكن كل مواطن مؤهل من التصويت بسبب المشكلات الأمنية في البلاد من جهة، مع أن العملية سايرها التزوير وسوء التنظيم.
يمكننا الإشارة إلى بعض المشكلات الفنية والتنظيمية في عملية الانتخابات على ما يلي:
أولاً: لقد كانت مشاركة الناس في عملية التصويت في المناطق الآمنة بما فيها كابول، لافتة للنظر، ولكن سوء الإدارة من قبل اللجنة المستقلة للانتخابات كان من أهم المشكلات في هذه المناطق. في اليوم الأول من الانتخابات، افتتح معظم مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين بتأخير مما أدى إلى تمديد عملية التصويت إلى اليوم الثاني على التوالي، وبالتالي تم إرسال قوائم الناخبين إلى بعض المراكز بدلا من مراكز أخرى مما سبب في حرمان البعض من التصويت بسبب عدم وجود أسمائهم في القوائم، وأيضا مشاكل الأجهزة البيومترية وعدم إلمام موظفي اللجنة الانتخابية والناخبين بهذه الأجهزة، ومشاكل أخرى واجهت العملية بتحديات شتى.
ثانياً: كانت العملية مصحوبة بسوء التنظيم واحتيال واسع النطاق في يومي الانتخابات، والتي أثارت قلق منظمات ومؤسسات مراقبة الانتخابات. واستناداً إلى المعلومات التي تلقاها مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية (CSRS)، فإن صناديق الاقتراع في معظم المناطق التي لم يتم التصويت فيها على الإطلاق لأسباب أمنية قد وصلت إلى لجنة الانتخابات مليئة بأوراق التصويت. على سبيل المثال، رغم عدم مشاركة الناخبين في عملية الاقتراع في منطقة “تالا وبرفك” في محافظة قندوز، تم ملء صناديق الاقتراع بـ7000 صوت مزورة لصالح مرشح معين من قبل قائد محلي. كما تم إحصاء 3500 صوتا من قريتين في مديرية جغتو في محافظة وردك، رغم عدم وجود أي مراكز الاقتراع هناك. وعلى غرار ذلك، فقد تم بيع الأصوات في مناطق مختلفة من البلاد أو تم ملء صناديق الاقتراع لصالح بعض المشرحين من قبل سماسرة السلطة والقادة الأقوياء، أو حتى في بعض المناطق التي لم يتم التصويت فيها لأسباب أمنية ولم يتم نقل المواد الانتخابية إلى تلك المناطق، تم ملء صناديق الاقتراع لصالح بعض المرشحين داخل اللجنة.
اتهامات حول هندسة الانتخابات
بعد انتهاء عملية التصويت ونقل صناديق الاقتراع إلى مكاتب اللجنة الانتخابية في المحافظات ومن ثم إلى المكتب المركزي للجنة، رفع مراقبو المرشحين صوتهم حيال التزوير والتدخل في النتائج داخل اللجنة مرة أخرى. العامل الأساسي لهذه الشكوك والمخاوف هو التأخير في الإعلان عن النتائج الأولية مما يؤدي إلى شكوك بشأن توفير أرضية للاحتيال وهندسة النتائج.
بناء على معلومات وصلت إلى مركز الدراسات الاستراتيجية والإقليمية، هناك تدخلات في عملية فرز الأصوات لصالح بعض المرشحين. يزداد عدد أصوات بعض المرشحين وتقل أصوات الآخرين. وفقاً لبعض المراقبين للمرشحين، فإن عدد الأصوات التي تم عدها وفقا لقوائم الأصوات في مراكز الاقتراع يوم الانتخابات، لا ينطبق على العدد الحالي من أصوات مرشحيهم. كما يقولون إن أرقام رموز الصناديق التي لاحظوها أيام الانتخابات قد تغيرت الآن وعليه يبدو أن هناك احتيالات في عملية فرز الأصوات.
وتشير المعلومات التي تلقاها المركز إلى وجود صفقات خفية في اللجان الانتخابية تتراوح بين 500 ألف إلى مليون ونصف مليون دولار للحصول على مقعد في مجلس النواب مما أثار قلق بعض المرشحين حول شفافية النتائج النهائية.
إلى جانب ذلك، هناك شائعات بأن القصر الرئاسي الأفغاني (ARG) قد يبذل جهودًا لنجاح بعض مرشحيه المفضلين للدخول إلى البرلمان، ثم العمل لصالح الفريق الحالي في الانتخابات الرئاسية القادمة.
من سيشغل مقاعد مجلس النواب؟
كان هناك أكثر من 2500 مرشح في الانتخابات البرلمانية من فئات وأفكار مختلفة من المجتمع، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي سيشغل مقاعد البرلمان؟ نظرا لكيفية إجراء الانتخابات يعتقد محللو المركز، أن شاغلي المقاعد في مجلس النواب الجديد سيكونون من بين المجموعات التالية:
الأول: سيفوز المرشحون الذين يلتزمون بمصالح أمريكا والحكومة الأفغانية، لأن الحكومة لا تريد تشكيل برلمان يعارض الحكومة في المستقبل.
الثاني: مرشحو الأحزاب السياسية هم الفئة الأخرى التي يفترض أن تكون ناجحة في الانتخابات، لأن لديهم دعم سياسي من أحزابهم ويمكنهم الصفقات الخفية للوصول إلى مجلس النواب.
الثالث: هناك احتمالات لدخول سماسرة السلطة والقدرة، والأثرياء أو رجال الأعمال إلى البرلمان؛ لأنهم سيحاولون الدخول إلى البرلمان بأي وسيلة ممكنة للحصول على دعم سياسي لحماية ثروتهم وزيادتها.
الرابع: فضلا عن تلك الفئات الثلاثة، فإن عدداً من الوطنيين والموالين سيدخلون أيضا إلى البرلمان، وهم الذين يرغبون في تمثيل شعبهم وخدمة البلاد دون الحصول على مصالح شخصية.
أثر الانتخابات البرلمانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة
يدل إجراء الانتخابات البرلمانية بعد ثلاث سنوات من التأخير، وذلك مع هذا الحجم الكبير من التزوير وسوء التنظيم، على ضعف إدارة اللجنة المستقلة للانتخابات وعدم استيعابها لهذه العملية.
وقد تضرر ثقة الناس في اللجنة الانتخابية المستقلة بشدة لوجود هذه المشكلات المذكورة أعلاها، ولو تأخرت نتائج الانتخابات البرلمانية من موعدها المقرر، وظهرت تزويرات أخرى فضلا عما وجد حتى الآن، ستكون الثقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة صعبا على الناس.
على الرغم من التهديدات الأمنية التي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الناخبين، فقد حضر الناس مراكز الاقتراع وأدلوا بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية. ولكن إذا لم يتم احترام بأصواتهم من قبل اللجنة الانتخابية المستقلة وإذا لم يتم الفصل بين الأصوات المزورة والأخرى النظيفة، فإنها تعتبر ظلما في حقهم من جهة، ومن جهة أخرى ستؤدي إلى عدم ثقة الناس في اللجنة الانتخابية المستقلة ولن يخرجوا من منازلهم تحت هذه الظروف والإدلاء بأصواتهم مرة أخرى.
انتهى