حالة المدمنين في أفغانستان
يقضي معظم المدمنين أيامهم ولياليهم في شوراع وطرقات المدن حيث يموت العشرات منهم عند مقدم الشتاء. حسب تصريحات المسؤولين المعنيين بالشأن يجد عمال البلدية في كل أسبوع نحو 10 جثث معظمها جثث المدمنين ويقومون بدفنهم. كما أن هناك قلقا لدى المسؤولين حول تزايد هذا العدد مع ارتفاع درجة البرودة في الشتاء.
بالإضافة إلى المصائب العديدة التي يكابدها الشعب الأفغاني، تُعد زراعة وتهريب المخدرات من الأنشطة التي أضرب بالشعب الأفغاني كثيرا. على إثر تزايد زراعة المخدرات ازداد عدد المدمنين يوما بعد يوم، وكما تفيد إحصائيات منشورة من مراكز داخلية ودولية فإن العدد الإجمالي للمدمنين في أفغانستان يبلغ مئات الآلاف.
نسلط الضوء في هذه المقالة على عدد المدمنين في العالم وحالة المدمنين في أفغانستان وأسباب الولوج في دوامة الإدمان وتأثيرات تواجد المدمنين على المجتمع.
مدمنو المخدرات
تعاطي المخدرات يُعد مشكلة عويصة في العالم حيث يُدمن الملايين تعاطي المخدرات. هناك نحو 255 مليون شخص في العالم يتعاطون المخدرات وفق إحصائية مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة UNOCD. إذا افترضنا عدد سكان العالم 6 مليارات نسمة فسنجد أن نسبة 4.25% من سكان هذا الكوكب مصابون بإدمان المخدرات.
بلغ سكان أفغانستان في عام 2017 عدد 29.7 مليون نسمة وفق مكتب الإحصائية المركزي بأفغانستان، ومن ثم تُقدر المراكز المعنية بمكافحة تعاطي المخدرات أن هناك نحو 3 ملايين مواطن أفغاني أدمنوا تعاطي المخدرات بما يجعل نسبتهم 10% من إجمالي سكان البلد. من بين هؤلاء المدمنين 800 ألف امرأة و 100 ألف طفل. من جانب آخر، نحو 500 ألف شخص فقدوا شخصيتهم الاجتماعية وصاروا يتسكعون في شوارع العاصمة دون مأوى. بقية المدمنين تقل درجة توغلهم في تعاطي المخدرات ومن ثم يقضون حياتهم مع أسرهم بعيدا عن التشرد في الشوارع والطرقات.
وضع المدمنين
من جانب أدى زرع وتعاطي المخدرات إلى تشويه سمعة ومكانة أفغانستان، ومن جانب آخر تسبب وجود 3 ملايين مدمن في البلد إلى خلق أزمة إنسانية كبيرة تواجه أفغانستان وشعبها.
في الوقت ذاته تحولت كابل إلى مركز كبير لإيواء المدمنين حيث يقطنون بأعداد كبيرة في حدائقها وشوارعها وطرقاتها وأسواقها، ومعظم هؤلاء يفقدون أرواحهم في موسم الشتاء القارس. كما أن المدمنين يحتشدون في أماكن عديدة ويتعاطون المخدرات في الأماكن العامة.
تحاول الحكومة الأفغانية معالجة هذه الطبقة المدمنة وقد بنت مراكز صحية لإيوائهم ومعالجتهم، إلا أن استيعاب هذه المراكز الصحية لا يكفي لاحتواء المدمنين لكثرتهم ولذا لم تنجح الحكومة في ما رمت إليه من إيقاف هذه الظاهرة.
صرحت وزارة الصحة العامة الأفغانية بأن الحكومة بنت 170 مركز يتم فيها معالجة المئات من المدمنين كل عام بالإضافة إلى عشرات المستشفيات الخاصة، إلا أن 70% من المدمنين المعالَجين يرجعون إلى الإدمان.
أسباب اللجوء إلى الإدمان
العوامل الرئيسية التي تدفع إلى إدمان المخدرات في أفغانستان كالتالي:
الحرب واستمرارها: عقود طويلة متتالية من الحرب في أفغانستان تسببت في توفير بيئة خصبة لزراعة وتوليد الأفيون مما حول أفغانستان إلى مركز كبير لزراعة الأفيون في العالم وزامن ذلك ارتفاع عدد المدمنين في أفغانستان.
الفقر والبطالة: يُعد الفقر والبطالة من العوامل المهمة الدافعة لإدمان المخدرات. وفق ما نشره البنك الدولي يعيش نحو 40% من الشعب الأفغاني تحت خط الفقر كما أن هناك نحو 2 مليون مواطن لا يجدون عملا رغم كفاءتهم على العمل، ومن هنا نجد أن عددا كبيرا من المدمنين من فئة الشباب.
الهجرة: أدت الهجرة إلى الدول الأخرى وخصوصا الدول المجاورة إلى ارتفاع عدد مدمني المخدرات في أفغانستان. على سبيل المثال يقع معظم المهاجرون الأفغان الذين هاجروا إلى إيران في دوامة الإدمان.
سهولة الحصول على المخدرات: بسبب الفساد وضعف أدوات إدارة الحكم في البلد صار من السهل جدا الحصول على المخدرات في أفغانستان. يسهل على جميع الأفراد أن يحصلوا على المخدرات في كل مكان في أفغانستان. تسهيل الحصول على المخدرات وقلة القيودات والرقابة على الاتجار بالمخدرات تسببا بشكل عمدي في تمهيد السبل لتعاطي وإدمان المخدرات.
الآثار السلبية لظاهرة المدمنين على المجتمع
تسببت ظاهرة انتشار المدمنين في الآثار السلبية التالية على المجتمع الأفغاني:
أولا: تسبب ازدياد عدد المدمنين في ارتفاع عدد جرائم السرقة والجنايات الأخرى. يحتاج المدمنون إلى المال لشراء المخدرات ومن ثم ينتحلون مهنة السرقة والإجرام للحصول على المال. وفق تقارير إخبارية فإن المدن تعج بجرائم السرقة التي يقوم بها المدمنون. صرح رئيس شرطة ولاية كابل بأنه رغم تأسيس وحدة قوات خاصة بمكافحة السرقة التي هي في الغالب تحصل من المدمنين إلا أن المدمنين ما زالو يدخلون البيوت والمباني خلسة ويقومون بجريمة السرقة. كما أنهم ينهبون المواطنين ليلا ويسلبون أموالهم وحاجياتهم ليبيعوها ويقدروا على شراء المخدرات.
ثانيا: أدى تزايد عدد المدمنين إلى المزيد من التلوث في المدن. توجد في كابل حدائق محدودة يقطنها المدمنون، كما يتواجد المدمنون بكثرة في الطرقات.
ثالثاً: السماح للمدمنين بالحركة بحرية في المدن يؤدي إلى حث الآخرين على إدمان المخدرات. يقع الشباب فريسة إدمان المخدرات في الغالب جراء مصاحبة المدمنين.
النهاية