تعديل قانون الانتخابات؛ خطوة نحو شفافية الانتخابات

 

الحكومة الأفغانية وبعد عدة جلسات تشاورية وبحضور بعض من المرشحين وممثلين لعدد منهم، وممثلي الأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية المتعلقة بالانتخابات؛ شكلت لجنة فنية بهدف إجراء تعديلات في قانون الانتخابات والإصلاحات في اللجان الانتخابية.

هذه اللجنة والتي كانت في تركيبتها ممثلو الأحزاب السياسية وممثلو المرشحين للانتخابات والمؤسسات المهتمة بها؛ قدمت باتفاق مسودة نهائية لتعديل قانون الانتخابات، وتم تأييدها الأسبوع الماضي (۲۳ من شهر دلو ۱۳۹۷هـ ش) من قبل مجلس الوزراء، وأصدر رئيس الجمهورية أمرا بتنفيذها.

بالتزامن مع تأييد والأمر بتنفيذ قانون الانتخابات الجديد تم عزل رؤساء اللجان الانتخابية وأعضائها، كما صدر أمر بمنعهم من السفر إلى الخارج من قبل الإدعاء العام.

النظام الانتخابي في أفغانستان، وكيفية التعديلات الواردة في قانون الانتخابات، والآمال المعقودة في نزاهة النظام الانتخابي وأيضا القلق بشأن تنفيذ التعديلات الجديدة في قانون الانتخابات؛ من الأمور التي نتطرق إليها في هذا التحليل.

 

نظام الانتخابات في أفغانستان

وفقا لقانون الانتخابات القديم في أفغانستان، فإن طريقة النظام الانتخابي في البلاد، كان نظاما انتخابيا الرأي الواحد وغير قابل للانتقال (SNTV). هذا النظام أكثر ما يستخدم في الدول التي تجربتها جديدة في الانتخابات. في هذا النظام الانتخابي يحق لكل واحد من الناخبين أن يصوت مرة واحدة، وليس صوتهم قابلا للانتقال. يعني لا يمكن لأصوات الناخبين الانتقال إلى المرشحين الآخرين أو الأحزاب السياسية الأخرى. على سبيل المثال: إذا كانت هناك مقاعد عدة في دائرة انتخابية؛ فإن المرشحين الذين يحصلون على آراء أكثر يعتبرون فائزين.

بعد سقوط حكم طالبان في أفغانستان لم تكن هناك حزب يستطيع أن يدخل مسرح التنافس مع المنظمات الجهادية. ويُعتقد لذلك أن المجتمع الدولي اختار نظام الرأي الواحد وغير قابل للانتقال للانتخابات في أفغانستان لأمور سياسية؛ ولو لم يحدث ذلك فإن المنظمات الجهادية كانت هي الفائزة في الانتخابات نظرا لإمكانياتها وسابقتها في سياسة البلاد.

بعد سقوط نظام طالبان وقيام الحكومة الجديدة، وطيلة ۱۸ عاما الماضية التي كان النظام الانتخابي في أفغانستان على أساس الرأي الواحد وغير قابل للانتقال؛ وقد منع هذا الأمر الأحزاب السياسية في البلاد من التقدم والتنمية.

 

تعديل قانون الانتخابات

تم إدخال التعديلات في اللجان الانتخابية طبقا لاتفاقية حكومة الوحدة الوطنية بعد انتخابات عام ۲۰۱٤م الرئاسية؛ لكن هذه التعديلات لم تؤدِّ إلى إيجاد إصلاحات أساسية في لجنة الانتخابات المستقلة. تأخير ثلاث سنوات في الانتخابات البرلمانية وإجراؤها بشكل سيء للغاية والتي لم تعلن نتائجها حتى الآن في كثير من المحافظات؛ كل ذلك دليل على الضعف في عمل اللجنة.

تعديل قانون الانتخابات وإجراء الإصلاحات في اللجان الانتخابية؛ أحد وعود حكومة الوحدة الوطنية ومطالبة الأحزاب السياسية والمؤسسات المشرفة على الانتخابات والمؤسسات الدولية المساعدة للانتخابات في أفغانستان، والحكومة أقدمت في النهاية على هذه الخطوة وكونت لجنة مكونة من ممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المرشحين لرئاسة المؤسسات ذات العلاقة بالانتخابات.

المواد ۱۱، و۱۲، و۱۳، و۱٤، فقرة (۳) من المادة ۱٦، و۱۹، و۲۱، و۲۲، و۲۳، و۲۸، و۲۹، فقرة (۱) من المادة ۳۱، و۳۲، و۳۳، و٤۱، فقرة (۲) من المادة ٦۱، فقرة (۲) من المادة ٦٤، فقرات (۲ و۳) من المادة ۷٤، ۷۹، الجزء ۲ لفقرة (۱) وفقرة (٥) من المادة ۸۳، والمواد ۸٥، و۸۹، و۹۳ وفقرات (٤ و٥) من المادة ۹٤ وفقرة (۱) من المادة ۱۰۸ من المواد التي تم تعديلها في قانون الانتخابات المنتشرة في الجريدة الرسمية رقم ۱۲۲٦ سنة ۱۳۹٥هـ ش. نذكر هنا أمورا مهمة:

تغيير نظام الرأي الواحد وغير قابل للانتقال إلى نظام كثير الأبعاد: النظام الانتخابي كثير الأبعاد (MDR) يندرج تحت فروع النظام التناسبي. في هذا النظام يتم تشكيل فهرس الناخبين على ثلاثة أقسام: “فهرس لائتلاف المرشحين المستقلين؛ وفهرس لائتلاف الأحزاب السياسية؛ وفهرس للأحزاب السياسية” . في هذا النظام الآراء تكون قابلة للانتقال داخل كل فهرس. المؤيدون لهذا النظام يقولون أن النظام كثير الأبعاد يهيؤ فرصة للتنافس بين المرشحين المستقلين والمشاركة العادلة والإشراف الكامل من قبل الأحزاب السياسية.

في المادة الثانية من أمر الرئيس غني بشأن تعديل قانون الانتخابات يقال “إن الانتخابات القادمة ستجرى حسب النظام الانتخابي كثير الأبعاد. اللجنة المستقلة للانتخابات وبالتعاون مع الأحزاب السياسية المسجلة في وزارة العدل ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالانتخابات اتخذت التدابير اللازمة وعليها تقديم طرحها بالإضافة إلى تعديل قانون الانتخابات خلال شهر واحد بعد بدء عمل اللجنة لتأييد الحكومة”.

حذف لجنة الانتخاب: كان على لجنة الانتخاب تعريف ۲۱ شخصا إلى رئيس الجمهورية من الذين تم تعريفهم للعضوية في اللجنة وكانت لديهم معايير قانونية أرفع وأنسب مع مراعاة التركيبة القومية والجنسية وبرؤية سيرتهم الذاتية ومستنداتهم، وكان على الرئيس اختيار أعضاء اللجنة من بين هؤلاء مع مراعاة التركيبة القومية والجنسية.

مع إجراء التعديلات في قانون الانتخابات تم حذف لجنة الانتخاب. وطبقا للقانون الجديد كل حزب مسجلة في وزارة العدل يقدم شخصا لرئيس الجمهورية وكل مؤسسة مدنية ذات العلاقة بالانتخابات تقدم ۱٥ شخصا الذين استوفوا الشروط خلال سبعة أيام لتعيين أعضاء اللجنة ولجنة سمع الشكاوي على أن يكون خمسة منهم من النساء على الأقل.

جاء في القانون: إذا كان رئيس الجمهورية مرشحا لهذا المنصب مرة أخرى؛ فإن رئيس الجمهورية وكل من المرشحين لرئاسة الجمهورية يصوتون في هذه الحال لأربعة عشر شخصا (سبعة أشخاص للجنة الانتخابات، خمسة اشخاص للجنة سمع الشكاوي، شخصان لرؤساء إدارة اللجنة). رئيس الجمهورية يختار في الدور الأول سبعة أشخاص الذين حصلوا على آراء أكثر لعضوية اللجنة مع مراعاة التركيبة القومية والجنسية على أن يكون اثنان منهم من النساء بالترتيب الآتي:

أربعة أعضاء لمدة خمس سنوات

ثلاثة أعضاء لمدة ثلاث سنوات

استخدام مؤظفين دائمين: المؤظفون الدائمون في الإدارة ومكاتب اللجنة في المحافظات يتم استخدامهم طبقا لخطة العمل الخاص التي يتم تأييدها من قبل اللجنة وبمشاركة اللجنة المستقلة للإصلاحات الإدارية والخدمات المدنية عن طريق التنافس الحر.

لجنة سمع الشكاوي الانتخابية: لجنة سمع الشكاوي الانتخابية فيها خمسة أعضاء. طبقاللقانون الجديد من أجل نزاهة أكثر والاستماع إلى الاعتراضات والشكاوي التي تنشأ من المخالفات الانتخابية؛ تستطيع الحكومة وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة تعيين شخصين متخصصين دوليين في شؤون الانتخابات كعضوين بارزين في مركز الشكاوي من دون إذن.

استخدام النظام الإلكتروني: طبقا للقانون الجديد فإن على اللجنة المستقلة للانتخابات اتخاذ الإجراءات لتسريع العملية الانتخابية وضمان النزاهة حتى تتم جميع مراحل العملية الانتخابية إضافة إلى تسجيل الأسماء وتعيين الناخبين طبقا لخطة عمل متعلقة باستخدام النظام الإلكتروني وتكنولوجيا بايومتريك.

وعلى اللجنة أيضا التقييم التكنولوجي للنظام المذكور بواسطة الأطراف المعتبرة المحلية والدولية قبل استخدامه.

 

النتيجة

بالنظر إلى الانتخابات الماضية وعمل اللجان الانتخابية؛ فإن نظام الانتخابات في أفغانستان وكيفية بناء اللجان الانتخابية يحتاج إلى إصلاح وتعديل. مع أن الحكومة الأفغانية تأخرت في مبادرتها بهذا الشأن؛ إلا أن المبادرة مهمة وتعزز الآمال في نزاهة هذه العملية.

من جهة أخرى؛ مع أن الحكومة الأفغانية وبالاتفاق مع ممثلين من الأحزاب السياسية وممثلين من المرشحين والمؤسسات المتعلقة بالانتخابات أنشأت المسودة النهائية لتعديل قانون الانتخابات، وأمر رئيس الجمهورية بتنفيذها؛ إلا أن هناك قلق بشأن كيفية تنفيذها. في الوقت الذي بقي خمسة أشهر فقط إلى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية ۱۳۹۸هـ ش، ومن جهة أخرى فإن لجنة الانتخابات عند بدء عملية الانتخابات الرئاسية واجهت تغييرات كبيرة، فإن ذلك له تأثير على عملية الانتخابات الرئاسية القادمة.

طبقا لتعديل قانون الانتخابات فإن قائمة الناخبين يجب إعدادها على أساس جهاز البايومتريك حتى يمكن منع التزوير؛ ولكن كون نظام الانتخابات إلكترونيا فإن تجربة البايومتريك الفاشلة في الانتخابات البرلمانية مثيرة للقلق.

مع كل ذلك فإن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بشكل عام يتعلق بمفاوضات السلام الأخيرة بين طالبان وأمريكا، كما أشار زلمي خليل‌زاد مرة أخرى في تصريحاته الأخيرة أن الانتخابات الرئاسية سيتم تأجيلها إذا تمت المصالحة مع طالبان. وهناك بعض التحليلات تقول أن إجراءات الحكومة الأخيرة بشأن لجنة الانتخابات هو نوع من الضغط على أمريكا وطالبان فيما يتعلق بمفاوضات السلام الأخيرة؛ ولكن في حين لاتستطيع إجراء الانتخابات من دون مساعدة المجتمع الدولي المالي، ويُعتقد أن الانتخابات الرئاسية لا يتم إجراؤها في ۲۹ من شهر سرطان من عام ۱۳۹۸هـ ش، ومن الممكن تأجيلها لبضعة أشهر أخرى.

انتهي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *