لجنتا الانتخابات الجديدتان ومصير الانتخابات المقبلة

 

تعديل قانون الانتخابات، والإصلاحات في لجنتيها كان من مطالب الأحزاب السياسية والمؤسسات المشرفة على الانتخابات والمؤسسات الدولية من الحكومة الأفغانية، وقد تم تنظيم المسودة النهائية لتعديل قانون الانتخابات أخيرا قبل حوالي شهر من قبل اللجنة المشتركة المكونة من ممثلي الأحزاب السياسية وممثلي المرشحين لرئاسة الجمهورية والمؤسسات المشرفة على الانتخابات، وقد تم تأييدها من قبل مجلس الوزراء في الجلسة الأولى بتاريخ (۱۲ من فبراير ۲۰۱۹م)، كما أمر رئيس الجمهورية بتنفيذه كذلك.

وبالتزامن مع تعديل قانون الانتخابات، فقد تم عزل جميع أعضاء لجنتي الانتخابات ورئيسيهما بإصدار أمر من رئيس الجمهورية، كما أعلن الادعاء العام أيضا أنهم لايسمح لهم بالخروج من البلاد. وبعد عزل أعضاء لجنتي الانتخابات؛ فقد تم تعيين أعضاء جدد لكلتا اللجنتين وفقا لقانون الانتخابات الجديد، حيث بدأوا بممارسة أعمالهم رسميا في ۴ مارس ۲۰۱۹هـ ش.

ما الذي سيتغير في إدارة تنظيم الانتخابات في أفغانستان بعد تعديل قانون الانتخابات وتعيين أعضاء جدد في لجنتيها؟ وكيف سيكون مصير الانتخابات المزمع إجراءها في ۲۰ من يوليو ۲۰۱۹م؟ هذه الموضوعات يتم بحثها في هذا التحليل.

أعضاء اللجنتين الانتخابيتين السابقين

أعضاء لجنتي الانتخابات السابقين الذين لايسمح لهم بالخروج من البلاد بعد عزلهم؛ كان توظيفهم في لجنتي الانتخابات في شهر نوفمبر من عام ۲۰۱۶م.

كان تقديم أعضاء لجنتي الانتخابات السابقين من قبل لجنة التحكيم إلى رئيس الجمهورية من بين ۳٦ شخصا طبقا لقانون الانتخابات السابق، ثم تم تعيينهم أعضاءا للجنتي الانتخابات بعد مقابلتهم لرئيس الجمهورية ورئيس المجلس التنفيذي.

اختير سبعة من بين هؤلاء أعضاءا للجنة الانتخابات المستقلة، وهم (مليحة حسن، ونجيب الله أحمدزي، وعبدالقادر قرشي، و وسيمة بادغيسي – لمدة خمس سنوات –  وكلاجان صياد، ورفيع الله بيدار، ومعاذ الله دولتي – لثلاث سنوات -) ، واختير خمسة آخرون أعضاءا للجنة سمع الشكاوي الانتخابية، وهم (علي رضا روحاني، وعبدالبصير فائز، وغلام دستجير هدايت – لخمس سنوات – وحميرا حقمل، وعبدالعزيز آريايي – لثلاث سنوات -).

مع أن الرئيس غني أكد أثناء تعيين وتحليف أعضاء اللجنتين السابقين على استقلالية هذه المؤسسة كاملة وصرح أن الحكومة عليها مسؤولية حماية اللجان الانتخابية وأنشطتها، وأن هذه المؤسسة يجب أن لا تتعرض لأي تدخل؛ ولكن ارتفعت الأصوات بعد حوالي سنة فقط بوجود الفساد والضعف في عمل اللجان الانتخابية، وتم عزل إمام محمد وريماتش الأمين العام للجنة الانتخابات المستقلة أولا من قبل رئيس الجمهورية لضعف إدارته و وجود الفساد الإداري لديه.

وتم عزل نجيب الله أحمدزي رئيس لجنة الانتخابات المستقلة بأمر من رئيس الجمهورية بعد فترة من عزل وريماتش عندما ظهرت خلافات بين أعضاء اللجنة. مع أن أحمدزي اعتبر عزله خلافا للدستور وقال أن هناك حلقات مرتبطة بالقصر الرئاسي استحوذت على صلاحيات لجنة الانتخابات المستقلة، غير أن رئاسة الجمهورية أعلنت أن رئيس الجمهورية أصدر أمره بعزل رئيس لجنة الانتخابات طبقا لحكم اللجنة ومطالبتها بذلك.

على كل؛ لم يكمل أي واحد من أعضاء اللجان الانتخابية السابقين فترة عملهم القانونية بسبب وجود خلافات داخلية بين أعضاء اللجان الانتخابية، وعدم وجود التنسيق اللازم بين اللجنتين: اللجنة المستقلة للانتخابات ولجنة سمع الشكاوي الانتخابية، و وجود الفساد الإداري داخل اللجنتين، وتدخل الأيادي الأجنبية في عمل اللجنتين. وتم تحويل عمل اللجنة المستقلة للانتخابات إلى أعضاء جدد بعد تعديل قانون الانتخابات.

قدرة اللجان الانتخابية الجديدة

اختير أعضاء اللجان الانتخابية الجدد طبقا للقانون بواسطة ثمانية عشر من المرشحين لرئاسة الجمهورية، بعد ذلك تم إرسالهم من قبل رئيس الجمهورية إلى اللجان الانتخابية، ثم اختار الأعضاء الجدد هيئة لقيادة اللجنتين في جلستهم الداخلية في ۵ من مارس ۲۰۱۹م.

اختار أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات الجدد حوا علم نورستاني رئيسة للجنة، والسيد عصمت الله‌ مل مساعدا لها، ومسافر قوقندي رئيسا للمكتب. كما تم انتخاب زهره بيان شينواري رئيسة للجنة سمع الشكاوي الانتخابية، ومولوي دين محمد مساعدا لها، وقاسم إلياسي رئيسا للمكتب ومتحدثا رسميا لها. كما تم تعيين حبيب الرحمن ننگ أمینا عاما للجنة الانتخابات المستقلة، وتشمن شاه اعتمادي أمينا عاما للجنة سمع الشكاوي الانتخابية.

استطاعت الحكومة إلى حد ما إرضاء مخالفيها وكسب ثقتهم في المستقبل بتعديله قانون الانتخابات، وإعطاء الدور للأحزاب السياسية والمؤسسات المشرفة على الانتخابات والمرشحين لرئاسة الجمهورية في اختيار أعضاء اللجان الانتخابية، وسيساعد تعديل قانون الانتخابات وتعيين أعضاء جدد في اللجان الانتخابية طبقا لما اتفق عليه المرشحون لرئاسة الجمهورية؛ سيساعد أشرف غني على الانسحاب من أي ضعف إداري وفني قد يحدث في عمل اللجان الانتخابية، ومن انتقادات الأحزاب السياسية والمرشحين لرئاسة الجمهورية والمؤسسات المشرفة على الانتخابات، لأن هؤلاء جميعهم لعبوا دورهم في اختيار أعضاء لجنة الانتخابات الجدد: ولكن هناك قلق بشأن قدرة عمل أعضاء اللجنة وإدارتهم الناجحة للانتخابات بشكل عام.

أعضاء اللجان الانتخابية الجدد يبدؤون عملهم في وقت تم اختيار امرأتين لرئاسة اللجنتين الانتخابيتين. مع أن المؤسسات المشرفة على الانتخابات تعتبر عملية انتخاب أعضاء اللجان الانتخابية نزيهة؛ لكنهم قلقون بشأن قدرة عمل الأشخاص المنتخبين وإدارتهم السليمة والناجحة. معظم أعضاء اللجنتين الانتخابيتين يحملون شهادات البيكالوريا وليس لديهم تجربة كافية في إدارة الانتخابات.

مصير الانتخابات المقبلة

طبقا للموعد الذي تم الإعلان عنه من قبل اللجنة المستقلة للانتخابات؛ فإن من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية متزامنا مع انتخابات مجالس الولايات ومجالس المديريات، والانتخابات البرلمانية في محافظة غزني في ۲۰ يوليو ۲۰۱۹م؛ لكن السؤال هو: هل ستجرى الانتخابات في موعدها المعلن عنه أم لا؟

يجب القول أن مصير الانتخابات المقبلة يعود إلى الوضع السياسي والأمني للبلاد أولا، وإلى إمكانيات لجنتي الانتخابات وقدراتهما وعملهما ثانيا.

الوضع السياسي والأمني: مع بدء مفاوضات السلام بين طالبان وأمريكا واستياء الحكومة الأفغانية من هذه العملية؛ فإن الوضع السياسي والأمني للبلاد مثير للقلق. مع أن بدء الحوار بين أمريكا وطالبان بشأن السلام في أفغانستان يبعث أملا في انتهاء الحرب الحالية؛ إلا أن مخالفة الحكومة لهذه العملية وتكثيف الهجمات الجوية للقوات المشتركة (الأفغانية والأجنبية) على المدنيين وعلى أماكن مقدسة ومناطق مأهولة بالسكان تثير القلق من أن يتجه الوضع الأمني إلى الوخامة أكثر فأكثر.

الخلافات بين الحكومة والسياسيين في البلاد بشأن عملية السلام مع طالبان، موضوع آخر مهم في مستقبل البلاد السياسي. معظم السياسيين الأفغان يتهمون الحكومة استحواذ السلطة، ويعتبرون المواقف الأخيرة للمسؤوليين الحكوميين حول عملية السلام مع طالبان إشعالا محاولة لنيران الحرب.

بالنظر إلى هذا الوضع، فإن إجراء الانتخابات المقبلة يعود إلى كيفية نتائج المباحثات مع طالبان، ونستطيع القول أن نتيجة مفاوضات السلام هي التي تحدد مصير الانتخابات الرئاسية. في مثل هذه الحال إذا كان هناك تقدم في عملية السلام مع طالبان وإذا توصلت أمريكا والحركة إلى اتفاق ما؛ فإن من الممكن تأخير الانتخابات الرئاسية مرة أخرى إلى أجل…

قدرات اللجنتين الجديدتين: إذا أقدمت الحكومة على إجراء الانتخابات في الوضع الحالي؛ فإن نزاهة الانتخابات وإدارتها في هذه الحالة تتعلقان بعمل اللجنتين الانتخابيتين. وفي هذه الحالة وعلى أن أعضاء اللجنتين الانتخابيتين الجدد تم اختيارهم من قبل الأحزاب السياسية؛ فإن من المتوقع أن تؤثر العصبية الحزبية على أعضاء اللجان، ما يمكن اعتباره تحديا أمام اتفاقيات عمل الأعضاء ونزاهة العملية الانتخابية. ولأن أعضاء اللجنتين الانتخابيتين الجدد ليس لديهم تجربة كافية؛ فإنه من غير المتوقع إجراء الانتخابات الرئاسية، والانتخابات البرلمانية في محافظة غزني، وانتخابات مجالس الولايات ومجالس المديريات في موعدها المحدد.

بالإضافة إلى ذلك؛ فإن من الأمور المهمة الأخرى فيما يتعلق بإجراء الانتخابات المقبلة؛ فإن توفر الميزانية، والوضع الأمني للبلاد يعتبران تحديا خطيرا أمام الحكومة؛ لأن قرابة نصف الأراضي الأفغانية خارجة عن سيطرة الحكومة، هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى فإن الحكومة لم تجد من المجتمع الدولي وعودا حتى الآن بمساعدة مالية في الانتخابات المزمع إجراؤها في العام القادم.

انتهى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *