السلام الأفغانی؛ الجولة السابعة بین امریکا و حرکة طالبان بالدوحة

محادثات السلام بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية دخلت شوطها السابع، ويُخمن أن يُعلن في نهاية الموسم الجاري من المفاوضات عن توقيع اتفاقية السلام. الطرفان أبرزا توافقا وتفاهما ووصلا إلى رؤية موحدة في العديد من القضايا، إلا أن اتفاقية السلام لم تُوقع حتى الآن.

إلى أين وصلت محادثات السلام؟ وما هي نتائجها المتوقعة؟ وهل هناك تقدم فيما يتعلق باتفاقية السلام؟ ولم تأخر الإعلان عن الاتفاقية؟ تقرؤون عن هذه الأسئلة في هذا المقال.

محادثات السلام بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية

في الثامن من شهر سرطان بدأت محادثات السلام بين الدبلوماسيين الأمريكيين وقادة طالبان في الدوحة عاصمة قطر، وقد قُدر استمرار المحادثات لثلاثة أيام ويتم توقيع الاتفاقية عقبها.

في نهاية اليوم الثالث من المحادثات اجتمع كل من مندوب أمريكا الخاص زلمي خليلزاد، ورئيس المكتب السياسي لطالبان بقطر ملا عبد الغني برادر ووزير الخارجية القطري ومستشار الأمن القومي بقطر، وتناقشوا حيال عدد من الموضوعات الهامة إلا أن بنود الاتفاقية لم يتم إنهاؤها ولذا تم تمديد الوقت المحدد للمحادثات، كما تم استئناف المحادثات في تاريخ ۶ یولیو بعد وقفةٍ دامت يوماً.

اتفق الطرفان على أن المواد التي لم يتم الاتفاق عليها في السابق قابلة للحل شيئا فشيئا في هذا الطور من المحادثات، وأن الطرفين باتا قاب قوسين من الوصول إلى نتيجة. إلا أنه لا يُعلم متى ستنتهي المفاوضات، وهل سيَنتُجع عنها إعلانٌ عن الاتفاقية أم لا.

لم يُقدم أي من طالبان أو الولايات المتحدة الأمريكية تفاصيل حيال جدول مواعيد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان والتصدي للجماعات الإرهابية، وقد أكدت طالبان على أن جدول انسحاب القوات الأجنبية ينبغي أن يُعد على مرأى من “الشهود الدوليين”. إذا افترضنا أن الطرفين اتفقا حيال مواعيد انسحاب القوات الأجنبية فقد تكون هناك جوانب أخرى تتعلق بالجانب اللوجستي لهذه العملية لم تُحسم بين الطرفين بعدُ وتسببت في تأجيل إنهاء المفاوضات، منها: ما هي الجهات التي يُمثلها الشهود، ومن سيحضر توقيع الاتفاقية، وأين سيتم توقيعها، ونحو ذلك.

في الوقت ذاته، تستضيف مؤسستان – قطرية وألمانية – مؤتمراً في السابع والثامن من شهر سرطان بالدوحة يضم أطراف القضية الأفغانية، ويهدف المؤتمر إلى تعزيز جو الثقة بين هذه الأطراف. يُشارك في هذا المؤتمر من أفغانستان نحو 64 شخصا بينهم مسؤولون حكوميون وأعضاء من مجلس شورى السلام، وسياسون وناشطون مدنيون وعدد من الناشطات، إلا أن كلا من الحكومة وطالبان قد أعلنا أن المؤتمر لا يضم محادثات رسمية بينهما، وأن المشاركون يُمثلون أنفسهم وحسب.

يؤكد المشاركون أن مؤتمر الدوحة سيمهد الجو للمحادثات المباشرة بين طالبان والحكومة الأفغانية، كما يرون أن جهودا حثيثة بُذلت لتحديد الهدف من المحادثات بين الحكومة الأفغانية وطالبان، وسيتطرق مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية لنتائج المؤتمر في أعداد مقبلة.

المفاوضات وأثرها على عملية السلام

المحادثات المنعقدة بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية أوجدت آمالا بقرب انتهاء الحرب في أفغانستان والتي دامت لنحو 18 سنة. وفي الوقت ذاته فإن الشروط التي تقدم بها كل من الطرفين واختلاف الرؤية بينهما أديا إلى تأخير اختتام المحادثات. لذا فإن الشوط الجاري من المحادثات حائزٌ أهمية كبرى ويُخمن أن تُسفر الجلسات عن إعلان موعدٍ لتوقيع اتفاقية السلام.

اشترطت الولايات المتحدة الأمريكية لأجل إخراج القوات الأجنبية من أفغانستان أن يمنع تنظيم طالبان أنشطة الجماعات الإرهابية على أرض أفغانستان وأن يوقف التنظيم إطلاق النار وأن يُبدي استعداده للمحادثات المباشرة مع الحكومة. كما أكد تنظيم طالبان بدوره أن الشرط الأهم لديها في أي اتفاقية للسلام هو الإعلان عن جدول مواعيد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان.

الأمر المُقلق حيال الخروج السريع للقوات الأجنبية من أفغانستان هو إمكانية استغلال الفراغ الأمني من قِبل داعش والجماعات المسلحة الأخرى. لذا ينبغي أن تتم عملية انسحاب القوات الأجنبية بطريقة مسؤولة تضمن استقرار الأمن والسلام في البلد.

لم تستعد طالبان في المفاوضات التي شاركت فيها بقطر وموسكو أن تُجري محادثات سلام مباشرة مع الحكومة الأفغانية، وأكدت الحكومة بدورها أنها تُرحب بأي خطوة في مجال السلام شريطة أن يتم قيادتها من قِبل الحكومة نفسها. يُفيد استطلاع مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية أن عددا كبيرا من أفراد الشعب لديهم نظرة ارتياب حيال جهود الحكومة بشأن السلام.

موقف طالبان من الحكومة الأفغانية المستقبلية حتى الآن هو اشتراط كونها إمارة إسلامية، كما تُبدي طالبان استعدادها للتعاون مع الجهات السياسية الأخرى. ومع ذلك لم يُقدّم أيٌّ من التنظيم والحكومة الأفغانية آليةً للمفاوضات المباشرة بين مندوبيهما.

في الوضع الحالي تُحاول كل الأطراف الدخيلة في الحرب الأفغانية أن تُحافظ على مصالحها، في وقتٍ أحوج ما يكون البلد فيه إلى التضحية وتقديم المصلحة العامة.

النتائج

تم تمديد مدة مفاوضات السلام بعد إكمالها ثلاثة أيام، واستُؤنفت بعد الانقطاع ليومٍ في تاريخ 15/سرطان/1398هـ شـ. بغض النظر عن التفاصيل، اتفق الطرفان – طالبان والولايات المتحدة – أن المحادثات شهدت تطورا كما تم الاتفاق على العديد من النقاط التي سيتم تضمينها في اتفاقية السلام.

زادت آمال الشعب حيال استقرار السلام بانعقاد محادثات قطر، إلا أن وضع أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية سيبقى من المواضيع التي تخلق المزيد من القلق.

بالنظر إلى الحرب المطولة بأفغانستان والحالة البائسة التي عانى منها الشعب الأفغاني فإن على جميع الأطرف الدخيلة في الحرب أن تغتنم الفرصة القائمة المُبشرة بقرب السلام، وذلك لأن تضييع هذه الفرصة قد يكون خطأً غير قابل للتصحيح في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *