الاجتماع الثامن عشر لدول منظمة شانغهاي للتعاون، وتأثيراته على السلام الأفغاني

انعقد الاجتماع الثامن عشر للدول الأعضاء بمنظمة شانغهاي للتعاون في الأول والثاني من نوفمبر/2019م بمشاركة رؤساء وزراء الدول المذكورة في طاشكند عاصمة أوزبكستان. كما شارك الدكتور عبدالله عبدالله الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية في المؤتمر، على رأس وفدٍ ضم عددا من المسؤولين.

ترتبط خلفية هذه المنظمة بأوضاع أفغانستان ارتباطا مباشرا، وقد ازداد اهتمام المنظمة وتركيزها على القضية الأفغنية في السنوات الثمانية الأخيرة. ونظرا لأهمية المنظمة في المنطقة طلبت دولة أفغانستان الحصول على عضوية المنظمة العام الماضي.

وقد التقى الرئيس التنفيذي الأفغاني في حاشية المؤتمر برؤساء وزراء كل من روسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزبكستان، والنائب الأول للرئيس الإيراني ووزير الدفاع الهندي.

بالنظر إلى الاجتماع الثامن عشر لدول منظمة شانغهاي، يا تُرى ما هو دور الدول الأعضاء في السلام الأفغاني؟ وما مدى تأثير الدول الأعضاء على الأطراف الدخيلة في الصراع بأفغانستان؟ أسئلة نُسلط الضوء عليها في هذا المقال.

نبذة عن منظمة شانغهاي للتعاون

أُسست منظمة شانغهاي للتعاون عام 2001م، بهدف توسيع التعاون الأمني والسياسي والتجاري والاقتصادي وبعض النواحي الأخرى بين الدول الأعضاء.

كما تُكافح المنظمة نشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة وتسعى لمنع تهريب المخدرات التي تُنتَج في أفغانستان.

تُشكل دول منظمة شانغهاي للتعاون نسبة 61% من مساحة قارتي آسيا وأوروبا، كما أن سُكان الدول الأعضاء هم نصف سكان العالم.

هناك ثمانية دول لديها عضوية دائمة بالمنظمة حاليا وهي (الصين وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وطاجكستان وأوزبكستان والهند وباكستان)، كما أن دول أفغانستان وبيلاروس وإيران لها دور رقابي على المنظمة، ودول آذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا لها دور استشاري في المنظمة. وجدير بالذكر أن أفغانستان عُينت دولة مُراقبة للمنظمة بمساعدة من الصين عام 2012م.

الاجتماع الثامن عشر للدول الأعضاء بمنظمة شانغهاي للتعاون

بالنظر في أوضاع أفغانستان الراهنة نلمس أن تدخل منظمة شانغهاي للتعاون في القضية الأفغانية أمر ضروري [1] ولهذا زاد اهتمام المنظمة بعملية السلام الأفغاني ومن هنا برزت أهمية الاجتماع المنعقد أخيرا.

الاجتماع المذكور ناقش هيكل المنظمة الداخلي وأعماله كما اشتمل على تقييم للأعمال المنجزة في عامي 2018م و 2019م وتم مناقشة ميزانية عام 2020م، ووُقّعت مذكرات تفاهم مع المؤسسات الدولية الأخرى للتعاون المتبادل، ونوقشت مواضيع تتعلق بالحفاظ على البيئة، ومكافحة الإرهاب، ومنع تهريب المخدرات، وتهريب البشر، وغسيل الأموال، والاتجار غير القانوني بالسلاح، والتنمية الاقتصادية، والتعاون في مجال الطرق والنقل، ومجال التنمية الصناعية.

في المجال الاقتصادي: على الدول الأعضاء تعزيز التبادل التجاري وتقليل الضرائب، وتبادل المعلومات حيال الكوارث الطبيعية التي تؤثر سلبا على الدول المجاورة، كما عليها أن تسعى للتنسيق حيال تعزيز السياحة وتفعيل المشاريع التي تحقق المصالح المشتركة وتُنمي الوضع الاقتصادي في الدول الأعضاء.

التعاون في مجال الحفاظ على البيئة: الدول الأعضاء تتعاون مع بعضها في إيجاد مبادرات وبرامج للحفاظ على البيئة وتعمل على تطبيقها.

التعاون في مجال مكافحة الإرهاب:على الدول الأعضاء التعاون وفق قوانين كل بلد في مكافحة الإرهابيين والانفصاليين وأن يحولوا دون هجمات الجماعات المتطرفة.

التعاون في مجال مكافحة تهريب المخدرات: على الدول الأعضاء التعاون في القضاء على المخدرات وتهريب البشر وغسيل الأموال وتهريب المواد المضرة الأخرى. كما على الدول الأعضاء أن تكافح ظاهرة صراع الحضارات والسعي لتنمية الحوار الحضاري.

التعاون في المجال السياسي والعسكري: على الدول الأعضاء أن تعمل على توطيد الثقة فيما بينها مع السعي لإحلال الاستقرار السياسي والعسكري المستمر.

نظرة على اللقاءات التي تمت بمندوبي الدول الأعضاء

شارك في الاجتماع الثامن عشر لمنظمة شانغهاي للتعاون د. عبدالله عبدالله الرئيس التنفيذي ممثلا لحكومة الوحدة الوطنية الأفغانية، وبحاشية المؤتمر الذي استمر ليومين التقى الرئيس التنفيذي الأفغاني بقادة الدول الأعضاء، وتم التباحث حول المواضيع التالية:

  • المطالبة بإيجاد إجماع إقليمي بين دول المنطقة حيال مكافحة الإرهاب: شارك الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية عبدالله عبدالله ممثلا الحكومة الأفغانية وقال بأن هناك حاجة إلى إحداث إجماع إقليمي وخطط عمل إستراتيجية لمكافحة الإرهاب حتى يتم التعاون والتشارك في هذه المهمة، كما وضّح بأن أفغانستان تعيش معاناة مع مشكلة الإرهاب وأن استقرار دول منظمة شانغهاي مرتبط باستقرار السلام والأمن في أفغانستان. لذا على دول المنطقة أن تضع خارطة طريق مشتركة للخروج من الأزمات التي تشترك فيها وحتى يُجمع بساط الحرب ويحل الاستقرار بدول المنطقة.
  • توسيع العلاقات الثنائية مع روسيا: التقى الرئيس التنفيذي الأفغاني برئيس وزراء روسيا على حاشية الاجتماع. اللقاء تضمن ثلاثة محاور أساسية: أولها: توطيد العلاقات الثنائية بين روسيا وأفغانستان، وثانيها: عملية السلام الأفغاني، وثالثها: مكافحة المخدرات.
  • العلاقات مع دول المنطقة على حاشية اجتماع منظمة شانغهاي، التقى عبدالله عبدالله برؤساء وزراء عدد من دول المنطقة وجرى الحديث حول توطيد العلاقات المُتبادلة. تم دعوة رئيس وزراء دولة أوزبكستان إلى كابل، كما تم الحديث مع مندوبي الهند وإيران حيال القضايا الأمنية والاقتصادية، وفي اللقاء بمندوبي طاجكستان وكازاخستان تم التباحث حول تحسين العلاقات الثنائية.

دور الدول الأعضاء بمنظمة شانغهاي في السلام الأفغاني

في مدة 18 سنة التي مضت صارت منظمة شانغهاي منظمة مؤثرة في المنطقة حيث إنها تفوق جميع المنظمات الأخرى من ناحية الاتساع وعدد السكان. يُشكل اقتصاد دول منظمة شانغهاي 20% من اقتصاد العالم، كما أن سكان هذه الدول يُشكلون 50% من سكان العالم. وقد كوّنت المنظمة علاقات ثنائية وطيدة مع منظمة الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية وبسطت بذلك نفوذها على القضايا الدولية.

كما أن جميع الدول الأعضاء بالمنظمة تمتلك نفوذا وتأثيرا على أطراف الصراع بأفغانستان، ومن هنا بإمكان المنظمة أن تلعب دورا إيجابيا في عملية السلام الأفغاني. على سبيل المثال، تقدر الصين أن تُعمِل ضغوطات على باكستان حتى تُجلِس على طاولة المفاوضات الجماعاتِ التي تدخل بنحو ما في الصراع الأفغاني. بشكل عام تقدر المنظمة أن تقول لدولة في مستوى الولايات المتحدة الأمريكية إنّ القضية الأفغانية لن تُحل عبر الطرق العسكرية وأنه في حال رغبت القوى العالمية في حل القضية الأفغانية عبر الطرق العسكرية فإن المنظمة لن تمد يد العون في ذلك، كما أن القوات الأمريكية لا يحق لها أن تُبقيَ جنودها في أفغانستان. 

الخلاصة

عُقد الاجتماع الثامن عشر لدول منظمة شانغهاي في وقتٍ لم يُعلن بعد الفائزُ في الانتخابات الرئاسية الأفغانية، وقد بدأت مجددا المطالبة باستئناف مفاوضات السلام الأفغاني على مسوى المنطقة والعالم.

عقد الاتحاد الأوروبي اجتماعيا رُباعي الأطراف للحديث حول عملية السلام الأفغاني، كما يُترقب  انعقاد مؤتمر مفاوضات بين الأطراف الأفغانية باستضافة الصين في القريب العاجل، وقد خلق كل ذلك آمالا بقرب عودة السلام والاستقرار إلى البلد.

المنظمة المذكور لها تأثيرها ونفوذها على الأطراف المتصارعة في أفغانستان، ولذا يُؤمل أن تستغل المنظمة هذا التأثير وأن تسعى لإنهاء الحرب التي حُمّلت قسرا على الشعب الأفغاني، كما يُؤمل أن تعمل على تسريع المبادرات والخطى الموجودة حاليا حتى يُمهّد الطريق لحصول إجماعٍ إقليمي حيال السلام بأفغانستان.

كما على المسؤولين بالحكومة الأفغانية أن يُسرعوا في إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وأن يخطو الفريق الفائز نحو تشكيل الحكومة الجديدة وأن تُساعدالفرق الخاسرةُ الفريق الفائزَ في تشكيل الحكومة واستئناف مفاوضات السلام متعددة الأطراف، حتى يقوى موقفنا العالمي تجاه مصير البلد ونصل إلى السلام الدائم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *