ضحايا تلوث الهواء أكثر من ضحايا الحرب في أفغانستان
وفق تقرير مركز دراسات الأحوال الجوية والمنشور بتاريخ 13/نوفمبر/2019م فإن عدد ضحايا تلوث الهواء يزيد عن ضحايا الحرب في أفغانستان. التقرير المذكور يصرح أن هناك 26 ألف حالة وفاة وقعت عام 2017م في أفغانستان بسبب تلوث الهواء. كما أن تقرير مكتب الأمم المتحدة لإعادة إنشاء أفغانستان UNAMA يفيد أن عدد ضحايا الحرب في أفغانستان الذين قُتلوا عام 2017م يبلغون 3483 شخصا مدنيا.
هذا في حال أن الجو يزداد برودة يوما بعد يوم ويصاحب ذلك ازديادٌ في معدل تلوث الهواء، حيث يشعل الناس في بيوتهم الحطب والفحم وغيرهما من المحروقات للتدفئة. في الوقت ذاته أبدت إدارة المحافظة على البيئة بأفغانستان قلقها حيال تلوث الهواء. أفاد مسؤولو هذه الإدارة أنهم وضعوا خططا للتخفيف من حدة تلوث الهواء في كابل، إلا أن الحرب التي شهدتها العقود الثلاث الأخيرة قد أتلفت الكثير من مُنشآت المدنية وأنظمة الصرف الصحي والكهرباء والنقل والساحات الخضراء. كما أن كابل بسكانها البالغ عددهم تقديرا ستة ملايين شخص تُعد من المدن المكتظة في العالم.
تحليل هذا الأسبوع يتناول موضع تلوث الهواء، وتقييم حالة التلوث في أفغانستان وخصوصا كابل، مع حلول مقترحة لمشكلة التلوث.
تلوث الهواء في العالم
ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقريرها المنشور في شهر فبراير/2017م أن تسعة أشخاص من كل عشرة أشخاص يتنفسون الهواء الملوث. وينتشر هذا بكثرة في دول العالم الثالث، مثل بعض الدول الأفريقية والآسيوية. يفيد التقرير أن نحو 7.2 مليون شخص يُتوفون حول العالم سنويا بسبب الأمراض التنفسية الناشئة عن تلوث الهواء. وقد بلغ عدد الوفيات في أفغانستان 26 ألف شخصٍ طيلة عام 2017م وفق التقرير المنشور من قبل مركز دراسة الأحوال الجوية.
أفاد مُعدوا التقرير كذلك أن معدل التلوث بشكل عام بقي مرتفعا في معظم دول العالم، ما عدا من رُصد من انخفاض في درجة التلوث في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا. أهم مسببات تلوث الهواء هي محلات توليد الطاقة الكهربائية التي تحرق الفحم الحجري، ووسائل النقل التي تعمل بالبترول والديزل، وكذلك المحروقات التي تُحرق لتدفئة البيوت.
يفيد التقرير المذكور أن ثلاثة مليارات شخص من سكان الكرة الأرضية يفتقدون وسائل الطبخ الحديثة، وقد حدث تطور ملحوظ في هذا الصدد، من ذلك بعض المشاريع التنموية في الهند، حيث يُقدم فيها الوقود الصالح للحرق للاستخدام المنزلي. تقول د. ماريا نيرا رئيسة منظمة الصحة العالمية إن معدل التلوث بلغ درجات عالية في كثير من أنحاء العالم، مما يهدد البيئة بمخاطر عديدة. كما تُشير الدكتورة نيرا إلى دول العالم الكبرى قائلة إن التلوث الموجود فيها يصل إلى خمسة أضعاف المعدل الآمن صحيا، وتضيف كذلك أن 90َ% من الوفيات التي يُسَببها التلوث تحصل في قارتي آسيا وأفريقيا.
كابل، المدينة الرابعة عالميا من ناحية تلوث الهواء
أعلنت إدارة دراسة الأحوال الجوية أن كابل عام 2018م كانت هي المدينة الأكثر تلوثا في العالم، إلا أن بعض المدن الأخرى – نيو دلهي، وكراتشي ولاهور – تقدمت على كابل هذا العام حيث زاد معدل التلوث فيها عن معدل تلوث كابل، وصارت كابل بهذا رابع مدينة من ناحية تلوث الهواء. يفيد تقرير منظمة الصحة العالمية أن 80% من سكان مدينة كابل يتنفسون هواء ملوثا. وذُكر كذلك في التقرير أن تلوث الهواء بكابل يُسبب سرطان الرئة، والربو، وبعض الأمراض الخطيرة الأخرى التي يُتوفى بسببها آلاف الأشخاص سنويا.
وفق التقرير المذكور فإن معد التلوث في كابل قد زاد في السنوات الخمس الأخيرة بمقدار 8% مما يُعد أمرا مثيرا للقلق. تقول إدارة الحفاظ على البيئة بأفغانستان أن غلظة الذرات المعلقة في الهواء في كابل تبلغ 500 مايكرو غرام، في حين أن ما زاد على غلظة 150 مايكرو غرام يُعرض الصحة للخطر.
تضيف الإدارة المذكورة أن 50% من طرقت المدينة لم تُعبّد حتى الآن، مما يُعد سببا أصليا في زيادة تلوث الهواء. كما أن هناك أسبابا أخرى للتلوث منها: كثرة السكان، وحرق البلاستيك والحطب والفحم للطباخة وتدفئة البيوت، وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة مما يجعل الكثيرين يستخدمون مولدات الكهرباء، وقلة الساحات الخضراء، وكثرة السيارات التي تتسبب في إطلاق أول أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النايتروجين، والرصاص والأوزون في الهواء.
حلول مقترحة لتوث الهواء
على الحكومة أن تأخذ بالخطوات التالية للتحكم في تلوث الهواء:
أهم حل للتلوث هو القضاء على العامل الأكبر المتسبب فيه، ويكون ذلك باستخدام الطاقة النظيفة المتجددة بدلا عن حرق الوقود، من خلال استغلال الطاقة الشمسية والهوائية. كما ينبغي تعيين أماكن خاصة لحرق النفايات في كل منطقة لمنع حرق النفايات بشكل عشوائي، كما سيمهد ذلك لتوليد الطاقة بشكل غير مكلف. كما ينبغي رفع كفاءة قطاع النقل وزيادة الساحات الخضراء. ينبغي كذلك التفكير لإيجاد حلول لاكتظاظ العاصمة بالسكان، مع وضع أطروحات إستراتيجية شاملة للقضاء على الأزمة المذكورة.
النتائج
كون أفغانستان تأخرت عن الدرجة الأولى في التلوث عالميا لا يعني أن هناك تطورات حصلت في أفغانستان في هذا الصدد، وإنما سبب ذلك هو ازدياد التلوث في المدن الأخرى التي فاقت كابل في تلوث الهواء. أعلنت الإدارة الوطنية للحفاظ على البيئة بأفغانستان في تاريخ 6/أكتوبر/2019 أنه تم إعداد خطة إستراتيجية لمنع تلوث الثواء بكابل مع إشراك 13 قطاعا آخر في تنفيذ المخطط.
المحافظة على البيئة تتطلب دعما من جميع القطاعات في البلد، وأول القطاعات المسؤولة هو قطاع الحفاظ على البيئة، حيث يتوجب على العاملين به أن يلعبوا دورهم في تنفيذ الخطط الإستراتيجية التي تهدف إلى حل مشكلة التلوث وتجري الخطوات القانونية اللازمة في حال حصول انتهاكات للقوانين في هذا الصدد. كما على عامة أفراد الشعب أن يجتنبوا جميع ما يمكن أن يضر بالبيئة، مثل استخدام الحمامامت غير المطابقة للمعايير الصحية، وحرق البلاستيك والإطارات والنفايات في الأماكن العامة، وحرق الحطب والفحم الحجري في المطاعم والمخابز، واستخدام السيارات القديمة، وغير ذلك من الأعمال التي في حال تقليلها يمكن تقليل معدل تلوث الهواء.