ميزانية عام 2020 المیلادي بأفغانستان، ومشكلة البند رقم 91

قبل عدة أيام طُرحت ميزانية 2020 المیلادی على مجلس الشعب الأفغاني، وتم رفضه من قِبل النواب. في هذا المقال سنتناول بالبحث أسباب هذا الرفض، كما سنسلط الضوء على البند المالي الحكومي رقم 91.

خطة وضع الميزانية الوطنية

يتم إعداد خطة الميزانية الوطنية الأفغانية في وزارة المالية، وتطرح بعدها على مجلس الوزراء، وبعد اعتماد مجلس الوزرا تُرسل الخطة إلى مجلس الشيوخ، وعقب موافقة مجلس الشيوخ تُرسل إلى مجلس نواب الشعب. يوجد في مجلس الشعب أعضاء من كافة ولايات البلد، ويبحث المجلس في الميزانية المقترحة بحثا شاملا، ليتم التأكد عن مدى صحة ومناسبة الميزانية الاعتيادية والتطويرية، ومدى توازن المقادير المحددة للولايات، مع بعض المواضيع الأخرى. في السنوات الماضية لوحظ أن الميزانية المقترحة من قِبل الحكومة تقع محل بحث وانتقاد من قِبل مجلس الشعب، ثم يتم اعتماد الميزانية من قِبل المجلس، وإلى حد كبير تبقى ملحوظات النواب على الميزانية حبرا على الورق فحسب. إن أسباب عدم اهتمام الحكومة بملاحظات مجلس الشعب على الميزانية المقترحة واضحة. على سبيل المثال، هناك نواب عديدون في البرلمان ليسوا على معرفة كافية بالقضايا المالية المتعلقة بالميزانية وليسوا على قدرة تؤهلهم بأن يناقشوا ما في الميزانية من إشكالات. كما أن في البرلمان بعض الأعضاء الذين لم يصلوا إلى كرسي النيابة بتصويت الشعب، ويرفضون قبول الميزانية المقترحة من الحكومة لأسباب مصلحية تخصهم وحدهم. أما النواب الذين لديهم معرفة بقضايا الميزانية ويقترحون تعديلات بناءة فإن مطالباتهم وملحوظاتهم تبقى حبيسة الأوراق دون أن يُستجاب لها. بالنظر في ميزانية العام الجاري يُلاحظ أن الدخل القومي ارتفع بشكل ملحوظ ويُظهر ذلك زيادة في الميزانية الوطنية. إلا أن مجلس الشعب عرقل اعتماد الميزانية بسبب عدم توضيح الحكومة لتفاصيل البند المالي الحكومي رقم 91، وكذلك بسبب تأخر الحكومة في إرسال خطة الميزانية إلى البرلمان.[1]

البند المالي رقم 91

يورد مجلس الشعب اتهاما بأن مبلغ 15 مليار أفغاني سُحب وخُصص للبند رقم 91 بشكل غير قانوني، كما أن الميزانية التنموية قد اختلفت عن العام الماضي. إلا أن المتحدث باسم وزارة المالية شمرز خان مسجدي يقول: وفق المادة رقم 16 من لوائح الميزانية فإن اللجنة المعنية بوزارة المالية لديها الصلاحية بإحداث التعديلات والتغييرات في البنود المالية الاحتياطية، كما أن المادة رقم 21 المتعلقة بالرواتب تفيد بأن وزارة المالية لا تقدر على إرسال مبلغ مقتطع من الرواتب إلى البنود المالية الأخرى، باستثناء الإدارات الأمنية، بعبارة أخرى: لوزارة المالية الحق في أن ترسل مبالغ مقتطعة من الرواتب إلى الإدارات الأمنية عند الضرورة.[2] وعلى هذا الأساس ترد وزارة المالية الاتهامات المُلقاة عليها من قِبل مجلس الشعب، حيث توضح بأن مبلغ 3.1 مليار أفغاني المصروف من البند المالي رقم 91 والمبلغ المُرسل إلى البند المالي الخاص بالإدارات الأمنية تم صرفهما وفق القانون. من جانبٍ آخر يطالب مجلس الوزراء بأن يتم إعلامهم بتفاصيل المبالغ المُنفقة من البند المالي رقم 91، إلا أن المتحدث باسم وزارة المالية وضح أن المبالغ المرسلة إلى الإدارات الأمنية لا يمكن أن تُطلب التفاصيل حولها من البرلمان ورئيس الجمهورية ووزارة المالية نفسها، وسبب ذلك هو الحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة بها. وإذا تأملنا فسنجد أن البرلمان لا يملك أدلة تدين الحكومة أو تورطها في سوء استغلال أو فساد في إنفاق الأموال من البند الخاص رقم 91، وإذا رُفعت اتهامات على الحكومة فإن الحكومة سترد بأن المصاريف المُشار إليها خُصصت للأوقات التي سقطت فيها ولايات قندوز وفراه حيث وُجدت ضرورة عاجلة بإمداد تلك الولايات، وإذا عُلق إرسال المبالغ العاجلة في مثل هذه الحالات على استحصال الموافقة من البرلمان فإن ضرر ذلك سيفوق منافعه. ومن جانبٍ آخر فإن هناك فسادا في الإدارات الأمنية الأفغانية بإقرار الرئيس الأفغاني والسفير الأمريكي في كابل. مع أن الأوضاع الأمنية تسوء كثيرا في أفغانستان مما يجعل التنبؤ المسبق بالأوضاع متعذرا، إلا أنه من المفترض تشكيل لجنة مستقلة للإشراف على وجوه مصاريف البند المالي رقم 91، وتُشكل هذه اللجنة من نواب البرلمان حتى يقدموا الأجوبة المقنعة للمجلس ويفيدوهم بالتفاصيل التي تمتنع وزارة المالية عن تقديمها، كما أن تشكيل هذه اللجنة سيقدم أجوبة حول انتقادات بعض النواب حيال مصاريف البند رقم 91 ومدى صحة الانتقادات التي تتهم باستخراج مبالغ من البند المذكور لصالح دعايات انتخابية لمرشح محدد.

ميزانية عام 2020 المیلادي

يُخمن مقدار ميزانية عام 2020 المیلادي في حدود 428 مليار أفغاني،[3] منها 289 مليار أفغاني للمصاريف الاعتيادية، و 139 مليار أفغاني هي الميزانية التطويرية، وتُظهر حسب إحصائيات وزارة المالية زيادة بنسبة 11% مقارنة بعام 2019  المیلادي، ومن الميزانية هناك مبلغ 208.9 مليار أفغاني هو ما جُمع من الناتج القومي، ويشكّل 48% من إجمالي الميزانية. بالنظر في الوضع الاقتصادي بأفغانستان نعلم أنه كان من الضروري أن يعتمد البرلمان الميزانية المقترحة، لأن ذلك كان سيتيح تحويل رواتب الموظفين الحكوميين في الوقت المناسب كما كان سيتيح تنفيذ المشاريع التنموية التي خُصصت لها مبالغ في الميزانية السنوية. رئيس البرلمان مير رحمن رحماني ذكر من جملة المشاكل المُتضمنة في الميزانية الحالية عدم اتزان توزيع المبالغ على الولايات، ووضح أن تقسيم الولايات إلى درجة أولى ودرجة ثانية ودرجة ثالثة سيحرم بعض الولايات من حقوقها.[4] في السنوات الماضية لوحظ أن الحكومة أحدثت بعض التغييرات في الميزانية التطويرية. هناك بعض المشاريع الوطنية خُصصت لها أجزاء من الميزانية السنوية ولم يبدأ العمل فيها، أو بدأ ولم ينته. أعلنت الحكومة للسنة الجارية 598 مشروعا، إلا أن عدد 539 مشروعا منها هي مشاريع انتقالية أي مستمرة من السنوات الماضية، أما المشاريع الجديدة فعددها 59 مشروعا[5] ، وسيكشف الزمن عن مدى تطبيقها وتطورها.

النتائج

على الحكومة أن تضع مقترح الميزانية السنوية التطويرية بعد التشاور مع فئات الشعب،وقد تم في هذا الصدد عقد جلسات استشارية مع مندوبي ولايات كابل وننجرهار وقندهار وهرات ومزار شريف، وخمس ولايات أخرى.[6]  على الحكومة أن تستشير جميع فئات الشعب في كافة الولايات، وأن لا تخص بالمشاريع بعض المناطق بناء على مصالح انتخابية. على الحكومة أن تحدث تغييرات إيجابية في الميزانية التطويرية بالنظر إلى المصالح الشعبية وأن لا تترك أي مكان للشك. ولأجل أن تكون لدينا ميزانية علمية وعملية ناجعة في السنوات المقبلة ينبغي العمل بالمعايير المتبعة في حين وضع الميزانية السنوية. من ذلك مثلا إكمال الإحصائيات اللازمة. ومع أنه تم إنجاز بعض الأعمال في هذا الصدد إلا أن القدر المعمول لا يساعد بما فيه الكفاية. إذا امتلكت الحكمة إحصائيات دقيقة فإنها ستقدر على توزيع الميزانية بشكل متوازن. على وسائل الإعلام والمجتمع المدني والإدارات المعنية بمكافحة الفساد أن تنشر الوعي حيال قضايا الميزانية ليعلم المواطنون بحقوقهم حيال إبداء آرائهم المتعلقة بالميزانية، ولكي ينبهوا المعنيين بطرح الميزانية بواجباتهم ومسؤولياتهم.

=====================================================================================

[1] https://www.youtube.com/watch?v=X3uT4GVb1sA

[2] https://www.youtube.com/watch?v=iUsnTuAG7hw

[3] https://www.facebook.com/mof.gov.af/posts/2969315009765899

[4] http://wj.parliament.af/pashto.aspx

[5] https://www.youtube.com/watch?v=peVuJO8HTaI

[6]https://mof.gov.af/ps/%D8%AF-%DB%B1%DB%B3%DB%B9%DB%B9-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%DA%A9%D8%A7%D9%84-%D9%BE%D9%87-%D9%85%D9%84%D9%8A-%D8%A8%D9%88%D8%AF%DB%8C%D8%AC%D9%87-%DA%A9%DB%90-%D8%AF-%DA%A9%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D8%AE%D9%84%DA%A9%D9%88-%D8%AF-%D8%A7%DA%93%D8%AA%DB%8C%D8%A7%D9%88%D9%88-%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84%D9%88-%D9%BE%D9%87-%D9%85%D9%88%D8%AE%D9%87-%D9%84%D9%87-%D8%AF%D9%88%DB%8C-%D8%B3%D8%B1%D9%87-%D8%AF-%D8%AD%DA%A9%D9%88%D9%85%D8%AA-%D9%85%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%AA%D9%8A

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *