العوائق المعترضة لمحادثات السلام بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية

عُقدت منذ السنة الماضية حتى الآن إحدى عشر جلسة مفاوضات في الدوحة عاصمة قطر بين طالبان ومندوب وزارة الخارجية الأمريكية الخاص للسلام الأفغاني زلمي خليلزاد. وقد علت على السطح بوادر اقتراب الطرفين من توقيع اتفاقية في الآونة الأخيرة. ولكن لم يتم إبداء أي تصريح حول مدى مطابقة الاتفاقية القريبة للاتفاقية الملغاة في سبتمبر/ العام الماضي. في تحليل هذا الأسبوع، سنلقي نظرة مقتضبة على مفاوضات السلام بين طالبان والجانب الأمريكي، والمحادثات المستأنفة بعد تغريدة ترامب على تويتر، وهل ستؤدي هذه المحادثات إلى السلام الدائم في أفغانستان؟ هذا ما سنسعى للإجابة عليه.

نظرة سريعة على مفاوضات السلام بين الولايات المتحدة الأمريكية وطالبان

في تاريخ 4/سبتمبر/2018 أعلنت رسميا وزارة الخارجية الأمريكية عن تعيين السفير الأمريكي السابق في العراق زلمي خليلزاد مبعوثا أمريكيا خاصا للسلام الأفغاني. بدأ خليلزاد أولى جلسات مفاوضاته مع طالبان في يوم 12/أكتوبر/2018م في الدوحة عاصمة قطر، وتمت حتى الآن إحدى عشرة جلسة مفاوضات. وقد اقترب الجانبان من توقيع اتفاقيات على إثر الجلسة التاسعة، إلا أن الرئيس الأمريكي عب مقتل أحد جنود بلاده في أفغانستان أعلن في تويتر إلغاء محادثات السلام مع طالبان، ولذا توقفت المفاوضات بين الجانبين لمدة قصيرة.[1]

في تاريخ 28/نوفمبر/2019م حضر ترامب في سفر مفاجئ إلى أفغانستان، وصرّح باستئناف مفاوضات السلام مع طالبان، وأن جانب طالبان راغب في وقف إطلاق النار.[2] ومنذ استئناف المحادثات تمت حتى الآن جلستا تفاوض ويبدو أن الجانبين وصلا إلى اتفاق نسبي، وتم التحدث مع الأمم المتحدة والدول المعنية بالسلام الأفغاني حول آليات السلام وتفاصيله. [3]

النقاط التي تم الاتفاق عليها

يُخمن أن كلا الجانبين- الجانب الأمريكي وجانب طالبان-  بعد محادثات طويلة وصلا إلى تفاهم مفاده ضرورة إنهاء الحرب في أفغانستان. بارنت روبن في لقاء له بإذاعة الحرية ولقائه بمركز الدراسات الإستراتيجية الدولية تحدث حول القضية، وهو متابع للشأن الأفغاني وتحولات أفغانستان وباكستان خلال العقود الأربعة الأخيرة. يرى روبين أنه مع كوننا لا نقدر على رؤية أي ضمانات مُسبقة لمبادرات السلام، إلا أن الاتفاقية في قطر مشتملة على مسائل مهمة متعلقة بالسلام الأفغاني. قال روبين: “بعد الاتفاقية بيوم، تنظيم طالبان مكلف بقطع علاقاته مع تنظيم القاعدة ومعاداة داعش، كما أن القوات الأمريكية مكلفة ببدء عملية الخروج من أفغانستان، وجميع الأطراف مكلفة بتقليل العنف، وتُبدأ المفاوضات مع الحكومة الأفغانية خلال عشرة أيام من توقيع الاتفاقية”.يرى هذا المتابع الأمريكي أنه بعد مضي عشرة أيام من توقيع الاتفاقية بين مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بالسلام الأفغاني زلمي خليلزاد وتنظيم طالبان ستبدأ المفاوضات مع الحكومة الأفغانية في أوسلو عاصمة النرويج. وفق تصريح روبين فإن تنظيم طالبان والجانب الأمريكي قبلا أن يُقلص عدد الجنود الأمريكيين في أفغانستان بعد مرور 135 يوم إلى 8600 جندي[4]

إلا أن عضو شبكة محللي الوضع الأفغاني توماس روتيك وضح أن اتفاقية الدوحة ليست لأفغانستان، وقال: “الولايات المتحدة الأمريكي وتنظيم طالبان اتفقا على مسألتين أو ثلاث، من قبيل قطع طالبان علاقتها بالإرهاب، وبدء خروج القوات الأمريكية من أفغانستان، وربما قضية تقليل العنف. طالبان أعلنت بوضوح أنها لن تتفاوض حول وقف إطلاق النار، وحتى هذه الاتفاقية بحاجة إلى ضمانات”.

اتفاق طالبان على وقف العنف مؤقتآ

قبلت طالبان في سياق مفاوضاتها مع الجانب الأمريكي على تقليل العنف بعد مضي 7 إلى 10 أيام من توقيع الاتفاقية، وقد أثار هذا ردة فعل شديدة لدى الحكومة الأفغانية ومنظمة العفو الدولية، إلا أن المسؤولين في الحكومة الأمريكية لم يُبدو أي تصريح حول هذا الشأن، كما أن مكتب زلمي خليلزاد صامت حول القضية.[5]

في تغريدة على تويتر كتب صدّيق صدّيقي المتحدث باسم الرئيس الأفغاني: “قضية تقليل العنف أمر عديم المعنى لدى الشعب الأفغاني، هل معناه أن عدد التفجيرات إذا كان بمعدل عشرة في اليوم، سيقل إلى خمس، وسيقل عدد القتلى من عشرة إلى تسعة؟ نحن نريد إنهاء العنف في أفغانستان “[6] كما صرحت منظمة العفو الدولية في بيان لها بأن “تقليل العنف” اصطلاح عديم المعنى. قال مندوب هذه المنظمة لدى دول جنوب آسيا عمر ورايتش: “إن مصطلح تقليل العنف في الحروب التي يقع ضحيتها المدنيون أمرٌ لا معنى له”[7]

هل ستعرقل محادثات السلام بين أمريكا وطالبان مرة أخرى؟

اقترب تنظيم طالبان والجانب الأمريكي من الاتفاق في الجلسة التاسعة، وقبلا بأن يُنهى الاتفاق في آخر شهر يناير من العام الجاري، إلا أن تقريرا جديدا منشورا من (أسوشييتد برس) نقل عن صفحة طالبان الرسمية أن التنظيم قد سئم من مطالبات الجانب الأمريكي وأنهم يضيّعون الوقت، ويغيرون قراراتهم. ذكر رئيس مكتب طالبان السياسي في قطر الملا برادر في محادثة له مع قناة PBS التلفازية: أن الولايات المتحدة الأمريكية ارتكبت أكبر خطأ حين هجمت على أفغانستان، وقال: سننهي الحرب حين يخرج كافة الأمريكيون من أفغانستان، ومن ثم لن يكون لدينا أي إشكال مع الأفغان وسنتفق معهم، وسنطبق نظام الحكم الذي ترشد إليه الشريعة.[8] بالنظر إلى تصريحه وتصريحات غني في الجلسة الاقتصادية الأخيرة في سويسرا حيث وسم تنظيم طالبان بأنهم حجر عثرة في طريق السلام، وتصريح نائبه أمر الله صالح في مؤتمر صحفي لدى معهد الحرب والسلام الذي قال فيه: “قد تؤدي مفاوضات قطر إلى إيقاف الحرب بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن تلك المحادثات لن تُنهي بوجه من الوجوه الحرب بين طالبان وشعب أفغانستان”، والتقى كذلك رئيس ما يُسمى بوزارة الصلح عبدالسلام رحيمي بسفير روسيا في أفغانستان وأكد على دور روسيا ودول المنطقة في إنشاء إجماع دولي حول السلام بأفغانستان، وأضاف بأن الرئيس أشرف غني سيوجد هذا الإجماع. بالنظر في تصريح مكتب قطر وتصريحات حكومة الوحدة الوطنية التي تتحدث بلهجة الحرب، وبالنظر في التغيير المستمر من الجانب الأمريكي لقراراته، والعلاقات المتدهورة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، كل هذه العوامل قد تفضي إلى تأجيل الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية إلى أمد غير معلوم.[9]

النتائج

مع أن هناك فروقا بين موقف طالبان وموقف الحكومة الأفغانية حيال المحادثات الجارية في قطر بين طالبان والجانب الأمريكي، مازالت الحاجة ملحة لتترك جميع الأطراف الدخيلة في القضية الأفغانية مصالحها الشخصية لصالح إيقاف الحرب التي استمرت في أفغانستان لأربعة عقود. لدى الأفغانان خبرة جيدة من الوضع الذي حل بالبلد فترة انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان، ويمكن للشعب الأفغاني أن يستفيد من تلك التجربة ويسعوا لإحلال سلام دائم وحكم مستقر ينفذ كل ما فيه صلاح الشعب. لأجل إحلال السلام في أفغانستان، هناك حاجة لتوقيع الاتفاقية بين طالبان والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أننا نشهد أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية آخذ في التقلب والتغيير، ولذا من الضروري أن تطلب هيئة الأمم المتحدة والدول المعنية بالشأن الأفغاني (الصين وروسيا وألمانيا وبريطانيا وتركيا) من الولايات المتحدة الأمريكية إيقاف الحرب في أفغانستان – لكون ذلك رغبة الشعب الأفغاني ودول المنطقة – والوصول إلى اتفاق مع طالبان حتى تُمهّد السبل للمفاوضات بين طرفَي النزاع بأفغانستان.

=======================================================================================

المنابع

[1] https://www.csis.org/analysis/civil-challenges-peace-afghanistan

The Civil Challenges to Peace in Afghanistan

[2] https://www.nytimes.com/2019/11/28/us/politics/trump-afghanistan.html

Trump Visits Afghanistan and Says He Reopened Talks With Taliban

[3] https://www.afghanistan-analysts.org/aans-most-read-dispatches-in-2019-peace-talks-and-presidential-polls-dominate/

AAN’s most-read dispatches in 2019: Peace talks and presidential polls dominate

[4] https://pa.azadiradio.com/a/30392438.html

د طالبانو او امریکا ترمنځ د موافقې په اړه غربي کارپوهان څه نظر لري؟

[5] https://pa.azadiradio.com/a/30396220.html

‘امریکا له طالبانو نوې غوښتنې کړي’

[6] https://twitter.com/SediqSediqqi/status/1216306445857193990

[7] https://www.pashtovoa.com/a/Taliban-say-they-are-frustrated-by-the-USA-demands-in-peace-talks-/5259007.html

طالبان وايي د سولې خبرو کې د امریکا له غوښتنو په تنګ شوي- راپور

[8] https://www.pbs.org/wgbh/frontline/article/exclusive-afghanistan-war-end-when-u-s-withdraws-says-taliban-peace-talk-negotiator/

EXCLUSIVE: ‘The War Will End When the U.S. Withdraws,’ Says Taliban’s Chief Negotiator

[9] https://www.bbc.com/pashto/afghanistan-51231965

غني: افغانستان د دریمه برخه امریکايي پوځ وتلو ته چمتو دی

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *