النظام التعليمي بأفغانستان؛ تحديات وحلول – الجزء الثاني – التحديات الخارجية
التطورات في قطاع التعليم
في عام 2002م ورثت الحكومة الانتقالية الأفغانية النظام التعليمي الذي كان في حالة متدنية على مستوى الموارد البشرية والبنية التحتية وآليات العمل، وقد كانت قدرة هذا النظام في تقديم خدمة التعليم والتربية محدودة جدا بشكل مثير للاستفهام. الإحصائيات التالية تعكس صورة عن مدى كفاءة النظام التعليمي من منظور وزارة التعليم في ذلك الوقت:
- كان يدرس في المدرس أقل من مليون تلميذ في 3400 مدرسة وكان عدد المدرسين 20700 مدرسا، كما أن النظام التعليمي لم يلبّ احتياجات تلك الفترة.
- لم يكن ثمت منهج دراسي وطني موحد، كما أنه لم تكن الكتب الدراسية المطابقة للمعايير الدولية متوفرة.
- لم تنشط سوى أربعة جامعات لتأهيل المعلمين في أربع ولايات، وكان يدرس بها 400 طالب ولم يزد عدد المعلمين بها عن 50 معلماً كلهم من الذكور.
- نشطت 38 مدرسة للتعليم الحرفي بشكل جزئي، وكان يدرس بها 1500 طالب، وبلغ عدد المدرسين بها 50 معلما كلهم من الذكور.
- سنويا كان يدرس في مراكز محو الأمية عدد 22000 طالب فقط، وكلهم من الذكور.
- كان عدد الطلاب الجامعيين لا يتجاوز 7900 طالبا، يدرسون في 15 جامعة فقط.
ومنذ عام 2002م أحدثت وزارة التعليم بعض التغييرات والتطورات، وفيما يلي نبذة عن تلك التطورات التي طرأت حتى نهاية عام 2009م:
- زاد عدد التلاميذ في المدارس سبعة أضعاف، حيث بلغ عددهم سبعة ملايين، يدرسون في 12 ألف مدرسة، وتبلغ نسبة البنات بينهم 37%.
- زاد عدد المعلمين بأكثر من ثمانية أضعاف: “عدد المعلمين في النظام التعليمي حاليا يبلغ 170000 معلم ومعلمة، وتشكل النساء نسبة 30% منهم”.
- زاد عدد المدارس الدينية حتى بلغ 550 مدرسة، ويدرس بها 136000 طالب، وتشكل البنات نسبة 9% منهم.
- ارتقت إدارة الدراسات الإسلامية إلى فرع رئيسي من أفرع وزارة التعليم، وافتُتح لأول مرة فرع لجامعة الأزهر في كابل تحت مسمى (المعهد الأزهري للعلوم الإسلامية)، وسيتم توسيع نطاقه ليغطي المحافظات الأخرى.
- تم إعداد مناهج دراسية لجميع المدارس العلمية والدينية. الكتب المخصصة للمرحلة الابتدائية والمتوسطة تم تأليفها وطبعها وتوزيعها، ويُتوقع أن يكتمل تأليف كتب المرحلة الثانوية – علمي خلال عام 1398هـ شـ كما يُتوقع أن يكتمل تأليف كتب الثانويات الدينية عام 1393هـ شـ.
- زاد عدد مراكز تأهيل المعلمين من 4 مراكز إلى 42 مركز، بحيث يوجد على الأقل في كل محافظة مركز لتأهيل المعلمين، مع سكن للذكور وسكن للإناث، ويدرس بها 42000 طالب وطالبة وتشكل النساء نسبة 38% منهم.
- كما أُسست 73 مركز لتأهيل المعلمين في المديريات، لرفع كفاءة المعلمين المسجلين لدى الوزارة والعاملين في المديريات.
- زاد عدد التسجيل في المراكز التعليمية الحرفية 13 ضعفا، حيث يدرس بهذه المعاهد 20000 طالب وطالبة وتشكل البنات نسبة 16% منهم، ويبلغ عدد المعاهد الحرفية 60 معهدا.
- تخرج أكثر من 95000 طالب وطالبة من الثانوية عام 1388هـ شـ وتشكل البنات نسبة 27% منهم.
- منذ عام 2002م وحتى عام 2009م تخرج سنويا من مراكز محو الأمية أكثر من 250,000 شخص وتشكل الإناث منهم نسبة 62%.
- لأجل تعزيز مشاركة الشعب في تطوير قطاع التعليم، تم تأسيس مجالس شورى المدارس بعدد 8500 مجلس، وقد تم إنشاء 4500 مدرسة بدعم من هذه المجالس.
- من ضمن المدارس التي أغلقت بسبب التدهور الأمني، تم إعادة فتح 220 مدرسة منها عام 2009م، ويدرس بها أكثر من 200 ألف طالب وطالبة.
- التطوير في أنظمة إدارة التعليم مستمرة، وكذلك المراقبة والتقييم. ويتم بشكل سريع العمل على تنفيذ نظام الرواتب الجديد الذي يكفل تحسين رواتب المعلمين وارتقاءهم في السلم الوظيفي، وقد سُجل في هذا النظام الجديد 70000 معلم ومعلمة، وسيؤدي تنفيذ هذا النظام إلى تحسين رواتب كافة المعلمين والمعلمات.
- يدرس عدد 63000 طالب وطالبة في أكثر من 24 جامعة.
التحديات العامة أو الخارجية
في التقرير السابق، تحدثنا بالتفصيل عن التحديات الداخلية التي تعترض قطاع التعليم. وفيما يلي سنذكر إجمالا التحديات الخارجية التي تواجه قطاع التعليم، ولنتکلم حول مقترحات لحلها فی الحلقة القادمة- إن شاءالله.
۱)التدهور الأمني: أكبر عائق يعترض طريق التعليم المدرسي في أفغانستن هو التدهور الأمني. وزارة التعليم جهة محايدة، وينبغي أن لا يجعلها أي طرف سياسي أو عسكري ضحية لمناوشاته السياسية والعسكرية، ويعرقل بذلك عملية التعليم والتربية في أفغانستان.
الحرب والتدهور الأمني عوامل أدت إلى منع 3.5 مليون طفل من الذهاب إلى المدرسة. هناك أكثر من 1000 مدرسة مغلقة حاليا بسبب التدهور الأمني، ويُحتمل أن يزيد العدد. التدهور الأمني لا يُسبب فقط إغلاق المدارس وإنما يؤدي كذلك إلى منع إنشاء مدارس جديدة.
۲) استغلال المدارس كمراكز عسكرية : تُستغل كثير من المدارس في الأماكن النائية كمراكز عسكرية في الصراع بين الحكومة الأفغانية وطالبان، كما يحصل في ولاية هلمند وتحديدا في منطقة “جاه انجير ناد علي” التي اتُّخذت فيها مدرسةٌ مركزا عسكريا من قبل القوات الأمنية الأفغانية. ولاية هلمند وولاية اروزجان من الولايات التي بها مدارس محدودة وتُستغل هذه المدارس كمراكز عسكرية. يوجد نحو 67 مدرسة حاليا في جميع ولايات أفغانستان قد اتُّخذت مراكز عسكرية، أربعة منها تقبع تحت سيطرة تنظيم طالبان، والبقية تتبع للقوات الأمنية الحكومية.
۳) مدارس بدون مباني: وفق الإحصائيات المقدمة من قِبل وزارة التعليم، فإن نحو 9 ملايين طالب وطالبة يدرسون في أكثر من 17 ألف مدرسة، وبعض هذه المدارس مازالت تحت الإنشاء كما أن البعض الآخر منها مفتقد للمبنى. من جملة المدارس البالغ عددها 17 ألفا، هناك تسعة آلاف مدرسة بها مبنى، وثمانية آلاف مدرسة فاقدة للمبنى.
۴)قلةالميزانية: لم تُصرف الميزانية المخصصة للتعليم على الوجه المطلوب، وقد أدى هذا إلى بقاء بعض المدارس مفتقدة للمباني حتى في العاصمة كابل، كما أن الكثير من التلاميذ يدرسون تحت الخيام أو في البيوت المستأجرة.
في حين أن الرئيس أشرف غني أصدر مرسوما لوزارة إنشاء المدن بأن تبني 100 مدرسة في المساحات الجاهزة، وأن تبني 6000 مدرسة أخرى، وقد تم تخصيص 200 مليون دولار لهذا المشروع. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت وزارة التعليم عن إنشاء 200 مدرسة أخرى نظرا لاكتظاظ عدد السكان في بعض المناطق.
۵)الأساتذة غير المُدربين: عدم تأهيل نسبة 40% من المدرسين من جملة التحديات الكبيرة التي تواجهها وزارة التعليم. في السنوات الأخيرة لم توظف وزارة التعليم مدرسين أكفاء، وقد واجهت نقصا في عدد المعلمين المُؤهلين وغير المؤهلين مما قد اضطرها إلى توظيف معلمين للتدريس في غير تخصصاتهم. وقد أجابت وزارة التعليم حيال ذلك بأن المعلمين المؤهلين غير مستعدين للذهاب إلى المناطق المتدهورة أمنيا، كما أنهم لا يدرسون مقابل رواتب ضئيلة، ولذا فإن الوزارة عازمة على توظيف مدرسين مؤهلين في مختلف مناطق البلد، وإرسال المعلمات المؤهلات برفقة معارفهن، مع التكلف بمصاريف السفر والسكن، ومنحهم رواتب عالية.
ولكن يبدو أن توظيف 26 ألف معلم مؤهل، واستبدالهم بالمعلمين غير المؤهلين وخريجي الثانوية في 34 محافظة أمر صعب.
۶) الفساد: في عام 2002م بلغ عدد التلاميذ الذكور 900 ألف تلميذ، ولم تكن هناك أي تلميذات، وبعد عام 2002م حتى 2013م زاد عدد التلميذات بشكل كبير، حيث صار عدد التلاميذ 11 مليون تلميذا وتلميذة، وقد عدت الحكومة ووزارة التعليم هذا الأمر إنجازا كبيرا، إلا أن تقرير مكتب USAID حول عدد المعلمين في أفغانستان نزّل العدد المذكور إلى 9.2 مليون تلميذ وتلميذة، وهو أمر مثير للاستفهام.
بالإضافة إلى ذلك رُصد وجود 40880 مدرس وهمي، ووجود 1033 مدرسة وهمية (مُختلقة وغير حقيقية) ووجود 1400 مشروع إنشاء للمدارس دون إكمال الإجراءات القانونية لمناقصاتها، واحتيال أكثر من 20 مليون دولار ضمن عقود طبع الكتب الدراسية، واختفاء عدد 64 حاوية محملة بالأدوات المدرسية (كراريس وحقائب وأقلام ومواد غذائية…) وعشرات الموارد الأخرى التي حصل فيها تزوير واحتيال من قِبل وزارة التعليم، ويُعد ذلك من أكبر مؤشرات الفساد في هذه الوزارة.
۸)ضعف الإدارة: رغم الجهود المبذولة في رفع كفاءة الموارد البشرية العاملة في قطاع التعليم، مازال هذا القطاع دون مستوى الكفاءة والقدرة المطلوبة، ويرجع ذلك إلى عدم وجود الكوادر المتخصصة والتي ليس لديها استعداد للعمل في الوزارة برواتب منخفضة. وقد أدى النقص الحاصل في المباني (الأماكن المناسبة للعمل) والأجهزة والمعدات وخاصة ما يتعلق بتقنية المعلومات إلى تعقيد أمور الوزارة وصعوبة إدارتها .