حدوث حريق في معبر إسلام قلعة الحدودي؛ الأسباب والنتائج
في يوم السبت الموافق 13/فبراير/2021م انفجرت شاحنة نقل الوقود في المعبر الحدودي بين منطقة إسلام قلعة بأفغانستان ومنطقة دوغان بإيران، مما أدى إلى اندلاع حريق هائل تسبب في إتلاف نحو 500 شاحنة نقل وقود وخسائر تقدر بملايين الدولارات. استمر الحريق لساعات وأسفر عن خسائر في الأموال والأرواح، وقد أخبر المسؤولون عن جرح 17 شخصا؛ كما تمت الاستعانة بجهاز المطافئ الإيراني الجوي والأرضي، وكان مكتب محافظة هرات قد أعلن في الساعات الأولى من اندلاع الحريق أن الإمكانيات المتوفرة في المحافظة لا تكفي لإخماد الحريق. تقع منطقة إسلام قلعة غربي مدينة هرات وتبعد عنها نحو 120 كلم، وتعد معبرا حدوديا مهما بين أفغانستان وإيران.
ضخامة الحدث
صرح المسؤولون بغرف التجارة الأفغانية: إن الخسائر التي تكبدها التجار من الحدث تفوق ما نُشر في التقارير الأولى. قال أحد مسؤولي غرف التجارة والاستثمار خان جان ألكوزي بأن الحدث أتلف بضائع التجار بتكلفة تُقدر بمئات الملايين من الدولارات كما أن ألف حاملة وقود قد احترقت. كما أضاف ألكوزي بتاريخ 18/فبراير/2021م في مؤتمر صحفي بولاية هرات أن حريق معبر إسلام قلعة تسبب في ارتفاع أسعار 25% من البضائع في أفغانستان وخصوصا الوقود والمحروقات، كما أن الخسائر التي تكبدها القطاع الخاص هائلة جداً ولا تكاد تُقدر.[1]
أعلن مسؤولو محافظة هرات في الساعات الأولى من الحريق أن الإمكانيات اللازمة لأطفاء الحرائق غير متوفرة في المحافظة ولذا طلبوا الدعم من إيران.
قال رئيس غرف التجارة والاستثمار بمحافظة هرات يونس قاضي زاده أن الحادثة أشبه ما تكون بكارثة سونامي، وقال بأن الحكومة قدّرت الحدث بصورة سطحية، وسيتضح للحكومة خلال الأشهر الآتية حجم الخسائر الحاصلة من الحدث. وفق تصريحه فإن حاملات النقل والبضائع التالفة في الحريق كانت تشكل رؤوس أموال تجار قضوا سنوات طويلة للحصول عليها.[2]
شكل رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية لجنة تدرس الحدث وأسبابه وتقيّم الخسائر الحاصلة منه وتضم اللجنة نائب وزير المالية في شؤون الدخل والجمارك، ونائب وزير الصناعة والتجارة، ونائب إدارة النيابة العامة، ورئيس غرف التجارة والاستثمار، ومندوب مجلس الأمن الوطني، ومندوب الرئاسة العامة للأمن الوطني، ومندوب وزارة الداخلية، ورئيس الغرف الصناعية، والرئيس العام للجمارك، ورئيس نقابة المواصلات، ووالي محافظة هرات[3].
أسباب اندلاع الحريق
ذكرت رئاسة غرف التجارة والاستثمار بولاية هرات في تقرير لها أن الأسباب الرئيسة لاندلاع الحريق كانت كالآتي:
- عدم وجود خطوط طريق منفصلة للبضائع سريعة التلف، والنفط، والغاز، وبقية البضائع، ومركبات نقل المسافرين.
- إضراب السائقين وأصحاب السيارات في جمارك معبر إسلام قلعة بسبب دفعهم رسوم المواصلات.
- أعطاب تقنية في عمل الموازين الإلكترونية.
- عدم وجود تدابير استباقية واقية من الحرائق وغيرها من الحوادث.
- عدم نجاعة الزيارات الشهرية والأسبوعية من قِبل اللجان المراقبة لأمور الجمارك في الولاية، وعدم تأثيرها.
- بطء أعمال التخليص الجمركي، وعدم وجود طاقم عمل مُدرب في إدارة الجمارك (TCRC)، حيث يحصل أحيانا توقف شاحنة نقل الوقود فيها مدة عشرين يوماً.
- عدم وجود الكفاءات اللازمة، وعدم تجهيز جمارك معبر إسلام قلعة بالأجهزة والأدوات المسهلة للخدمات الجمركية.
يقول رئيس غرف التجارة والاستثمار بهرات يونس قاضي زاده: السبب الرئيس لاندلاع الحريق هو تنفيذ الآلية الجديدة المُرسلة من قِبل وزارة المواصلات حيث تحكم ببقاء حاملات الوقود وشاحنات نقل البضائع في الجمارك لمدة أسبوعين.[4]
الخسائر الحاصلة من الحريق:
ذكر المتحدث باسم رئاسة الصحة العامة بولاية هرات أن 17 شخصا جُرحوا في الحادث، كما صرح مسؤولو غرف التجارة والصناعة بمعبر إسلام قلعة بمحافظة هرات أن نحو 500 حاملة وقود احترقت بالكامل، ووفق التقديرات المبدئية فقد تكبد التجار خسارة تُقدر بـ 500 مليون دولار، ومن ضمن الشاحنات المحروقة تلاشت نحو 90 شاحنة من شدة احتراقها، كما أبلغوا عن احتراق نحو 435 شاحنة حاملة لأنواع مختلفة من البضائع مثل الإطارات وقطع غيار السيارات والدراجات والأقمشة ومواد البناء والمواد الغذائية والفواكه الطازجة مما يُقدر بتكلفة عالية؛ إلا أن الحادث بحاجة إلى المزيد من الدراسة.
وجدير بالذكر كذلك أن بعض البضائع قد نُهبت من قِبل جهات مجهولة خلال الحريق كما تم نهب البعض في طريق معبر إسلام قلعة حين عودتها إلى هرات، كما أن بعض الشاحنات بما فيها من البضائع مفقودة، وقد تلقى مالكوها اتصالات من قِبل جهات مجهولة تطالبهم بدفع مبالغ مقبال إرجاع الشاحنات والبضائع لهم.
بناء على ما ذُكر، يمكننا القول بأن نحو 500 شاحنة كبيرة قد احترقت في مكان الحادث، كما فُقدت مئات الشاحنات الأخرى الحاملة لأنواع البضائع بعد وقوع الحادث.
في زيارة له إلى مكان الحادث بعد وقوع الحريق صرح والي هرات سيد عبد الواحد قتّالي أن “القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية قد تكبدت خسائر فادحة، ومن الشاحنات المتبقية قدرنا أن نُدخل 1500 مركبة في أرض الدولة المجاورة، كما تم الاحتفاظ بـ 500 مركبة داخل الحدود وتم إرسال نحو 400 مركبة إلى مدينة هرات”[5]
إن الحريق الهائل ألحق أضرارا وخسائر بالغة بالقطاع الخاص (أصحاب المركبات والمورّدين) والقطاع الحكومي وعامة الشعب والأسواق. حادثُ الحريق في جمارك المعبر الحدودي بهرات وإضراب شركات النقل على مستوى البلد تسببا في ارتفاع أسعار المحروقات في مختلف المحافظات بما فيها العاصمة كابل.
(الدمار الهائل في موقع الحريق بالمعبر الحدودي بين إيران وأفغانستان)
نشرت وكالة (Associated Press) يوم الثلاثاء الموافق 16/فبراير/2021م بعض الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية والتي تُظهر منطقة وقوع الحريق، وتظهر فيها مئات الشاحنات المحترقة الحاملة للوقود والغاز في الجانب الأفغاني من الحدود، كما تظهر بقع سوداء على الأرض.[6]
عادةً تصطف مئات الشاحنات الناقلة للوقود حين عبورها من هذا المعبر الواقع بين البلدين، وفي يوم وقوع الحدث كانت توجد في الموقع أكثر من 2500 شاحنة كبيرة، في حين أن مكان الجمارك في الأوضاع العادية يسع نحو 700 شاحنة.
عقد المعنيون بالأمر في القطاع الخاص جلسات حيال هذا الأمر وأرسلوا تقارير للوزارات المعنية مطالبين فيها بتعويضهم ما تكبدوه من خسائر.
اللجنة البرلمانية المخولة بدراسة الحادث:
بعد إرسالهم إلى هرات ذكر أعضاء اللجنة المخولة بدراسة الحادث والمشكّلة من أعضاء بالبرلمان الأفغاني وغرف التجارة والاستثمار الأفغانية في مؤتمر صحفي بأن تقصّد الحدث ليس احتمالا مُستبعدا، وأن التحريات جارية حيال ذلك. وفق آخر التقارير تم إدانة واحتجاز 9 أشخاص من الموظفين بجمارك معبر إسلام قلعة حيث عُدّوا مسؤولين عن وقوع الحدث.
تدابير وقائية لمنع وقوع أحداث مشابهة:
حادث الحريق الأخير الذي اندلع في معبر إسلام قلعة الجمركي يوجب اتخاذ تدابير واحتياطات احترازية لمنع تكرر مثل هذه الحوادث في كافة المعابر، حيث تسبب عدم وجود إمكانيات إطفائية وعدم رعاية المسافة اللازمة بين الشاحنات في حدوث حريق هائل نتج عنه تلف رؤوس أموال الكثيرين من التجار الأفغان والإيرانيين؛ بسبب إهمال المسؤولين.
جميع المعابر الجمركية بما فيها جمارك إسلام قلعة تواجه شحا في تجهيزات التخلية والشحن والتخليص الجمركي وترخيص البضائع وتواجه نقصا في البنية التحتية اللازمة للجمارك.
نأمل أن يكون في الحادث الذي ألحق أضرارا فادحة باقتصاد البلد وثروات المستثمرين معتبرٌ للجهات المعنية حتى تبذل مزيدا من الجهد في تقديم الخدمات الجمركية، وذلك لأن استمرار عمل المعابر الحدودية يشكل أحد عناصر التنمية الاقتصادية في البلد. القطاع الخاص والذي يُعد أحد محركات العجلة الاقتصادية في البلد قد تضرر كثيرا بفعل الحادث، واستئنافه لنشاطه قد لا يتيسر لذا يُقترح أن يتم تعويضهم بعد تقدير الخسائر التي تحملوها مما سيعيد تفعيل القطاع الخاص ويمنحهم الثقة والطمأنينة للاتجار داخل البلد.
كما ينبغي أن يُسعى لتشكيل لجنة تدرس المخاطر المحتملة المفاجئة بمشاركة جميع الإدارات المعنية وتقوم هذه اللجنة بتحليل أوضاع الجمارك بصورة دورية وتُقدم تقارير عنها للمسؤولين وتُتابع شؤونها بصورة عملية.
بالإضافة إلى الخسائر التي تكبدها التجار فإن هذا الحادث المهول قد أضر بعامة الشعب حيث تسبب في ضغطٍ اقتصاديّ وزيادة في معدل البطالة، إلا أن ما يتفق عليه الجميع هو مدى الفساد المستشري في الإدارات الحكومية، ولا يقتصر ضرر ذلك على بطء حركة الأعمال وإنما تنتج عنه كوارث كبرى مثل حريق معبر إسلام قلعة.
لمكافحة وقوع المزيد من هذه الحوادث لا بد أولا من مكافحة الفساد بكل حزم، واجتناب توسيد العمل لغير أهله.
[1] https://www.google.com/amps/s/www.bbc.com/persian/afghanistan-5612965.amp
[2] https://www.bbc.com/persian/afghanistan-56053620
[3]https://mof.gov.af/index.php/dr/%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%DB%8C%DB%80-%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%AA-%D9%85%D8%A7%D9%84%DB%8C%DB%80-%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%DB%8C-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%DB%8C-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D8%B1-
[4] https://www.google.com/amp/s/www.bbc.com/persian/afghanistan-56059288.amp
[5] https://www.google.com/amp/s/amp.dw.com/fa-af/%25D8%25A2%25D8%25AA%25D8%25B4-%25D8%25B3%25D9%2588%25D8%25B2%25DB%258C-%25D8%25A7%25D8%25B3%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585-%25D9%2582%25D9%2584%25D8%25B9%25D9%2587-%25DB%25B5%25DB%25B0-%25D9%2585%25DB%258C%25D9%2584%25DB%258C%25D9%2588%25D9%2586-%25D8%25AF%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1-%25D8%25B2%25DB%258C%25D8%25A7%25D9%2586-%25D9%2588-
[6] https://www.google.com/amp/s/per.euronews.com/amp/2021/02/16/satellite-image-show-