نتائج زيارة الرئيس الأفغاني إلى أوروبّا

في زيارة رسمية وخلال ستة أيام، ذهب الرئيس الأفغاني إلى فرانسا، وألمانيا، وإيطاليا، والسويد، ثم عاد إلى أفغانستان وتحدث في 7 من ديسمبر 2015م، عن نتائج هذه الزيارة لوسائل الإعلام. وقد ذهب الرئيس الأفغاني أولا إلى فرانسا، وألقى كلمة في قمة تغيير المناخ كما والتقى مع الرئيس الفرنسي، ثم ذهب إلى ألمانيا، وإيطاليا، والسويد، ووقّع اتفاقيات مع هذه الدول، وقد تم تعبير الزيارة في بيان لموقع القصر الرئاسي بأنها مليئة بالإنجازات، وجاء في البيان.

“لقد استطاع محمد أشرف غني الرئيس الأفغاني في زيارته الأخيرة إلى أوروبّا بأن يضع أسس قوية لتعاونات على مدى طويل بين أفغانستان والدول الأوروبّية، وذلك على أساس تعهدات عميقة وسيعة للحكومة الأفغانية والشعب الأفغاني خلال بضعة عقود قادمة. وكانت هذه الزيارة جزءا من محاولاته لتعزيز الدعم الدولي مع أفغانستان. لحسن الحظ، وبالنظر إلى أولويات الدول الأوروبّية في مجال المساعدات الدولية التنموية، أنجز الرئيس الأفغاني هدفه، وقام بتجديد التعاونات  الطويلة بين أفغانستان وأوروبّأ”.

تدعي الحكومة الأفغانية بأنها بذلت جهودا جبّارة في جلب ثقة “الشركاء الدوليين”، واحتوت هذه الجهود على إجراء النزاهة، والمحاسبة في إطار أجندة تحقيق الكفائة الذاتية، وتقديم التقارير للجهات الداعمة، وإجراء مطالب الصندوق الدولي لأول مرة منذ 2005م، وتحقيق أهداف محددة في مجال الدخل وتعيين الميزانية، وتعيين خطة واضحة من أجل المساعدات التنموية.

ألمانية واستمرار الدعم لأفغانستان

في زيارة الرئيس الأفغاني إلى ألمانيا، تعهدت الحكومة الآلمانية  بأن تدعم أفغانستان إلى عام 2020م، 250 مليون يورو عبر وزارة تنمية القرى الأفغانية، و180 مليون يورو عبر وزارة الخارجية الآلمانية. وسيتم صرف هذه الأموال في تنمية الاقتصاد، والإدارة الحسنة، والطاقة المتجددة، والصرف الصحي من المياه، والتعليمات الأساسية، وتعليم الحرف من أجل تعزيز المواهب.

ويشمل جزء آخر من الدعم الآلماني 25 مليون يورو سنويا، ويُصرف على توفير العمل من أجل السلام. ويبدو أن ذلك يكون لتوفير الأعمال والوظائف لأولئك الذين يتركون العنف ويلتحقون بعملية السلام.

تعهدت الحكومة الآلمانية، بأن ترفع خطوات ترغيبية من أجل استيراد المنتجات الأفغانية إلى ألمانيا، وأنها ترغب المستثمرين من ألمانيا في الساحة الأفغانية.

وفي المجال الأمني الأفغاني وهو مرتبط بالقضايا العسكرية، ستؤيد ألمانيا دعم أفغانستان وترفع عدد جنودها إلى 980 جندي.

إيطاليا واستمرار المساعدات

دولة أخرى زارها الرئيس الأفغاني خلال هذه الزيارة وهي إيطاليا التي دعمت أفغانستان منذ 2001م، في المجال العسكري، والاقتصادي، وتنمية المواهب خاصة في القسم القضائي.

وتعهدت إيطاليا بأن توفر لأفغانستان 65 مليون يورو من أجل بناء سكة حديد التي توصل ولاية هرات الأفغانية بسكك الحديد الإيرانية، مما يؤدي إلى اتصال أفغانستان بأوروبّا عبر سكك الحديد.

كما وتدعم إيطاليا إكمال مشروع مطار هرات وتحويله إلى مركز للأنشطة التجارية الدولية. ومن خطط إيطاليا تحسين مجال النقل غربي أفغانستان، وتوفر 92 مليون يورو دينا بشروط سهلة لأفغانستان من أجل إحداث طريق سريع من مدينة هرات إلى جشت “مديرية مذهبية شهيرة” بمعايير مقبولة.

ومثل ألمانيا تعهدت إيطاليا بأن ترغب مستثمريها بالعمل في أفغانستان وخاصة في قطاع الطاقة. وتم توقيع اتفاقيات في القسم الثقافي وتعاونات فنيّة بين الطرفين.

إنجازات زيارة السويد

ممكلة السويد ضمن الدول التي دعمت المهاجرين الأفغان في باكستان منذ الجهاد الأفغاني ضد الروس. وكانت لجنة السويد نشطة في بيشاور تلك الأيام.

في زيارة أشرف غني إلى السويد تم توقيع اتفاقية بين الطرفين بشأن تعاونات تنموية. وبما أن مملكة السويد تقلق تجاه كيفية صرف مساعداتها لأفغانستان تم التوافق على آلية من أجل المحاسبة حول صرف المساعدات السويدية عبر الميزانية الحكومية والمؤسسات غير الحكومية.

على أساس ذلك وافقت ممكلة السويد بأن توفر لأفغانستان إلى عام 2024م، دعما يصل مليار دولار.

وقد وافقت السويد بأن تبحث عن إمكانيات لدعم أفغانستان في مجالات أخرى مثل الاستثمار الذاتي، وخاصة الطاقة النزيهة المتجددة، وتنمية المواهب والتعليم المحترف.

قمة وزراء خارجية الناتو في بروكسل

في 1 من ديسمبر وبعد انتهاء قمة تغيير المناخ في باريس، ذهب صلاح الدين رباني وزير الخارجية الأفغاني إلى بروكسل للمشاركة في قمة وزراء الخارجية للدول الأعضاء في الناتو. وقد شارك في القمة إلى جانب وزراء خارجية الناتو الداعمين لمهمة التأييد الحازم، مندوبو اليابان وكوريا الجنوبية.

وفي هذه الجلسة مجّد الأمين العام للناتو، مواهب القوات المسلحة الأفغانية في الحرب، وقال إن مهمة قوات الناتو سيتم تمديدها إلى نهاية عام 2016م. وتم التوافق في هذه القمة على ثلاث نقاط بشأن الملف الأفغاني:

  • استمرار تواجد 12 ألفا من قوات الناتو في إطار مهمة التأييد الحازم، إلى نهاية عام 2016م.
  • تجري الناتو محاولات جديدة لتوفير مصادر دعم مالية للقوات العسكرية الأفغانية إلى عام 2020م.
  • إجراء التخطيط لتواجد غير عسكري للناتو في أفغانستان باسم “مشاركة ثابتة عالية”، بعد عام 2016م.

إنجازات زيارة أوروبّا بين الالتزام والتنفيذ

أسفرت زيارة الرئيس الأفغاني إلى أوروبّا عن تعهدات جديدة بشأن دعم أفغانستان في مجالات التنمية، والاقتصاد، والأمن. لكن أهم سؤال يطرح نفسه هنا بشدة هو: هل يمكن للحكومة الأفغانية الحالية بأن توفر مواهب لازمة لتوفير فرص من أجل استغلال هذه المساعدات؟

لو أن المساعدات المالية حلت الأزمة الأفغانية، فإن أفغانستان شاهدت طيلة 14 سنة الماضية، سيلان عشرات مليارات الدولار وكان عليها أن تكون الآن في وضع حسن جدا. أظهرت تجارب 14 سنة الماضية بأن عدم وجود مواهب لازمة لاستغلال المساعدات، سبب سرقتها من قبل عدد معين وغالبية الشعب لم يصل إليها من هذه المساعدات شيء.

كان من أهم وعود قطعها أشرف غني خلال حملاته الانتخابية في الانتخابات الرئاسية الأفغانية، أنه سيختار أناسا صادقيين وحرفيين في الوظائف الحكومية، وأنه سيكافح الفساد بطريقة جادة، لكن تشكيلة حكومته كانت أسواء مما كانت أيام كرزاي.

فقد بدأ تعهد حكومة الوحدة الوطنية بمكافحة الفساد الإداري من إعادة النظر في ملف كابل-بانك، لكنه وعندما خرج واحد من أبرز السرقة في هذا الملف من السجن ليوقع اتفاقية بناء مجمع سكني مع الحكومة سائت سمعة تعهد الحكومة في مكافحة الفساد إلى أكبر حد ممكن.

مع أن دول ألمانيا، وإيطاليا، والسويد تعهدت بدعم أفغانستان، ويعتبر الرئيس الأفغاني ذلك إنجازا كبيرا له ولحكومته، لكن وبالنظر إلى ضعف المواهب والفساد الإداري المتفشي من دون مكافحة حكومية عملية ضده، لا يبدو أن هذه الدول المتعهدة تلتزم بتعهداتها، إلا أن يحدث تغيير جذري وعميق في أفغانستان وأن تطمئن هذه الدول بأن الأموال التي حصلت عليها من ضرائب شعوبها لا تذهب هباء وسرقة نتيجة الحرب والفساد في أفغانستان مثل ما حدث في 14 سنة الماضية.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *