الفساد الإداري في المجال الأمني والمناجم
في الشهر الماضي نشرت “سيكار”، عددا من التقارير بشأن الفساد الإداري في أفغانستان، منها تقرير حول المناجم. بناءً على هذا التقرير ضاعت 488 مليون دولار خصصتها أمريكا لتعزيز مجال المناجم. كما ونشرت المؤسسة في 20 من يناير 2016م، تقريرا آخر جاء فيه أن مؤسسة “العمل، والكسب، والثبات”، التي نشطت في المشاريع التنموية لخمس سنوات، حصلت على 800 مليون دولار، ويرى “سيكار”، أن هذه المبالغ تم صرفها في مجالات غير مجدية.
ونشرت إذاعة الحرة في الآونة الأخيرة تقريرا حول عدد من الشرطة “الخياليين”، جاء فيه أن في ولاية فارياب فقط، هناك ثلاثة آلاف من الشرطة الخياليين، دفعت لهم الحكومة شهريا رواتب، وتكلفة العيش، كما ودفعت لهم أسلحة[1].
ما هو وضع الفساد الإداري في هذه المجالات؟ وماالذي تقوله التقارير بشأن هذه الأمور؟ وكيف يمكن حل المشكلة؟
الفساد في المجال الأمني
منذ 2007م، أجرت مؤسسة النزاهة الأفغانية تحقيقات عدة في المجال الأمني بناء على إحصاءاتها، وبناء عليه يوجد فساد إداري واسع في هذا المجال. فبناءً على إحصاء المؤسسة في 2010م، يرى الكثيرون أن الفساد متفشي في صفوف القوات الأمنية ووزارة الداخلية، لكن في إحصاءات 2007م، و2012م، و2014م، أصبحت الوزارة في المرتبة الثانية على قائمة الفساد الإداري. في 2014م، اعتبر 15% من الشعب مؤسسة الشرطة، مؤسسة فاسدة، كما ودفع نفس العدد رشوة للشرطة. (راجع الجدول الأول لمزيد من التفاصيل).
الفساد في مجال المناجم
نشرت مؤسسة النزاهة الأفغانية في 15 من ديسمبر 2015م، تقريره الاستقصائي حول خمسة مناجم أفغانية، عقدت وزارة الوقود والمناجم الأفغانية عدة عقود مع الشريكات الأخرى. بناء على هذا التقرير لعبت المحسوبية، والنفوذ السياسي والانحياز دورا بارزا في منح العقود. كما وجاء في التقرير، بأن المسؤولين في البرلمان، ومجلس الشيوخ، والحكومة يحتفظون بالمناجم لأنفسهم، أو لذويهم، أو أًصحاب القوة[2].
كما ونشرت مؤسسة “سيكار”، تقريره الثاني بشأن المناجم في أفغانستان. فقد نشرت تقريرها الأول في شهر أبريل من عام 2015م، لتنشر التقرير الثاني في 11 من يناير 2016.
منحت مؤسستان أمريكيتيان (TFBSO-USAID) مساعدات كثيرة لمجال المناجم[3]، وذلك لتنمية المواهب في وزارة المناجم والمؤسسات التابعة. وفي كثير من الأحيان عقدت (TFBSO) خطة قصيرة المدى، لتحصل على النتيجة بسرعة، لكن (USAID) عقدت خطة طويلة المدى، لتعزيز المواهب. لكن تقرير سيكار في أبريل 2015م، ذهب إلى أن المؤسستَين لم تنسقا في الخطة لديهما، وكانت جهود السفارة الأمريكية في التنسيق بين المؤسستين قليلة أيضا. لكن سيكار يقول إن ذلك كان بمقدور (TFBSO)، ولم يفعل.
بناء على تقرير سيكار في 2016م، (TFBSO) وهي مؤسسة مسؤولة أمام وزارة الدفاع الأمريكية، نفّذت 11 مشروعا في تعزيز المناجم والوقود، وفي توسيع نطاق الطاقة، وفي تعزيز مواهب وإجراء إحصاءات في المجال الجيولوجي منذ 2010م. ذهب التقرير إلى أن ثلاثة مشاريع منها كانت تكلفتها 54.3 مليون دولار، لم تنجز أي من أهدافها، أو فعلت القليل جدا. وخمسة مشاريع أخرى وبتكلفة 121.7 مليون دولار، حصلت على بعض من أهدافها، لكن ثلاثة مشاريع أخرى، وبتكلفة 39.4 مليون دولار، حصلت على أهدافها بشكل عام[4].
لماذ تصاعد الفساد في هذه المجالات؟
مافيا والغطرسة: بناء على معلومات المدير التنفيذي في مؤسسة النزاهة الأفغانية، يستغل 50 نائبا من البرلمان بشكل غير قانوني من المناجم، كما وتجري عملية التنقيب بشكل غير قانوني من قبل مسحلين غير مسؤولين[5].
قلة التحقيق: بناء على تقرير مؤسسة النزاهة الأفغانية وهي بشأن مناجم أفغانستان، تعقد وزارة الوقود والمناجم عقودا بالاسم فقط، ولم تقم بأي مراقبة على هذه العقود، وهو ما يسبب خسارة بالملايين الأفغاني، لأفغانستان[6].
الإدرة الضعيفة: بناءً على تقارير سيكار، إن 11 مشروعا نفّذت المؤسسات الأمريكية على المناجم لم يصل معظمها إلى الهدف، كما سلف ذكره. لو تمت إدارة هذه المشاريع بطريقة جيدة من قبل الوزارة، لتقلص الفساد بنفسه. كما وقصّرت الحكومة الأفغانية في إدارة هذه المشاريع، ومن هنا تجري عملية التنقيب في 1400 منجم أفغاني بطريقة غير قانونية، 710 منجم منها في كابول[7]!
كيف نتخلص من الفساد الإداري؟
يمكن لوزارة الوقود والمناجم أن ترفع الخطوات التالية، لمكافحة الفساد الإداري:
- على وزارة الوقود والمناجم أن تجري تعديلات في قانون المناجم، لأنها لا تشمل على مكافحة الفساد. مع أن الوزارة لديها إشارة خضراء بشأن ذلك، لكن ذلك يطلب عملا جادا.
- ينبغي على الحكومة أن تلغي قرارها بشأن جعل إدارة بعض المناجم على حساب المقاطعات، وأن تجعل إدارتها مركزية، وذلك للحد من سيطرة أصحاب القوى في الولايات على المناجم.
- ينبغي أن يكون نظام عقد العقود بطريقة المزايدة والمنافسة، ليعرف الجميع بأي طريقة يمكن الحصول على العقد، وما الذي يمنع ذلك.
- كل العقود التي عقدتها الوزارة ينبغي نشرها. كما نشرت الوزارة 300 من العقود لكن القائمة لا تشمل على عدد من العقود. وتم حذف أجزاء مهمة من بعض العقود، والعقود التي تمت بمشاركة من (TFBSO) ووزارة الدفاع الأمريكية لم تُنشر بعد.
النهاية
[1] راجع تقرير إذاعة الحرة على الرابط التالي: http://pa.azadiradio.org/content/article/27494131.html
[2]راجع تقرير المؤسسة في الرابط التالي: http://iwaweb.org/pa/%D8%AF-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D9%88%DA%BC%D8%AA%DB%8C%D8%A7-%DA%85%D8%A7%D8%B1-%D8%AF-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%DA%A9%D8%A7%D9%86/
[3] مؤسسة Task Force For Business and Stability Operations (TFBSO) أسستها مساعد وزير الدفاع الأمريكي في 2006م، بهدف تعزيز الاقتصاد العراقي بعد الغزو الأمريكي عليه. وبدأت المؤسسة في 2009م، نشاطاتها في أفغانستان، بهدف تعزيز الاستثمار الأهلي وتقليص البطالة. أغلقت المؤسسة أعمالها في 31 من ديسمبر 2014م، وتم إغلاق المؤسسة نهائيا في 31 من مارس 2015م.
[4] راجع الرابط لمزيد من التفاصيل: https://www.sigar.mil/pdf/audits/SIGAR-16-11-AR.pdf
[5] راجع تقرير إذاعة الحرة لمزيد من التفاصيل: http://pa.azadiradio.org/content/article/27491619.html
[6] لمزيد من التفاصيل، راجع الرابط التالي: http://iwaweb.org/pa/%D8%AF-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D9%88%DA%BC%D8%AA%DB%8C%D8%A7-%DA%85%D8%A7%D8%B1-%D8%AF-%D8%A7%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%DA%A9%D8%A7%D9%86/
[7] راجع تقرير سيكار على الرابط التالي: https://www.sigar.mil/pdf/audits/SIGAR-16-11-AR.pdf