أرقام قياسي لضحايا المدنيين، عوامل وآثار

نشر يوناما في 14 من فبراير 2016م، تقريره السنوي التاسع حول الخسائر المدنية في أفغانستان، مما أثار ردود فعل الأطراف المشاركة في الحرب الأفغانية.

على أساس هذا التقرير، كان عام 2015م، أكثر الأعوام دمويا للمدنيين، منذ الإطاحة بحكم طالبان. تظهر أرقام التقرير بأن 11002 مدنيا لقوا حتفهم في 2015م. وكان هذا العام أكثر دمويا للأطفال والنساء منذ تسعة أعوام الأخيرة، ووصل عدد ضحايا الأطفال إلى 2829 طفلا، وضحايا النساء إلى 1246 امرأة.

فماذا عن كيفية هذه الخسائر في الأعوام الماضية؟ ما هي العوامل؟ وما هو دور داعش؟

خلفية تصاعد الخسارة المدنية

بعد الانقلاب الشيوعي والغزو السوفيتي على أفغانستان، تصاعدت وتيرة الخسارة المدنية في البلد. وفي حرب روسيا على أفغانستان لمدة عشر سنوات، قُتل ما بين 0.85 إلى 1.5 مليون مدني، وجُرح قرابة ثلاث ملايين آخرون.

مع عدم إجراء إحصاءات دقيقة حول الخسارة المدنية في أفغاستان أيام الحرب الأهلية، لكن وصلت أرقام الأمم المتحدة أنه وبين شهر مايو وأغسطس من عام 1992م، قُتل حوالي 1800 شخص في كابول إثر الإصابة بطلقات صاروخية ومدفعية. وخمّنت الأمم المتحدة عدد القتلى عام 1994م، بـ25 ألف شخص، كثير منهم من المدنيين[1].

خسارة المدنيين (2001م-2015م)

في عام 2001م، عندما اجتاحت قوات أمريكا والتحالف الدولي أفغانستان، كان مستوى الخسارة المدنية مرتفعا، ووصل عدد قتلى المدنيين إلى 2375 مدنيا. بعده وفي 2002م، إلى 2006 قُتل بشكل عام 2422 مدنيا[2]. يجب القول إن هذه الأرقام لم تجمعها إدارة رسمية بل هي حصيلة تحقيق قام بها أحد الباحثين.

قام يوناما في 2007م، بجمع أرقام الخسارة المدنية، لكن تقارير يوناما في 2007م، و2008م تختلف مع تقاريره في 2009م، من منظار البحث العلمي.

يظهر من تقاير يوناما بشأن الخسارة المدنية، بأن مستوى هذه الخسارات ارتفع دوما مع تصاعد وتيرة المعارك بين القوات الأجنبية والأفغانية مع المخالفين المسلحين. بعد عام 2007م، ارتفع كل سنة –سوى 2012م-، مستوى الخسارة المدنية. (راجع الجدول الأول لمزيد من التفاصيل). في عام 2007م، كان إجمالي الخسارة المدنية 1523 مدنيا، ووصل الرقم عام 2015م، 11002 مدنيا.

من 2009م، إلى الآن، كانت أرقام الجرحى المدنيين نحو تصاعد، لكن مستوى القتلى في 2012م، و2015م، كان أقل مقارنة مع السنوات الأخرى. (لمزيد من التفاصيل راجع الجدول الأول).

تجدر الإشارة إن تقرير يوناما لم يسجل من ضمن الخسارة المدنية، ما لم يحصل على شواهد كافية بشأن ذلك. ولم يحتو التقرير على خسائر حدثت إثر قصف الطائرات بلا طيّار، أو ما قامت به القوات الأجنبية.

Ar-1 

من وراء الخسارة المدنية؟

يقول تقرير يوناما السنوي إن في حالة غير مسبوقة خلال بضع سنوات ماضية، قُتل 3545 مدنيا، في عام 2015م، في أفغانستان، وجُرح 7475 مدنيا. أما بشأن المسؤولية عن هذه الخسارات، يحمّل يوناما طالبان 62% منها، ويحمّل القوات الأفغانية 17% منها. ويضيف التقرير أنه من عام 2007م، إلى 2014م، قُتل وجُرح عدد أكثر كل عام. في عام 2007م، قُتل وجُرح 700 مدني، وفي عام 2014م، قُتل وجُرح 7643 مدنيا في عمليات المخالفين المسلحين. ولكن بناء على تقرير عام 2015م، تقلّص مستوى الخسارة المدنية على أيدي المخالفين المسلحين، ووصل 6859 مدنيا.

ويصنف يوناما طالبان، والحزب الإسلامي، وحركة أوزبكستان الإسلامية، واتحاد الجهاد الإسلامي، و”لشكر طيبة”، وجيش محمد، وداعش ضمن المخالفين المسلحين للحكومة.

من جهة أخرى، كانت وتيرة الخسارة المدنية على أيدي القوات الموالية للحكومة الأفغانية تصاعدية أحيانا وتنازلية أحيانا أخرى. فتقلّصت في 2010م، و2012م، كلنها تصاعدت بعد 2012م. في عام 2015م، ومقارنة مع السنوات الماضية وصلت هذه الأرقام أعلى مستوياتها. وفي هذا العام كانت خسارة 1854 مدنيا على مسؤولية القوات الموالية للحكومة. (لمزيد من التفاصيل، راجع الجدول الثاني).

Ar-2 

خسارة الأطفال والنساء (2007م، – 2015م)

مع توسع نطاق الاضطرابات الأمنية في البلد، تصاعدت وتيرة الخسارة المدنية، وتصاعدت معها سنويا أرقام الخسارة لدى الأطفال والنساء، وهي زاوية أخرى مأساوية من الحرب الأفغانية.

على أساس أرقام يوناما، قُتل وجُرح 217 طفلا و57 امرأة عام 2007م، ووصلت الأرقام عام 2015م، إلى 2829 طفلا، و1246 امرأة. وكانت وتيرة وفيات الأطفال والنساء من الجرحى والقتلى تصاعدية. (لمزيد من التفاصيل راجع الجدول الثالث).

Ar-3 

عوامل تصاعد وتيرة الخسارة المدنية

  • الحرب: الحرب هي السبب الأول وراء الخسارة المدنية، وباحتدامها يشهد البلد وتيرة تصاعدية في الخسارة المدنية.
  • التفجيرات: كانت التفجيرات في العام الماضي في كابول والولايت الأخرى، العامل الأبرز في تصاعد مستوى الخسارة المدنية. فتفجير منطقة “شاه شهيد”، أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، وجُرح عدد كبير، ولم تتبن المسؤولية أي جهة.
  • داعش: صرّح دانيل بيل رئيس قسم حقوق الإنسان، في يوناما، الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي: “على أساس أرقام يوناما، كان داعش وراء 83 حادثة خسارة مدنية، حدثت 82 منها في مناطق كوت، وأجين، وسبين غر من ولاية ننكرهار، وأسفرت عن مقتل 39 شخصا، وجرح 43 آخرين. وتم اختطاف 82 شخص[3].
  • العمليات العسكرية للحكومة: يقول تقرير يوناما في 2015م، حول الخسارة المدنية، إن 17% من الخسارة المدنية في هذا العام كان على أيدي القوات الموالية للحكومة. والسبب هو تنفيذ العمليات العسكرية الهجومية من قبل القوات الأفغانية.
  • سقوط قندوز والأحداث الأخيرة في بغلان: مع اتساع رقعة الحرب إلى الشمال، وخاصة أيام سيطرة طالبان على ولاية قندوز، قُتل وجُرح عدد كبير من المدنيين، لكن ليست هناك إحصاءات دقيقة حول ذلك. سجّل يوناما خلال الأسبوعين الماضيَيْن قرابة 20 حادثة، في بغلان، كثير منها في بلخمري، ودوشي، و”بغلان جدید”، ويؤكد يوناما خسارة 27 مدنيا، قُتل 7، وجُرح 20 آخرون، منهم امرأتان، و13 طفلا[4].

ردة فعل الحكومة وطالبان

أظهرت الحكومة الأفغانية وحركة طالبان ردود فعل حول التقرير الأخير ليوناما. فقد رفضت الرئاسة الأفغانية والرئاسة التنفيذية أجزاءا من التقرير. جاء في جزء من تقرير يوناما إن الخسارة إثر العمليات الأرضية لطالبان تقلّصت مقارنة مع العام الماضي. وقالت الرئاسة الأفغانية في بيان لها، إنها لا توافق مع تحديد يوناما نسبة تقلص الخسارة المدنية إلى 42%، إثر العمليات الأرضية لطالبان.

من جانب آخر، تسائلت الرئاسة الأفغانية عن عدم تحميل يوناما 13% من الخسارة المدنية أي جهة؟ ويضيف البيان، إن طالبان تنقض القوانين الدولية. وتنتقد الرئاسة جزءا من التقرير يتحدث عن تقلص في الخسارة المدنية على أيدي طالبان مقارنة مع السنوات الماضية[5].

وفي الأخير نشير إلى ردود فعل أخرى بشأن التقرير، مما وصف عدد من نشطاء المجتمع المدني التقرير بالمخالف للقوات الأفغانية. لكن ادعى هايسم مندوب الأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان، أثناء نشر التقرير بأنهم استخدموا آليات متطورة لجمع الأرقام، وقاموا بمشاركتها مع الأطراف المتصارعة.

من جهة أخرى، اعتبرت طالبان هذا التقرير غير محايد، ورفضته. وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان في بيان له: “هذا التقرير منحاز لطرف، دعائي، وتم إعداده بإشارة من القوات المحتلة”[6].

النهاية

[1] See online: https://www.hrw.org/reports/2001/afghan2/Afghan0701-01.htm

[2] Neta C. Crawford, War-related Death, Injury, and Displacement in Afghanistan and Pakistan 2001-2014, Watson Institute For International Studies,  

[3] See online: https://unama.unmissions.org/release-unamas-2015-annual-report-protection-civilians-armed-conflict

[4] See online: https://unama.unmissions.org/release-unamas-2015-annual-report-protection-civilians-armed-conflict

[5] See online: http://president.gov.af/fa/news/66833

[6] See online: http://alemara1.org/?p=41444

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *