محادثات مباشرة مع طالبان.. خلفية ومستقبل

 

في الأسبوع الماضي تم عقد الجلسة الرابعة من المحادثات الرباعية في كابول. بناء على بيان هذه الجلسة، ستبدأ المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في الأسبوع الأول من مارس في إسلام آباد.

وقد قررت الجلسة الثالثة من هذه المحادثات سابقا، أن تبدأ الحكومة الأفغانية محادثات مباشرة مع حركة طالبان في نهاية شهر فبراير. لكن تبقى عوامل عدم انطلاق هذه المحادثات إلى نهاية شهر فبراير غير معلومة.

ويأتي القرار الأخير بالمحادثات المباشرة بعد زيارة قام بها راحيل شريف قائد الجيش الباكستاني قبل يوم من الجلسة الرابعة إلى قطر، والتقى مع مسؤولي قطر، وتحدث إلى جانب قضايا أخرى حول ملف السلام الأفغاني.
فأين تكمن أهمية المحادثات الرباعية؟ ما هي خلفية المحادثات بين الحكومة وحركة طالبان منذ 2001م. فهل حقا، تبدأ محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان؟

أهمية المحادثات المباشرة في السلام الأفغاني

في أي دولة عبر عالم، وأينما جرت حرب بين مجموعة داخلية وجهات أجنبية، أو حيث جرت حرب أهلية فإن المحادثات المباشرة كانت الطريق الوحيد للخروج من الأزمة. لأنها الطريق الوحيد لحل مشكلة الحرب. على سبيل المثال، انتهت حرب ويتنام عبر اتفاقية سلام باريس، أبرمت بين ويتنام الشمالية من جهة، وويتنام الجنوبية وأمريكا والحكومة الثورية المؤقتة من جهة أخرى.

وفي أفغانستان أي محاولات لا تصب على مصحلة المحادثات المباشرة فإنها، إما كانت بلاجدى أو أسفرت عن نتائج أسوء. ففي محادثات جنيف، وإثر غياب الجهة الأساسية، نتجت المحادثات بقراراتها عن نتيجة سيئة، ولعبت دورا كبيرا إلى جانب عوامل أخرى في اندلاع الحرب الأهلية.

في عملية السلام الأفغانية، سيكون من شأن الإصرار على محادثات مباشرة تمهيد الطريق نحو استقرار البلد، لكن هذه المحادثات يجب أن تكون مع الجهة الأصلية ومن دون ضغوط.

خلفية المحادثات المباشرة

بدأت المحادثات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في الفترة الثانية من حكم كرزاي، تمثّل بشكل عام في لقاءات بين مندوبي لكرزاي، وأفراد من طالبان، أبرزهم الملا برادر، والملا معتصم آغا جان.

أما اللقاء المباشر مع وفد رسمي من قبل طالبان، حدث في محادثات مري بين الحكومة وطالبان. جاء ذلك بعد أن عوّلت الحكومة الأفغانية على الجانب الباكستاني في عملية السلام، وبعد تعهد راحيل شريف قائد الجيش الباكستاني، بأن طالبان تستعد للمحادثات المباشرة في شهر مارس 2015م، وكانت باكستان تحت ضغوط كبيرة. من هنا تم تمهيد الطريق نحو محادثات مباشرة في يونيو 2015م، في “مري” الباكستانية، لكن إعلان وفاة الملا محمد عمر أوقف العملية.

بعد شهور من محادثات مري، وإثر نشاط دبلوماسي إقليمي ودولي من أجل استئناف عملية السلام، بدأت محادثات رباعية في ديسمبر 2015م. إلى الآن، عُقدت أربع جلسات منها، وتم فيها وضع لائحة الجلسة الرباعية، وتم وضع خطة المحادثات مع طالبان، وحددت الجلسة الرابعة منها أخيرا موعدا ومكانا لإجراء محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. على أن يكون الموعد الأسبوع الأول من شهر مارس والمكان إسلام آباد عاصمة باكستان.

موانع في طريق المحادثات المباشرة

بالنظر إلى الأوضاع الحالية، هناك موانع على طريق المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان عبر المحادثات الرباعية.

  • في بداية انطلاق المحادثات الرباعية لم تجر أي محاولات جادة لبناء الثقة مع طالبان، بل ركّزت الجهود على دور باكستان في إحضار طالبان إلى طاولة الحوار. لذلك تشكّ طالبان في نوايا هذه العملية، وأهدافها.
  • يمهد عدم الإعتراف الرسمي بمكتب طالبان في قطر، الطريق نحو الفشل، لأن طالبان تعتبر مكتب قطر العنوان الوحيد للمحادثات، وقد أثبتت السنوات الماضية ذلك. ظهر في السنوات الماضية أن مقاتلي طالبان تمسكوا بقرار مكتب قطر.
  • إلى جانب ذلك، عدم رفع حظر السفر من قادة طالبان، يؤدي إلى عدم مشاركة هؤلاء في المحادثات، وعدم مشاركتهم في المحادثات يؤدي إلى فشل العملية. أما إطلاق سراح سجناء طالبان، سيعزز الثقة بين الحكومة وحركة طالبان.

هل ستبدأ المحادثات المباشرة؟

بعد الجلسة الرابعة من المحادثات الرباعية، أعلن مكتب طالبان في قطر، أنهم ليسوا على اطلاع بالمحادثات الرباعية وبالمحادثات المباشرة، ولم تجر أي محادثات معهم إلى الآن.

لو ننظر إلى سياسة طالبان أفغانستان في الأعوام الأخيرة ندرك أن حركة طالبان لا تستعد للحوار في المواقف الصعبة، أو تظهر حساسية لمحادثات غير مباشرة، وتريد إجراء محادثات مباشرة لحل الأزمة. والمثال على ذلك، إطلاق سراح الطيّار الروسي، والجندي الأمريكي باوبركدال.

أن تبدأ المحادثات المباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان خلال أسبوعين أمر، أمامه علامة استفاهم كبيرة. لأن باكستان وكلما تعهدت بمحادثات مباشرة، تمكنت بصعوبة كثيرة، وبعد مرور الموعد أن تحضر طالبان والحكومة على طاولة الحوار. وهو أيضا لمرة واحدة خلال عام ونصف!

ففي الأسبوع الأول من شهر مارس، ليس من الصعوبة الكبيرة إجراء محادثات بين الحكومة الأفغانية وطالبان، لكن السؤال الأهم يكمن فيمن سينوب طالبان في المحادثات. ففي حال عدم مشاركة رئيس وأعضاء مكتب قطر، وعدم مشاركة أعضاء من المجلس القيادي، إن المحادثات ستكون محكومة بالفشل أيضا.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *