البرلمان الأفغاني.. خلفية ومستقبل
في الأسبوع الماضي افتتح الرئيس الأفغاني السنة السادسة التقنينة للبرلمان الأفغاني بعد العطلة الشتوية.
نناقش هنا، تاريخ البرلمان الأفغاني مع صلاحياته. والفجوة بين البرلمان الحكومة، مع أشنطة البرلمان في العام الماضي، ومستقبل البرلمان.
خلفية البرلمان
بدأ البرلمان الأفغاني عمله برعاية الدستور الأفغاني الذي تم وضعه في عام 1302 الهجري الشمسي، إبان حكم الملك أمان الله خان، وكان يُدعى المجلس الحكومي. ثم تغيّر عام 1307 الهجري الشمسي فترة حكم الملك نادر خان. وكان مجلسا واحدا مع 37 عضوا.
عام 1309 الهجري الشمسي، تطور البرلمان إلى مجلسَيْن، كان المجلس الأول هو “المجلس الوطني”، والثاني “مجلس الأعيان”، وبدأ عمله عام 1310 الهجري الشمسي. في البداية معظم الأعضاء كان يتم اختيارهم من قبل الحكومة. في عام 1343 الهجري الشمسي وبعد وضع الدستور الجديد، حصل البرلمان على صلاحيات جديدة، وتم انتخاب الأعضاء من قبل الناخبين مباشرة.
بعد العقد الديمقراطي في أفغانستان (فترة 1963م-إلى 1973م)، إلى سقوط حكم طالبان لم يتم انتخاب البرلمان. لكن بعد الغزو الأمريكي على أفغانستان، في مؤتمر بن تم التوافق على فترة مؤقتة لحكم كرزاي، وتم وضع دستور جديد للبلد. وعلى أساس هذا الدستور، جرت الانتخابات البرلمانية وأسفرت عن انتخاب 249 عضوا.
ثم وفي عام 1389 الهجري الشمسي، جرت انتخابات ثانية، وكان من المقرر أن تجري انتخابات الدورة السابعة عشر في عام 1394 الهجري الشمسي. لكن مشاكل حالت دونها حتى الآن، ومن الممكن أن تجري العام المقبل.
صلاحيات البرلمان
على أساس الدستور الأفغاني يحتوي البرلمان على مجلسين، وقد حدد الدستور صلاحيات كل من المجلسين. ينص الدستور أن رفض القوانين، وتصديقها أم تعديلها، وتمرير مشاريع الحكومة التنموية والميزانية الحكومية، وتصديق الاتفاقيات الدولية أو رفضها، هي من صلاحيات المجلسين معا.
المصادقة على اختيار الحقب الوزارية، استجواب الوزراء حسب الضرورة، تمرير المشاريع الحكومية التنموية من صلاحيات المجلس الوطني. لدى البرلمان، وخاصة المجلس الوطني صلاحيات كثيرة في وضع القوانين، ويمكن للقوة التنفيذية والقضائية أن تقدم مقترحات قانونية فقط.
العلاقات بين الحكومة الأفغانية والبرلمان
ينص الدستور الأفغاني على ضرورة مراقبة القوى الثلاثة عل بعضها. يراقب البرلمان أداء الحكومة. كانت صلاحية المراقبة مندرجة في الدساتير السابقة ومنها دستور عام 1964م. وفي تلك الفترة المسماة بالعقد الديمقراطي، كانت العلاقات الجيدة بين الحكومة والبرلمان من عناصر استمرار الحكومة. وعلى سبيل المثال كانت العلاقات بين الحكومة والبرلمان على أحسن الحال فترة موسى شفيق.
في الفترة الأولى من حكم كرزاي كانت العلاقات جيدة بين الحكومة والبرلمان. تدهورت قليلا في الفترة الثانية، ورفض البرلمان ترشيح كرزاي للحقب الوزارية كثيرا، لكن الفجوة بين الطرفين لم تكن شاسعة. الفجوة الآن بين حكومة الوحدة الوطنية والبرلمان كبيرة جدا، وهناك جو من عدم التنسيق بين الجانبين.
تقييم أداء المجلس الوطني في العام الماضي
لم تكن للمجلس الوطني إنجازات لافتة في العام الماضي. وقد اقتصرت حسب تقرير المجلس في الجلسة الأخيرة لعام 1394 الهجري الشمسي، أنه عقد 51 جلسة عامة، وجلستي الاستضاحة، و15 جلسة استجواب، و3 جلسة استماعية، و30 جلسة عادية. مرّر المجلس 39 مصوبة، و10 مقترح قانون. صدّق على 9 اتفاقية، وألغى 7 فرامين تقنينية، ومرر ميزانية عام 1395 الهجري الشمسي[1].
إلى جانب ذلك، احتوت أنشطة المجلس على تنظيم رواتب المؤظفين، وتشكيل القوة القضائية، وضريبة شبكات الاتصال، وتصديق مقترح القانون.
مرّر المجلس اتفاقية تعاون أمني مع الإمارات، واتفاقية تعاون عسكري بين وزارة الدفاع الصيني والأفغاني، واتفاقية مع منظمة التعاون الإسلامي.
مشاكل المجلس في العام الماضي
واجه المجلس العام الماضي مشاكل كثيرة على رأسها الآتي:
وضع القانون: وضع القانون واحد من ثلاث مهمات البرلمان. على أساس المادة 90 من الدستور، لدى البرلمان صلاحية تمرير، تصحيح، أو رفض ما ترسل الحكومة من مسودات ومقترحات لأي قانون. لم تكن للمجلس الوطني أي مبادرة عام 1394 الهجري الشمسي، وكان لها نشاط كردة فعل أمام الحكومة وحسب. كثير من القوانين عُرضت للتصويت في الجلسات العامة. وانحصر عمل البرلمان تصديق أو رفض القوانين التي عرضتها الحكومة فقط.
مراقبة أنشطة الحكومة: كان موقف المجلس الوطني في مراقبة أعمال الحكومة ضعيفا أيضا. في مجال مراقبة الفساد الإداري بدلا من أن يعلب دورا إيجابيا، كانت هناك تهم على النواب بأنفسهم، وهناك شائعات بأن النواب استغلوا صلاحية المراقبة للوصول إلى مصالح ذاتية وقومية.
استجواب الوزراء أو استيضاحهم: في العام الماضي، وبسبب الخلافات الداخلية لحكوحة الوحدة الوطنية، واجه المجلس الوطني مشاكل وسادت حالة من الانقسام وسط النواب. وكثير من جلسات الاستجواب أو الاستيضاح تم التشويش فيها.
نقص في نصاب النواب: لدى المجلس الوطني 240 عضوا، وبشكل عام يصل الحضور ما بين 67 و76، وفي كثير من الأحيان تبقى الصالة خالية. فقط في بعض الجلسات، مثل تقديم الحقب الوزارية وتمرير الميزانية حضرت غالبية الأعضاء.
مشاكل الشعب: على أساس الدستور يحصل النواب في الصيف على إجازة لمدة شهر ونصف، ثم على إجازة مماثلة في الشتاء. وعلى أساس الانتقادات الشعبية لم ينتبه النواب لمشاكل الشعب في الإجازتين.
العام القادم وموانع عملية
بدأ المجلس الوطني عامه السادس الخاص، وتستمر إلى بضعة شهور ثم في شهر ميزان من عام 1395 الهجري الشمسي تجري الانتخابات البرلمانية. ونلخّص هنا أكبر موانع ستكون أمام المجلس في العام المقبل.
قضية الشرعية: منذ عام ويعتبر الخبراء في البلد أن استمرار عمل البرلمان بعد العام الخامس له، أمر مخالف للدستور. وهناك علامة استفهام أمام شريعة المجلس. وستكون أمام المجلس مشكلة أخرى لإزالة هذا الاتهام، وأن يحصل على ثقة النخب.
قانون الانتخابات: من الممكن أن تجري إصلاحات في قانون الانتخابات قبل الانتخابات البرلمانية، ومن المستحيل إجراء هذه الإصلاحات من دون موافقة المجلس الوطني. ولذلك إن إصلاح القانون الانتخابي أزمة أمام الحكومة والبرلمان معا. لأن الحكومة لا يمكنها إصلاح القانون من دون موافقة البرلمان، ولا تريد أن تجري الانتخابات من دون هذه الإصلاحات.
الفجوة بين الحكومة والبرلمان: بناء الثقة بين الحكومة والبرلمان، وإزالة الفجوة الموجودة، مشكلة أخرى أمام الطرفين في هذا العام.
النهاية
[1] لمزيد من التفاصيل، راجع موقع المجلس الوطني: