وضع قطاع الطاقة في افغانستان.. مشروعات توتاب و كاسا-1000
في الاسبوع الماضي كنا شاهدين لبعض المظاهرات من جانب بعض السياسيين و الناشطين المدنيين كانوا يسعون لتغيير مسير هذا المشروع و كذلك ردة فعل الحكومة ايضا. في جانب ذلك من المقرر ان تبدأ اعمال المشروع الآخر التي تسمى به (كاسا 1000 ) الكهربائية في 12 من شهر مايو المقبل.
في هذا المقال سنسعى ان نقدم تحليلا عن خلفية وضع قطاع الطاقة و حالتها الفعلية و مستقبلها و تاثير مشروع (التوتاب و كاسا 1000) علي الاقتصاد و قطاع الطاقة في المستقبل و كذلك سوف نشع الضوء على المشاجرات الجارية حول مسير المشروع.
الخلفية التاريخية
كان اهل افغانستان يستفيدون من الفحم و الزيت كمصدر للطاقة في الزمن القديم و لكن في اواخر القرن التاسع عشر الميلادي في عهد حكومة الامير عبد الرحمن خان اتخذ بعض الخطوات العملية و صنعوا المولد الكهربي الذي كان بامكان ان يشغل 40 مصباحا فقط. و بعدها في عهد الامير حبيب الله خان كانوا يحصلون علي الكهرباء بواسطة البطاريات و كانوا ينيرون عليها القصر الرئاسي. و نفس العهد بدأو العمل علي صناعة المصنع المائي للكهرباء في منطقة جبل السراج ثم استفادوا من تلك المصنع في عهد الامير امان الله خان. ثم وضع حجر الاساس شركة باسم ( د تنويراتو شركت) اي شركت التنويرات لاجل توزيع النور, التي استطاعت توزيع الكهرباء في العاصمة كابل الى 18 الف بيت الى سنة 1307 هجرية. بعد الحرب العالمية الثانية الی حین العدوان الروسی الغاشم استطاعت الحكومة ان تصنع بعض السدود المائية لصناعة الكهرباء بمساندة بعض الدول في المناطق المختلفة وهي سد كجكي, ماهيبر, نغلو, درونته, كريشك, دهله, جط وردك, سلما وغيرها من السدود المائية لتوليد الكهرباء. ولكن بعد العدوان الروسي و بسبت نشوب الحرب الداخلية وصلت لهذه السدود من الاضرار البالغة و بعد عام 2001 كانت هناك عدة محاولات لاعادة اعمار تلك السدود و المحطات الكهربائية ولكن رغم ذلك لم تصل تلك المحطات الى شكلها و توليدها كالتي كانت عليها من قبل.
منابع الطاقة و توليدها في أفغانستان
ان أفغانستان غنية بمنابع الطاقة, بدأ من منابع الطاقة الشمسية, الى المائية, و البطرولية و الغازية و الفحم و الهواء. ان أفغانستان لديها من امكانية توليد الطاقة من منابع شمسية 223 الفا, و من منابع مائية 23 الفا, و من الغاز 600 و من الهواء 68 الفا ميجاوات من الكهرباء في البلد.
رغم وجود كل هذه الظرفية لم تستطع الحكومة ان تولد 2000 ميجاوات فى داخل البلد و تتكئ البلد على الطاقة الكهربائية الواردة من الخارج. علي سبيل المثال في عام 1385 كانت تنتج الطاقة الكهربائية مجموعا في داخل البلد ۹۱۶.۸۹ مليون كيلو وات في الساعة التي كانت منها (۶۴۵.۹۷ ملیون کیلوواټ\ في الساعة) من الماء و (۲۶۷.۳۷میلیون کیلوواټ\الساعة) منها كانت حرارية, و (۳.۵۶میلیون کیلوواټ\ الساعة) منها تولد من البطرول. و بعد هذه السنة كانت تتغير الارقام فكانت تكثر حينا و تقل حينا أخر. في سنة ۱۳۹۱ کانت توليد الكهرباء في داخل البلد مجموعا يصل الي ۸۸۲.۹، و في سنة ۱۳۹۲ الى ۱۰۲۲.۳ و في سنة ۱۳۹۳ کال ۱۰۴۹ میلیون کیلوواټ/في الساعة.
كذلك كانت شركت الكهرباء الافغانية تملك ۲۲۷۸۵۴من الزبائن في سنة 1382 و لكن في سنة 1393 ازدادت الزبائن لهذه الشركة الي اكثر من مليون زبون (۱.۱۵۴۷۹۸ میلیون).
الجدول رقم 1: منابع توليد الكهرباء في أفغانستان ( مليون كيلو وات\ الساعة)
المأخذ: الاحصائية السنوية الافغانية
الكهرباء الواردة
منذ سنة 1381 بدأت اعادة أعمار افغانستان و من ضمنها بدأت إعمار السدود المائية لتوليد الكهرباء كذلك و ان كانت مولدات الكهربية في بعض السدود لم تشغل بصفة جيدة و لكن رغم ذلك سدت من احتياجات توليد الكهرباء الى حد ما.
و بجانب ذلك استوردت الكهرباء من البلاد المجاورة كإيران و ازبكستان و طاجيكستان و تركمنستان. ان فكرنا الى الارقام التي استثمرتها شركة الكهرباء الأفغانية من سنة 2007 الى سنة 2015 لوجدنا انها استثمرت حوالى 973 مليون دولار علي الكهرباء الواردة.
عل الجانب الآخر طبقا لأرقام ادارة الإحصائيات المركزية افغانستان صرفت على الكهرباء الوارد من ۴۱۹۰۷.۴ مليون افغاني. و طبقا لهذه الارقام ازدادت الاستثمارات علي الكهرباء فيكل سنة بشكل ملحوظ. على سبيل المثال في سنة 1385 استوردت افغانستان الكهرباء بقيمة ۷۹۰.۹۹ افغاني و في سنة 1393 وصل هذه الاستيراد بقيمة ۱۰۶۳۰.۴ مليون افغاني. (لمزيد من المعلومات راجع الجدول رقم 2)
جدول رقم 2: قيمة الكهرباء المستورد لأفغانستان (مليون افغاني)
المأخذ: الاحصائية السنوية الافغانية
اذا نظرنا إلى الصلاحيات الموجودة في قطاع الطاقة الكهربائية نستطيع ان نقول اذا حدث استثمار في قطاع الكهرباء و استفيد منها بصورة جيدة, لاصبحت البديل الاحسن من الكهرباء المستورد و لاستغنى أفغانستان من استيراد الكهرباء بالملائين من الدولارات.
مشروعات توتاب او كاسا–1000
مشروعات توتاب و كاساس 1000 تنقل الكهرباء من أسيا الوسطى الى أسيا الجنوبية. هاتين المشروعتين مهمه لاقتصاد أفغانستان من جانب أنها ليست فقط تسد عجز الضرورة إلى الكهرباء فحسب بل إنها تحصل على رسوم معينة بدل انتقال الكهرباء من أراضيها كذلك.
مشروع كاسل 1000 ستنقل 1300 ميجاوات كهرباء من قرغزستان و طاجيكستان الي افغانستان و باكستان و عن طريق مشروع التوتاب ستنقل الكهرباء من تركمنستان و ازبكستان و طاجيكستان الى افغانستان و باكستان. و من الممكن افتتاح مشروع كاسا 1000 فى الاسبوع المقبل و لكن مشروع توتاب اصبحت موضع جدل و نقاش داخلي حول مسير انتقالها.
بعض المعترضين في داخل الحكومة أثارو الجدل لتغيير مسير المشروع و هددو الحكومة ان لم تنقل الحكومة حبال كهرباء هذه المشروع من ولاية باميان فسوف يوسعون رقعة المظاهرات. ولكن هذا الامر تقني بالكامل و ينبغي ان يتعامل مع هذه القضية تقنيا و فنيا و لا ينبغي ان يعامل فيها معاملة سياسية و ان لا يكثرو من ضغوطهم علي حكومة الوحدة الوطنية.
رغم ان شركة المانية في دراستها التي اجرتها فضلت انتقال اسلاك الكهرباء لهذا المشروع عن طريق ولاية باميان بشرط ان يستفيد الصينيون من هذا الكهرباء في استخراد معدن النحاس ثم تنقل الاسلاك من تلك الطريق الى كابل. قررت الحكومة تغيير المسير عن بدلا عن طريق ولاية باميان الى طريق سالنج من ولاية بروان في عهد الدورة الثانية من رئاسة حامد كرزاي حين كان كريم خليلي معاونا له في دورته الرئاسية. ولكن لم يعترض عليه احد في ذلك الوقت ولكن الان حين تبدأ العمل علي تطبيقه في هذه الايام و المساندون الدوليون كذلك جاهزون للاستثمار فيها, وجدت النقاشات و المباحثات على هذا المشروع و حماها بعض السياسيون في الوقت الذي حكومة الوحدة الوطنية مغرضة للضغوط و التحديات الكبيرة.
فان غيرت مسير هذا المشروع من طريقها الاصلي المدروس فسوف تكون له هذه النتائج السلبية:
- سوف تتاخر تطبيق هذا المشروع على الاقل الى سنتين.
- الاستمثارات و النفقات التي انفقت على الدراسة عن طريق سالنج سوف تضيع سدى.
- تغيير الطريق من سالنج الي ولاية باميان سوف تطول الطريق مزيدا من 80 كيلو متر الي 120 كيلو متر.
- طول الطريق سوف يكثر النفقات على هذا المشروع بنسبة طول المسيرة المتغيرة.
- التعامل السياسي و الجدل و النقاش فى هذا الموضوع سوف يؤدي الي يرغب المستثمرين عن الاستثمارات في المشاريع الكبري في المستقبل.
- الحالة الجارية في الموضوع سوف تشغل بال الحكومة في الصراع الجاري و يمكن توسيع نطاق الاختلافات.
علاوة على هذا على الحكومة الوحدة الوطنية ان تستجيب للمطالب الاساسية لاهل ولاية باميان و تكمل ضرورياتهم الكهربائية عن طريق تشاريكار او عن طرق اخري.