العلاقات الطاجيكية الأفغانية.. خلفية ومستقبل

في الأسبوع الماضي وفي 10 من مايو 2016م، زار الرئيس الأفغاني أشرف غني العاصمة الطاجيكية دوشنبه، بدعوة رسمية من الرئيس الطاجيكي امام على رحمان. هذه أول زيارة يقوم بها الرئيس الأفغاني إلى طاجكستان بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وقد استمرت لمدة يومين.

بعد زيارة الرئيس أشرف غني، زار عبدالله الرئيس التنفيذي طاجيكستان بهدف افتتاح مشروع “كاسا-ألف”، وهو مشروع لنقل الطاقة من آسيا الوسطى إلى جنوب آسيا.

ما هي خلفية العلاقات بين طاجيكستان وأفغانستان؟ وكيف ستكون في المستقبل؟ وما هي أيضا أهمية طاجيكستان في الخارجية الأفغانية؟

خلفية العلاقات الطاجيكية الأفغانية

تربط البلدين علاقات ومشتركات عدة في مجال اللغة، والقوم والثقافة. من هنا، جرّب الطرفان علاقات تاريخية واسعة، وقد كان البلدين تحت حكم واحد لفترات طويلة في التاريخ. ونشير مثلا إلى زمن خراسان الكبير، أو فترات حكم إسلامية أخرى.

وفي فترة حكم أحمد شاه بابا كان بين الطرفين علاقات قريبة جدا، ومن ثم وعلى أعتاب القرن العشرين دعم أمير حبيب الله وأمير أمان الله ومحمد طرزاي، مسلمي آسيا الوسطى الذين انتفضوا ضد الروس، ويُعرف هذا الحراك في التاريخ باسم “باسماشيان”.

وعندما فشل هذا الحراك واحتل الامبراطورية الروسية إمارات آسيا الوسطى واحدة تلو الأخرى، وفي 1991م، تم دمج هذه المناطق ضمن الاتحاد السوفيتي. وقتها كانت هناك علاقات ثقافية بين طابول ودوشنبه، ولعبت كابول دورا في إحياء المصطلحات الفارسية في طاجيكستان. لأن الهيمنة الشيوعية عملت على محو المصطلحات الفارسية وترويج الروسية بدلا منها.

بعد انتصار الجهاد الأفغاني ضد الروس، حصلت طاجيكستان في 1991م، على استقلالها وبعد إعلانها بأربعة أيام اعترفت أفغانستان بها رسميا في 12 سبتمبر من نفس العام. لكن عقبت إعلان الاستقلال حرب أهلية دموية، أدت إلى موجات لجوء عشرات آلاف من سكان طاجيكستان إلى أفغانستان. وانتهت تلك الحرب الأهلية بوساطة من الأمم المتحدة، وباكستان وأفغانستان في 1997م.

وقتها كانت الحرب على أشدها بين طالبان وتحالف الشمال، ودعمت طاجيكستان طرفا من الحرب وهو تحالف الشمال.

العلاقات بين أفغانستان وطاجيكستان بعد 2001م

مقارنة مع بقية الدول الجارة كان لتبادل الزيارات الرسمية بين أفغانستان وباكستان مستوى منخفضا. لكن وبشكل عام بقيت العلاقات على حالة جيدة.

وكانت هناك تعاونات اقتصادية وتجارية وأخرى في مجال النقل والطاقة إلى جانب المشتركات اللغوية والتاريخية. ويشار في ذلك إلى مشاريع “كاسا-ألف”، و مشروع مخطط لسكة حديد، واستيراد الطاقة من طاجيكستان إلى أفغانستان، سير النقل إلى باكستان عبر أفغانستان.

علاقات الطرفين بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية

ركز أشرف غني في السياسة الخارجية على دور الدول الجارة، لكن هذا التركيز كان منصبا كثيرا على باكستان والصين وتركمانستان وإيران. لكن مقارنة مع تركمانستان كان سقف تبادل الزيارات بين أفغانستان وطاجيكستان مرتفعا.

وفي الأسبوع الماضي قام الرئيس الأفغاني بزيارة لمدة يومين إلى طاجيكستان، والتقى خلال هذه الزيارة مع الرئيس الطاجيكي ورئيس الوزراء الطاجيكي ورئيس البرلمان.

تشعر طاجيكستان منذ عقدين بقلق شديد تجاه التطرف والمخدرات، ومن هناك كان ظهور داعش في أفغانستان وتوسع الاضطرابات الأمنية إلى المناطق الأفغانية الشمالية من محاور اللقاء بين الطرفين. كما جرى الحديث حول مشروع “كاسا-ألف”، وتم افتتاحه بطريقه رسمية. يخطط هذا المشروع لنقل الطاقة بما يبلغ 1300 ميغاوات، من آسيا الوسطى إلى باكستان عبر أفغانستان، مما يوفر ضروريات أفغانستان من الطاقة وتحصل أيضا على أجرة نقل تبلغ 30 إلى 40 مليون دولار.

أهمية دوشنبه في خارجية كابول

تكمن أهمية الدور الطاجيكي في سياسة أفغانستان الخارجية في مجالات آتية من الاندماج الاقتصادي:

  • النقل والتجارة:أفغانستان وطاجيكستان بلدان محاطان بالبر، ومضطران للتعويل على البعض في مجال النقل. مع أن علاقات طاجيكستان قريبة للغاية مع روسيا، وتُعتبر تحت النفوذ الروسي، لكنها تحاول إعمال نقلها عبر أفغانستان وباكستان، أم أفغانستان وإيران. والسبب وراء ذلك لأن علاقاتها مع أوزبكستان متدهورة من فترة.

من هنا وفي 2005م، تمت الموافقة بين الرئيس الطاجيكي ورئيس وزراء باكستان مير ظفر الله خان على بناء طريقين يوصلان طاجيكستان بباكستان عبر أفغانستان. الطريق الأول يمر بكندز وكابل وجلال إلى بيشاور، والثاني يمر بمنطقة واخان في بدخشان ليصل إلى جترال. لكن إلى الآن لم تُفع خطوات عملية في هذا المجال.

كما تم توقيع اتفاقية بناء سكة حديد بين الطرفين، وهي مشروع سكة حديد توصل الصين إلى طاجيكستان إلى أفغانستان إلى إيران. وهناك مشروع مدروس آخر توصل تركمانستان عبر أفغانستان إلى طاجيكستان ثم إلى الصين.

في 2010م، وضمن مشروع “أبتا”، تم السماح لباكستان، بأن تقوم بالتجارة مع طاجيكستان وآسيا الوسطى عبر أفغانستان، لكن وفي 2015م، وبعد عدم السماح لأفغانستان بالنشاط التجاري مع الهند عبر ميناء “واغا”، تم إلغاء هذه الاتفاقية.

  • الطاقة:للطاقة أهمية كبيرة من الناحيتَيْن: الكهرباء ونهر آمو.

أولا:ما يُنتج في أفغانستان من الكهرباء لا يكفي لضروريات البلد، لذلك يتم استيراد الكهرباء من الدول الجارة، ومن هذه الدول طاجيكستان. إلى جانب ذلك وضمن مشاريع “توتاب و كاسا-ألف”، يتم نقل الكهرباء إلى باكستان أيضا عبر النقل الأفغاني.

ثانيا:بما أن أفغانستان لديها شراكة مع طاجيكستان في نهر آمو، وهناك ذخائر كبيرة في هذه الحوزة المائية يشترك الطرفان فيها.

النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *