حرب باكستان غير المعلنة
مرة أخرى تصاعدت النزاعات السياسية بين أفغانستان وباكستان إثر قيام الجانب الباكستاني بحفر خنادق على المناطق الحدودية خلف خط “ديوراند” ونتيجة لاستمرار قصف القوات الباكستانية الأراضي الأفغانية. ما هو موقف أفغانستان في هذه المعاملة السياسية؟ وما هي أسباب ضعف الحكومة الأفغانية في عدم قدرتها على القيام بأي ردة فعل؟
موقف القوات الأجنبية في أفغانستان
قبل أكثر من سنتين بدأت القوات الباكستانية توجه قصفا صاروخيا على المناطق الشرقية الأفغانية. وحينما بدأت هذه السلسلة من القصف كانت القوات الأجنبية لا تزال تستقر في ولاية كونر الشرقية. بعد فترة طويلة من الصمت أمام التساؤل بشأن كف هذه القوات عن أي ردة فعل للهجمات الباكستانية، قال قائد القوات الأجنبية في أفغانستان، بأنهم ليسوا على علم بوقوعها.
وقد لعب هذا الصمت دروا كبيرا في تدهور العلاقات بين الرئيس الأفغاني حامد كرزاي وأمريكا. ومنذ بدء هذه الهجمات يتسائل الشعب الأفغاني عن الأسباب التي بسببها تكف القوات الأفغانية عن القيام بأي ردة فعل. وكانت الإجاية غير سارة إذ أن القوات الأفغانية لم تملك من الأسلحة الثقيلة ما تمكنها من القيام بالعمل المماثل.
شائعات عن معاهدة باكستانية أمريكية
عندما أرادت أمريكا غزو الأراضي الأفغانية من أجل القضاء على تنظيم القاعدة وحركة طالبان، حظيت بمساعدة وتأييد باكستان وإيران جارتيْ أفغانستان. وفيما تبقى شروط مساعدة إيران مع أمريكا في هذه الحرب خفية، هناك شائعات تقول إن باكستان اشترطت ثلاثة شروط للمساعدة وقد قوبلت هذه الشروط من قبل الأمريكيين:
- تقليص الدور الهندي في أفغانستان.
- عدم تأسيس السدود على الأنهار الأفغانية المتوجهة إلى باكستان.
- تجهيز القوات الأفغانية في مستوى ضعيف بحيث تستطيع أن تواجه التحديات الداخلية فقط.
إن الإمعان في كيفية المساعدات الدولية طيلة 13 سنة لأفغانستان تعزز كثيرا هذه الشائعة، وقد حاولت أمريكا في هذه الفترة مراعية الحساسية الباكستانية وعملت على أن تحافظ على العلاقات الأفغانية الهندية في حد معين. إلى درجة عندما طلبت الحكومة الأفغانية من الجانب الهندي استيراد الأسلحة لم تلق طلبها قبولا.
وفي هذه الفترة لم تجر أية مشارعة جادة للبنية التحتية، ولم يتم بناء أي سدود ولم تُجهز القوات الأفغانية بالأسلحة بعيدة الضرب أيضا. وقد اضطر الرئيس الأفغاني أخيرا إلى أن يلجأ إلى تصليح الأسلحة الحربية الموجودة سابقا في مراكز الجيش الأفغاني من أجل استعمالها في الحروب.
القوات الجوية الأفغانية
تشكل القوات الجوية جزءا مهما من القوات العسكرية في أي بلد، وهذا أمر واضح أن القوات الأرضية لا تستطيع أن تحصل على نتائج ايجابية دون مساعدة القوات الجوية.
ولكن أمريكا كما تركت القوات الجوية العراقية، فإنها لم تجهز القوات الجوية الأفغانية أيضا. وكانت القوة الجوية العراقية قوة كبيرة قبل حرب الخليج، إلا أن أمريكا دمّرت جزءا كبيرا منها خلال حرب الخليج، وقد تم إرسال جزء منها خلال الغزو الأمريكي على العراق في 2003م، إلى دول أخرى، تم تجميدها هناك.
مع أن أفغانستان أثناء بدء الهجوم الأمريكي على البلد، لم تكن تملك قوة جوية تُذكر إلا أننا نعرف أن أمريكا بدأت غزوها على أفغانستان بضرب مطار كابول، ودمّرت عدد من طائرات الخطوط الجوية الأفغانية. وكانت هناك بعض من الطائرات المروحية أخفتها حركة طالبان إلا أن القوات الأمريكية كشفتها فهي الأخرى دُمّرت نتيجة قصف القوات الأمريكية.
وكانت حركة طالبان أسست آلة “رادار” في هضبة “بي بي مهرو” في كابول، وهي أيضا تم ضربها في الساعات الأولى من الهجوم الأمريكي على أفغانستان، وكانت هذه خطة أمريكية مدبرة لمستقبل أفغانستان.
في البداية كانوا يقولون إن أمريكا تجهز القوات الأفغانية بأحدث التقنية الحربية، ولكن ظهر بعد 13 سنة أن أمريكا لم تنو ذلك قط؟ العراق كونها دولة ثرية تمكنت أخيرا من شراء عدد من طائرات مستعملة من روسيا، وأما في القضية الأفغانية أعطت أمريكا حكومة أفغانستان بضع طائرة قديمة معظمها لا تعمل، هذا إلى جانب شراء الحكومة الأفغانية عددا قليلا من طائرات مروحية روسية.
الضعف عن ردة الفعل
لقد هددت الحكومة الأفغانية كثيرا، أن قواتها ستقوم برد مماثل فيما استمرت القوات الباكستانية في ضرب المناطق الأفغانية، ولكن وزير الخارجية الأفغانية صرح أخيرا في مجلس الشيوخ الأفغاني: “لقد أصدر الرئيس الأفغاني مرتين فرمانا للجيش الأفغاني أن يقوم برد مماثل، ولكنه لم يُنفذ، لمَ لمْ يُنفذ؟ أنا لا أدري”!
إن السيد داؤدزاي لم يقل إن القوات الأفغانية غير قادرة للقيام برد مماثل، ولكن الأمر في حقيقته هو وليس غيره. لأن هذه القوات لم يتم تجهيزها بأسلحة تمكنها من الدفاع أمام أي هجوم خارجي.
شكاية إلى مجلس الأمن
يقال إن آخر حل يبقى ميسورا للجانب الأفغاني هو أن تشكو إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة هذه السياسة الباكستانية، ولكن كما يبدو فهذا الأمر أيضا لن يؤثر على الوضع شيئا. ففيما تتواجد أعضاء مجلس الأمن تواجدا عسكريا في أفغانستان ولا تعترض إحدى هذه الدول على السلوك الباكستاني، ماذا تتوقع أفغانستان بعد ذلك من مجلس الأمن؟ النهاية