الجولة الثانية للانتخاب الأفغانية… مشاكل وتهديدات

مقدمة

أعلنت “اللجنة المستقلة للانتخابات” في 26من نيسان/أبريل 2014م، نتائج الانتخاب الأفغانية التي أجريت في 5 من نيسان/أبريل 2014م، وبناءً على تلك النتائج لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات. وقد سبق مرشحان اثنان هما د.عبدالله عبدالله وهو الحاصل على 44,9% من الأصوات، ود. أشرف غني أحمدزي الحاصل على32,5% من الأصوات، بقية المرشحين الستة.

مع أن النتائج النهائية للانتخابات، يتم إعلانها بعد النظر في الأصوات الباطلة، ومستوى التزوير، والاستماع إلى الشكاوى الموصولة إلى “لجنة استماع شكاوى الانتخابات” وذلك في 14من مايو/أيار2014م، ولكن يبدو أن “لجنة استماع شكاوى الانتخابات” لا تتخذ أي قرار يحدث تحولا مبدأيا في إعلان النتائج الأولية من قبل “اللجنة المستقلة للانتخابات”، ويبدو أن المرشحَين المتقدمين سوف يدخلان المنافسة في الجولة الثانية وستُجرى الانتخابات مرة أخرى بعد أسبوعين من الإعلان النهائي للجولة الأولى.

فالسؤال المطروح هو: إذا دخلت الانتخابات الجولة الثانية، ماذا ستكون أمامها من مشاكل حساسة وتحديات عسيرة؟ ناقش قسم التحليل في مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية هذا الموضوع وإليكم التافاصيل:

الجولة الثانية وشائعات حول حكومة ائتلافية

بداية إن مخاوف التزوير التي كانت موجودة قبل إجراء الانتخابات ثبتت صحيحة، وظهر جليا أن إجراء الانتخابات بالطريقة النزيهة غير ممكن ما دامت رحى الحرب تدور في أرجاء البلد.

بعد إجراء الانتخابات في ظل مشاكل كثيرة وبوجود تزوير كثيف فيها، وبعد أن لم تحسم النتائجُ المنافسةَ في الجولة الأولى، ظهرت شائعات حول تشكيل حكومة ائتلافية قبل الذهاب إلى جولة انتخابية ثانية، ولكن يبدو من موقف بعض المرشحين أنهم لا يوافقون على حكومة ائتلافية وأنهم يطلبون إجراء الجولة الثانية للانتخابات. ولو تتم موافقة على حكومة ائتلافية خلافا لقوانين البلد، فإنها ستكون خطوة خاطئة وستجعل الحكومة القادمة، حكومة على أساس الشراكة مثل سابقتها، وسيحصل المرشح المنسحب على وظيفة معينة فيها.

الجولة الثانية… مخاوف وتحديات

سترافق الجولةَ الثانيةَ من الانتخابات مشاكل كثيرة، منها أمنية وأخرى اقتصادية وسياسية، ولأن الجولة الأولى كان بها عدد كبير من المرشحين الرئاسيين، وتنافس فيا مرشحون كثيرون آخرون للحصول على مقاعد في المجلاس المحلية، فإن نسبة مشاركة الناخبين فيها كانت كبيرة إلى حدما، ولكن في الجولة الثانية إلى جانب بعض المشاكل الأخرى ستقل هذه العوامل المشجعة للمشاركة ويمكن أن تكون مشاركة الناخبين في الجولة الثانية ضعيفة.

ولكن أخذ الانتخابات تابعا عنصريا وقوميا في الجولة الثانية نتيجة لسياسة المرشحين يبقى هو التهديد الأكبر، ولأن المنافسة في الجولة الثانية ستكون بين مرشحَين اثنين فقط، يمكن أن يرفعا شعارات قومية ولسانية، طلبا للحصول على الأصوات، وهذا أمر سيعمق الاضطراب في المجتمع الأفغاني ويفتح الباب واسعا على وجه الدعاوى النعصرية.

في كثير من بلدان العالم، اختفى هذا الخوف بوجود أحزاب سياسية تضم الفيئات المختلفة من الشعب ولا تتعلق بأي عرق أو لسان، ولكن في أفغانستان فإن هذه المشكلة كانت موجودة عبر التاريخ ولا يزال هذا القلق قائما.

ولو توجه المرشحون المتقدمون إلى نبذ هذه المخاوف الكبيرة، فإنهم سيجنبون المجتمع كله من التشتت ومن الانزلاق إلى مهاوي الأزمات العنصرية والقومية واللسانية، وهي أزمات تحمل خطرا كبيرا لمستقبل البلد.

وأي مرشح يرفع شعارات قومية ولسانية ثم يحصل على أصوات الناخبين ويفوز بالكرسي، فإنه سيواجه مشاكل كثيرة في مستقبل حكمه، ثم إن الشريحة التي لم تصوت له سوف تبقى لا تعتبره رئيسا لها، وترى أن حكومته في احتكار فيئة دون أخرى. هذا والمطلوب في الانتخابات لا يعني أن الرئيس المنتخب فيها يكون رئيسا لمن صوت فقط، بل ينبغي استغلال جميع الخبرات وتوظيف جميع الأفغان ولا تعني السياسة إهمال جزء من المجتمع.

إلى جانب هذا، فإن الجولة الثانية ستواجه تحديات كثيرة مثل الجولة الأولى وسيذهب كثير من المواطنين ضحية لتلك العملية الانتخابية، وهذا في حال لا تخلو الانتخابات من تدخل النظام الحاكم، وترتيبها للأوراق وكذلك التزوير الواسع الذي بسببه يذهب صوت الناخب ضحية لمعاملات سياسية ويتم التلاعب به، وهو صوت يذهب الناخب لإدلائه مخاطرا بحايته.

إلى جانب إمكانية التزوير، ونظرا لتجربة الجولة الأولى، فإن إمكانية مداخلات أجنبية في الجولة الثانية ستكون كبيرة، ولأن في الجولة الأولى وبسبب كثرة المرشحين، وعوامل أخرى وبسبب التوقع لعدم حسم النتائج وانتقال الانتخابات إلى الجولة الثانية، لم تهتم الجهات الأجنبية كثيرا للتدخل، ولكن في الجولة الثانية وباعتبارها جولة حاسمة، سوف تحاول كل جهة لتمهيد الطريق نحو مصالحها.

وأخيرا يمكن اختصار الموضوع بالقول إن الجولة الأولى من الانتخابات واجهت تحديات ومشاكل كثيرة، وإن تلك المشاكل موجودة وبقوة في الجولة الثانية. فعلى المرشحين أن يحترموا القانون في المنافسة على الكرسي، ولا ينبغي أن يتقربوا إلى السطلة بخيانة الشعب الأفغاني. النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *