مؤتمر “ريكا”، و”سام”، وأثرهما على أفغانستان والمنطقة

في3 و4 و5 من سبتمبر/أيلول 2015م، عُقد في العاصمة الأفغانية كابول مؤتمر “ريكا”، ومؤتمر “سام”. كان المؤتمر الأول بهدف مناقشة التعاون الاقتصادي الإقليمي لأفغانستان مع الاندماج الاقتصادي الإقليمي، وكان مؤتمرا عقدتها وزارة الخارجية الأفغانية كحلقة سادسة لسلسلة من المؤتمرات منذ 2005م بين دول المنطقة. وشارك في هذا المؤتمر الذي استمر ليومين مسؤولون رفيعو المستوى لعدة دول إقليمية.

أما المؤتمر الثاني كان مؤتمر “سام”، الذي يناقش سنويا مدى تنفيذ مؤتمر توكيو2012، شارك فيه مندبون لـ21 دولة و11 منظمة دولية مع وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى الأفغان، وذلك بهدف مناقشة أعمال الحكومة الأفغانية في العام الماضي مع موقف الداعمين الدوليين في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الفساد، وكانت محاولة لجلب مساعدات هذه الدول. هو مؤتمر يُعقد بعد مؤتمر لندن2014م، الذي قدمت فيه الحكومة الأفغانية الائتلافية خططها بشأن الإصلاحات، ويُعتبر تمهيدا لمؤتمر بروكسل.

مع أن مؤتمرات كثيرة عُقدت بشأن أفغانستان، لكن المؤتمرين الأخرين في كابول، بعثا آمالا عريضة. نناقش أثرهما السياسي والاقتصادي المحتمل على أفغانستان في المدى القريب والمتوسط والبعيد.

محاولات الاندماج الاقتصادي الإقليمي

عام 1985م، تم تأسيس منظمة “إيكو”، للتعاون الاقتصادي، كانت تركيا، وباكستان، وإيران إعضاء فيها. لكن عندما انسحب الروس من أفغانستان، وانهار الاتحاد السوفياتي، أصبحت سبع دول من آسيا الوسطى أعضاء فيها. ومن هنا أصبحت محاولات الاندماج الاقتصادي على قدم وساق، وبدأت منافسة بريداس ويونيكول على مشروع تابي. وحاولت باكستان، والصين، والهند، وإيران الوصول إلى مصادر طبيعية في أسواق آسيا الوسطى الجديدة.

منظمة “كيريك”، وهي منظمة للتعاون الاقتصادي الإقليمي في آسيا الوسطى، تم تأسيسها عام 1997م. يساعدها بنك آسيا للرقي في مجال النقل، والتجارة والطاقة، وقدّمت خطة 2020 في هذا المجال. مؤتمر سيكا تأسس عام 1999م، تأسست منظمة شانغهاي للتعاون عام 2001م، ومنظمة آسيا للتعاون عام 2002م، كانت أفغانستان حينها في وضع سيء جدا. دمّرت الحرب الأهلية البنية التحتية، وكان البلد في معزل عن العام، فلم تشارك في هذه المنظمات.

وفي فترة حكم كرزاي القصيرة، جرت محاولات لعضوية أفغانستان في منظمة التعاون الاقتصاد الإقليمي، أصبحت عام 2007 عضوا في “سارك”، وعضوا مراقبا في منظمة شانغهاي للتعاون عام 2012م.

مؤتمرات “ريكا”، للتعاون الاقتصادي الإقليمي لأفغانستان

عُقد المؤتمر الأول للتعاون الاقتصادي الإقليمي مع أفغانستان في 5 من ديسمبر 2005م، تمت حتى الآن ست جلسات منها. ولو ننظر إلى بيانات هذه المؤتمرات نرى فيها الآتي:

  • الاهتمام بالزراعة وبالصناعة الرزاعية والازدهار،
  • الانتفاع المشترك من المياه،
  • تجارة الطاقة وازدهارها[1]،
  • مشروع تابي،
  • رفع خطوات جادة لإزالة عدم الثقة، وذلك تمهيدا للتعاون الاقتصادي،
  • يقوم بنك آسيا للرقي بدراسة الاندماج الاقتصادي، ويشارك النتائج في الجلسة التالية،
  • تقوم الدول الأعضاء لإزالة العوائق من طريق التجارة والنقل،
  • تساعد الدول الأعضاء أفغانستان في أن تصبح مركزا للطاقة[2]،
  • يتم وضع خطة جامعة لعودة اللاجئين الأفغان، ويتم بناء مخيمات لهم،
  • إلى عام 2015م، تبدأ منظمة التعاون الاقتصادي أو أيكو، تجارة حرة،
  • يتم بناء سكة حديد من “جمن”، إلى كندهار[3].

في الجلسة الرابعة من مؤتمر ريكا المنعقدة في إسطنبول عام 2011م، تمت مناقشة البنية التحتية (كشوارع إقليمية، وسكة حديد إقليمية، وصناعة استخراج المناجم الإقليمية)، والتجارة، والنقل، وإدارة الحدود، والدراسة، والزراعة، وصنائع أخرى للعمال. أما في الجلسة الخامسة التي عُقدت في طاجيكستان عام 2013م، تمت إضافة إلى تلك المشاريع، وقيل إن بيانات المؤتمرات السابقة بقيت حبرا على الورق.

مؤتمرات ريكا وأثرها الاقتصادي على أفغانستان

في حال تنفيذ تعهدات ريكا، سيكون هناك أثر اقتصادي كبير على البلد، يتم بناء البنية التحتية من جهة، ومن جهة أخرى تصبح أفغانستان مركزا للتجارة والنقل والطاقة في المنطقة. لكن عدم تنفيذ هذه التعهدات خلّفت أفغانستان من الوصول إلى الهدف.

في هذه المؤتمرات حصلت أفغانستان على عضوية بعض المنظمات. تمت تعهدات كثيرة على الورق ضمن مشروع “تابي”، و”كاسا1000″، ومشاريع أخرى، لكن العمل لم يبدأ حتى على المشروعين الأخرين أيضا.

لكن جلسة ريكا السادسة كانت مختلفة عن سابقاتها، أخذت أفغانستان زمام المبادرة في الاندماج الاقتصادي الإقليمي والمشاريع إقليميا. تمت فيها مناقشة ميناء شاه بهار، وطريق لازورد، وطريق الحرير الجديد، واستخدمت أفغانستان مصطلح أمر إقليمي عام بشأن الاندماج الاقتصادي الإقليمي.[4]

لماذا لا تتجه المنطقة نحو اندماج اقتصادي؟

إن الأمن، والسلام، وطرق المواصلات من أهم الأمور في الاندماج الاقتصادي، وهي أمور مفقودة في البلد. إضافة إلى ذلك هناك مشاكل تاريخية تشكل عوائق في طريق الاندماج الاقتصادي، ومنها:

  • نزاع باكستان والهند على كشمير،
  • النزاع الحدودي التاريخي بين أفغانستان وباكستان،
  • نزاع على الحدود في آسيا الوسطى،
  • عدم وجود اتفاقيات بشأن المياه في المنطقة،
  • قضية الحدود بين الهند والصين،
  • مصالح دول أخرى في آسيا الوسطى،
  • ائتلاف الهند، واليابان، وأمريكا، من جهة وائتلاف الصين، وروسيا، وباكستان من جهة أخرى،

وعوامل أخرى، تلعب دور العوائق في طريق الاندماج الاقتصادي الإقليمي، لذلك لم تنتج هذه المؤتمرات أية نتائج إيجابية حتى الآن.

مؤتمر سام ومستقبل المساعدات

شارك في مؤتمر سام، مندوبو الدول التي تعهدت بدعم أفغانستان. قدّمت الحكومة الأفغانية في هذا المؤتمر عملها في 11 شهرا، مع نتائج تعهدات مؤتمر لندن في 2014م، وتمت تعهدات أخرى للمستقبل.

وجاء المؤتمر كمحاولة لجلب المساعدات وتمهيدا لمؤتمر بروكسل للعام القادم. استدلت الحكومة بفتح ملف (كابل بانك)، وبمحاكمة مسؤولين في وزارة إحداث المدن على أنها ترفع خطوات جادة في مكافحة الفساد الإداري.

إلى جانب ذلك، تمت تعهدات أخرى بأمور ذات أهمية لدى المجتمع الدوي كحقوق الإنسان، وحقوق المرأة والأطفال، منها الآتي:

أولا: في مؤتمر بروكسل القادم تجهز أفغانستان ميزانية مخمنة،

ثانيا: أن يتم تحسين وضع حقوق الإنسان في أفغانستان، إلى مؤتمر بروكسل، وأن تقدم الحكومة في المؤتمر صورة رائعة عن حقوق المرأة. يتم إحداث قانون في مجال حقوق الأطفال، ويتم تنفيذ قانون منع العنف مع المرأة،

ثالثا: تتطور محادثات السلام إلى مؤتمر بروكسل وتكون الحكومة قد رفعت خطوات جادة لإنهاء الحرب.[5]

مقترحات

  • أن يتم إحداث سكارترية لمؤتمر ريكا، وذلك لتنفيذ التعهدات،
  • أن يتم إحداث مجموعة عمل خاصة، تعمل على تنفيذ تعهدات المؤتمرات فقط،
  • على الحكومة أن تركز على البنية التحتية لأهميتها في أن يصبح البلد مركز المنطقة في الطاقة، والتجارة، والنقل والاندماج الاقتصادي،
  • فقد تفشى الفساد حاليا في جميع مؤسسات أفغانستان، وأصبح الفساد ثقافة عامة، لذلك ليس من شأن ملف كابل بنك بأن يحل الأزمة كلها. فهو بحاجة إلى خطة كاملة تشمل الإصلاحات، وتنفيذ القانون، وإزالة مافيا الفساد الإداري،
  • على الحكومة أن تجري إصلاحات في الجمارك، وأن تزيد من دخلها،
  • على الحكومة أن تهتم بالزراعة، والمناجم، والمياه، لتحافظ على توازن في التجارة، وتزيد من الدخل.

النهاية

[1] بيان الجلسة الأولى لريكا، في 2005م، بكابول.

[2] بيان الجلسة الثانية لريكا، في 2006م، بدهلي الجديدة.

[3] بيان الجلسة الثالثة لريكا في 2009م، بإسلام آباد.

[4] Tolo News, RECCA Summit An Opportunity for Regional Cooperation, 3 Sep 2015, see it online:< http://www.tolonews.com/en/afghanistan/21223-recca-summit-an-opportunity-for-regional-cooperation>

[5] Tolo News, Positive Reports emerge as Ghani opens SOM, 5 Sep 2015, see it online:< http://www.tolonews.com/en/afghanistan/21240-positive-reports-emerge-as-ghani-opens-som>

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *