أبعاد زيارة الرئيس الأفغاني أشرف غني إلى باكستان

في فترة حكمه قام حامد كرزاي الرئيس الأفغاني السابق بزيارات كثيرة إلى باكستان، ورغم ذلك وصلت العلاقات الثنائية بين البلدين إلى حد أجبرت كرزاي أخيرا بأن يصرح أن باكستان تريد أن تستولي على سياسة أفغانستان الخارجية. ومن هذا التصريح يمكن لنا أن نعرف أثمار زياراته إلى باكستان!

فإن تتشابه زيارة أشرف غني مع زيارات حامد كرزاي فإنها لن تجدي نفعا لأمن أفغانستان واستقرارها كما لا تثمر أي رقي للمنطقة. ولذلك ينبغي أن تكون المحاور الآتية على صدر قائمة الحديث مع الجانب الباكستاني:

 

السلام

يبدو أن الرئيس أشرف غني يتدرج في خطته للسلام، ويظهر من زياراته أنه يعطي أهمية كبيرة لدور تركيا والسعودية والصين وباكستان في عملية السلام الأفغاني.

إن باكستان بلد ذو أهمية بالغة في السلام الأفغاني، ولذلك يريد أشرف غني أن يستعين بدول يكون السلام الأفغاني في صالحها وأن يجعل تلك الدول تضع ضغوطا على باكستان وبل تحصل عبرها على وعود من الجانب الباكستاني.

وفور وصول أشرف غني إلى سدة الحكم في أفغانستان ظهرت علائم تغيير في السياسية الباكستانية. فزيارة مستشار الأمن الوطني الباكستاني سرتاج عزيز وقائد الجيش الباكستاني راحل شريف وتصريحاتهما دليل على إرادة باكستانية للتغيير. وأثناء زيارة سرتاج عزيز إلى كابول تعهد الطرفان بوقف الاتهام المتبادل لأن ذلك يُفقد الطرفين الثقة، واتفق الطرفان أيضا بأن لا يتم استغلال أرض كل واحد منهما ضد الآخر. ومع أن هذه التصريحات كانت على مستوى مراسمي إلا أنها تظهر ميلانا باكستانيا تجاه القضية.

تُظهر زيارات المسؤولين الباكستانيين المتتالية مع زيارة راحل شريف واقتراحه بشأن توقيع اتفاقية استراتيجية بين البلدين أن باكستان تريد فتح صفحة جديدة في علاقاته مع أفغانستان. ولذلك تكون زيارة الرئيس الأفغاني بعد هذه الزيارات استمرار لمحاولات إحلال السلام.

 

قصف صاروخي باكستاني على أفغانستان

منذ أربع سنوات أطلقت باكستان أكثر من 5000 صاروخ على المناطق الشرقية الأفغانية[1]. وقد أثارت هذه القضية في الأيام الأخيرة من حكم كرزاي ردود فعل واسعة، وهي تُعتبر محاولة باكستانية للوصول إلى “العمق الاستراتيجي”  وتُظهر إزدواجية السياسة الباكستانية على المستوى العالمي.

وقد طلب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأفغاني من أشرف غني بأن يكلم الجانب الباكستاني بالجاد في هذه القضية. ويُتوقع بأن توقف باكستان هذه الهجمات بعد زيارة أشرف غني دليلا على صدق نيتها للعلاقات الحسنة، وإلا فإن القوة الباكستانية المرنة في أفغانستان ونظرا للأفكار الموجودة تجاه باكستان في أفغانستان ستصبح أقل من الصفر.

 

العمق الاستراتيجي

يرى كثير من المحللين الأفغان بأن باكستان تتبع بطريقة ما السياسة الإنكليزية، لأن الإنكليز وبناءً على “السياسة الأمامية” كانوا يريدون أن تكون في أفغانستان “دولة حاجزة[2]“. والآن وعلى أعقاب هذه السياسة تريد إسلام آباد أن تكون لها حكومة صديقة في كابول، وذلك للتخلص من الوقوع بين الهند وأفغانستان، وأن تفرغ بالا من الجانب الغربي في حال الحرب مع الهند.

وتعمل إسلام آباد منذ سنوات كثيرة على هذه الخطة “العمق الاستراتيجي”، وهو أمر سبب انعدام الثقة تجاه باكستان في أفغانستان والهند. وإضافة إلى ذلك تشعر باكستان بقلق شديد بشأن الدور الهندي المتنامي في أفغانستان، وأخيرا تضاعف القلق الباكستاني على خلفية التقارب الهندي الأفغاني في المجال الأمني والعسكري.

ويفيد تقرير وزارة الدفاع الأمريكي نصف السنوي بأن باكستان لا تزال ترغب استخدام السلاح ضد أفغانستان والهند، وليست هذه إلا إشارة إلى السعي الباكستاني وراء العمق الاستراتيجي.

بالنظر إلى هذه الجزئية ينبغي على الحكومة الأفغانية الجديدة أن ترغّب باكستان على التخلي من هذه السياسة المبنية على الأحلام الطفولية “العمق الاستراتيجي”، وعليها أيضا أن تطمئن باكستان بشأن الدور الهندي في أفغانستان، لأن أهمية العلاقة مع إسلام آباد هي نفس الأهمية مع دلهي.

وعلى باكستان أيضا أن ترفع إشارات خضراء على وجه تحسين العلاقات والصداقة مع كابول، وهو أمر يسبب ارتفاع قوتها المرنة في أفغانستان، وعلى سبيل المثال ينبغي أن يقوم الجانب الباكستاني بخطوات تالية، ازدياد الاستيراد من أفغانستان، وتسهيل أمور النقل، وخفض الضرائب على الفواكه الطازجة[3]، وازدياد الاستثمار في أفغانستان، وفي المجال الأمني وقف الهجمات الصاروخية من وراء الخط الحدودي. النهاية.

[1] Rafi Sidiqi, Afghanistan to Call on UN to Help Stop Pakistani Rocket Attacks, tolo news, 27th august 2014, see the link <http://www.tolonews.com/en/afghanistan/16125-afghanistan-to-call-on-un-to-help-stop-pakistani-rocket-attacks>

[2] Buffer State

[3]  تفرض باكستان حاليا إتاوة تبلغ 35% على الفواكه الطازجة الأفغانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *