القتل المرموز للملا عبدالرقيب والمستقبل المجهول للسلام في أفغانستان!
احمدضیاء رحیمزی، الكاتب والمحلل السیاسي
انقسام طالبان وعدم توحدهم كالسابق لم يعد أمرا مخفيا ولا أمرا جديدا، ولكن يبقى التساؤل، ولکن ماذا سيكون آثار هذا الانقسام والتشتت في صفوف طالبان على عملية السلام الضعيفة في أفغانستان وكيف ستكون نهايتها؟
من جانب انتشر خبر اجتماع عدد من قادة طالبان برئاسة وزير المالية السابق لحكومة طالبان أغا جان معتصم، وتأكيدهم على التفاهم بين الأفغان في الإمارات المتحدة العربية. ولكن نشرت وسائل الإعلام خبر القتل المرموز لأحد هذه القادة المشاركين في اجتماع الإمارات وهو الوزير السابق للاجئين في حكومة طالبان، الملا عبدالرقيب تخاري، الذي اغتيل على يد مسلحين مجهولين حين خروجه من مدرسة دينية في مدينة بشاور الباكستانية.
يقال أن الملا عبدالرقيب كان عالما ومعتدل الطبیعة. قال الملا آغاجان معتصم بعد اغتياله لوسائل الإعلام أن الملا عبدالرقيب كان يعمل لاقامة السلام في أفغانستان، وقال أنهما كانا يجتهدان معا لنجاح محادثات السلام الذي بدأ مؤخرا في الإماراة المتحدة العربية بين طالبان والحكومة الأفغانية.
و لكن ليس من الواضح أنه لماذا ومن يقوم بقتل داعمي عملية السلام الأفغانية من العلماء والمفكرين بشكل غامض أو يسجنهم؟
يقال أن الملا عبدالرقيب الذي رجع من الإماراة المتحدة العربية بعد مشاركته في اجتماع لدعم عملية السلام الأفغانية برئاسة الملا متعصم، إلى مدينة بشاور الباكستانية، لما تم اغتياله بواسطة مسلحون مجهولون بشكل غامض وغير منصف.
السلسلة الغامضة من الاغتيالات المستهدفة
ليس ملا عبدالرقيب هو الوحيد الذي واجه هذا المصير وقدم حياته ضحية في سبيل السلام والتفاهم بين الأفغان. بل هناك عدة أحداث قبل قتل عبدالرقيب تظهر لنا أن كل حریصة إلى عملية السلام الأفغانية من قادة طالبان الساكنين في باكستان، يتم قتلهم أم أسرهم أم اختفائهم بشكل غامض.
رغم أن أصابع التهم ترجع بشكل طبيعي إلى باكستان، أو إلى الحلقات الخاصة من الجيش والاستخبارات الباكستانية الذين لا يریدون أن يحكم السلام والاستقرار أجواء أفغانستان المدمرة في الحروب. ولكن في حين ذلك لا يمكن أن نستثني أسماء أطراف أخرى في الصراع الاستخباراتي الدائر من قائمة الإتهام بمن فيهم الحكومة الأفغانية وأمريكا.
كما يمكن أن نشير إلى الخلافات الداخلية بين طالبان كجهة متهمة، أي ما كان الخلاف ولكن الواضح أنه أصيب بشرر هذا الخلاف قبل ملا عبدالرقيب تخاري عدد من القادة الكبار لطالبان من بينهم وزير المالية السابق لحكومة طالبان، ملا متعصم آغا جان، حين اطلق عليه النار في وجه النهار في مدينة كراتشي الباكستانية وبعد ذلك تم ارساله إلى تركيا لاستكمال العلاج بمساعدة الحكومة الأفغانية. يقود ملا متعصم هذه الأيام جهود السلام والتوسط في الإماراة المتحدة العربية.
من يعارض إحلال السلام؟
مصداقا للمثل الشهير الأفغاني الذي يقول؛ لا يهمني أنه قتل الخيالة والدي أم المشاة، ولكن ما يهمني أنه ليس بجانبي الآن، بغض النظر عن الجهة التي قامت باغتيال ملا عبدالرقيب، فإن لقتله أثر سلبي على عملية السلام الأفغاني وبالأخص على اجتماع الإماراة الذي ينتظر انعقاده بين وفد المجلس الأعلى للسلام ومجموعة من قادة طالبان بقيادة الملا معتصم آغاجان.
السوال المطروح هو أنه ماذا سيكون نتيجة هذه الاغتيالات الغامضة والمستهدقة؟ وكيف ستمضي هذه العملية الضعفية للسلام والتفاهم الأفغاني قدما بعد هذه الهجمات؟
تعود أصابع التهام واللوم للحكومة الأفغانية أيضا بهذا الخصوص، يعتقد عدد كبير من الباحثين والمحللين السياسيين أن الحكومة الأفغانية دائما ما تتحدث عن السلام والتفاهم بين جهات الأفغانیة، ولكن لم تتواصل بهذا الخصوص مع الجهات المعلومة والمعنية. حتى يعتقد بعض المحللون أن هذا الأمر هو سر الاغتيالات المستهدفة، لما تريد الحكومة الأفغانية أن تفصل فصيلا محددا من المعارضة المسلحة عن بقيتها وتبدأ معها بالمحادثات والتفاوض، تسيء القيادة العليا للمعارضة والجهة التي تعتبر نفسها طرف أصيلا للمحادثات الظن بالفصيل الذي بدأ التفاوض مع الحكومة، وتتهمهم بالغدر والخيانة.
حتي ولو نقبل أن المسئولين العسكريين والاستخباراتيين الباكستايين هم من يقومون بهذه الاغتيالات المستهدفة، ولايريدون أن تتقدم عملية السلام الأفغانية خلافا لرغباتهم، تعود اصبع اللوم إلى الحكومة الأفغانية والأمريكیین، بأنهم يضيعون الوقت مع الطرف المقصر الأصلي في القضية على المحادثات الثنائية والثلاثية وبذلك يقدمون لهم التنازلات بدلا عن الضغط عليهم لتحقيق السلام وبسط الاستقرار.
من الواضح، أن الحكومة الأفغانية، والولایات المتحدة الأمريكیة، والسلطات العسكرية والسياسية الباكستانية لايخطون خطوات صادقة في سبيل السلام والاستقرار كما يتمنى الشعب الأفغاني. وتدفع الثمن الغالي لهذه الحرب الشعب الأفغاني والجهات التي تريد أن تضع نقطة الختام لهذا الحرب التي فرضت على الشعب، بناءا على رسالتهم الوطنیة والدينية.