د. أمين: قدمنا مقترح المصالحة الوطنية لطالبان/ مقابلة
مقدمة
فُتح مكتب طالبان السياسي رسمياً بقطر في 2013؛ ولكن نظراً لعلَم طالبان وشعارهم المكتوب فيه “إمارة أفغانستان الإسلامية” على مبنى المكتب، لم تعترف حكومة أفغانستان بالمكتب. ومع ذلك فإن حركة طالبان الأفغانية في السنوات التي مضت أكدت بأن “مكتبها السياسي” في قطر هو الكيان الوحيد المخول له إجراء مفاوضات بالنيابة عنها، وقد أعلن المكتب موقفه في لقاءات ومؤتمرات عالمية متعددة.
رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية د.عبدالباقي أمين زار قطر في 24 يوليو والتقى بأعضاء مكتب طالبان السياسي. أجرى الفريق الصحفي بمركز الدراسات الإستراتيجية والإقليمية لقاءً مع د. أمين عن سفره وموقف طالبان من عملية السلام الأفغانية، وكان اللقاء على النحو التالي:
بما أن الحرب الأفغانية حالياً بالكامل اقتتال داخلي بين الأفغان والضحايا فقط من الأفغان، في هذا الصدد كيف وجدت وقفة طالبان، هل تغيرت عن السابق؟
الجواب: كما ذكرتَ مسبقاً، ناقشنا قضية أفغانستان وعملية الصلح فيها مع رئيس المكتب السياسي لطالبان وبعض أعضائه في لقاء معهم. هم قالوا: “لسنا فرحين بقتل الأفغان، نحن حزينون جداً أن الأفغان هم الضحايا؛ والذين يموتون من صفوف الجيش والشرطة الأفغانية هم إخواننا المسلمون والولايات المتحدة الأمريكية قصداً أرادت أن تجعل الحرب حرباً داخلية بين الأفغان”. هم صرحوا بوضوح أنهم يريدون إيقاف قتل الأفغان.
بشكل عام كيف كان رأيهم حول المصالحة؟ وما هو موقفهم تجاه محادثات السلام الرباعية؟
الجواب: بعبارةٍ وجيزة أقول لكم، قال مندوبو طالبان أنهم يريدون الصلح وأن الحرب حُمّلت عليهم؛ طالبان أكّدوا أنهم مستقلون تماماً عن باكستان، وطلبُ الحكومة الأفغانية من باكستان بإحضار طالبان على طاولة المفاوضات كان خطوةً غير صائبة لأن باكستان لا تستطيع فعل ذلك وهذا هو السبب وراء إخفاق محادثات الصلح رباعية الأطراف.
طبقاً لمكتب المراقبة الخاصة لإعادة تأهيل أفغانستان SIGAR، فإن اغتيال الملا منصور أوجد عدة عوائق في طريق عملية الصلح الأفغانية. حسب ما ظهر لكم من كلام مندوبي طالبان، هل تسبب اغتيال الملا منصور حقيقةً في إيجاد عوائق في طريق الصلح؟
الجواب: حسب مندوبي طالبان، فإن الملا أختر منصور لم يكن مخالفا لعملية السلام وإنما كان مخالفاً لسيطرة باكستان على عملية السلام، وهذا هو السبب وراء اغتياله قبل ثلاثة أشهر، وكان قد أبعد نفسه عن أيادي باكستان وهُدد من قِبل باكستان بالقتل. حسب أعضاء المكتب السياسي لطالبان فإنه (الملا منصور) كان متعهداً للصلح تحت مظلة مصالح أفغانستان الوطنية، ومكتب قطر الذي نشرت طالبان من خلاله آراءها مع أفغانيين عديدين كان من ابتكاراته.
أنا شخصياً أعتقد أن اغتيال الملا منصور صعّد العوائق في طريق الصلح وضخَّم جو عدم الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان، لأن طالبان تعتقد أن الملا منصور اغتيل بجهود مشتركة من الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان.
لو تذكرون لنا تحديداً، هل غير اغتيال الملا أختر منصور موقفَ طالبان؟
الجواب: أعتقد أن اغتيال الملا أختر منصور لم يغير موقف طالبان الكُلي. طالبان بدَت متعبةً من الحرب وهي على اعتقاد بأن استمرار الحرب لا يصب في مصالح أفغانستان؛ ولكنهم يدّعون أن لهم السيطرة في أكثر أجزاء أفغانستان وأن عندهم تشكيلات مدنية وعسكرية متكاملة؛ الولايات المتحدة الأمريكية هُزمت في أفغانستان؛ وحان الوقت الآن للأفغان ليصلو إلى توافق مع بعضهم البعض ليجدوا طريقةً يُنهوا بها الحرب في البلد. مندوبو طالبان أخبرونا أنهم لا يريدون احتكار السلطة وهم مستعدون للوصول إلى اتفاق حيال مستقبل البلد خلال عملية مصالحة داخلية بين الأفغانيين.
ذكرتَ أن طالبان مستعدة للصلح خلال عملية مصالحة بين الأفغانيين، وعلى الصعيد الآخر دعت حكومة أفغانستان حركة طالبان الأفغانية مكرراً للمشاركة في عملية الصلح، إذاً أين يكمن الخلل الذي منع من بدء محادثات الصلح بين الحكومة الأفغانية وطالبان؟
الجواب: حركة طالبان تقول أن الحكومة الأفغانية ليست متعهدة للصلح، وأنها تتكلم فقط ولا تتخذ خطوات عملية. بالنسبة لفترة كرزاي، منسوبو طالبان قالو: “هو انتقد علينا أنه ليس لدينا عنوان محدد، ولكن عندما فُتح مكتبنا بقطر عارضَ مرةً أخرى؛ وعندما خُطط لمفاوضات الصلح بتركمنستان، أوْقفَها أيضاً”. منسوبو طالبان ذكروا أيضا أنهم قابلوا أشرف غني قبل الانتخابات وكان بينهم توافق مشترك، ولكن عندما حاز غني السلطةَ، وقّع اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية وسمح لهم بالقيام بالعمليات المسلحة الليلية بأفغانستان، وبعد ذلك تقدم إلى باكستان لمحادثات الصلح وكأن طالبان تحت سلطة باكستان، لذا كل هذه الخطوات لم تكن تؤشر على حسن النية ولا إرادة الصلح الحقيقية. في الوقت ذاته طالبان ذكروا أيضا أنهم سيستمرون في القتال حتى انسحاب القوات الأمريكية، ولكن إذا عُين وضُمن تاريخ خروج القوات الأمريكية عندها سيكون الوصول إلى توافق حيال المسائل الأخرى هيناً.
من فضلك اذكر لنا باختصار، ماذا كان هدفك من زيارة قطر واللقاء بمندوبي طالبان؟
الجواب: قدمنا مقترحنا للمصالحة الوطنية لطالبان. بناءً على المقترح، يجب أن يُعقد اجتماع يضم ذوي النفوذ من الأفغانيين الذين لهم أثرهم على كافة التكتلات السياسية وفي نهاية الاجتماع يجب أن تُنشأ سكرتاريةٌ لتقريب آراء الطرفين وإزالة نقاط الاختلاف من الجانبين. بجانب ذلك يجب ان تؤسس لجنة متخصصة في الصلح متشكلة من جميع دول المنطقة والجامعة الدولية والتي توفر التسهيلات لسكرتيرية الصلح، عليها ان تعمل على اقناع الدول الأخرى حيال موضوع الصلح وأن تضمن الوعود والتعهدات المتعلقة بالصلح. وبعد القيام بهذه الاجراءات، إذا وجد شخص أو جهة غير راغبة في الانضمام الى محادثات الصلح أو يختلق العوائق في طريق المصالحة فينبغي أن يُعلن ويُعرّفَ للأفغان وللعالم، وينبغي الضغط على كل الأطراف حتى تشارك في محادثات الصلح.
ماذا كان رأي مندوبي طالبان حيال مقترحكم والمصالحة الوطنية؟
الجواب: هم وافقاً تماماً على مقترحنا وأظهروا أنهم في سبيل حل القضية الأفغانية مستعدون للمصالحة الداخلية بين الأفغانيين، وإذا ابتدرت جهة متعهدة للإسلام ولأفغانستان المبادرةَ لهذه الخطوة، فإن طالبان ستتعاون معها وستجد طريقاً لإيقاف الحرب الحالية في البلد.
ذكر مندوبو طالبان أن مؤتمر بقواش قدم لهم الفرصة للوصول لتفاهم مع أفغانيين عديدين ومعظم الشكوك تمت إزالتها؛ ولكنهم ذكروا أنهم سيؤيدون جماعة وسيطةً أفغانية لتبادر بإدارة العملية والتي ستؤدي إلى صلحٍ مستمرٍ بالبلد.
ذكرتم مصالحة داخلية بين الأفغانيين، كيف يمكن لذلك أن يحدث؟ ما هي الآلية؟
الجواب: أعتقد أن الأفغانيين حاليا متعهدون تجاه الصلح، والواجب على المخلصين وذوي النفوذ هو المبادرة والحصول على ثقة من ينشدون الصلح وتجميع أفراد الوطن خلفهم والبدء بمحادثات الصلح طبق المراحل التالية:
أولاً: عليهم أن يقنعوا الأفغان بالصلح، ويجب أن تُزال كل العوائق في هذا الصدد.
ثانياً: عليهم أن يقنعوا الدول المجاورة ودول المنطقة بأن الصلح في أفغانستان لصالحهم وأن على هذه الدول أن تلعب دوراً إيجابياً في عملية الصلح.
ثالثاً: إذا كان لازماً، عليهم أن يجدوا داعمين دوليين مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي. وعليهم أيضاً أن يجذبوا أنظار الدول الإسلامية والدول الأوروبية التي هي مخالفة للحرب. ومن ثم يجب تنظيم دور الدول الداعمة على نحو يسهل عملية محادثات الصلح من جهة، ومن جهةٍ أخرى يضمن هذه المحادثات.
رابعاً: يجب نشر رسالة منطقية تؤثر على صناع السياسة في تلك الدول التي عندها سياسات مخالفة للصلح. مثلاً، معظم التحاليل تتهم الولايات المتحدة الأمريكية أنها في الظاهر تدعم عملية الصلح ولكنها يقيناً تدير الحرب في أفغانستان.
شكراً لك.
انتهى