إخراج المهاجرين الأفغان من باكستان

إن موجة النزوح واللجوء تأتي على إثر عاملَيْن بارزَيْن. أولا: الحرب والاضطرابات. ثانيا: الحوادث الطبيعية. ولو نمعن النظر في التاريخ السياسي المعاصر، نرى أن موجة النزوح واللجوء في المناطق المضطربة وخاصة في العالم الإسلامي لها وتيرة تصاعدية.

ويشكل المسلمون حاليا أكبر عدد اللاجئين في العالم. وعلى سبيل المثال، إن الأوضاع المضطربة في سوريا والعراق سببت نزوح مئات الآلاف إلى الدول الجارة. وأما اللاجئون الأفغان الذين تركوا بلادهم منذ 1979م، إلى بلدان أخرى تبقى حتى الآن، الشريحة الأكبر لهم خارج البلد.

في الآونة الأخيرة، أخذ ملف اللاجئين الأفغان في باكستان طابعا جدليا لأسباب عدة. أولا أن مهلة المهاجرين المسجلين لدى الحكومة الباكستانية تنتهي بنهاية عام 2015، والسبب الثاني والأبرز هو حادث بيشارو. مع أن عبدالقادر بلوش وزير الحدود الباكستاني، صرّح قائلا إنه على المهاجرين الأفغان أن يرجعوا إلى بلدهم حتى نهاية عام 2015م، ولكن بعد حادث بيشاور حددت حكومة إقليم بختونخوا شهرا واحدا كمهلة لخروج المهاجرين الأفغان من باكستان.

الخلفية

بدأت موجة الهجرة الأفغانية نحو باكستان على إثر اضطهاد الحكومة الأفغانية لأعضاء الحركة الإسلامية، وعندها هاجر قرابة 300 أفغاني إلى باكستاني. وبعد الانقلاب الشيوعي في أفغانستان تصاعدت ويترة الهجرة، وتجاوز عدد الأفغان في باكستان مئة ألف، وبعد الغزو السوفيتي على أفغانستان، اضطر نصف الأفغان أن يتركوا بلدهم إلى بلدان أخرى.

وأثناء الاحتلال السوفيتي (1979م-1989م)، بلغ عدد المهاجرين الأفغان في باكستان خمسة ملايين. وبعد الانسحاب السوفيتي رجع بعضهم إلى أفغانستان، ولكن على إثر اندلاع الحرب الأهلية توجه عدد كبير من الأفغان مرة أخرى نحو باكستان. وبعد أحداث 11 من سبتمبر، وإرساء نظام مؤقت في أفغانستان رجع مئات الأفغان إلى بلدهم.

وفي عام 2007م، بدأ، بمساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين[1]، تسجيل المهاجرين الأفغان في باكستان، وتم تسجيل 1,7 مليون أفغان، ووُزعت لهم بطاقات تثبت هويتهم الأفغانية. وفي أعوام 2010م، و2012م، و2014م، تم تجديد هذه البطاقات والتي تنتهي مهلة اعتبارها بنهاية عام 2015م.

قانون اللاجئين الدولي وباكستان

بناءً على المادة الـ14 من القانون الدولي لحقوق الإنسان[2]، يحق لسكان أي بلد أن يلجأوا إلى بلد آخر أثناء الظلم والقهر.

بناءً على أصل عدم الإجبار في قانون الأمم المتحدة لعام 1951م[3]، بشأن اللاجئين، لا يمكن لأحد أن يجبر اللاجئين على العودة إلى بلدانهم. وبما أن باكستان لم توقع هذه الوثيقة حتى الآن فليست عليها ضغوط من قبل القانون الدولي[4].

وبرأي محللَيْن باكستانيَيْن للقوانين الدولية، (محمد منير ومشتاق أحمد)، لا يتم التعامل مع المهاجرين الأفغان في باكستان لا أساس الشريعة الإسلامية ولا على أساس أي قانون دولي، بل تتعامل إسلام آباد معهم على أساس القانون الذي تم وضعه في 1946م، بشأن الأتباع الأجانب[5]. مع أن باكستان لم توقع بعد، القانون الدولي للأمم المتحدة، إلا أن العلاقات الدبلوماسية والأخلاقية تطلب أن لا تقوم بإخرج المهاجرين.

وأما عودة المهاجرين الأفغان إلى بلدهم من باكستان تحتاج رؤية شاملة، تشمل النظر إلى الأوضاع الأفغانية، وتوفر الأرضية المناسبة لعودتهم، وهو أمر ينفع الطرفين. إن اتساع نطاق الاضطرابات الأمنية في أفغانستان، والبطالة وغيرها من الأزمات تثبط المهاجرين الأفغان من العودة إلى بلدهم. من جهة أخرى الحكومة الأفغانية ليست مستعدة من المنظار الاقتصادي بأن ترتب الأمور على الفور لعودة هذا العدد الكبير من المهاجرين. فبناءً على ذلك، ينبغي للحكومة الأفغانية والتي حسُنت علاقاتها إلى حد ما مع الجانب الباكستاني بعد تسلم أشرف غني رئاستها، أن تصل إلى تفاهم مشترك مع الجانب الباكستاني بهذا الشأن. النهاية

[1] UNHCR

[2] Universal Declaration of Human Rights

[3] Convention relation to the Status of Refugees adopted on 28th July 1951 by the United Nations Conference of Plenioptentiaries on the status of Refugees and Statless Persons.

[4]  لمزيد من التفاصيل:

Hatam, Ahmad Khalid, Non-Refoulement and Pakistan’s Go-Home Attitude: A Case Study of Afghan Refugees, LLM Thesis, Islamabad: International Islamic University, 2009

[5] Khalid Rahman and Fakiha Mahmood (editors), International Refugee Law, Islamic Shariah and Afghan Refugees in Pakistan, Institute of Policy Studies, pp: 43-44

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *