الاتفاقية الأمنية مع أمريكا ومستقبل السلام الأفغاني

 

وفق التوقعات صوّب البرلمان الأفغاني الاتفاقية الأمنية الأمريكية الأفغانية والتي تجيز بقاء قوات الناتو في أفغانستان بعد عام 2014م. وكما هرول الرئيس الأفغاني أشرف غني نحو توقيع هذه الاتفاقية فإن البرلمان أيضا تعجل كثيرا ودون أي دراسة حولها، وخلافا لما يقوم به المجلس من انعقاد الجلسات في يومي الأثنين والأربعاء، تم انعقاد جلسة في يوم الأحد وأسفر التوصيت تمرير الاتفاقية بثلاثة آراء مناهضة وثلاثة أخرى ممتنعة.

وكانت الاتفاقية تنص على أنهاء المهمة العسكرية للقوات الأجنبية في أفغانستان بنهاية العام، وعلى أن تنحصر مهمة تلك القوات بداية عام 2015م، في تدريب القوات الأفغانية وإعطاء المشورة لها، ولكن قبل يوم واحد من وصول الاتفاقية إلى البرلمان الأفغاني، كشفت وسائل الإعلام الأمريكية أن أوباما الرئيس الأمريكي مدد المهمة العسكرية لقواتها في أفغانستان إلى عام آخر، هذا دون أن يقوم بإخطار الطرف الآخر في هذه الاتفاقية.

 

حملة لصالح الاتفاقية في البرلمان

وكان جليا منذ البداية بأن أمريكا لن تتعهد بأي جزء من هذه الاتفاقية، ولكن عملاء أمريكا كانوا يحاولون خداع الشعب وأن يظهروا هذه الاتفاقية مفتاح الأزمات كلها، وأن يسدوا دراستها حتى في البرلمان. وكان القلق يساور الجانب الأمريكي بشأن إجراء أي دراسة جادة لهذه الاتفاقية، لأنهم اعتبروا ذلك سبب ظهور مفادها للشعب الأفغاني وأنها لا تفيدهم في شيء، بل تطلق يد أمريكا أكثر من ذي قبل في التدخل وهو أمر تدور عليه رحى الحرب هنا. ولذلك وُظف عدد من نواب المجلس، وخاصة النساء، من أجل الترويج لصالح هذه الاتفاقية داخل المجلس وأن يتم تمريرها دون مراجعة مفحصة.

منذ أن تم توقيع هذه الاتفاقية من قبل الحكومة الجديدة، كان هؤلاء النواب في زيارات منظمة بين مجلس النواب والسفارة الأمريكية، وعلى حد تعبير بعض النواب، ظهر ذلك في الإعلام أيضا، قُدمت قوائم بأسماء النواب الموالين لأمريكا ويُسّيرت السُبُل لتوقيع هذه الاتفاقية بطريقة عمياء.

ولم ينكر هذا النواب المؤظفون من قبل السفارة الأمريكية أيضا، وكانوا يرون من حق أي نائب أن يروج لصالح اتفاقية يرى فيها مصلحة للبلد وأن ذلك لا يخالف القانون.

 

قرار أوباما الأخير

جاء في المادة الثانية من الاتفاقية الأمنية بين أمريكا وأفغانستان:

لا تنفذ قوات الولايات المتحدة أي نوع من العمليات الحربية في أفغانستان، إلا أن يتفق الطرفان على غير ذلك.

فمن دون أي توافق مع الجانب الأفغاني أصدر أوباما قراره ونقض هذه المادة من الاتفاقية. يقال إن دليل إصدار أوباما قراره خلافا للاتفاقية، يكمن في أن لوبي الجنرالات الأمريكيين ذكّروا أوباما بعدم قدرة القوات الأفغانية لإجراء مسؤولياتهم من دون دعم القوات الأمريكية. وجاء هذا على لسان جنرال أفغاني أيضا مؤكدا عدم قدرة القوات الأفغانية لسدة هجمات حركة طالبان من دون دعم جوي أمريكي.

ووصل اطمئنان الأمريكيين على تمرير الاتفاقية من قبل البرلمان الأفغاني إلى حد، كانوا لا يرون نقضهم لها قبل تصويب البرلمان عرقلة أمامها.

ولم يتم في مجلس النواب أي بحث بشأن التوازن الحقوقي لهذه الاتفاقية (أي عدم تناقضها مع قوانين البلد)، ولا من باب الصراحة القانونية، ففيما يكون أفغانستان ملزما بمفاد هذه الاتفاقية يبقى التزام أمريكا أخلاقيا فقط.

 

دوافع الحرب ومستقبل السلام

الحرب والعنف يحتاجان دوافع لا يمكن من دونها أن يسبب وجود الأسلحة في أيدي الناس القتال بينهم، وعلى سبيل المثال يجيز القانون الأمريكي حمل السلاح للأمريكيين، ورغم تواجد السلاح بأيدي آلاف الأمريكيين لا يسبب ذلك حربا ضد الحكومة الأمريكية.

يعترف المسؤولون الأمنيون للبلد بأن هجمات المعارضة المسلحة ازدادت بنسة 60% بعد تشكيل الحكومة الجديدة. ألا يظهر ذلك دوافع أخرى في صفوف المعارضة بعد توقيع الاتفاقية الأمنية؟

والحال أن الرئيس أشرف غني صرح بأن السلام يحتل الصدارة في قائمة أولوياته، وأنه من دون السلام لا ينجح أي برنامج في البلد.

ومن جهة أخرى قال الرئيس الأفغاني أشرف غني في لقاء مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بأن إحلال الأمن في البلد يحتاج برنامجا دقيقا وليس تبديل المسؤولين الأمنيين.

 

برنامج الرئيس للسلام

بعد توقيع الاتفاقية الأمنية مع أمريكا، رفضت حركة طالبان أي مفاوضات مع الحكومة الأفغانية والأمريكية واشتد قتالها. وبعد تمديد أوباما المهمة العسكرية لقواتها إلى بعد 2014م، يبدو مستقبل المفاوضات مع حركة طالبان مجهولا غامضا أسود.

بناءً على ذلك يمكن لأشرف غني أن يطلق برنامجا واحدا للسلام وهو السلام عبر السلاح، وهو ما يرمي إليه توقيع الاتفاقية الأمنية. تبقى القوات الأمريكية بعد عام 2014م، إلى جانب القوات الأفغانية وتحاول هزيمة حركة طالبان. تحدث الرئيس أشرف غني في لقاء مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ عن ضرورة تنفيذ عمليات عسكرية ضد حركة طالبان في ولايات مختلفة منها كندز، وبادغيس، وننكرهار، وهلمند… إلخ.

ويهدف الرئيس أشرف غني من خلال ذلك إلى تضعيف الحركة وإجبارها على محادثات السلام. وفيما لم تحصل الحكومة السابقة هذا الهدف رغم تواجد 120 ألف جندي أجنبي طيلة 13 سنة، يبقى الحصول عليه مجهولا ب12ألف جندي أجنبي وخلال عام واحد. النهاية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *