تحلیل الأسبوع: الإصدار: 32 (من 31 مايو إلى 6 يونيو 2013)

 

تحتوي هذه النشرة على تحليلات تقوم بها مركز الدراسات الاستراتيجية والاقليمية لأهم الأحداث الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في أفغانستان بشكل أسبوعي يستفيد منها المهتمون وصناع القرار.

 

أفغانستان في أسبوع الماضي

زیارة وفد طالبان لإيران و لقائه  بالسلطات الإيرانية كانت الحدث الأبرز في المشهد السياسي الأفغاني خلال الأسبوع الماضى .
ويرى  المحللون  أن زيارة طالبان لإيران أثبتت وجود مكتب رسمي فعال لهذه الحركة في دولة قطر كما أكدت الاعتقاد حول التأييد الذي يتلقاه مكتب التمثيل السياسي لحركة طالبان الأفغانية من القطريين.
و يعتبر وجود مكتب رسمي لطالبان خلافا لرغبة وموافقة الحكومة الأفغانية التي طالما تحدثت عن عدم فتح أي مكتب رسمي لطالبان في قطر ووجود شروط مسبقة لفتح مثل هذا المكتب.

المشهد  السياسي

فضل الرحمن أوريا: “طالبان يريدون الخروج من العزلة السياسية

أكدت حركة طالبان أن وفدا عالي المستوى للحركة زار إيران مؤخرا و أجرى محادثات مع  السلطات الإيرانية حول قضايا ذات الاهتمام المشترك.
ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن وفدا رفيعا من حركة طالبان الأفغانية زار طهران لإجراء محادثات مع  السلطات الأمنية  بجمهورية إيران الإسلامية   قبل يومين.  و أيد الناطق بإسم حركة “طالبان” قاري يوسف أحمدي وجود وفدرفيع للحركة في إيران.
وفي مقابلة مع مركز الدراسات الاسترتيجية والاقليمة قال السيد فضل الرحمن اوريا المحلل السياسي الأفغاني:” لم يكن هذا أول وفد رسمي لحركة طالبان في إيران، وقد تلقت طالبان ثلاث دعوات من السلطات الإيرانية الرسمية من قبل، في المرة الأولى تلقت طالبان دعوة رسمية من المسوولين الإيرانيين للمشاركة في مؤتمر عالمي حول السورية وواجهت الدعوة تدخلا مباشرا من قبل السلطات القطرية التي لم تسمح لطالبان المشاركة في المؤتمر.
وفي المرة الثانية وجهت الدعوة إلى طالبان ووصل ثلاثة من رموز الحركة إلى طهران بموافقة قطر للمباحثة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأخيرا زار طهران وفد من حركة طالبان بدعوة المسؤولين الإيرانيين وبموافقة دولة قطر. قبل أن أدخل في الموضوع أريد أن أوضح أن مكتب حركة طالبان في قطر يتمتع بالحصانةالدبلوماسية رغم أننا نلاحظ تواجد عناصر الحركة في كل جبهات القتال في أفغانستان ونستطيع أن نقول بكل صراحة أن مسؤولي طالبان في قطر يتمتعون بالحصانة الكاملة. أعني أن دولة قطر تعترف بمكتب طالبان كـ هيئة رسمية دبلوماسية و أعضا هذا المكتب كلهم دبلوماسيون محظوظون بكل الحقوق. وهذا يخالف موقف الحكومة الإفغانية تجاه طالبان، حيث تصرح الحكومة الأفغانية عن عدم وجود مكتب رسمي لحركة طالبان في قطر و عدم وجود إتفاقية مع طالبان لفتح مكتبهم في قطر ، لكن المكتب السياسي لحركة طالبان موجود في قطر و تسافر وفودهم إلى اليابان وفرنسا وإيران وبعض الدول الأخرى …
وتجري حركة طالبان محادثات رسمية مع بعض الدول في المنطقة والعالم عبر مكتبها في قطر للخروج  من العزلة السياسية.

هناك ثلاث نقاط رئيسية تشكل هدف وفد طالبان من زيارة إيران:
الأولى: إعادة العلاقات الثنائية بين طالبان وطهران
الثانية: إيجاد المناخ المناسب للتعاون
الثالثة: دور طهران للمساهمة في  مشاريع مرحلة ما بعد 2014 في أفغانستان.
تعتقد طهران أن حركة طالبان ستكون على رأس قائمة من سيحكمون أفغانستان بعد عام 2014 وتطالب طهران حركة طالبان بإشراك جهات و شخصيات قريبة من إيران في الحكم مع طالبان.

ويضيف السيد أوريا في الرد على سؤال حول تأثير زيارة هذا الوفد في عملية السلام الأفغانية :” لا تحمل هذه الزيارة أية أجندة خاصة حول عملية السلام في أفغانستان ولا حول الحكومة الأفغانية، بل أرادت إيران أن تتأكد من بعض النقاط: منها شرعية طالبان لدى طهران وعدم شرعية كرزاي و حكمه بدليل إذا اعترفت طهران بشرعية طالبان فهذا يعني أنه نفى شرعية حكومة كرزاي.
إستراتيجيا تصب مثل الزيارات ضمن الجهود الإقليمية لحل الأزمة الأفغانية.  فالرئيس الأميركي باراك أوباما صرح في مؤتمر صحفي الجمعة الماضية بأنه مستعد لإجراء حوار مع إيران لحل المشكلة الأفغانية. وقبل أيام زار وفد إيراني مدينة هرات الأفغانية للمشاركة في مؤتمر و أعلن بأن إيران مستعدة للحوار مع أمريكا لحل قضايا أفغانستان والعراق.
رغم وجود الخلافات بين قطر و إيران ، سمحت قطر لطالبان السفر إلى طهران واللقاء بمسؤولين إيرانيين هناك. وبشكل عام نرى هناك نوعا من تنسيق إقليمي مشترك لحل الأزمة الأفغانية مع اختلاف الاستراتيجيات و الأهداف المختلفة التي تتبعها دول المنطقة في أفغانستان.
لكن هذ التنسيق المشترك بين الدول الإقليمية حول القضية الأفغانية لا يعنى أنهم حتما يقطفون ثماره و هذه العلمية مستمرة ومن المحتمل أن ينجح هذا الإستراتيجي أو يفشل.

د. وحيد الله مصلح  نائب رئيس المركز الدراسات الإستراتيجيه والإقليمية والمحلل السياسي يقول: “طالبان غيروا موقفهم تجاه إيران، وقرروا أن يكونوا مع إيران وليس ضدها

رغبة استئناف العلاقات الثنائية بين طالبان و طهران تدعو للاهتمام، فإيران ترغب في استئناف علاقاتها مع طالبان حين توجه الدعوات واحدة تلو الأخرى وتهيئ الفرص لطالبان لتلبية الدعوات الإيرانية. وهكذا طالبان أظهروا رغبتهم في استئناف العلاقات مع طهران عبر تلبية الدعوات الإيرانية وأرسلوا وفودهم إلى طهران.
ويبدو أن حركة طالبان غيرت موقفها تجاه إيران ، وقررت البقاء في وئام مع إيران وليست ضدها, لأن طالبان ترى نفسها أقرب إلى الحكم بعد عام 2014، وهذا ما يدفعهم إلى التأكد من عدم وجود أي  موقف سلبي من إيران. بل وضعت طالبان من أولوياتها التقارب إلى إيران. ويبدو أيضا أن طالبان طمأنت إيران بأن تكون الحكومة القادمة متشكلة من قوميات و مذاهب مختلفة في أفغانستان.
هناك تحليل آخر لهذه الزيارة يرى أن إيران تسعى للحفاظ على مصادر القوة في المنطقة والعالم لتظهر لبعض الدول بأنها عنصر مهم في المنطقة. و في جانب آخر تستغل حركة طالبان الفرصة وتتفاوض إيران لشرح سياساتها دون التدخل من طرف ثالث.
نرى أن إيران أجرت حوارين مع طالبان في مدة زمنية قصيرة، حين وجهت الحكومة الإيرانية الدعوة حركة طالبان لمشاركة في موتمر عالمي ( العلماء و الصحوة الإسلامية) حسب تصريحات قاري محمد يوسف الناطق باسم الحركة.  وحسب قاري محمد ناقشت الحركة مع الجانب الإيراني بعض القضايا ذات الاهتمام العالمي كما أنها بحثت مع الإيرانيين مشكلات المهاجرين الأفغان في إيران و طالبت الحكومة الإيرانية الرفق والتعاون مع مهاجرين الأفغان في ايران. وإن صح هذا الخبر ، فطالبان تحدثت مع الجانب الإيراني من موقف قوي  حول القضايا العالمية وقضية المهاجرين الأفغان، مما يعد انجازات مهمة لطالبان في هذا السفر. و أخيرا تشير تحركات طالبان السياسية الي ضعف الحكومة المركزية في كابل و تعتبر إنجازا للحركة. فالحكومة الأفغانية تتحدث عن القضية عادتا بعد ما ينتشر الخبر في كل العالم فإما تنفي الخبر او تنتظر حتى تسمعها من مصادر أخرى.

القسم الإقتصادي

أفغانستان ستمتلك أكبر سكك حديدية في تاريخها:

غادر الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إلى عاصمة جمهورية تركمانستان عشق آباد للمشاركة في حفل افتتاح خط السكك الحديدية التي تبدأ من تركمانستان وتصل إلى جمهورية طاجكستان مرورا بأفغانستان.
أعلن مكتب الرئاسة الأفغانية أن رؤساء كل من تركمانستان ،أفغانستان و طاجيكستان قد وقعوا على مذكرة التفاهم لإحداث السكك الحديدية التي تمر عبر أراضي الدول الثلاث.
وعن مدى هل التأثير الإيجابي لهذا المشروع على اقتصاد أفغانستان قال الأستاذ سيف الدين سيحون، خبير الشؤون الإقتصادية و أستاذ كلية الاقتصاد بجامعة كابل:
أولا : إحداث خط السكك الحديدية يسهم في تنمية العلاقات الإقتصادي بين أفغانستان وتركمانستان و طاجيكستان
ثانيا: يتيح الفرص الاقتصادية لأفغانستان لبسط علاقاتها مع دول العالم وبشكل خاص يمكن لأفغانستان أن تصدر منتجاتها إلى أسيا الوسطى و قرغيزستان والصين.
هذه الفرص والمجالات مفيدة لتوطيدالعلاقات الاقتصادية في المنقطة وكل هذه الدول محاطة بالبر وتركمانستان هي أقصر طريق إلي بحر القزوين.

تساعد السكك الحديدية في نمو حجم النقل التجاري، وتسهم في نمو السياحة و التعاون الاقتصادي بين الدول.
ومن أهم ميزات التعاون الإقليمي هو إتاحة الفرصة للدول في الاستفادة من القدرات والإمكانيات الاقتصادية و نقل الأمتعة و تسهيل عمليات العبور التجاري. وفي حالة تنمية التعاون بين الدول المذكورة تجد أفغانستان طريقها إلى أوروبا عبر تركيا كذلك.
وعن السؤال عن هل يتم تنفيذ هذا المشروع الضخم في ظل الأزمة الراهنة في أفغانستان ؟ يجيب الأستاذ سيحون:

“يجب علينا أن نفهم معنى التعاون الإقليمي وبأنه ليس مسألة عام أو عامين، بل يعتمد على تخطيط طويل المدى، وهناك امكانيات للدول الثلاث لتستعين في الجوانب المالية و الفنية لإنشاء هذا المشروع بالدول الأعضاء في منظمة التعاون الإقليمي إيكو التي تتمتع هذه الدول الثلاث بعضويتها،. وفي الجانب الأمني للمشروع أريد أن أصرح أن الأنشطة الاقتصادية كثيرا ما تنتج المناخ الأمني المطلوب في المنطقة. وجزء كبير من التحديات الأمنية في أفغانستان ترجع جذورها إلى ضعف الاقتصاد والبطالة وعدم وجود البنية التحتي. إطلاق مشاريع اقتصادية يدعم الأمن والاستقرار والسلام في أفغانستان”.

 السلام والحوارالأفغاني

ذاکر جلالی:
صلاح الدين رباني ينتقد الحكومة بعد سنتين:
رئيس المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان السيد صلاح الدين رباني يقول: لو لم تخدم عملية السلام مصالح الشعب الأفغاني يجب علينا أن نفكر في حلول أخرى… صرح السيد صلاح الدين رباني بذلك في حفل بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد الجنرال داوود (أحد رموز حزبه) حيث شارك فيه عدد من  كبار رجال الحكومة وأعضاء مجلس النواب ورؤساء الأحزاب والمعارضة السياسية.تولى رباني رئاسة المجلس الأعلى للسلام و الإشراف  على حزب الجمعية الإسلامية بعد مقتل والده برهان الدين رباني قبل سنتين تقريبا.
المجلس الأعلى للسلام بدأ مشواره في حالة من الضبابية منذ أيامه الأولى حيث انتخب برهان الدين رباني رئيسا للمجلس عبر مجلس الشورى، لكن في الحقيقة قام كرزاي و فريقه بإدخال رباني إلى داخل نظام الحكم.
وقبل أن يحرز رباني  سمته في رئاسة المجلس الأعلى للسلام كان في صف المعارضة، وكان المجلس يضم كل من لا يعمل في الحكومة.
و كان جليا من اليوم الأول من إنشاء المجلس أنه لا يستطيع أن يؤدي دوره كجسر تواصل بين الحكومة والمعارضة المسلحة لأن المعارضة و على رأسها طالبان في بداية الأمر أعلنت مخالفتها لمجلس الأعلى للسلام.
وكانت هناك خلافات كثيرة حول هذا المجلس من قبل أحزاب و حلقات أخرى. وبعد مرور سنتين من رئاسته صرح صلاح الدين رباني عن عدم رضائه عن ما يجري في أفغانستان تحت إسم عملية السلام . وأضاف رباني : ” بعد قضاء سنة من تولي رئاسة المجلس ، كنت استشير قيادات الجمعية الإسلامية دائما ، ويجب أن تكون مصالح الشعب على رأس أولويات عملية السلام والا علينا أن نفكر في حلول أخرى….”

بعد مرور ثلاث سنوات على إنشاء المجلس الأعلى للسلام لا نرى أي نتيجة ملحوظة و رباني يسعى لإيجاد الشك والترديد في عملية السلام عبر مجلس يسعى لإيجاد مخرج لنفسه في عدم تحمل المسؤولية.
مع الأسف لم ينجج النظام الحاكم لتحقيق عملية السلام في أفغانستان، و لا نفسرالتصريحات الأخيرة من المسوولين لمجلس السلام الا بالفرار عن المسوولية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *