معدل الفقر المتصاعد في أفغانستان
أعلن البنك الدولي الأسبوع الماضي عن دعم لأفغانستان قدره 120 مليون دولار من أجل تخفيض معدل الفقر في البلد وتعزيز الحالة الاقتصادية في الأماكن النائية وتوفير مياه الشرب الصحية للمواطنين. خُصص هذا الدعم المالي لتوفير مياه الشرب لـ 3.5 مليون مواطن أفغاني.
يعيش 36% من سكان أفغانستان تحت خط الفقر، وحسب الرئيس الأفغاني أشرف غني، فإن 15% من الشعب لا يملكون حتى قوت يومهم.
ماذا يعني الفقر؟ وما هي نسبة الفقر في أفغانستان وفي العالم؟ وكيف سيكون معدل الفقر في أفغانستان مستقبلاً؟ تقرؤون الإجابة في هذا المقال.
الفقر ونِسَبه حول العالم
للاقتصاديين آراء مختلفة حيال تعريف الفقر وتحديده؛ على سبيل المثال يرى بعض الاقتصاديين أن الفقير هو من يستهلك أقل من 2000-2500 سعرة حرارية في اليوم. في حين أن البنك الدولي عرّف الفقر بنحو آخر. حسب تعريف البنك الدولي فإن الأشخاص الذين يقل دخلهم اليومي عن 1.25دولار يُعتبرون في حالة فقر شديد، والأشخاص الذين يقل دخلهم عن 2 دولار يوميا يُعتبرون في حالة فقر متوسط. هناك مؤشرات أخرى لتعريف الفقر، مثل أوسط العمر، ونسبة وفيات الأطفال، والأمن الغذائي وغيرها مما تعين على تحديد معدل الفقر في البلد.
هناك إحصائيات متنوعة حول عدد من يعيش تحت خط الفقر في العالم؛ وحسب البنك الدولي فإن نسبة 10.7% من سكان العالم يقل دخلهم اليومي عن 1.9دولار، مما يعني أن 767 مليون شخص يعيش حالياً تحت خط الفقر في العالم.
منذ عقود قليلة ماضية، فإن معدل الفقر في تناقص حول العالم. في عام 1990 كانت نسبة 35% من سكان العالم (1.85 مليار شخص) تعيش بدخل يومي أقل من 1.9دولار، وفي عام 2012، عاشت نسبة 12.4% من سكان العالم (881 مليون شخص) بدخل يومي أقل من 1.9 دولار[1].
الفقر في أفغانستان (2001- 2016)
أفغانستان تُعد إحدى الدول ذوات الدخل المنخفض، ومن خصائص مثل هذه الدول وجود معدلات مرتفعة من الفقر. على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات دقيقة لنسب الفقر خلال وقبل الحرب الباردة بأفغانستان، إلا أنه من اليقيني أن الاجتياح السوفييتي والحروب الأهلية زادت معدلات الفقر في أفغانستان. في هذه الفترة هاجر كثير من الأفغان إلى باكستان وفقدوا مصدر دخلهم الوحيد الذي كانوا يملكونه قبل الاجتياح السوفييتي.
بعد عام 2001، استتب الأمن إلى حد ما لعدة سنين وتدفقت المساعدات من الخارج، وتحسنت بعض القطاعات الاجتماعية والاقتصادية؛ ومع ذلك فإن إحصائيات البنك الدولي تشير إلى أن الفقر في أفغانستان بقي على حالته ولم يقل مقارنةً بمعدلات الفقر حول العالم.
منذ عام 2001 وما بعدها، كانت إحدى عيوب نظام السوق الحر في أفغانستان أن الثروات انصبت في جيوب أفرادٍ قليلين. في عام 2007 و 2008، عاش حوالي 36.3% من سكان أفغانستان تحت خط الفقر. مع أن معدل الفقر في عامي 2011 و 2012 انخفض في أفغانستان، إلا أن معدل الفقر يُعتبر ثابتاً إلى حدٍ كبير. في عام 2011 بقي نحو 35.8% من سكان أفغانستان تحت خط الفقر مما يعني أن تسعة ملايين مواطن أفغاني عاشوا في حالة فقر شديدة (ثلاثة أفغانيين من كل ثمانية كانوا فقراء)[2].( الشكل 1)
الشكل 1: معدل الفقر في أفغانستان
المصدر: البنك الدولي ووزارة الاقتصاد الأفغانية
يعيش غالبية الأفغان في أماكن نائية وترتفع معدلات الفقر بين من يعيشون في تلك الأماكن والقرى. حسب التقرير المشترك الصادر من البنك الدولي ووزارة الاقتصاد الأفغانية، فإن أربعةً من كل خمسة أفراد من سكان الأماكن النائية يعيشون في حالة الفقر. بالإضافة إلى ذلك، فإن نسبة 51.8% من الأطفال الذين يقطنون هذه الأماكن يعيشون تحت خط الفقر[3].
أعلى معدلات الفقر شوهدت في الإقليم الشمالي الشرقي، والإقليم الغربي المركزي، والإقليم الشرقي والإقليم الجنوبي، في حين أن أقل معدلات الفقر شوهدت في الإقليم المركزي والإقليم الجنوبي الغربي بأفغانستان. وبالمقارنة بسنة 2007، يتضح أن معدل الفقر في عام 2011 انخفض في كل أنحاء البلد (ما عدا المناطق الشمال شرقية) (انظر الشكل 2)
الشكل 2: معدلات الفقر في مناطق أفغانستان المختلفة (2007- 2012)
المصدر: الدراسة المشتركة الصادرة من البنك الدولي ووزارة الاقتصاد الأفغانية-2011
ملحوظة: تصنيف الولايات حسب الإقليم على النحو التالي: الإقليم الجنوبي الغربي: نيمروز، هلمند، قندهار، زابل، آروزكان. الإقليم المركزي: كابل، كابيسا، بروان، وردك، لوجر، بنجشير. الإقليم الغربي: بادغيس، هرات، فراه. الإقليم الشمالي: سمنكان، بلخ، جوزجان، سر بُل، فارياب. الإقليم الجنوبي: غزني، بكتيكا، بكتيا، خوست. الإقليم الشرقي: ننجرهار، كُنر، لغمان، نورستان. الإقليم الغربي المركزي: غور، باميان، دايكُندي. الإقليم الشمالي الشرقي: بدخشان، تخار، بغلان، كندوز.
تم رصد أعلى نسب الفقر في كابل حيث يعيش أكثر من مليون شخص تحت خط الفقر. تجدون معدلات الفقر في الولايات الأخرى في الشكل-3.
الشكل 3: معدلات الفقر في ولايات أفغانستان
المصدر: الدراسة المشتركة الصادرة من البنك الدولي ووزارة الاقتصاد الأفغانية – 2011
مستقبل حالة الفقر في أفغانستان
في أفغانستان يعيش نحو 53% من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة تحت خط الفقر مما يدل على حالة فقر مدقعة. إذا قدمت الدولة خدمات التعليم للأطفال ووفرت لهم فرص العمل عندما يبلغون سن الشباب، فستقل معدلات الفقر بشكل كبير؛ لأن نسبة 75.6% من الفقراء الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة أمّيون. وقد لوحظ أن نسبة 7.1% فقط من الفقراء فوق عمر 15 سنة أكملوا المراحل التعليمية الابتدائية. وفي الوقت ذاته، فإن نسبة 8.4% من الفقراء عاطلون عن العمل و نسبة 41.1% عاطلون نسبياً.[4]
على الصعيد الآخر، من كل 1000 مولودٍ جديد في أفغانستان، يموت 66 مولود في العام الأول من الولادة[5]، وحسب إفادة وزارة الزراعة والثروة الحيوانية، فإن نسبة 40% من الأفغان يفتقدون الأمن الغذائي[6]. لذا فإن معدلات الفقر يمكن تخفيضها فقط إذا بُذل الاهتمام الكافي لتطوير الحالة الاقتصادية والتعليمية، ووُفرت فرص العمل وتم تحسين قطاع الزراعة بالبلد.
النهاية.
[1] بالإمكان الاطلاع على إحصائيات البنك الدولي حول الفقر من خلال الرابط أدناه:
http://www.worldbank.org/en/topic/poverty/overview
[2] التقرير المشترك الصادر من البنك الدولي ووزارة الاقتصاد الأفغانية:
Update: An analysis based on National Risk and Vulnerability Assessment (NRVA) 2007/08 and 2011/12, Oct 2015, see it online:< http://moec.gov.af/Content/files/Poverty%20Status%20Update%20Report%20-%20final%20english%203.pdf>
[3] المصدر السابق
[4] المصدر السابق
[5] ADB, Poverty in Afghanistan, see it online:< https://www.adb.org/countries/afghanistan/poverty>
[6] مع أن منظمة الأمن الغذائية ترى أن هذا الرقم يصل إلى 9.3 مليون، وأن 1.1 مليون طفل مصابون بسوء التغذية. للاطلاع على تقرير منظمة الغذاء العالمية:
http://documents.wfp.org/stellent/groups/public/documents/ep/wfp269062.pdf